فضل الله الثورة المسلحة بالفكر
فضل الله الثورة المسلحة بالفكر
سماحة الشيخ حسين الحركه
في زمن سقطت فيه صنميات سياسية بثورات شعبية تأتي الذكرى السنوية لمؤسس نهضةٍ أسقطت صنميات فكرية وفقهية ودينية مسلحة بذخيرة العقل الذي أراد له المرجع المقدس الريادة والموقع الفصل في مسيرة الإنسان إنسجاماً مع روح الاسلام الذي إعتبر أن العقل هو أعظم وأحب الخلق إلى الله,فبه يثيب وبه ي...عاقب.
ولكن في هذه الثورة الفكرية التي حرّضَ صاحبها الأتباع على نزع أغلال العبودية عن عاتق العقل,إنما يحرِّض على نفسه التي لا تهوى أن تستخِفَّ قومها فيطيعوها.بل يستفزهم ليراهم مناقشين ناقدين محاورين متمردين حتى يصلوا إلى القناعة الراسخة.
إن هذه التربية والمنهجية التي أرساها السيد فضل الله (رضوان الله عليه) كلفته مسؤولية ومشقة مع الأتباع قبل الخصوم.
ولكنها مشقة رغبَ بها كما يرغب الصادق أن يعيش كريماً من كد يمينه وعرق جبينه ولا يرغب أن ينعم بالرغد بأساليب الغش والكذب.
وقد تفوق كثير من رجال الدين في السيطرة العاطفية والمغناطيسية على الأتباع دون أن يكلفهم ذلك مؤونة عالية من البحث والسهر والجد في التنقيب عن الحقائق الفكرية.
فقد علمنا الراحل كيف نناقشه بحدّة ولكننا كنا دائماً نخرج في زيادة قناعة به وبفكره وإن إختلفنا بفكرة.
إنها المنهجية التي أسستها مدرسة أهل البيت(ع) التي اتُّهم في أعظم كِذبةِ تاريخية بإبتعادهِ عنها.
ومن هنا كانت إفرازات هذا الطريق الإسلامي الحركي والأصيل كل تلك المفاهيم العقلية والإنسانية والإسلامية:"الإنفتاح,الوحدة,الحوار,الحقيقة,الحرية ,المقاومة,الأصالة,الإنسان,المرأة,الحركية,الحداثة ,التطور,
الواقعية,المؤسسة ,التخصص,العلم,الآخر,المواطنة...وغيرها.
وتحت عنوان "الدين ليس مسارح العقول" ,تم إغتيال نبوة العقل الذي بعثه الله مع كل إنسان.
نعم هناك جهة تعبدية لا شغل لنا فيها ولكن الفكر الإسلامي هو مسرح واسع ورحب للعقل يصول فيه ويجول بأرقى عبادة للفكر شرّفها الله تعالى وجعلها أعظم بكثير من عبادة المناسك والشعائر.
وأختم بآية ورواية وطلب رحمة من الله تعالى للمرجع المقدّس فضل الله وهو الذي رحمنا الله تعالى به
قال تعالى : فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿الزمر-١٨﴾
وعن أحدهم قلت لأبي عبد الله(ع): فلان من عبادته ودينه وفضله,فقال(ع): فكيف عقله ؟ قلت لا أدري ,فقال (ع) : "إن الثواب على قدر العقل ".﴿الكافي-كتاب العقل والجهل﴾
*الشيخ حسين الحركة : إمام بلدة كيفون ,وباحث إسلامي من تلامذة الراحل المقدّس (رض).
