الأديب يكشف تفاصيل اجتماعات أنقرة وعمان ولندن بين الأميركان وأتباع الدوري والضاري بحضور ممثلين عرب
حوار الملف - 27/09/2009 - 12:00 am
واشنطن كذبت على حكومة بغداد ووصل الأمر إلى قبول مناقشة التنصل عن الدستور وإقامة حكومة طوارئ
العملية السياسية الحالية (عاجزة) عن إنجاز إعادة البناء
استعادة الهوية الوطنية من خلال قائمة تضم كل المكونات ودولة القانون قد تتحالف مع الائتلاف الوطني بعد الانتخابات و ليس قبلها
مدبّرو التفجيرات يعملون تحت إشراف المخابرات السورية وننتظر عدم التدخل في شؤوننا وعدم احتضان (المنبوذين)!
الأديب يتحدث عن (ضبط) الإئتلاف لإياد علاوي وممارسة البولاني لنوع من (الانقلاب العسكري)!



بغداد\حمزة مصطفى وحسين فوزي:
تحالفات سياسية انهارت، وتحالفات تشكلت، وأخرى تتشكل، لكنّ (أسرارها) وتداعياتها، ترتبط إما بالتنافس (شديد السخونة) في الداخل، أو بما يجري خارج (أسوار) العراق. المهم أن الحراك السياسي يتصاعد مع قرب موعد الانتخابات مطلع العام المقبل، والمهم أيضا أن بعض مشاهد (الحملات الانتخابية) تشهد تشكل تحالفات سياسية، بعضها يظهر لأول مرة، وبعضها الآخر حاول (تجديد) ثوبه. (النورالتي تصدر عن وكالة الملف برس ) اختارت الدكتور علي الأديب النائب في البرلمان والقيادي في حزب الدعوة، ليتحدث عن كل ذلك، وليكشف لها –في حوار صريح بأسئلته وبإجابته- خفايا اجتماعات أنقرة وعمان ولندن بين الأميركان وممثلين عن عزت الدوري وحارث الضاري وبحضور ممثلين عرب. لقد أكد الأديب أن الأمور وصلت الى كذب واشنطن على حكومة بغداد، وإخفائها قبول مناقشة التنصل عن القانون، حل الحكومة وتشكيل (حكومة طوارئ). اعترف الأديب بعجز العملية السياسية الحالية عن إعادة بناء العراق. وبدا الأديب حريصاً على تثبيت (الاحتراس) من وقوع انقلاب سياسي أو عسكري، قد تشارك فيه واشنطن، أو دول جوار. وهذا هو نص الحوار معه:
النور: هل لكم أن تحدثونا عما دار من مفاوضات و تبادل للرأي و الخبرات بين الجانبين العراقي و الأميركي بشأن ملف المصالحة الوطنية و العلاقات مع سورية، خلال زيارة بايدن مطلع هذا الشهر؟
الأديب: بشأن ملف المصالحة الوطنية الذي أعرفه أن نائب الرئيس الأميركي طرح تصوراته بشأن الموضوع في زيارته السابقة، و بعدها أنعقد مؤتمر في اسطنبول لمجموعة من المنظمات المسلحة، حضره ممثل عن كل من الولايات المتحدة الأميركية و تركيا، و قد تسربت أنباء عن المؤتمر مما دعا إلى احتجاج الحكومة العراقية على الطرفين. و أدعت الإدارة الأميركية أنها كانت قد أبلغت العراق مسبقاً عن المؤتمر، و الحقيقة أن ما أبلغته واشنطن لم يكن ينقل حقيقة ما جرى فعلاً في اسطنبول. و كان التصور لدى الجانب العراقي أن التحرك الأميركي مشابه لما جرى مع الصحوات في العمل على أقناعهم في الانخراط بما يضمن أمن العراقيين جميعاً، و كذلك تليين مواقف أطراف أخرى بشأن التوقف عن القيام بعمليات مسلحة. لكن الوثيقة التي تسربت عن الاجتماع تبين أن هناك مطالب بإعادة عدد من العسكريين و التخلي عن العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها، و إلى حد التنصل عن الدستور العراقي الذي تم تشريعه من خلال توافق وطني. و هي مطالب من وجهة نظر الحكومة العراقية و أطراف العملية السياسية لا يمكن القبول بها، حيث أن هناك مجموعة من القوانين و الإجراءات التي لا يمكن التخلي عنها. و وصل الأمر بالمجتمعين المطالبة بحل الحكومة العراقية و إقامة حكومة طوارئ لمدة سنتين.
و بحسب علمنا أن هناك اجتماعات أخرى عقدت في عواصم أخرى مثل عمان و لندن، بحضور ممثلين عن دول عربية، و مشاركة عناصر تمثل عزة الدوري و حارث الضاري. و نحن نعتقد أن مثل هذه التحركات بدون علم الحكومة العراقية، وتعد تدخلاً في الشأن العراقي الداخلي و تؤثر سلباً على العملية السياسية الجارية.
و بايدن يؤمن بمثل هذا النهج في تناوله المصالحة الوطنية في العراق، في حين أن العراق يواصل مشروعه الوطني في المصالحة، مع الحرص على تقديم المجرمين من القتلة و منتهكي القانون و القيم الدستورية المتعارف عليها في العالم إلى المحاكم، و ليس السماح بعودتهم للمشاركة في السلطة، ذلك أن هؤلاء يرتكبون جرائم جماعية و هم خارج السلطة، و السؤال هو ما الذي سيرتكبونه في حالة عودتهم للمشاركة في السلطة، حيث يستخدمون أدواتها لتحقيق مخططاتهم، كما هو الأمر بالنسبة لتفجيرات الأربعاء الدامي؟ و نحن من جانبنا نعتقد بأن وجود هؤلاء في العملية السياسية خطر عليها، و لهذا غير مسموح به و طالبنا الإدارة الأميركية بالتوقف عنه، لأنه يمثل محاولة إرجاع الوضع العراقي إلى الوراء.
النور: ماذا بشأن العلاقة مع الشقيقة سورية؟
الأديب: نحن من حيث المبدأ نحرص على أن تكون علاقتنا جيدة مع جميع دول العالم بوجه عام، و مع الجوار بحكم الخصوصية، و الأشقاء بشكل خاص، لاسيما سورية و إيران اللتين احتضنتا المعارضة عندما كانت بحاجة إلى سند. و نحن نحرص من جانبنا على إقامة علاقة إيجابية و متطورة على كل الأصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية مع كل الدول العربية المجاورة للعراق، لكننا ننتظر منهم عدم التدخل في شأننا الداخلي، و هؤلاء المنبوذون في العراق لا ينبغي احتضانهم من قبل الجوار، و ما ننتظره منهم هو على العكس من ذلك، في دعم العملية السياسية العراقية و إنجاحها، خاصة أن العراق قد تحرر للتو من نظام استبدادي لم يعرف له مثيل. هذا ما ننتظره من سورية، و نحن نتطلع إلى آفاق تعاون اقتصادي عظيمة معها، و نتطلع إلى أن تراجع سياستها إزاء العراق.
النور: ألا تعتقدون بأن التطلع إلى مراجعة سورية لما تعترضون عليه يتقاطع مع اللهجة الإعلامية الحادة من الجانب العراقي؟
الأديب: إن حدة اللهجة العراقية متأتية من الصبر الطويل، فقد كانت هناك لجنة مشتركة بين الطرفين لمتابعة الموضوع، و ما جرى ليس جديداً، و قد طفح الكيل، بعد أن لم تحقق الجهود العراقية نتيجة، و قد كان الأمل أن تستجيب سورية لمطالبنا. ما هي فائدة مشاركة العراق في اجتماعات اللجان الأمنية مع الجوار في حالة عدم تحقيق خطوات عملية تضمن أمن العراق، و يواصل البعض العبث بالأمن العراقي؟ و قد جاءت اعتداءات 19 آب بعد المنجز الكبير الذي تحقق في توفير الأمن، و استهدفت الاعتداءات تقويض هذا المنجز ضمن مخطط سياسي معادٍ للعراق، هذا هو السبب الذي دعا العراق إلى مطالبة الأسرة الدولية التدخل لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة.
النور: كيف تقرؤون تصريح الرئيس السوري بشأن ما قدمه العراق من أدلة قائلاً " صدمنا بما قدمه العراق "، و هل تتوقعون بناء على هذا نجاح جهود تهدئة العلاقات الثنائية؟
الأديب: لا أتوقع من الرئيس السوري أجوبة أخرى، لكن لدينا أدلة كثيرة، و تجربتنا السابقة لم تختلف عن الوضع الحالي، حيث كان ردهم نفسه على الرغم من أدلتنا الكثيرة. و سورية مارست موقفاً بشأن عبد الله أوجلان، إلى أن حشدت تركيا قوة عسكرية لا تقبل الالتباس من غرضها، فتم " تهريب " أوجلان من سورية لتعتقله المخابرات التركية في أفريقيا.
النور: أليس هناك بديل عن اللجوء إلى مجلس الأمن و المنظمات الدولية، من خلال الوساطة التركية أو الجامعة العربية؟
الأديب: الوساطة التركية فشلت منذ لحظتها الأولى. و كان الاجتماع الأخير برعاية الأتراك محاولة لتجاوز الفشل، لكن تصريح الأسد أفشل كل الجهود.
النور: العلاقات العراقية السورية ملغومة دوماً، زمن صدام حسين جاء الأسد إلى بغداد قبيل قمة بغداد، و صفى الأجواء بين البلدين، فانفجرت بعد أشهر قليلة، و الآن ذهب رئيس الوزراء إلى دمشق ساعياً إلى تعاون استراتيجي، فكان هذا التدهور المروع في العلاقات؟!
الأديب: نحن من جانبنا نحرص على تطوير العلاقات مع سورية، و قام رئيس الوزراء بزيارتين لهذا الغرض، و قد جاءت تفجيرات الأربعاء في اليوم التالي لزيارة رئيس الوزراء، كنا ننتظر تحسن العلاقات، لكن الذي جرى هو التصعيد.
النور: هل يعقل أن التفجيرات رتبت بهذه السرعة، أم أنها جاءت في سياق مخطط طويل من قبل أطراف معادية للمؤسسة السياسية العراقية الحالية؟
الأديب: ما أفهمه هو أن عمليات بهذا الحجم لا يمكن أن تمر بدون إطلاع المخابرات السورية، و كان في وسع المسؤولين السوريين إيقافها بإشارة واحدة منهم، لأن مدبري العمليات ضد العراق يعملون في ظل المخابرات السورية، و هي ليست غبية و لا ضعيفة.
النور: يقول البعض بوجود خلافات بين المالكي و الأديب برزت في المؤتمر الأخير لحزب الدعوة، فما هي الحقيقة بشأن هذا؟
الأديب لا أساس لهذا الموضوع إطلاقاً. نحن الاثنان انتخبنا المؤتمر في قيادة الحزب، وقد خرج البعض من القيادة و صعد البعض الآخر. و الأصل في طرح هذا ليس بشأن الحزب و مسار عمله، إنما هو من خارج المسار الحزبي من قبل أطراف معينة في الساحة السياسية تتمنى أن تنال من القوة الجماهيرية و النفوذ الكبيرين اللذين حققهما حزب الدعوة بين المواطنين، و عبرت عنهما نتائج انتخابات مجالس المحافظات، أو على الأقل التعتيم على القيمة الحقيقية لما تحقق للحزب.
النور: تأخرت قائمة دولة القانون في الإعلان عن تحالفاتها، فهل دولة القانون و الدعوة يسعيان إلى أن تكون لهما الكلمة الأخيرة في صياغة التحالفات؟
الأديب: إن دولة القانون و الدعوة منفتحان إلى أوسع مدى على الأفق الوطني، دون أن يعني أن هذا الانفتاح جديد، و إنما طبيعة الحراك و تطور الوضع السياسي و النجاح في تحقيق الأمن، يستدعي هذا كله اصطفافا سياسياً من نوع أخر، ينبغي أن يكون على مستوى الهوية الوطنية الشاملة، و بدون هذا لن يتم تجاوز نويات لإحياء الاحتراب الطائفي أو القومي مرة أخرى، و ما زلنا نرى بعض الأصطفافات الطائفية و القومية بناء على سلوك النظام السابق، و هي من ردود أفعاله. و الآن بعد استعادة الأمن لا بد من إعادة الهوية الوطنية في كل الممارسات، و هذا لن يتحقق إلا من خلال قائمة تشمل كل المكونات، و قد جاءتنا طلبات من مكونات من كل الطوائف والمناطق و القوميات للالتحاق بـ " دولة القانون "، و لدينا الآن أكثر من 60 كياناً، بعضها جبهات تضم عدة أطراف يصل عددها إلى أكثر من عشرة، و ندرس حالياً هذه الطلبات و نميز بينها، و نشخص حجم تأثيرها، و نحرص على تبنيها ضمن دولة قانون، لحرصنا على استيعاب كل رأس المال السياسي في الساحة و ليس حصر جهودنا في المكونات المعروفة لـ " دولة القانون " و الاعتماد على الحزبيين فقط، ساعين إلى الخروج من الدائرة الضيقة إلى كل المجهود السياسي الموجود في البلاد، لأن مجلس النواب بحاجة إلى هذا للخروج من التخندقات الحالية التي يعاني منها في دورته الحالية، التي أنجبت حكومة الوحدة الوطنية التي لا يلمس الشعب العراقي شيئاً من وحدتها سوى الاسم. و في حال بقاء الأمور على هذه الحال فأن إنتاجية القوانين و الرقابة الصارمة على أداء الحكومة أمر غير ممكن، لأن كل طرف سيقف ضد محاسبة من ينتمي إلى حزبه، و بالمقابل لا يحاسب الأخر، و وصلت الأمور إلى هدنة بين أطراف الحكم، لكنها في الأصل على حساب الشعب و المعايير.
النور: كان السيد أحمد أبو ريشة قد أعلن عن نيته الانضمام إلى دولة القانون، لكن ضغوطاً، على الأقل الداخلية معروفة منها بوضوح، فهل هو باقٍ على نهجه، أم انه سيلتحق بقائمة أخرى؟
الأديب: نحن في الأصل على اتصال بالسيد أبو ريشة، لكن مع من يتحالف، فالقرار الأخير هو قراره.
النور: ماذا عن السيد صالح المطلك، الذي صرح في وقت مبكر عن اتصالات بينه و بين السيد المالكي، هل هو مكون محتمل في تحالفكم؟
الأديب: لا أعتقد أن تحالف المطلك وارد لأن ما يطلقه من تصريحات و برامج يختلف عن دولة القانون.
النور: ماذا عن القاضي وائل عبد اللطيف و حزب الدولة الذي يقوده؟
النور: قد يكون القاضي عبد اللطيف أحد السياسيين المرشحين للمشاركة في دولة القانون.
النور: د. مهدي الحافظ أعلن عن تشكيل قائمة خاصة به، هل هو طرف في تحالفكم؟
الأديب: قدمت هذه القائمة طلباً و تجري دراسته حالياً.
النور: ماذا عن قائمة السيد علي بابان وزير التخطيط الحالي.
الأديب: لم أسمع شيئاً عن أي طلب لهذه القائمة للانتساب إلى دولة القانون. و نحن في الأصل نعتقد بإمكانية اندماج أي طرف ينسجم برنامجه و ممارساته مع برنامجنا و مع ما حققه سجل دولة القانون للمواطنين، أو على الأقل إيجاد صيغ تعاون معه لاحقاً.
النور: يظن البعض أن التحالف بين الدعوة و التيار الصدري هو الأقرب، لكنه تحالف مع الائتلاف؟
الأديب: في الأصل حوارنا مع الأخوة في الائتلاف الوطني لم ينقطع، و هناك احتمال أن يتم تحالف بين الكتلتين لاحقاً من أجل مواجهة التحديات السياسية المقبلة، خصوصاً مواجهة الأصطفافات المعادية للعراق، مع بقاء كل طرف محتفظاً باستقلاليته، على أن يضم كل طرف الكثير من القوى الوطنية. و لن أكتم " النور " سراً بأننا الآن على اتصال بالعديد من قادة التيار الصدري، و تستمر محادثاتنا معهم.
النور: هل تتوقعون أن يسفر اصطفاف التيار الصدري في الائتلاف عن حدوث انقسامات فيه بحكم المرجعية المشتركة بينكم و بين التيار الصدري؟
الأديب: لن أخوض في هذا، لكني أعتقد بأن الأصل في منهجنا هو العمل على توحيد الجهد السياسي للارتقاء بوضع وطننا و خدمة المواطنين، و لذلك سنحرص على منع هدر الأصوات لكلا الطرفين.
النور: الأخبار تقول إن كتلة القانون اشترطت منصب رئيس الوزراء للمالكي، في حالة الاتحاد بين الكتلتين ألن يؤثر هذا على من سيكون رئيس الوزراء، خصوصاً و إن د. عادل عبد المهدي مرشح لهذا المنصب، إلى جانب حلفاء آخرين في الائتلاف يتطلعون إلى رئاسة الحكومة؟
الأديب: في حالة الاتحاد بين الكتلتين سيكون هناك اتفاقا في أن يكون الطرف الذي يحرز أصواتاً أكثر هو الذي يقدم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، و هذا أحد الافتراضات بشأن القضايا التي تحتاج إلى أتفاق.
النور: الكرد حدثت تطورات في صفوفهم، إذ خرجت كتل برلمانية جديدة تحتل قرابة ربع برلمان كردستان على الأقل، هل لكم اتصالات بهم، خصوصاً و أن كتلة التغيير تعلن أنها ستخوض الانتخابات الوطنية مستقلة؟
الأديب: جرت اتصالات لكن لم يجر الخوض في تفاصيل عقد تحالفات لحد الآن. و ما يهمنا في الأصل هو تيسير عمل الدولة و الحكومة من خلال إقرار مشاريع القوانين من قبل مجلس النواب، الذي هو الآن متعثر، و لإنجاز هذه المهام نحتاج إلى أغلبية حقيقية متماسكة، من خلال العمل بصيغ العمل النيابي في الديمقراطيات العريقة. أما الصيغة الحالية حيث الكل مشارك في الحكومة و هو معارض في الوقت نفسه، ينبغي أن ينهيه الناخبون في التصويت للمجلس المقبل.
النور: ماذا عن " مدنيون " التي تضم الشيوعيين و الحركة العربية الاشتراكية و بعض الأطراف اليسارية و الليبرالية الأخرى؟
الأديب: قدمت طلباً للتعاون، و نحن ندرس الموضوع، و فيها عناصر جديرة بالاستيعاب ضمن دولة القانون.
النور: معروف أن السيد عبد الآله النصراوي رجل نزيه و له تاريخ نضالي، و هو في الوقت نفسه نافذة عربية لها ثقلها، و الحزب الشيوعي له مواقفه في مساندة رئيس الوزراء، إضافة إلى الثقل الفني الذي يتمتع به وزراؤه؟
الأديب: فعلاً هذه النظرة موجودة لدينا في حزب الدعوة و في كتلة دولة القانون.
النور: بماذا تفسرون تباين مواقف التحالف الكردستاني من خلال تباين موقفي الرئيس جلال طالباني و وزير الخارجية هوشيار زيباري، مع أن نهج الرئيس طالباني كان الأقرب لضمان عمل الدولة و دعم حكومة السيد المالكي؟
الأديب ما جرى فعلاً أثار دهشتنا، و كان يفترض أن يكون مجلس الرئاسة أكثر تأنياً، خاصة في موضوع كيان سياسي صديق للعراق، و يفترض أن تكون العلاقة معه قوية، و لكن ليس عبر البيانات. و مع ذلك ألاحظ أن هناك تأثيرات خاصة وراء إصدار هذا البيان الرئاسي، قد تقف وراءه قوى داخلية تنافسية مع الحكومة، أو دول إقليمية مناصرة لسورية. و قد تكون هناك أطراف في الرئاسة وراء إصدار البيان.
النور: ألا تعتقدون أن من أسباب صدور البيان الرئاسي هو عدم التشاور مع مجلس الرئاسة، حيث قال د. عبد المهدي صراحة: " عقد رئيس الحكومة تعاوناً استراتيجيا مع سورية دون اطلاعنا، ثم شن هجوماً حاداً عليها لنعرف من نشرات الأخبار"؟
الأديب: أنا من حيث المبدأ مع صيغ التعاون و تبادل الرأي عبر المجلس التنفيذي، لكن هول ما حدث قد يكون السبب في التطورات السريعة. و ربما هناك أيضاً مقترح من وزارة الخارجية في هذا الاتجاه، حيث لاحظت قفزة من وزارة الخارجية في هذا المجال، فلم يسبق أن كان للدبلوماسية العراقية مثل هذا الموقف النشط و الحازم. و لا أعتقد أن رئيس الوزراء يمتنع عن التشاور، لكنه موضوع نفسي ذاتي، و لكن في الأصل ينبغي أن لا يغلب هذا على الوجهة السياسية في مهمة قيادة البلد بروية أكبر.
النور: هل تعتقدون أن ما جرى في اعتداءات 19 آب كان وراءه مخطط انقلابي لم تستكمل صفحاته؟
الأديب: أشك في أن يكون وراءها مخطط انقلابي، و كان المخطط لها إن تكون أبعد من ذلك، و أشار لها السيد هوشيار زيباري، بقوله " إن القادم أعظم "، و تصوري أن أعداء العراق ينظمون عمليات مشابهة حتى يوم الانتخابات، لإرباك إرادة الناخبين و من ثم عملية الانتخابات و الحيلولة دون أن تعكس نتائجها في تخويل المواطنين للقوى التي حققت منجزات حيوية. و هناك ضخ مال سياسي كبير بقصد الحيلولة دون أن تجرى الانتخابات أصلاً. و هناك محاولة من اجل تسريب عناصر إلى المجلس المقبل تكون معادية للعملية السياسية، لتخريبها من داخلها.
مع هذا أرجع إلى سؤالك، قد يكون حدوث فراغ سياسي في البلد بفعل الاعتداءات الدامية، في ظل تعطيل الانتخابات، و غياب مجلس النواب، ووجود حكومة تصريف أعمال، قد يلجاً إلى محاولة انقلابية. والناشطون في العمليات التي جرت هم من دعاة الانقلابية التي لم يعرفوا غير التفكير فيها. و بعض القوى السياسية لم تستلم السلطة في بعض البلدان العربية إلا عن طريق الانقلابات.
النور: ما جرى من اعتداءات قتلت مائة مواطن و جرحت أكثر من 600، و تمت في عدة مواقع إلى جانب الموقعين الرئيسين: الخارجية و المالية، هل تتسق الإجراءات التي اتخذت بين القوى الأمنية المسؤولة مع حجمها، و المواطن لديه أحساس بأن العقوبات التي اتخذت دون حجم الكارثة؟
الأديب: أتفق تماماً مع هذا الرأي، و كان يفترض أن تكون هناك عملية تنظيف في الأجهزة الأمنية و كل الأطراف المسؤولة عن الأمن في المنطقة، خصوصاً المسؤولين عن الطرق التي مرت بها الشاحنة. لكن من الذي يحقق هذا، قد تتجه أصابع الاتهام إلى بعض أعضاء اللجان التحقيقية في الموضوع، بل و حتى المعنيين بتطهير المؤسسات المعنية في الشرطة و الدفاع، و معروف أن الأجهزة الأمنية شكلت على عجل بدون التقيد بالمعايير المهنية، و على وزيري الداخلية و الدفاع مهمة كبيرة في إنجاز هذا التطهير. و هناك عناصر متعاونة معنا في هذا التوجه، و بدون هذا التعاون لا يمكن لنا أن نحقق أي شيء.
النور: تصرف وزيرا الداخلية و الدفاع نقابياً، كل منهما دافع عن مؤسسته؟
الأديب: هذا صحيح و قد لحظه المواطنون أيضاً.
النور: غادر د. طارق الهاشمي الحزب الإسلامي بعد انتخاب مؤتمره نائباً عاماً غيره، هل هناك أية صيغ للتعاون معه في الانتخابات المقبلة؟
الأديب: من خلال كل ممارسات د. الهاشمي، لا أرى مجالاً أو نية لديه للتعاون مع دولة القانون.
النور: ماذا عن فرص التعاون مع الحزب الإسلامي بأمينه العام الجديد السيد أسامة التكريتي؟
الأديب: لدينا لقاءات معهم، لكنني لا أعتقد إمكانية النزول في قائمة واحدة، و ليس في وسعي حالياً الحديث عن فرص التعاون اللاحقة، خصوصاً وأن لكل من الكتلتين مناطقه المتباينة.
النور: كيف تقرؤون توجه د. إياد علاوي للتحالف مع الائتلاف الوطني؟
الأديب: يحرص الائتلاف الوطني على أن يحصد الحجم الأكبر من الآراء في المناطق التي له فيها وجود، و لوجود علاوي في المناطق نفسها أكثر من بقية المناطق، لذلك يراد وجوده ضمن الائتلاف كي لا تخرج الأصوات خارج هذه الدائرة، و يرى الائتلاف أن وجود علاوي ضمنه أفضل من بقائه خارجه، كونه سيكون قابلاً للانضباط أكثر.
النور: ألم تحاولوا من جانبكم التحرك عليه؟
الأديب: تصريحاته لا تدل على رغبته في التحرك باتجاهنا، و للأفعال ردود أفعال أيضاً.
النور: الائتلاف تحرك نحو علاوي من خلال البت في صيغة من سيتولى رئاسة الحكومة المقبلة؟
الأديب: بغض النظر عما يطرح فأن الائتلاف لن يمنح رئاسة الحكومة لعلاوي، و معروف من سيكون رئيساً للوزراء في حالة فوز الائتلاف بأغلبية نيابية. لكن القضية الأساسية هي أن أصوات الناخبين تعطى على أساس ما تستقرئه من منجزات و نهج عملي و ليس البرامج الانتخابية والوعود.
النور: الملاحظ أن السيد جواد البولاني وزير الداخلية أمين عام الحزب الدستوري أخذ يطرح نفسه بحجم يفوق دوره الحالي، و يحظى بدعم من د. طارق الهاشمي؟
الأديب: هذا موجود منذ فترة غير قصيرة، و هناك جهات مغرضة تسعى إلى أعطاء حجم للبعض يفوق الحقيقة، و الشخصيات الأمنية و العسكرية هي مطمع دائم لمن يريد التأثير في الوضع العراقي، و هو نوع من محاولة الانقلاب و لكن بشكل جديد.
النور: كيف تنظرون إلى تجمع المستقبل الذي يقوده السيد رافع العيساوي؟
الأديب: واجهة جديدة للحزب الإسلامي.
النور: لكن التجمع لديه تحفظات على الحزب الإسلامي؟
الأديب: لن ترقى إلى منهج الحزب الإسلامي.
النور: هل هناك مجال للتعاون بين تجمع المستقبل و دولة القانون؟
الأديب: بحسب معرفتي بالأشخاص القياديين فيه لا أعتقد بوجود فرص للتعاون الثنائي.

النور: أنتم في حزب الدعوة شكلتم مؤسسة لتطوير الكفاءات و الخبرات، لكن في المقابل تواصل منظمة شهيد المحراب تقديم الرعاية و العون لشرائح كثيرة من الناس، و تنفق مبالغ كبيرة جداً، هل تفكرون بإقامة منظمات مماثلة؟
الأديب: بالنسبة لمصادر الأنفاق على مؤسسة شهيد المحراب، فهو أمر على إدارته الإجابة عنه، لكن بالنسبة لنا في حزب الدعوة و كتلة دولة القانون، فأنهما يعملان من خلال مشاريع تطرح على الحكومة، و قد تم إنشاء مشاريع قانونية تخضع لضوابط شفافة، ترعى بأموال الدولة شرائح متضررة، فهناك مؤسسة الشهيد، و السجناء، و مؤخراً أقيم قسم في وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية لرعاية الأرامل و المطلقات.
النور: تتزايد الأقاويل بشأن الفساد في قسم رعاية الأرامل و المطلقات في العمل؟
الأديب: الفساد موجود في كل مؤسسات الدولة، و يفترض أن تكون هناك خطة عملية لمكافحة الفساد في مفاصل الدولة. و معروف أن وزاراتنا ما زالت هشة و تحتاج إلى الكثير من التقويم.
النور: هل هناك أي شيء أخر تود طرحه؟
الأديب: ما يهمني ذكره عبر " النور " و " الملف برس " هو أن هذا البلد أصبح متخلفاً في مجالات اللحاق بالتقدم العلمي و التقني و في المجال الاقتصادي، نتيجة عدة عوامل، منها الحصار المفروض على النظام السابقة و المديونية الضخمة التي تركها، إضافة إلى تدمير البنى التحتية، و ما زال الاقتصاد العراقي ينزف، و هناك حاجة ملحة إلى بناء الوضع العراقي كله، بأبعاده الفكرية و العلمية و الهوية الشخصية العراقية، إلى جانب الوضع الاقتصادي الذي يحتاج إلى خطة مدروسة لإعادة بنائه، و لم أر لحد الآن في أفق العملية السياسية قدرة على إنجاز البناء، من قبل أجهزة وزاراتنا القائمة، لأنه لحد الآن معالم السياسة الاقتصادية غير واضحة، بعد سقوط النظام السابق لرأسمالية الدولة، فهذا موضوع بالغ الأهمية لأن تنظيم حركة الاقتصاد هو الذي يقضي على الإرهاب من خلال العمل على زيادة حصة المواطن من الدخل الوطني، و توفير فرص عمل للمواطنين، أما في حالة تصور القضاء على الإرهاب و من ثم تشغيل الاقتصاد فهو نهج فيه وجهة نظر لنا. كما أن مستوى التعليم في العراق تدنى، و تسود قيم العنف و عدم احترام الأخر، التي هي ربما من مخلفات النظام السابق، لكن لم نجد سياسة تربوية جديدة، لا على مستوى المدارس أو الجامعات، يمكن أن تغطي هذا الخلل الخطير.
و هذان البندان: تحريك عجلة الاقتصاد المدروسة و إعادة بناء الشخصية العراقية الإيجابية هما العنوانان الرئيسان للمرحلة المقبلة.