العراق يحدد تشرين الأول المقبل موعدا لإجراء أول إحصاء شامل للسكان في الداخل والخارج
السومرية نيوز/ بغداد
أعلن الجهاز العراقي المركزي للإحصاء، اليوم السبت، عن إنجازه جميع عمليات الحصر والترقيم في كافة محافظات العراق باستثناء محافظة واحدة استعدادا لإجراء إحصاء كامل لسكان العراق في 24 من تشرين الأول المقبل، فيما لفت إلى أن استمارة الإحصاء لن تتضمن سؤالا عن المذهب بسبب "حساسية الوضع الراهن".
وقال رئيس الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات مهدي العلاق في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الخطط الخاصة بإجراء أول إحصاء كامل لسكان العراق منذ 23 عاما، في 24 من تشرين الأول المقبل تسير وفق الجدول الزمني المعد له"، متوقعا أن لا يقل عدد السكان على مستوى العراق حاليا عن "30 مليون نسمة".
وأضاف العلاق أن "الجهاز المركزي للإحصاء أنجز عملية الترقيم والحصر للمساكن والذي يعتبر العمود الفقري لعملية التعداد السكاني في جميع المحافظات العراقية باستثناء محافظة نينوى والتي سيتم إنهاء عمليات الترقيم فيها خلال الشهر الحالي".
وتابع "بدأنا أيضا بعمليات الترقيم والحصر التي تعتبر العمود الفقري للعمل منذ حوالي ثلاثة أشهر، فيما سننجز في حزيران المقبل عملية التأهيل اللاحقة لعمليات الحصر والترقيم من خلال المعالجة الآلية، نظرا لتوفر إحصاءات أولية عن عدد المساكن والمباني وعدد الأسر وعدد الأفراد".
وأشار رئيس جهاز الإحصاء إلى أن "عمليات الحصر والترقيم ستقسم العراق إلى رقع جغرافية مصغرة تصل إلى حد المحلة والقرية، ويجري التحرك داخلها من قبل مدراء ومعاونين لإجراء ما يعرف بالترقيم التعدادي الذي سيوفر قاعدة بيانات تفصيلية عن كثافة السكان في العراق ومستوى الحالة المعاشية والاقتصادية والخدمات، الأمر الذي يساعد مستقبلا، على وضع الخطط التنموية المطلوبة في العراق التي تفيد عملية الانتخابات، واستخراج البطاقات التموينية".
وبين العلاق أن "ما يقرب من 200 إلى 250 ألف من كوادر وزارة التربية التي ستتولى عملية العد الفعلي سيجري تدريبهم على القيام بعملية الإحصاء خلال الصيف المقبل، على أن يتم جمعهم في الأسبوع الأخير من أكتوبر/ تشرين الأول لإجراء الإحصاء".
ولفت رئيس الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن "ما بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف موظف حكومي بالإضافة إلى قوات الأمن سترافق المعلمين لحمايتهم في المناطق المضطربة مثل محافظة نينوى حيث لا تزال بعض جيوب تنظيم القاعدة تنشط هناك".
وكان الإحصاء العام لسكان العراق تم تأجيله في 2007 بسبب مخاوف من تسييسه، حيث عارضت عدة جماعات عرقية في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك الشمالية التي يسكنها العرب والأكراد والتركمان وتضم حقولا نفطية كبرى، إجراءه لأنه قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحاتها السياسية.
وفي السياق نفسه، لفت العلاق إلى أن "الإحصاء المقبل لن يحاول تحديد انتماء المناطق المتنازع عليها"، مبينا أن "الإحصاء ليس من شأنه تقرير مصير منطقة، فهو يعد السكان في المنطقة التي يعيشون فيها أما تقرير مصيرهم أو مصير المناطق التي يعيشون فيها فهذا من شأن السياسيين"، حسب قوله.
ويطالب إقليم كردستان العراق شبه المستقل بضم كركوك إليه، وقد تدعم نتائج الإحصاء هذه المطالبة إذا تبين أن الأكراد هم أكبر تكتل عرقي في المدينة، كما سيكشف الإحصاء عن عدد السكان الذين يعيشون في إقليم كردستان العراق الأمر الذي سيحدد حصته في إيرادات الحكومة المركزية التي تبلغ حاليا 17%، وإذا وجد الإحصاء أن الأكراد يمثلون النسبة الأكبر من العدد الإجمالي للسكان فإن الدستور ينص على حصول الإقليم على مزيد من الأموال وعلى مدفوعات بأثر رجعي.
وكشف رئيس جهاز الإحصاء أن "محافظة كركوك كانت لديها اعتراضات فيما يخص استمارة التعداد والتي لم يتم إنجازها بعد، فيما يخص هوية العدادين الميدانيين الذين يزورون الأسر في البيوت"، مشددا على أن هذه المشكلة "تم حلها عن طريق توزيع عدادين من كل تشكيل ومكون من القوميات الموجودة في المحافظة وأن يعملون بصورة مشتركة".
وعلى الصعيد نفسه، ذكر العلاق أن "من المتوقع أيضا أن يحدد الإحصاء الذي طال تأجيله عدد العراقيين الذين يعيشون في الخارج وعدد الذين اضطروا إلى النزوح داخل العراق خلال سبع سنوات من الحرب".
وأوضح رئيس جهاز الإحصاء أن "التعداد السكاني في الخارج سيتم إجراؤه بالتعاون مع الدول الأخرى"، مبينا أن هناك "العديد من الآلية للقيام بذلك عن طريق إنشاء مقرات في السفارات والملحقيات العراقية في الخارج، على أن يزورها العراقي لتوثيق المعلومات الخاصة به أو أن يتصل بها عن طريق البريد الالكتروني".
وسيظهر الإحصاء التركيبة الدينية للعراق ذات الأغلبية المسلمة لكن سيتعمد ألا يسأل السكان عن مذهبهم. وقتل عشرات الآلاف في عنف طائفي منذ أطيح بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي كانت تقوده الأقلية السنية وتولت الأغلبية الشيعية السلطة.
ولفت العلاق إلى أن موظفي الجهاز "سيسألون عن ديانة السكان فقط، كأن يكون مسلما أو مسيحيا أو إيزيديا، أو صابئيا مندائيا، ولكنهم لن يسألوا عن مذهبهم الديني، لأن استمارة الإحصاء لا تتضمن سؤالا عن المذهب"، لافتا إلى أن "الأمر حساس جدا بسبب الوضع الراهن، وهو غير محبذ عموما"، حسب تعبيره.
يذكر أن الإحصاء القادم في العراق سيقدم حقائق وإحصاءات دقيقة قد تولد أو توجد مزيدا من المشاحنات في بلد متعدد الأعراق سبق له أن عانى من صراعات طائفية بعد الغزو الأمريكي عام 2003، فضلا عن أنه سيساعد في الإجابة على أسئلة حاسمة بالنسبة لمستقبل حقول النفط بشمال العراق حول عدد الأكراد الذين يعيشون في كركوك حاليا.
وسيكون هذا الإحصاء هو الأول من نوعه الذي يشمل إقليم كردستان العراق منذ عام 1987، وكان عدد سكان العراق قد بلغ نحو 19 مليون نسمة في أخر إحصاء تم إجراؤه عام 1997 في كافة مناطق العراق ما عدا محافظات إقليم كردستان العراق، حيث قدر مسؤولون آنذاك أن هناك ثلاثة ملايين آخرين يعيشون في الإقليم.
