الحرية بسبب الفراغ السياسي لا تعتبر مكسبا للشعوب
أوميد كوبرولو
رئيس تحرير مجلة توركمن شاني العراقية

رغم كل الأنفجارات وعمليات الخطف والقتل والإرهاب وجرائم السلب والسرقة وما أصابه وطننا الحبيب من دمار وخراب، عند اتصالاتنا الدائمة مع أهالينا وأصدقائنا وأحبائنا العراقيين في مدن وقصبات العراق، نسمع منهم بأنهم سعداء وبخير ويعيشون أجمل أيامهم وهم ينعمون بالحرية بعد سقوط النظام الدكتاتوري الصدامي المجرم.

أمر عجيب فأين الحرية التي يغنون لها أهالينا في وادي الرافدين ويوميا يودعون عشرات من أبنائهم، فلذات أكبادهم الشهداء الأبرياء الذين يقتلون برصاصات وقنابل الغدر التي يطلقها الإرهابيين وجنود قوات الاحتلال عليهم؟ أين الحرية وينتهك ما يسمونهم بقوات الحرس الوطني(أغلب أفرادها من الميليشيات المسلحة لبعض الأحزاب المشاركة في إدارة العراق المؤقتة) حرمات بيوت أهالينا ويأخذون أبناءنا بقوة السلاح في وضح النهار ويأخذونهم إلى جهات لا يعلمها أحد سوى الله والمجرمون أنفسهم؟ أين الحرية ويداهم الأمريكان والإنكليز ومعهم أفراد حرسنا الوطني الأنذال مساجدنا وأماكننا المقدسة للتفتيش على أسلحة رجال المقاومة العراقية الباسلة الذين يرفضون الاحتلال لبلادهم ويقاومون كل أشكاله؟ وهل الحرية فقط تكلم ودراسة وغناء ومخاطبة المرء للآخرين بلغته الأم فقط؟ فأين الحرية وما دامت هناك أغلبية تحاول تحقيق مكاسب لمواليه على حساب الأقليات؟ أين الحرية ولا زال الكثير من أبنائنا يحلمون في التعيين والتوظيف في دوائر الدولة ومؤسساتها ومصانعها؟ أين الحرية وما زال الظلم يفتح ذراعيه لسلب حقوق المستضعفين؟ وأين الحرية ولا زال الكثير من المتسلطين العنصريين مغتصبين بيوت وأراضي الكثير من العراقيين بقوة السلاح ولم يحاسبهم القانون على أفعالهم؟ و متى كانت الحرية الناجمة عن الفراغ السياسي في بلد ما أصبحت مكسبا لشعوبه؟ ومن يعلم بأن هذه الحرية الضئيلة ستدوم في استلام الحكومة الحقيقية مزاعم الحكم في البلاد ما دامت قانون إدارة الدولة العراقية لا تعترف بأية حقوق للشعوب الضعيفة؟

فعلى الشعب التركماني المكونة الأساسية الثالثة في المجتمع العراقي، الذين لهم جبهة وأحزاب ومنظمات وحركات وإتحادات سياسية وثقافية واجتماعية في مدن وقصبات أقليم(توركمن إيلي) ويتكلمون في الدوائر والمعاملات والأسواق ويدرسون بلغتهم التركمانية، ولهم وزير وأعضاء في المجلس الوطني والمجالس البلدية ونواب محافظين، عليهم بأن لا يظنوا أبدا بأنهم نالوا حقوقهم وحريتهم الكاملة وهناك آخرون يخططون ليلا ونهار من أجل تهميشهم وتغريرهم بمبالغ بخسة من أجل الانتماء إلى شعوبهم وتقليل عددهم واغتصاب أراضيهم بقوة السلاح وضمها إلى أقاليمهم. وأيضا وهناك أكثر من مئة ألف كردي ليس لهم أية علاقة بكركوك يدعون إنهم من أبنائها الذين رحلهم البعثيون منها. وبل هناك آلاف أخرى ينتظرون جلبهم إلى المدينة التركمانية الغنية بنفطها بغية تكريدها وضمها إلى كردستان الخيال. وعلى التركمان أن لا يظنوا أبدا بأن غياب السلطة والقانون العراقي المؤقت ستدوم. وعليهم أن لا يكونوا غافلين عن مخططات العنصريين الحاقدين العملاء للأجنبي الذين يحاولون نزع فتيل الشر والحقد والعدوان بينهم وبين أشقائهم الأكراد وأن يناضلوا بكل طاقاتهم لنيل حقوقهم الشرعية كاملة سياسيا وإداريا وثقافيا.
على السياسيين التركمان قوميين وطائفيين، أن يوحدوا صفوفهم تحت كلمة وراية واحدة وأن يكون لهم خطابا سياسيا واحدا وخصوصا والعراق على أبواب الانتخابات لاختيار أعضاء المجلس الوطني ومجالس المحافظات. وعليهم أن يتفقوا في اختيار ممثليهم الكفوئين في مدن وقصبات الأقليم التركماني. وعليهم أن يعرفوا جيدا إن مصلحة الشعب التركماني في دخولهم الانتخابات بقائمة موحدة واحدة تضم التركمان قوميين وطائفيين(شيعة وسنة). وأن لا يسمحوا لأي فئة حاقدة تحول تفريق صفوفهم والحمد لله وهم صف واحد لا فرق بين تركماني شيعي أو سني إلا بالتقوى.

أما الكتاب التركمان الذين لا حضور إلا لعدد قليل منهم في الصحف المحلية والعربية والعالمية وعلى مواقع الإنترنيت، فيقع على عاتقهم الثقل الأكبر. فعلى كل كاتب وشاعر وأديب تركماني يفتخر بانتمائه إلى قوميته العراقية ويهمه مصلحة التركمان والعراق أن لا يقف كهيكل بدون روح وأعداء شعبه يخططون للنيل منهم واغتصاب أراضيهم وحقوقهم. فأين كتابنا وزملائنا الأعزاء الذين كانوا يكتبون عن التاريخ و الأدب والثقافة التركمانية أيام المجرم الظالم صدام حسين الذي ولى وولى معه جلاوزته وعناصره الأمنية الملعونين، ومن من يخافون اليوم وإلى متى سيفضلون السكوت على المطالبة بحقوقهم وفضح الحاقدين الشوفينيين؟
فأين العشرات من أساتذتنا (أساتذة الجامعات) من ذوي الشهادات العالية (البروفسورات)؟ وكيف نبرهن لأشقائنا والعالم بأننا شعب عريق في العراق ويبلغ نفوسنا أكثر من ثلاثة ملايين نسمة ونتواجد من تلعفر شمالا إلى مندلي جنوبا بالإضافة إلى بغداد عاصمة الرشيد والمحافظات الوسطى ككوت والحلة، ولا يتجاوز عدد الذين يكتبون عن قضيتنا في الصحف العربية عدد أصابع اليدين مقابل عشرات الأشقاء العراقيين العرب و الأتراك والأجانب الذين يكتبون ويدافعون عنا كالزملاء الأوفياء(صبري طرابية، هارون محمد، عبد الزهرة الركابي، أياد الزاملي، سمير عبيد، سليم مطر، زينب علي، فوزي توركر، نجدت سوينج) وغيرهم.

أما ممثليات الجبهة والأحزاب والمنظمات والإتحادات السياسية والثقافية والاجتماعية التركمانية المنتشرة في معظم البلدان الآسيوية والأوربية وأمريكيا وكندا وأستراليا فتقع على عاتقهم الواجب الأكبر أيضا. وللأسف الشديد فنشاطات هذه الممثليات والمنظمات والاتحادات أصبحت اليوم شبه موسمية وغالبا ما تكثر عند وقوع حادثة أو كارثة في أحد المناطق التركمانية. وهذا خاطئ جدا لأن أغلب الممثليات التركمانية التي تنال المساعدات التركمانية وجدت من أجل حقوق التركمان والدفاع عنه. فعلى جميع أشقائنا وزملائنا الأفاضل أن لا يهملوا المهمة الحساسة التي في عاتقهم وأن يكثروا من نشاطاتهم واتصالاتهم ولقاءاتهم مع مسئولي البلدان الذي يتواجدون فيه لشرح أوضاع شعبهم التركماني وما ينالونه من ظلم وتهميش وغبن على يد الحكومات السابقة والحالية . وأن يقوموا بإحياء الأمسيات والمهرجانات الثقافية والترفيهية والتعريفية بالتركمان ودعوة المسئولين الكبار في دولهم ونشر الصحف والمجلات باللغات كافة والتكثير من فتح المواقع الإلكترونية على الإنترنيت وعلى الجبهة التركمانية وأحزابها تخصيص ميزانية خاصة للإعلام التركماني في الخارج. وتشجيع الأدباء والمثقفين التركمان على إدارة المواقع والإذاعات والتلفزيون والصحف والمجلات التركمانية. وألا فلا ننال حقوقنا بسكوتنا أبدا.
=X: