بسم الله الرحمن الرحيملابد للناس من إمام وهذا الامام يكون بجعل من الله تعالى وليس بانتخاب من الناس
(واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس إماما
قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين))124 البقرة.
بعد مقام النبوة لابراهيم عليه السلام يبتليه الله تعالى ب (كلمات)
ثم يجعله الله تعالى إماما للناس !
أولا -
وليس بالغلبة والقوة, والامامة هي غير النبوة , ف أبراهيم عليه السلام كان نبيا
ثم جعله الله تعالى أماما .والناس في زمان ابراهيم عليه السلام هم الناس في كل زمان ومكان, فلايصح إن يُقال أن ناس ابراهيم ع نصب الله تعالى لهم أماما بينما (ناس) هذا الزمان وغيره هم غير اولئك الناس ولن يحتاجوا الى امام! الناس دائما بحاجة الى أمام يتبعونه وبه يُنادون ويُدعون ,فتنصيب ابراهيم عليه السلام
اماما للناس أمر الهي ونعمة يستحقها كل خلق الله من الناس في الماضي والحاضروالمستقبل:
( يوم ندعو كل أناس بإمهامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فإولئك يقرأون كتابهم
ولايظلمون فتيلا )71 الاسراء. فالناس يوم الحساب يُدعون بإمامهم ,
وعلى قول جمع من المفسرين الامام في الاية اعلاه هو من أئتم به الناس ,
فهناك أمام بجعل من الله تعالى ,وهناك أمام منتخب من الناس زورا أو صار إماما بالغلبة والقوة ظلما وعدوانا ..الخ فلا نجاة يوم الحساب إلا للذين اتبعوا وبايعوا الامام الذي نصبه الله تعالى لهم , كما نُصب ابراهيم عليه السلام ..
ثانيا –
لقد طلب النبي ابراهيم عليه السلام الأمامة لذريته ايضا ,
إذن الامامة ليست خاصة بأبراهيم ع فقط وليست خاصة في زمانه فقط
فإبراهيم عليه السلام الذي كان نبيا لايسأل اعتباطا حاشاه ,فهو يعلم علم اليقين أن الامامة
من بعده مستمرة لكل الخلق لذلك طلب بقوله ( ومن ذُريتي)؟ فكان جوابه من الله تعالى :
( لاينال عهدي الظالمين)! وهو جواب يحمل معاني عديدة منها مايلي :
- الامامة مستمرة ومن شروطها أن لاينالها الظالمون, فلو كانت الامامة غير مستمرة لكان الجواب
افتراضا ( ليس هناك بعدك إمامة يا ابراهيم ) ولكن لم يكن كذلك,وهذا دليل على ان الامامة مستمرة
بعدك يا أبراهيم ولكن عليك وباقي الخلق ان يعرفوا أن (الظالمين) لن ينالوها ولايستحقوها شرعا.
........................
-من هم الظالمون الذين لن ينالوا الإمامة ولن يستحقوها ؟
من أحد تعريفات الكتاب الكريم للظالمين يتبين من الذي لايستحق الامامة,تعريفات الظالمون كثيرة في كتاب الله العزيز ولكن اعلاه مثل
وهم كما تبين الاية الكريمة
-( وإذ قال موسى لقومه إنكم ظلمتم أنفسكم بإتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم
فأقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) 54 البقرة
-(وإذ واعدنا موسى اربعين ليلة فاتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون) 51 البقرةعلى الظالمين,فهم قد ظلموا انفسهم بعبادة العجل ( الصنم , الوثن..)فكن على يقين أنك ستعرف امام زمانك اليوم ! فالايمان بالامام الاول المنصوص عليه وهو علي
إذن عبدة الاصنام والاوثان قد ظلموا انفسهم وإذن فهم لن يستحقوا الامامة
وفق قوله تعالى ( لاينال عهدي الظالمين) , هم قد ينالوا التوبة بعد قتلهم انفسهم
وولادة جديدة ولكنهم محرومون من تقلد الامامة ,إذن لا إمامة لهم مجعولة من الله تعالى
فهناك غيرهم لم يشركوا بالله تعالى مطلقا هم أحق بالامامة , الظالمون قد ينتحلون
او يتقمصون الامامة بالغدر والخديعة, وقد ينتخبهم الناس ويقودوا جموع الناس ويحكموهم
,ولكن لن يكونوا أئمة منصبين من الله تعالى , ولن يكونوا أئمة كما أمر الله تعالى ,
فلا نجاة باتباعهم والانقياد لهم ! تأمل حال فرعون الذي كان أماما لقومه
وله اتباعه ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود) 98 هود
ماهو ذنب قومه لكي يردوا النار ؟ ذنبهم انهم اتبعوا امام انتحل وتقمص امامة الناس
وهي ليست له, فكانت عاقبة اتباعه النار وبئس الورد المورود.
.......................
-أتفق جميع المسلمون على وجوب وجود إمام للناس في كل زمان وفق الحديث النبوي:
( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) صحيح مسلم- باب الامارة رقم الحديث 3441
(من مات ولابيعة عليه مات ميتة جاهلية ) الطبراني ج1 ص 78
(من مات وليس عليه امام مات ميتة جاهلية ) مسند ابي يعلى الموصلي ج13 ص 7375
إذن بيعة الامام بيعة في عنق كل مسلم ومن مات وليس في عنقه بيعة
لإمام فهو يموت ميتة جاهلية ,
وليس كل من نصب نفسه اماما يستحق الامامة ويستحق ان يتبعه الناس ,
فعبدة الاوثان والاصنام لن يستحقوا الامامة ولن ينالوها لانهم قد ظلموا انفسهم مثلما ظلم
قوم موسى ع انفسهم بعبادة العجل, عبدة العجل الذين اطلق عليهم الكتاب الكريم
صفة ( الظالمون) , وبذلك يتبين أن عباد الاصنام والاوثان لن ينالوا منزلة الامامة
من أمثال أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم الذي قضوا نصف اعمارهم على
الاقل وهم من عبدة الاصنام والاوثان فهم من الظالمين لانفسهم بعبادة الاوثان ,
والظالمون كما تبين لاينالوا ولن ينالوا عهد الامامة ,فهناك غيرهم أولى بالامامة لم يسجدوا
لصنم ولم يعبدوا وثناً طوال اعمارهم كأمير المؤمنين علي عليه السلام .إذن الامام يكون
إماما بجعل من الله تعالى واصطفاء منه تعالى , كجعل ابراهيم عليه السلام كما تقدم ,
وكجعل داوود عليه السلام كذلك( يا داود إنا جعلناك خليفةفي الارض ...)26 ص
-لقد نصب النبي صلوات الله عليه وآله للمسلمين (للناس) أماما من بعده وهو
أمير المؤمنين عليه السلام بأمر من الله تعالى في غدير خم وفي مواقف كثيرة غيرها
لايسع المقال ذكرها هنا ومنها قوله صلوات الله عليه وآله لعلي علي السلام
( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) (صحيح مسلم رقم الحديث 6218, وكذلك مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة
وأحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وابن سعد وابن عساكر وابن عدي وأبو يعلى والبزّار وأبو نعيم والطحاوي وابن حبان والطبراني والنسائي
وابن أبي عاصم والبغوي والتبريزي والخطيب والدارقطني وابن مردويه والجويني وابن المغازلي والحسكاني)
والكتاب الكريم يقول ( ...وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي...)142 الاعراف
فأراد النبي الكريم ص لهذه الامة أن تعي ماهو وجه الشبه بين هارون وعلي
من موسى ومحمد صلوات الله عليهم ,والشبه هذا هو في خلافة الامة وامامتها.
فكما أن موسى ع استخلف هارون ع في قومه كذلك فعل خاتم الانبياء صلوات الله عليه فاستخلف
أمير المؤمنين علي ع في قومه في غدير خم وفي مواقع كثيرة , وقال فيه قولته المشهورة ولم يقلها
لغيره من المسلمين مطلقا : (من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
انصر من نصره واخذل من خذله)وهذا الحديث ذكرته كتب حديث جمهور السنة بالفاظ متعددة..
فكما أن (ناس) ابراهيم عليه السلام استحقوا ونالوا اماما بجعل من الله تعالى
(إني جاعلك للناس أماما) كذلك (ناس) هذه الامة وباقي الامم حتما لهم إمام مجعول
من الله تعالى وليس من الظالمين,تستمر امامته من بعده الى نهاية الزمان
( قال من ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين)!
..................
فأنظرأيها القارئ من هو إمامك في هذا الزمان الذي اوجب الله تعالى طاعته لتكون من اهل النجاة,
ولاتكون تابعا لامام متقمص للقيادة والرياسة كقوم فرعون الذين سيردون النار وبئس الورد المورود ,
-فإن قلت لا أدري من هو امام زماني فلا ادري من أبايع ؟
فستكون من الذين يموتون ميتة جاهلية كما في الحديث الذي تقدم ذكره اعلاه
( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) , وقد بين الله تعالى صفات الامام واهمها عدم
الظلم كعبادة الاوثان , فمن كانت له بيعة لفرعون واشباهه فأنه سيلحق بهم في الاخرة ,فانظر من تبايع !
-وإن قلتَ كيف اعرف الامام اليوم واعرف من هو كي اتبعه وانجو ؟
فجواب ذلك يكون بسؤال لك تتأمل فيه وهو مايلي :
-هل ياترى آمنت بأن الامام المنصوب من قبل النبي صلوات الله عليه وآله
هو الامام الحق وهو امير المؤمنين علي عليه السلام ؟
فإن كنت من المؤمنين بولاية أمير المؤمنين علي واحقيته بالامامة بعد النبي صلوات الله عليهما ,
عليه السلام سيقودك بفضل الله تعالى الى معرفة امام زمانك اليوم حتما .
إلا أذا قلتاني اؤمن بأمامة علي من بعد رسول الله صلوات الله عليهما ومع ذلك
ايضا اؤمن بامامة ابوبكر وعمر وعثمان وغيرهم !!!!!!!!!!!!!
فستكون بهذه الحالة قد وضعت نفسك في المشقة ودخلت في التناقض واتبعت من لايستحق نيل الامامة من الذين عبدوا الاوثان اكثر من نصف اعمارهم فكانوا من الظالمين ( ... إنكم ظلمتم أنفسكم بإتخاذكم العجل), نعم تكون قد اتبعت الظالمين من عبدة الاوثان وفضلتهم على الامام المجعول والمنصوب من الله تعالى وهو أمير المؤمنين علي عليه السلامف كنت بذلك من الظالمين أيضا , وجعلت في نفسك قلبين والله تعالى خلق لك قلب واحد لايجتمع فيه نقيضان ( ما جعل الله لرجل في قلبين من جوفه...) 4 الاحزاب, فكيف تؤمن بامامة امير المؤمنين علي عليه السلام وفي نفس الوقت تؤمن بأمامة من لايستحق الامامة من الظالمين الذين عبدوا الاوثان والاصنام اغلب أيام اعمارهم ؟ وإذن لن يهديك الله تعالى لمعرفة امام زمانك بدليل (... والله لايهدي القوم الظالمين) 258 البقرة ,
لقد ظلمت أمير المؤمنين علي عليه السلام بإن جعلته أدنى من أبوبكر وعمر وعثمان وهؤلاء كانوا من عبدة الاوثان الظالمين الذين لايستحقون الامامة ( لاينال عهدي الظالمين) , ومن فعل ذلك فلن يهديه الله الى الحق (... والله لايهدي القوم الظالمين) 258 البقرة واذن لن تهتدي الى امام زمانك مطلقا لانك اتبعت الظالمين وخالفت اوامر رب العالمين , واذن لن تنال كتابك في يمينك يوم الحساب يوم تدعو بأمامك الذي اتبعته في الدنيا
( يوم ندعو كل أناس بإمهامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فإولئك يقرأون كتابهم ولايظلمون فتيلا )71 الاسراء , وستموت ميتة جاهلية ( من مات ولم يعرف امام زمانه ماتت ميتة جاهلية ) ,فتفكر في نفسك وحالك قبل فوات الاوان ,واخلع من عنقك بيعة الظلمة من عبدة الاوثان وآمن بالامام الذي نصبه رسول لله تعالى في غدير خم ونصبه كذلك في غيرها من المواضع والمواقف التي ازدحمت بها كتب الحديث والروايات المسندة وأيدتها ايات القرآن الحكيم , فعند ذلك كن على يقين أنك ستهتدي الى امام زمانك اليوم وستعرفه وتبايعه وتنجو ولن تموت ميتة جاهلية !
ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا
مروان في 20-6-2023
