الإسلاميون التركمان ثمرة مباركة من شجرة الشهيد محمد باقر الصدر - جاسم محمد جعفر طوزلو
نعيد نشر هذه السلسلة لأهميتها التاريخية التي كتبها وزير الإسكان جاسم محمد جعفر
الإسلاميون التركمان ثمرة مباركة من شجرة الشهيد محمد باقر الصدر - 1
الشهيد محمد باقر الصدر شهيد الإسلام الخالد والعلم البارز من أعلام الأمة الإسلامية فكان حياته عطر فواح يتعطر به الأمة.وأفكاره مدرسة تتعلم الأجيال منها معاني الشرف والكرامة ونكران ألذات والعلم والأدب الرفيع .
لقد كان الأمام رحمه الله مدرسة فكرية, وصنفه الكثير من المؤرخين على انه مذهب وحجة في الفلسفة والاقتصاد والفقه والشريعة الإسلامية إلى جانب كونه مدرسة إنسانية ترك للأجيال تراثا ثرياً ينهلون منه .
اعتلى الأمام صهوة جواد الثورة ضد الظلم والطغيان وجنّد نفسه ثائرا وقائدا للثوار من كل الاتجاهات الفكرية والسياسية العراقية وأطلق شرارة الثورة ليجعل منها مفهوما شعبيا وسط كل تيارات الشعب العراقي وعمم مفهومها السياسي والفكري وشكل منه حالة تمرد ومواجهة ضد الباطل وأهله .
وهكذا أفاق المجرم صدام من قيلولته ليجد نفسه الشريرة وقد تلبستها روح يزيد . فارتعدت فرائصه وهو يرى قيم الحسين بن علي(ع) قد داهمته مرة أخرى . فأستل سيف الغدر ليطيح برأس الحسين مرة اخرى على ارض العراق .
فذاك صدام اللقيط قد حصد ما زرعه ونال خزي الدنيا قبل الآخرة ذليلا صغيرا ينتظر حكم العدالة والى مزبلة التاريخ ,فهذا حسين العصر العالم التقي الورع أورث بدمه الطاهر ومظلوميته للإنسانية فكرا وضاءا , وعلما ينتفع منه العلماء , ومدرسة سياسية تعلم الأجيال معنى الحرية وتحرير الإنسان . وترك لهم نظرية اقتصادية تنقذهم من قهر التسلط والتجبر. ستشهد الأجيال القادمة بلا شك بأنها الأصلح لحياة .
فالشهيد الحي كان قمة في العطاء الإنساني , وعطاءه كان قمة المعطاءات , فحياته في العقود الخمسة التي نمى وترعرع في أحضان البيت العتيق ( بيت آل الصدر آل ياسين ) , لو فرضنا جدلا بان العقد الأول من عمره كان للنمو وتكوين باكورة الحياة , يبقى العقود الأربعة الباقية من عمره الشريف الشمس الساطع التي أشرقت بنوره البراق الكون كل أنواع الضوء والحياة , فلكل عقد من حياته الكريم ثمرة عظيمة تفوق ثمرة عقود من حياة العلماء العظماء , وهذه الثمرة التي أينعت من عمره الشريف القمة في العطاء لا ينافسه عطاء فوقه .
ـ في العقد الثاني من عمره الكريم وفي ريعان شبابه عندما أدرك خطورة انحراف الشارع الإسلامي بأفكار وتيارات ملحدة كان رحمة الله عليه السبّاق في العطاء , فقدم عقدا بكاملة من عبق ريحانة شبابه ليؤلف الكتابين العبقريين (فلسفتنا واقتصادنا ) وكتبا أخرى ليكون هذا العطاء القمة في زمانه ليٌسلح الشباب المسلم بسلاح الفكر والأيمان , وليرفعهم من الدفاع السلبي إلى الهجوم الايجابي وكان وقعها عظيما آنذاك حيث هز ضمير البشرية وارجع للإسلاميين ثقته وعنفوانه وفتح لهم آفاق العلم والممارسة السياسية المسالمة للوقوف امام التيارات المعاندة .
اليوم الكل يرى كيف انحسرت تلك الأفكار الإلحادية والشوفينية وولت بلا رجعة وفي المقابل وبدلا عنها أينعت وأثمرت تلك الأفكار الإسلامية الهادئة المسالمة التي أسسه وتبناه الشهيد وهي محصنة في أذهان معتنقيه دافعوا عنها بدمهم وفي زنزاناتهم وهجرتهم الى بقاع العالم وسيدافعون عنها وهم مطمئنون من نتائجها ,ها هو فكر الإمام محمد باقر الصدر يدرس في جامعات العالم ويطبق في البنوك الإسلامية وفي الواقع السياسي الحي .
ـ وفي العقد الثالث كان عطاءه القمة يفوق عطاءه في العقد الثاني عندما أدرك دور الأحزاب والحركات الإلحادية الوافدة من الغرب ودورها التخريبي لأذهان الشباب فأطلق قنبلة جده الشيخ عبدالحسين شرف الدين (ره) ( لا ينتشر الهدى إلا من حيث انتشر الضلال ) وكان السبّاق في تأسيس حزب الدعوة الإسلامية ,الأعجوبة التي غيرت خريطة المنطقة الإسلامية بل العالم بأجمله و حيث بدِأت ثلة مؤمنة صابرة وهو يقودهم شخصيا ويحرص عليهم بفكره ونظرياته العبقرية رغم القنابل والاتهامات التي كانت تنهال لشخصه الكريم من الحوزة العلمية ومن كبار العلماء ما فتئ حتى انظم في صفوفه الرعيل الثاني من الدعاة وهذه المرة من قلب العالم النابض طلاب الجامعات والطبقة الواعية الشابة من رواد الحوزة العلمية الحية الأبية , فتلاقحت أفكار المدرستين , مدرسة الدراسة الأكاديمية في الجامعات ومدرسة الدراسة التقليدية في الحوزات العلمية آنذاك فكانت ثمرتها هذا الجيل الهادر من الأفكار والتوجهات والتي تحولت إلى داينومات للمحرك الأصلي ألا وهو الحركة الإسلامية المعاصرة التي تحولت إلى عملاق هز العالم بأسره , وها هو اليوم نحن نرى ثمرة تلك المدرسة المباركة وهي تقود العراق ويدافع عن استحقاقاتها بشكل هادئ ورصين.
ـ وبعدما اطمئن على سير قطار الحركة الإسلامية على السكك الحديدية الصلبة القوية وانطلاقه بالسرعة الجيدة وبعدما سلم قيادته وربانه بيد كريمة من الدعاة وهو يقودهم من بعيد , انتقل إلى العطاء العبقري الثالث في العقد الرابع من عمره الكريم ألا وهو بناء القيادة الكريمة , فكان له فكرة المرجعية الرشيدة التي أرادت أن تكون المرجعية مرجعية قيادية سياسية تقود الطائفة والأمة الإسلامية إلى شاطئ ألامان , فكانت المرجعية الرشيدة الفكرة العظيمة والانقلاب الهادر للكثير من التوجهات الخاطئة والترسبات البالية السائدة والموروثة آنذاك التي كانت تعيق من تطورها وازدهارها وأصبحت الحوزة العلمية في عصره تتنافس مع الجامعات والمدارس الأكاديمية من حيث الإدارة والتنظيم والدروس , فرحم الله الإمام الشهيد محمد باقر الصدر الوحيد الذي لم يكّون لنفسه حاشية حوزوية بل حاول أن يقضي على البيوتات التقليدية لأبناء وأحفاد والحواشي للمراجع العظام واستبدلها إلى مدارس فقهية وأصولية , وكتب كتبه الأربعة في الأصول التي غيرت المناهج والخطط في الحوزة العلمية , وكما ادخل للحوزة دراسة اللغات الأجنبية والرياضيات المعاصرة وكتابه (الأسس المنطقية للاستقراء )كتاب فلسفي رياضي عظيم هز الفكر الحوزوي التقليدي وأعطى له فكرا خلابا وتنافسا جذابا في النقاش والتجاذب , واليوم تحولت الحوزات العلمية بجهده الكريم إلى مدارس وكليات مرموقة تستقبل الوافدين إليها وبشروط اكثر تعقيدا من القبول في الجامعات الاكاديمية ولها روادها من كل إقصاء العالم .
ـ أما في العقد الخامس من عمره فكان له محطتان احديهما أعظم من الثاني وعطاء ثانيهم غطت على كل معطاءات عمره الكريم.
ففي الأولى مشروع الدولة الإسلامية.
وفي الثانية مشروع الشهادة والخلافة.
ـ ففي كتبه مسلسلات (الإسلام يقود الحياة ) والحكومة الإسلامية قد أبدع إبداعا لا مثيل له حيث فتح آفاق العالم حول إمكانية قيام الجمهورية الإسلامية والدولة الإسلامية وفق منهاج عصري جديد يوافق عليها الأفكار والتوجهات القانونية السائدة في الحكومات الديمقراطية الغربية والتي توافق عليه المنظمات والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة , ففكرة انتخاب مجلس الخبراء ومجلس الشورى وانتخاب رئيس الجمهورية من بين الشعب والتي تعتبر من لبناة أفكاره الكريمة تعتبر نقلة نوعية في النظم الديمقراطية المعاصرة وكانت لهذه الأفكار التأثير المباشر في تغيير بعض الأفكار الديمقراطية التي كانت سائدة آنذاك .
ـ فعندما أراد أن ينهي مشواره نحو الكمال في الحكومة النموذجية بعدما أسس ووضع أركانها الأربعة أعلاه , عرض عليه عارض من افسد الناس خلقا وُخلقا وأوكلت خيانة القتل والغدر لصدام اللعين لينال منه أو من فكره وهدم العقود الخمسة من عمر ه الشريف بجرة قلم , فطالبه الظلمة والعتدة أن يهدم ما بناه بيده وان يكفّر الدعوة الإسلامية والجمهورية الإسلامية ويبني على أعتابها البعثيين من الضبابيين والفجرة وكان إلا يثار في روحه الطاهرة التي قدمه في طبق من ذهب ليحيى مشروعه , مشروع الشهادة والخلافة المقتبس من مشروع جده الحسين (ع) عندما ركزه اللعين بن اللعين بين السلة والذلة وهيهات من آل الرسول الذلة فتبنى مشروع الشهادة والخلافة أي الشهادة في سبيل الله وبالشهادة , استشهاد على الناس بخلافة البشر على المعمورة فكانت شهادته عليه رضوان الله مشروع خلافة التي نرى بوادرها وهي تتحقق يوما بعد يوم وها هو رواد الحركة الإسلامية وهي تقود الحكومة نحو الكمال الذي خطه حسين عصرنا الإمام الشهيد محمد باقر الصدر