..مذكرات من جنوب العراق .................................عبدالكريم محمد رؤوف القطان
[align=center]مذكرات من جنوب العراق
تأليف :عبدالكريم محمد رؤوف القطان
[/align]
مؤلف هذا الكتاب عبدالكريم محمد رؤوف القطان، شخصية عراقية عرفت بنشاطها الاقتصادي. ولد عام 1923 في بغداد، وتخرج من كلية الإدارة والاقتصاد عام 1950، شغل عدة وظائف حساسة مثل مدير عام البنك التجاري، وعمل عضواً في جمعية الاقتصاديين، وكغيره اضطر إلى الهجرة من العراق واستقر في بريطانيا.
في هذا الكتاب يعود الكاتب إلى حياته في العراق ليقدم للأجيال جانباً من تلك الحياة المزدهرة، ولقد كثرت هذه السير من زوايا مختلفة تشكل بمجموعها صورة متكاملة لعراق القرن العشرين. خاصة وأن الكاتب يخصص هذه السيرة لجنوب العراق المثقل بالألم والأحزان،
وقد انعكس ذلك في أغاني الجنوب الحزينة والممتدة بالجرح العراقي، ولأهل الجنوب عاداتهم وطقوسهم وأشكال خاصة بالتعبير عن الفرح والألم والثورة، والجنوب منفتح على العالم عبر موانئه على الخليج أو على نهر شط العرب الذي شكل شريان تجارة لم يتوقف إلا خلال الحروب التي أدمت أهالي الجنوب. عبدالكريم القطان يكتب سيرة ذاتية لكنها في إطار أحداث امتدت أعواماً، وشملت معظم محافظات جنوب العراق. وشكلت صفحة من صفحات التاريخ الحديث.
في الفصل الأول.. يكتب عن طريقة احتساب الاعمار عند العامة ويطبق ذلك لاحتساب تاريخ ولادته ومن خلال هذا الموضوع يعرج على محطات في تاريخ العراق لها أهمية، وينتقل بطفولته إلى مناطق بغداد التي يرتبط بعضها بالتاريخ، فيسميها ويصف طبيعتها، معرجاً على الأسواق والحمامات العامة، وسوق العطارين، ومحلات صنع الحلوى، والندافين، والألعاب التي كان الصغار يلعبونها في الأزقة والحواري، وبعض المهن، والحسينيات.
أما الفصل الثاني فقد خصه الكاتب بحياة عائلته المنزلية، وهي نموذج لعائلة بغدادية عاشت في تلك الفترة، وباستعراض حياتها استعراض لحياة الأسر البغدادية، مثل الأعياد، والسمر، وطبيعة المدرسة ومعلميها، وثقافة أبناء العائلة خاصة الأب الشاعر نموذجاً، ومكتبة المنزل التي يقول عنها المؤلف:
أول مكتبة جمعها أبي حوت كتباً كثيرة لا أعرف عددها، ولا شك بأنها كانت كمكتبته الثابتة ذات الكتب المرصوصة على رفوف عديدة تكاد تملأ جدران غرفة «الأورسي»، وكان شديد العناية بها حتى إنه يقوم بنفسه بتصحيف تلك التي تهرأ أغلفتها ولصق وخياطة الصفحات الممزقة منها، وذلك باستعمال «الشريس» والخيوط الرفيعة ثم كيس الكتاب بـ (منكنه)، وكنت أشاهد عمله هذا عندما كان يرمم كتبه في مكتبته في مدينة الديوانية.
في ذكرياته يعود بنا القطان إلى عام 1930 يوم هجرة العائلة إلى مدينة الديوانية «فقد كانت الديوانية عند انتقالنا لها قرية صغيرة قائمة على الضفة اليسرى من شط الحلة المتفرع من نهر الفرات، في موضع يبعد عن بغداد جنوباً حوالي 193 كيلومتراً».
وينتقل بعد ذلك، أي بعد أن وصف يوم الرحيل والطريق من بغداد إلى الديوانية، والإقامة فيها، عرج على مدارسها، وخص مدرسة الديوانية التي انضم إليها ودرس فيها متحدثاً عن مديرها الذي كان ضابطاً في البحرية العثمانية، وكان متشدداً جداً، يحاول أن يطبق الأسلوب العسكري كما لو كنا في ثكنة حربية أو قطعة من الأسطول العثماني، فيهابه الطلاب والمدرسون ويخشون بطشه، أقول بطشه لأنه لم يكن ليتردد باستعمال يده أو الخيزرانة في عقوبة أي طالب تسول له نفسه خرق تعليماته أو عدم إطاعة أوامره.
يصف الباحث مدينة الديوانية، كما كانت يومها، وينتقل إلى دار المعلمات، ثم سوق الديوانية ومحلة الجديدة، وأبو الفضل، ويصف أيضاً أيام الأعياد والصحراء التي تحيط المدينة والمطار، وينتقل إلى صناعة الطابوق، وختان الأولاد، وحكايات عن المدينة ورجالها، والعواصف التي تهب على الديوانية، وكذلك المجالس العرفية.
وينتقل الباحث إلى البصرة في أواخر عام 1941، حيث يعمل في إدارة البنوك. ومن ثم يصف الحياة فيها، مصارفها، شوارعها، أسواقها، أماكنها، ومطاعم المدينة، وساحاتها.
ثم يعود المؤلف عبر ذكرياته إلى بغداد ليعمل في مصرف الرافدين وليكتب عن أهم العاملين في هذا المصرف الذي يعتبر البنك الرئيسي في العراق، عن أهم محطات تطوره، والبدء ببناء ضخم ليكون مقراً رئيسياً، وكذلك ولادة شارع البنوك في بغداد، حيث تتواجد معظم المصارف، إن لم يكن جميعها،
ثم يكتب عن كيفية تأسيس البنك التجاري العراقي، ليعود مرة أخرى ليتحدث عن حياته، مستذكراً أيام الدراسة الجامعية، وزواجه، وينتقل بعد ذلك إلى مصاعب العمل المصرفي، ثم يتوقف الكاتب عند نقطة مهمة من حياة العراق السياسية، ويكتب عن ثورة 14 يوليو 1958، وذكرياته عن زعيم الثورة عبدالكريم قاسم، وتواضع أخيه، ثم تأسيس شركة التأمين التجاري.
وأخيراً يدخل السجن، ويصف ذلك بقوله: استولت على كياني فكرة أني أُساق إلى ساحة الإعدام، تصبب العرق من جبيني بل وكل جسمي، وافلتت ركبتاي من سيطرتي، حيث كانتا ترتجفان من دون إرادة مني، وسألت نفسي: حقاً هذه نهاية حياتي؟ وحالاً تسلطت عليّ فكرة بررت بها ما يحصل بأنني وهؤلاء المحيطين بي نمثل فيلماً سينمائياً، وقبل عقلي هذا الحل، ولكني صحوت من هذا الوهم بعد أن شعرت بتحرك السيارة.
عبدالإله عبدالقادر
الكتاب: مذكرات من جنوب العراق
الناشر: دار الساقي ـ لندن 2005
الصفحات: 298 صفحة من القطع الكبير
http://www.albayan.ae/servlet/Satell...tail&c=Article