تاريخ خيانة (آل سعود) للقضية الفلسطينية
ليس ثمة استغراب في سير علاقات (آل سعود) ـ اليهودية الحاضرة لمن كان له أدنى تأمّل في تاريخ هذه الأسرة السالف , أي قبل عدّة عقود وبالتحديد منذ زمن المجرم ـ عبد العزيز آل سعود ـ مؤسّس النظام الحالي المعروف باسم "الدولة السعودية الثالثة" والمعروف بمناصرته للوبي الصهيوني لتمكين (إسرائيل) من رقاب المسلمين بإعلانه التنازلي بيع فلسطين لليهود وتسليمه صكّاً لبريطانيا آنذاك, وإنما ما حدث وما يحدث في هذه الأيام من القيام بالإعلان (السعودي) المكشوف والمفضوح في العهد الحالي عن بيع القضية الفلسطينية ما هو إلاّ عملية تتمّة وتتويج لما قام به سلفهم ـ عبد العزيزـ.
المجرم عبد العزيز و(إسرائيل): إن التاريخ لا يمكن أن ينسى ما قامت به أسرة (آل سعود) في عام 1936 من إخماد للثورة الفلسطينية والتي مهّدت لاحتلال فلسطين ونكبتها عام 1948 عندما كانت فلسطين مُستعمرة من قبل الانكليز , وكان الشعب الفلسطيني آنذاك في حالة ثورة وتمرّد وعصيان وإضراب شامل استمر 183 يوماً وعصيان وإضراب شامل استمر 183 يوماً ضد الاستعمار الإنكليزي، حيث لم يستطع الاستعمار وقتها من إيقاف هذه الثورة وإنما لجأ إلى أساليب القمع والسجون والتشريد , ولما عجزوا عن كسر طوق ذلك الإضراب الشهير حاولت الحكومة البريطانية في يوم 8 مايو /أيار 1936 أن تخفّف من الاستياء الشعبي (بإيفاد لجنة تحقيق ملكية لتحرّي أسباب الثورة ووضع الحلول المناسبة)لكن عرب فلسطين رفضوا هذه اللجنة وحلولها والتي قصد بها الاستعمار كسر الإضراب وإخماد الثورة.
وبعد الفشل الذريع للحكومة البريطانية في إخماد هذه الثورة العارمة قرّرت أن تستخدم نفوذها عن طريق الأمراء والحكام العرب في ضرب هذه الثورة حيث لجأت إلى الأمير عبد الله حاكم الأردن لفكّ الإضراب وإيقاف الثورة إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى مبتغاها , فلم يجد الإنكليز آنذاك ملجأً إلا إلى عميلهم المجرم ـ عبد العزيز آل سعود ـ الذي كانوا متأكدين من أنه لن يألو جهداً في خدمتهم بعد أن أُغلقت جميع الأبواب في وجوه المستعمرين , ولم يخب ضنّ الانجليز في عميلهم عبد العزيز ,فوجدوا فيه البديل المناسب الذي يُتقن الدور المنوط به ووجدوا ما يصبون إليه عنده. يومها بعث عبد العزيز برسالة إلى الفلسطينيين كتبها مستشاره الانجليزي ـ جون فيلبي ـ عميل الاستخبارات البريطانية والذي كان له الدور الأكبر في تنصيبه حاكمًا لشبه جزيرة العرب , كتبها باسم "القادة العرب" (ولا يخفى على القارئ أن القادة العرب آنذاك كان يقصد بهم عبد العزيز وأولاده) وبعثها بواسطة رئيس اللجنة العليا (أمين الحسيني) وأطلقوا على هذه الرسالة باسم (النداء).. ويقول عبد العزيز في تلك الرسالة : (إلى أبنائنا الأعزاء عرب فلسطين... لقد تألمنا كثيراً للحالة السائدة في فلسطين فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والأمير عبد الله ندعوكم للإخلاد إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقناً للدماء, معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل (!!) وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم).
هذه البرقية التي بعثها المجرم عبد العزيز كانت بداية الضربة القاصمة للشعب الفلسطيني والتي كانت تحمل في طيّاتها السموم لتطعيم الشعب الفلسطيني لصالح الاستعمار البريطاني, مما أسفر عن انقسام الشعب الفلسطيني إلى عدة أقسام وبدأ تفكّكه وانتشار السم العبد العزيزي في أوردته وأمعائه , وبدأت النداءات تلو النداءات ترد على هذا الشعب الذي بدأت أنفاسه تخمد شيئاً فشيئاً إلى أن ازداد انقسام الشعب الفلسطيني أكثر مما هو عليه حينما أرسل عبد العزيز ابنه ـ فيصل ـ ومن قبله ـ سعود ـ إلى القدس للتأكّد من إيقاف الثورة الفلسطينية خدمة لصديقته بريطانيا وتمكيناً لقيام دوله اليهود, حيث اجتمع فيصل بقيادة فلسطين في القدس الشريفة , وفي ذلك الاجتماع قال فيصل: -
(حينما أرسلني والدي عبد العزيز في مهمتي هذه إليكم فرحت فرحتين الفرحة الأولى: كانت من أجل زيارة المسجد الأقصى والصلاة في بيت المقدس، أما الفرحة الثانية:
فكانت فرحتي بلقاء هؤلاء الثوار لأبشّرهم أن جهودهم لم تذهب سدى وأن ثورتهم قد أثمرت بإثارة اهتمام صديقتنا بريطانيا العظمى التي أكّدت لوالدي حينما رأت اهتمامه بفلسطين إنها لن تخيّب آمال الفلسطينيين(!!) وبناءاً على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن أقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة فيما وعدتنا به(!!) وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية!!).
ولقد جاءت هذه البرقية (النداء) بداية المساومات والتنازلات في القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني المضطهد , ويقول تقرير نشرته منظمة التحرير الفلسطينية والذي نقلته الصحيفة المصرية (آخر ساعة) عن هذه البرقية أو النداء الذي وجهه عبد العزيز آل سعود إلى الشعب الفلسطيني (هي التي استطاعت أن تجهض الروح الكفاحية العالية للشعب الفلسطيني التي سادت طوال السنوات السابقة كرد طبيعي وثوري على محاولات تهويد فلسطين وذلك حين تمكّن من أن يبدل الأسلوب الثوري بأسلوب المساومة والتنازلات بالاعتماد على نوايا الدول الاستعمارية وهي نفسها التي خلقت إسرائيل , أجل لقد كان هذا النداء بمثابة المحاولة الأولى لسحب القضية الفلسطينية من تحت أقدام أبنائها ودفع النضال الفلسطيني بعيداً عن مرتكزاته الفعلية).
ومن خلال هذا النداء استطاعت بريطانيا إخماد الثورة وتفكيكها عن طريق العميل عبد العزيز حيث استطاعت بريطانيا أخيراً فرض التقسيم الذي انتهى إلى إعلان قيام الدولة العنصرية الصهيونية فيما بعد حيث استطاع المثلث (السعودي) (اليهودي) (الانكليزي) المشترك أن يفصل شعب فلسطين إلى قسمين:
القسم الأول : انطلت عليه كذبه عبد العزيز من أن بريطانيا صادقة في التزامها بحل القضية الفلسطينية.
والقسم الثاني: وهو الذي رفض هذه التأكيدات والحلول السلمية متمسكاً بمبادئ الثورة العارمة وعدم إنهاء الإضراب والإخلاد إلى السكينة التي دعت لها بريطانيا عن طريق عمليها عبد العزيز لتمكين اليهود من تشكيل دولتهم.
وللأسف فقد نجحت بريطانيا في مخططها , وهكذا نجحت المخططات اليهودية الإنجليزية مع عملاء آل سعود في فك الإضراب وإخماد الثورة الفلسطينية في 11/10/1936م.
ويقول العميل الانجليزي(جون فيلبي) مستشار المجرم عبد العزيز عن النجاح في إخماده هذه الثورة بعد رجوعه من القدس عندما رافق سعود وفيصل في رحلتها إليها: (ولقد سرّت القيادة البريطانية أعظم سرور ونلنا على أثرها ثلاثة أوسمة تقديرية الأول لي , والثاني لعبد العزيز , والثالث لفيصل لهذا الدور, بل لهذا الفاصل التاريخي الذي قام به صديقها الحميم عبد العزيز آل سعود والذي وُجّهت إليه رسالة شكر تفيض بالعواطف, والذي نجح فيما عجز عن فعله الجميع , كما سُرَّ قادة اليهود في فلسطين لهذا الجهد السعودي الجبّار) أما زعماء فلسطين فيقول (جون فيلبي) فقد شعروا بخيبة أمل بعدها جاؤوا يتهافتون إلى الرياض طالبين من عبد العزيز (تحقيق ما وعدهم به من صديقته بريطانيا) وحملهم بعض المسؤولية لكونه أقنعهم بصدق نوايا بريطانيا فحلّوا الإضراب وأوقفوا الثورة ثم أطلعوه على إحصائية أكيدة تثبت تزايد أعداد اليهود في أنحاء كثيرة من فلسطين بتسهيلات ومساعدات عسكرية واقتصادية تقدمها لهم بريطانيا , فما كان من عبد العزيز إلا أن أكد (أن بريطانيا لن تخون العرب وإنني سأبحث الأمور مع أصحبانا البريطانيين)(!!) .
منقول