رسالة مفتوحة إلى دولة السيد رئيس الوزراء حول ملابسات إصدار الجواز الجديد
خاص للموقع
كما تعلم سيادتكم بعد عام 2003 أصدرتم الجواز (أس) كحل مؤقت عن طريق السفارات وبعد فترة قليلة اكتشفت مملكة السويد أن هذا الجواز قد تم تداوله بشكل غير صحيح فقامت بتعميم هذا الخبر على كل الدول الأتحاد الأوربي وقرروا جميعا عدم الإعتراف بهذا الجواز لذلك حرمنا الاستفادة منه رغم أنه كان لسنتين فقط
كرد فعل لما حدث قررت الحكومة العراقية مشكورة العمل بمبدأ التشدد والصرامة في إصدار الجواز (ج) وذلك عن طريق مديرية الجوازات في بغداد حصرا كي لا تعاد الكرة من جديد
من جملة الإجراءات التي قررت الحكومة أتخاذها لإظهار الحزم في الموضوع - أن يقوم المواطنون بتقديم شهادات جنسية وهويات أحوال مدنية مجددة (حديثه) وذلك لإرفاقها كشرط ملزم بغية الموافقة على إصدار الجواز (ج)
تعلمون ان جواز السفر في الغربة هو الهويه الوحيدة المعترف بها رسميا والتي لا غنى للمغترب عنها (السلطات الأوربية غير معنية بشهادات الجنسية أو هويات الأحوال). لذلك فإن ربط تجديد تلك المستمسكات بالحصول على الجواز الجديد - لمن ليس لديه من يتكفل بالمهمة في العراق - هو بمثابة تجريد المواطن من هويته علما إنه ليس كل من يعيش في أوربا قد حصل على الجنسية او الجواز ألاوربي .
في أحيان كثيرة يعجز المواطن المغترب - لسبب أو لآخر- عن تجديد مستمسكاته (شهادة الجنسية وهوية الاحوال) وذلك لأسباب عديدة ، منها مثلا:
- ان جميع أقاربه قد غادروا العراق منذ مده ولم يعد لديه من يعرفه ،
- أو أن من يعرفهم لا يرغبوا في المجازفه بالذهاب إلى أماكن مزدحمة قد تكون مستهدفه من الارهاب،
- أو أنه هو شخصيا لا يرغب بالتوسل في هذا وذاك وهذا حق مدني بموجب القانون ،
- أو أن أقاربه أو أهله أناس مسنون عجزة لا طاقة لهم بالجري وراء المعاملات في الدوائر الرسمية ،
- أو أنه غادر العراق منذ سبعينات او ثمانينيات القرن الماضي وتغيرت عناوين من كانت له صله بهم
- في أمريكا والسويد هناك أسر بكاملها هاجرت وانقطعت صلاتها كاملة بالوطن
- أنا شخصيا رجوت أحد الذين توسمت فيهم خيرا فأرسل لي مستمسكات مزورة!!
- ناهيك عن الاسباب المالية..
فما العمل هل نبقى بدون جوازات....
المشكلة هي صعوبة تخيل مثل هكذا سيناريوهات (مقدما) بالنسبة لواضع القانون في العراق فهو يرى - إبتداءا ، حتمية وجود الكفيــل في العراق وكأن من ليس لديه كفيل لايستحق أن يحصل على الجواز (علما إن قانون الجنسية العراقي الجديد رتب حقوقا حتى لللقطاء مجهولي النسب) ، ثم أن واضع القانون يعتقد أن الذهاب إلى السفارات في أوربا "لاسيما المقيمين في المدن وألاقاليم البعيدة" هو بسهولة الذهاب إلى أحد مراكز بغداد كالباب الشرقي مثلا ولا يعلم أن سفرة واحدة قد تناهز الألف كيلومتر ذهابا وإيابا -لأسرة تعتاش على المعونه الاجتماعية وتكلفها ما لايقل عن 500-600 دولار ، لهي كفيلة بأن تكسر ميزانية هذه العائلة لمدة شهران مقدما فكيف والحال إذا كان المطلوب أكثر من سفرة لإنجاز هذه المهمة. أنا شخصيا أسكن في بلدية تبعد عن السفارة في ستوكهولم 650 كم أي 1300 كم ذهابا وإيابا..
نعم ، المطلوب على الأقل سفرتان يجب أن يكون جميع أفراد العائلة حاضرين فيها كي تنجز المعاملة : سفرة لتنظيم وكالة رسمية لشخص يعرفوه في العراق (هذا إن وجد) حتى يقوم بتجديد هويات الاحوال وشهادات الجنسية ابتداءا ثم بعد ذلك يعودون لقطع نفس المسافة ونفس النفقات ولكن لتقديم طلب الجواز هذه المرة ثم يقومون ولمرة ثالثه بنفس الرحلة لاستلام جوازات السفر وهذا ناهيك عن تعطيل الحال والانتظار القاتل بين كل مرة وأخرى – يعني إصدار الجواز يستغرق بين السنه الى السنه والنصف !!!!! أقسم برب الكعبة أنني انتظرت أكثر من سنتان كي أحصل فقط على موعد لتقديم معاملة الجواز من السفارة العراقية وبعد ذلك أبلغت أن علي ان اجدد المستمكات القديمة أولا وقبل التقديم !
كما أسلفت، تنظيم الوكالة الخاصة يتطلب قسرا حضور جميع افراد العائلة إلى السفارة التي تستقبلهم في يوم محدد في الاسبوع ولساعات قلائل ، وعلى الاسرة أن تقدم شهادات الجنسية وهويات الاحوال – القديمة – كإثبات تستند عليه شرعية الوكاله وهنا مربط العقدة ، فما الذي يجعل هذه المستمسكات القديمة ذات شرعية في إجراء قانوني مهم وهو تنظيم الوكالة في حين ينزع شرعيتها حينما يتعلق الامر بإصدار جواز السفر الجديد ويفرض على المواطن تجديدها ، مع العلم إن نية المواطن في كلا الحالتين معقودة على نفس الهدف وهو اصدار الجواز
نقترح انه طالما كان الجواز الجديد يصدر من دائرة الجوازات في بغداد فما المانع إذا من تجديد الهويات وشهادات الجنسية بنفس اسلوب إصدار الجواز وعن طريق السفارة أيضا - فترسل جميع المستمسكات مع الصور الشخصية والنماذج المطبوعة حسب الأصول وباللغتين العربية والإنجليزية دفعة واحدة إلى المديرية العامة للجوازات والجنسية في بغداد وهناك يقررون : إذا كانت بحاجة إلى تجديد ، فليجددوها ياسيدي – نحن لسنا ضد الاجراء – إذ لا مانع حتى لو أدى ذلك إلى التأخير وإلى وضع رسوم إضافية لإصدار الجواز في السفارة - فهو بكل المقاييس أرحم لنا على الأقل نضمن الحصول عليه ولو بعد حين
إن الدائرة صاحبة العلاقة والتي تنجز فيها المعاملات هي ذاتها (المديرية العامة للجوازات والجنسية) ، أسم المديرية يعكس أيضا الارتباط الهيكلي والوظيفي بين المعاملتين ، وهي تتبع الوزارة ذاتها (وزارة الداخلية) وبهذا لن يضطر المواطن الذي هو في مثل أوضاعنا للبحث عن بدائل غير قانونية وتشجيع المزورين والمرتشين والفاسدين لأنجاز معاملاته التي هو في أمس الحاجة لها. هناك الألوف من الخريجين العاطلين عن العمل استخدموهم ياسيدي ولو بعقود مؤقته في مثل هذه الأمور ، المثل يقول "صاحب الحاجة كالمجنون" خاصة إذا كان صاحب أطفال مقطوع السبل وبعيدا عن وطنه ، ولعل اتخاذ مثل هذا الإجراء الحكيم فيه أكثر من فائدة لجميع الاطراف فمن شأنه أولا تقليل عذابات المواطنين وعوائلهم فلن يضطروا بعد ذلك للسفر إلى السفارة لأكثر من مرة وفيه أيضا تقليل لحجم الضغط على كوادر السفارات القليل عددا وعدة ، كما انه يحد من الرشوة والفساد الاداري وتلك غاية المراد بحد ذاتها
أنا أحيي صدق دولة رئيس الوزراء في دعوته المغتربين وأصحاب الكفاءات للعودة ولكن لعل من شأن مثل هذه التعقيدات لمجرد إصدار جواز سفر يستغرق أكثر من سنة (هذا إن لم تكن هناك مشكلة تجديد مستمسكات) من شأنه إرسال رسائل خاطئة ومنفرة تناقض خطاب دولته للعودة الى البلاد. أحد المفاتيح السحرية لعودة الكفاءات (النوعية) للعراق هي كسر قيود البيروقراطية والروتين لأن الكفاءات الحقيقية تلتقط ذلك بسرعة وتفهمه جيدا لما ينطوي عليه من تغيير في المنهج واسلوب التخطيط والتفكير
شاكرين تفهمكم للوضع مع خالص التقدير
علي الظاهر