الديمقراطيون يخطئون مرة اُخرى.
ربما اُتهم بفوبيا الحزب الديمقراطي ولكن تاريخه السيء مع العراقيين بشكل خاص والمنطقة بشكل عام لا يجعلني أتفاعل مع أي بادرة منه.
ومع هذا لم يحصل العراق على أي مبادرة منه حتى هذه اللحظة ولم يقدم أي مقترحا او مشروع قرار للامم المتحدة بإخراج العراق من البند السابع بالرغم من تعهد اوباما اخلاقيا للرئيس المالكي بذلك في زيارته الاولى قبل خوضه الانتخابات الرئاسية وأبلغه ان الرئيس القادم ملزم (اخلاقيا) بتعهد الحكومة السابقة (لم تستطع الحكومة العراقية ان تحصل على تصويت من الكونغرس الامريكي على اتفاقية الانسحاب الامريكي ).
وبالرغم من التاريخ السيء وكذلك نظرة وتصريحات وتعاملات أعضائه خلال الفترة التي كان فيها الحزب الجمهوري يدير البيت الابيض إلا أن العراقيين تعاملوا مع هذا الحزب على اساس ان الحملة الانتخابية التي كان العراق أحد مواضيعها الحساسة جعلت بعضهم يشمل القادة العراقيين بحملته الانتخابية السيئة التي وصلت الى مستوى القبح والاستهجان
ولكنه يُعيد الكرة في اساءاته ولكن بانقلاب أبيض هذه المرة عبر سرقة الأصوات الكترونيا وتحويلها الى اخرين.
اما سبب الاتهام فهو واضح لسيطرة الولايات المتحدة على كل مفاصل الاتصالات الالكترونية في العراق حتى هذه اللحظة بالرغم من أن الاتفاقية قد شملت تسليم هذه الامور الى الحكومة العراقية ،وعلى كل البرامج الالكترونية التي تتعامل فيها مفوضية الانتخابات .
والتساؤل هل يُخطئ بايدن ومن خلفه المؤسسات التابعة للحزب الديمقراطي في العراق؟
وقبل الاجابة أود التنويه أني لم أذكر الرئيس اوباما لا تعاطفا معه ولكن الرجل في حالة ضعف شديدة جدا ولايهمه الا أن يقدم سيرة حسن سلوك امام الشعب الامريكي وطاعة لمن دفعه لشغل المكتب الرئاسي في البيت الابيض وأوكل ملف العراق الى النائب بايدن.
وأقصد بالخطئ هو عدم تقدير ردود الافعال مما يؤثر سلبا على ايفاء الادارة الديمقراطية باهم وعد للشعب الامريكي في سباق الانتخابات وهو الانسحاب الكامل من العراق.
والخطئ الاخر هو تعزيز عدم الثقة بين الولايات المتحدة والشعب العراقي وهو امر لابد ان يجعل الادارة الامريكية في قلق على مستقبلها في العراق والشرق الاوسط ، ولازالت ذاكرة العراقين حافلة بصور كثيرة من المأسي التي سببتها الادارات الامريكية المتعاقبة عليهم وبالاخص ما اتبعه الحزب الديمقراطي من ستراتيجية الاحتواء المزدوج لصدام وايران مع ابقاء الحصار الجائر على الشعب العراقي وعدم تفعيل قانون تحرير العراق .
من المهم التذكير ان الادارة الديمقراطية لاتحسن التعامل مع الملفات الخارجية الساخنة وقد اخفقت في كثير منها في الشرق الاوسط ولعلنا لاننسى كيف افاق الشعب الامريكي على مشهد لم ينسه حتى هذه الساعة في الصومال .
ومازال الحزب الديمقراطي يميل الى التعامل مع خياراته التاريخية في المنطقة العربية وقد تحولت هذه الخيارات الى رجال مهمين في المؤسسة العربية الحاكمة وبدورهم تحولوا الى مفاتيح واصحاب راي لدى الادارات الديمقراطية المتتابعة .
ولذلك نجد من الصعوبة فتح مجالات لجسور الثقة بين الولايات المتحدة (الادارة الحالية) وبين ائتلاف دولة القانون وبقية الاحزاب التي تصنف على انها (شيعية) .
فمشكلة الشكوك لاتساور العراقيين فقط ولكنها تصيب الديمقراطين وجميع الساسة الامريكان ،ولذلك تراهم يفضلون من نشأ وترعرع سياسيا في دهاليز المخابرات الامريكية ودوائر الخارجية الامريكية.
لقد أخطئ بايدن هذه المرة كثيرا واخطأت الادارة الامريكية عندما أجبرت القوى الوطنية الى اتخاذ موقف الدفاع عن العراق الجديد واوجدت مبررا للاصطفاف الطائفي والقومي مرة اخرى.
وأخطأت ادارة بايدن عندما ساعدت او تغافلت عن السرقة الالكترونية لاصوات الناخبين وستبقي العراق عرضة للتدخلات الاقليمية لما ستفرزه النتائج من تقارب بين الكتل من حيث عدد المقاعد وتتباعد من حيث المشاريع .
ولقد أخطأ بايدن عندما حاول اجهاض المشروع الوطني وتقليص دوره بسبب رفضه لمفهوم المصالحة على الطراز الامريكي التي يساوي فيها بين الجلاد والمظلوم بين القاتل وذوي المقتول .
ولاأدري متى يتعلم الديمقراطيون الذي لايملكون منها سوى الاسم ان العراق بلد مختلف عن كل البلدان وان ما ينقل عنه لايمثل الا جزءا من نصف الحقيقة .
وهل تتراجع الادراة الديمقراطية عن خياراتها بعد اكتشاف بعض خيوط تورطها في الانتخابات ام انها
مستمرة في ذلك هذا ماسنرقبه عند اعلان النتائج وقبيل تشكيل الحكومة.
عبدالامير علي الهماشي