بعد ان كتبت مقالتين عن الاوضاع في مصر " الريس فين سقوط الصنم العربي الثالث.. و.. كرامة صنم مصر ازمة عربية بامتياز " تناولت دور الشباب الابطال في تفجير اعظم ثورة في التاريخ المصري وعن الافاق والتطورات التي تنتظر مصر وامتنا العربية، كانت التعليقات ومثلها الاميلات التي وصلتني تشترك بمفارقة واحدة بابتعادها عن جوهر الموضوع والبحث في دهاليز الطائفية والعنصرية، ورغم سلبية مثل هكذا تفاصيل لكن بالنهاية اجدها فرصة مناسبة لمحاولة حشر ولو بعض المفاهيم المنطقية والواقعية في ذهن البعض وطريقة تفكيره.
جوهر المشكلة عند هولاء ليس في مصر بل في العراق وعند رئيس الحكومة السيد نوري المالكي على وجه الخصوص!! وهذا نوع من " الردح " الطائفي الذي لايحتاج الى عناء طويل في تأشيره او تحليله، رغم ان الفرق بين حالة الحكم في العراق الجديد بعد نيسان 2003 ومصر القديمة قبل ثورة 25 كانون الثاني هو فرق جوهري واي نوع من المقارنة سوف لن تمت باي صلة للواقع على الارض وللمنطق الانساني القويم.
لان شريحة الحكم في العراق هي نتاج صريح وواضح لعملية ديمقراطية ودستورية شارك بها ملايين العراقيين ومارسوا حقهم الانساني والدستوري في حرية الاختيار والتصويت. اما الاختلاف بوجهات النظر وبتوجهات التصويت لهذا الشخص او ذاك فهذا لاينفي جوهر معادلة الحكم الدستوري في العراق والذي يتجه نحو الافضل بعد كل دورة انتخابية ويتخلى عن الكثير من السلبيات العالقة هنا وهناك كنتاج طبيعي لتجربة حكم ديمقراطي جديد في بلد تحكمت بمقدراته أقليه حاكمة طيلة ثمانية عقود مضت. لذلك لاوجه للمقارنة بين نظام مبارك الساقط ورئيس الحكومة العراقية لامن بعيد ولامن قريب فالاول سليل أرث عربي في الحكم الديكتاتوري الاقصائي والثاني وليد تجربة ديمقراطية رائدة في المنطقة وان لم تاخذ دورتها الطبيعية من ناحيتي الزمان والمكان لحد الان. ولكن محاولة الربط وهذه المقارنة البائسة بين الوضع العراقي والوضع المصري يحمل بين طياته عدة جوانب قد يكون أهمها محاولة البعض من الخارج العراقي الالتفاف على التجربة العراقية وايضا محاولة اعادة ولو بشكل نسبي المعادلة الطائفية التي كانت تحكم البلد قبل نيسان 2003 ولو من خلال بعض الجسور التي اصبحت معروفة عند العراقيين. ومن جانب اخر وبعد ان خسر البعض في الداخل نتائج الانتخابات وسقطت احلام العصافير عند البعض الاخر بدأ هولاء الطرب مع اي نغمة تصدر من هنا وهناك مع مفارقة غريبة انهم جزء من مؤسسة الحكم في العراق الحالي من خلال المناصب السيادية ومن خلال وزرائهم في الحكومة ومن خلال اعضاء قوامئهم واحزابهم في البرلمان. وفات على هولاء ان محاولة النيل من الحكم في العراق سوف يشملهم قبل غيرهم لانها ليس مسالة انتقاء طائفي او مزاج شخصي بل هي معادلة متكاملة الاطراف.
ان السيد نوري المالكي يتعرض الى محاولات داخلية مكشوفة للاطاحة به ومن جانب اخر يتعرض الى محاولات خارجية اقليمة خطيرة من بعض الدول لما هو ابعد من ذلك بكثير!! ولقد أثبتت التجربة العراقية على مدى عقود طويلة ان التلاعب بعناصر المعادلة المحلية سوف ياخذ الامور الى منحى اكبر من خطير واكثر مما يتوقعه البعض من اصحاب قصر النظر الذين يكتفون بمدى أنوفهم. كما يجب ان تتغير هذه الاساليب الرخيصة حينما يدعي الجميع بحصة كبيرة بنجاحات رئيس الحكومة، ويتملص نفس هذا الجميع عند الاخطاء هنا وهناك في العملية السياسية او في بعض اليات عمل الحكومة والتي تضم كل القوائم البرلمانية دون استثناء.
و من يريد اسقاط المالكي فالاليات الدستورية واضحة وصريحة ومضمونة في هذا الجانب اما من يريد اسقاط المالكي من خلال الشارع، فالشارع العراقي اكبر من ذلك بكثير ودفة هذا الشارع ومشاعره ووعيه ومواقفه ليس بضاعة معروضة للبيع. ومن يدعي الشعارات الوطنية وحرصه على العراق والعراقيين فليقدم افكاره المنطقية ونواياه المخلصة وبدائله الواضحة وليسجل تفوق على برامج وافكار وطروحات واعمال وانجازات المالكي نفسه من خلال الاليات الديمقراطية والدستورية، وحينها ان توفرت كل هذه الامور سنخرج نهتف بسقوط نوري المالكي.
اما غير ذلك فهي محاولات عابثة ومدفوعة الثمن وان مصادر هذا التحريض الطائفي ومصادر هذه الاموال تنتمي الى خانة التخريب والسحت الحرام فالامور لاتنزل هكذا مع الملائكة من السماء بل تصنع أغلبها شياطين المال ورموز الطائفية المقيته واعداء العراق الجديد.
محمد الوادي .
md-alwadi@hotmail.com