ألجارود بن ألمعلى ألعبدي ( زعيم عبد ألقيس ) عشائر عبوده أليوم وهم بنو شن وبنو نكرة وبنو جذيمة
================================================== =============
نسبه وقبيلته:
-----------------
هو بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى، والمعلى اسمه الحارث بن زيد بن حارثه بن معاوية بن ثعلبة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس "1".
وعبد القيس هو أبو القبيلة العربية المشهورة ذات التاريخ الحافل ، وهو عبد القيس بن أفصى بن دُعمِي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان "2". والنسبة لعبد القيس على الأشهر هي " عبدي " حتى لقد اختصوا بها دون كل القبائل والبطون التي يبدأ اسمها بعبد كعبدالدار وعبد اللات وعبد شمس.
لقبه:
===
اشتهر بلقبه الجارود اكثر من اسمه . وقد اختلف المؤرخون حول سبب تلقيبه بهذا اللقب . فذكر بن عبد البر الأندلسي في كتابه (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) : أن الجارود أغار في الجاهلية على بكر بن وائل فأصابهم وجردهم ، فسمي الجارود. ثم يدلل على ذلك بقول المفضل النكري العبدي:
------------------------------------
جردناهُـم بالسيـف مـن كـل جـانـب == ٍكما جرد الجارود بكر بن وائل "3"
وذهب أكثر المؤرخين كابن سعد"4" وابن دريد "5" إلى أن بلاد عبد القيس أسافت (أي اجتاحتها جائحة أو مرض أذهب أنعامها ) حتى بقيت للجارود شليةَّ (أي بقية) ، فبادر بها الى اخواله من بني شيبان ، اذ كانت امه منهم ، فأعدى إبلهم بإبله ،فهلكت كلها فقال الناس : جردهم بشر فسُمي الجارود ، ثم يورد بن سعد نفس البيت السابق دون نسبه.
وعلى أي حال فإن كلا القولين قد يصحُّ ، فعلى اعتبار أن السبب في ذلك هو الابل الجرباء ، فلأن بكر بن وائل هم أخوال الجارود ، ويستبعد أن يكون بسبب غزوهم . فنادرا ما يغزو الرجل أخواله. فأما اذا حصل وغزاهم فلعل ذلك قد يكون قد نشب عن عداوة خاصة ، اذ أن السيد المرتضى ( رحمه الله) يذكر : أن الذي قتل طرفة بن العبد البكري هو المعلى بن حنش بن العبدي زعيم البحرين في عصره "6" ، والمعلى بن حنش هو نفسه حنش بن المعلى جد الجارود ، كما مر معنا في قلب الاسم.
وبالتالي فان العداوة بين بكر وعبد القيس قد تكون ناشئة من قتل المعلى لطرفة ، وبقيت حتى أيام سيادة الجارود المعلّىالذي استطاع ان يهزم بكر بن وائل في احدى المعارك، فجَّردهم وسُميّ الجارود والله أعلم ، ويؤيد هذا القول رواية الكلبي "7" للبيت السابق بتشديد الراء "كما جرَّد الجارود بكر بن وائل" .. ومعلوم أن التجريد غير الجدر في المعنى ، وايضاً ما يثبت ذلك ما أشار اليه الواقدي في كتابه ( الردة) في الكلام عن ردة أهل البحرين ، اذا يقول : " وكان من سبب أهل البحرين وارتدادهم عن دين الاسلام ، أن نفرا من بكر بن وائل كانوا يعادون قبائل عبد القيس ، وعبد القيس يومئذٍ بالبحرين متمسكون بدين الإسلام ..."."8" و واضح أن هذه العداوة كانت لها جذور ممتدة إلى عصورالجاهلية.
أوصافه وأخلاقه :
===============
يقول بن سعد " وكان الجارود شريفا في الجاهلية" "9". وفي موضع آخر وصفه بأنه سيد عبد القيس"10".
ويقول بمن كثير : " كان الجارود بن المعلى بن حنش بن المعلى العبدي نصرانيا حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها ، عالما بسير الفرس وأقاويلها ، بصيراً بالفلسفة والطب ، ظاهر الدهاء والأدب كامل الجمال ، ذا ثروة ومال". "11"
هذا وقد أثنى كل من ترجم الجارود على أخلاقه ، ووصفوه بالسيادة على عبد القيس. وسيتضح لنا ذلك عندما نأتي إلى ذكر مواقفه بعد الإسلام ، وأثناء الرَّدة فلا نطيل هنا.
ديانته قبل الاسلام :
==============
لقد مرّ معنا قول بن كثير عن الجارود، وأنه كان نصرانياً ،وكذلك قال بن في طبقاته في ترجمة الجارود ، وابن إسحاق في السيرة النبوية.
والواقع أن سكان القطيف من عبد القيس قبل الاسلام ، كان أكثرهم على النصرانية ، ولهذا حجَّهم الجارود بعد ارتداد بكر بن وائل في القطيف ، بأن ذكر لهم أن أنبياء اله قبل الرسول محمد ( ص) قد ماتوا أيضاً ، وأن رسول الله مات مثلهم ، بل كان مما قاله لهم : ألستم تعلمون ما أنا عليه من النصرانية ؟ وإني لم آتكم قط إلا بخير" "12" ثم ذكر النبيين عيسى وموسى ( عليهما السلام) وموتهما ، وقارن بهما رسول الله ( ص) . وكل هذا يدل على أن الجارود وقومه كانوا على النصرانية.
إسلامه :
قال بن اسحاق : " قدم الجارود و اسمه المعلى ابن عمرو بن حنش العبدي على رسول الله (ص) فعرض عليه رسول الله (ص) الإسلام ، ورغَّبه فيه ، فقال : يامحمد : إني على دين ، وإني تارك ديني لدينك ، أفتضمن لي ديني ، فقال رسول الله (ص) : أنا ضامن لك ، أن قد هداك الله إلى دين خير منه". فأسلم وحسُن إسلامه ، وأسلم أصحابه الذين معه "13" وفي رواية بن كثير : "فسرَّ النبي (ص) بإسلامهم". "14" وقد ذكر كثير من الرواة سرور الرسول الأكرم (ص) بإسلام عبد القيس ورئيسهم الجارود وإطرائه لهم وثنائه عليهم.
القطيف موطن الجارود :
ذكر البكري ُّ أن عبد القيس بعد ان تغلبت على البحرين أقتسمتها بينها ، فنزلت جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف الخطَّ وأنحائها "15" ، والخطَّ هي القطيف ، وبنو جذيمة هؤلاء هم رهط الجارود الأدنون من عبد القيس ، وهم الذين سكنوا الخط منذ القدم.
كما جاء من اخبار الرّدة أن الحطم البكري شدّ الجارود وثاقاً وجعله في الزارة ، الزارة هي عاصمة القطيف القديمة ، وكانت تقع بالقرب من قرية العوامية ، وهذا دليل آخر على أن الجارود من سكان القطيف ، خصوصاً وأن الحطم أول ما خرج خرج في الخط كما يقول الطبري "16" ، بل أن الهمداني يقول عن القطيف : " والقطيف موضع نخلٍ وقرية عظيمة الشأن ، وهي ساحل وساكنها جذيمة بن عبد القيس " "17" . وهذا أوضح بل أن البكري يقولها صريحة حيث قال : وإلى القطيف انحاز الجارود بعبد القيس ، حين ارتدت بنو بكر ، واشتد حصار بكر للقطيف وجواثا "18" . بل إن قرية الجارودية في القطيف منسوبة ألى الجارود هذا ، حيث كان محل سكناه ومنزله ، ولا زال بعض كبار السن من اهلها يسمونها ببلد الجار. ومن يرى بالفعل هذه القرية يعلم أنها من اجمل المواضع في واحة الالقطيف ، لسكن سيد أهلها وزعيمهم ، فهي مرتفعة بعض الشيء ومحاطة بالبساتين من كل جانب، وبها أعذب العيون وأحلاها ، كما كان يوجد بها جبل البرَّاق الشهير، والذي كان وسطه عين ماء قديمة ، وكان كالقلعة يسكن فيها أهالي الجارودية ويتحصَّنون به.
مواقف وبطولات :
==============
لقد كان الجارود ذا شخصية فذةً وقيادية ، وكان سيد عبد القيس في القطيف. بل ا نبعد لو قلنا أن كان سيد عبد القيس في القطيف و الأحساء "19" .
وستدل بعض مواقفه التي سنذكرها على ما ذهبنا إليه ، ولقد كان للجارود في الجاهلية سمعةً وشهرة ً كبيرة إلى الحد الذي جعل لبيد بن ربيعة الشاعر المشهور ينسب قبيلته أو عشيرته إليه فيقول : ذاكرا بعض بني لكيز بن أفصى بن عبد القيس ، وقد كانوا شهودا على مناظرة ٍ انتصر فيها لبيد على خصم ٍ له عند النعمان بن المنذر :
حيث أن بن المعلّ هو الجارود بن المعلى ، وإنما اضطر لبيد من أجل الوزن والقافية إلى حذف الألف المقصورة ، وأما مرجوم فهو بن عم الجارود من بني عصر من جذيمة ، وهو مرجوم بن عمرو بن قيس بن شهاب بن زياد بن عبدالله بمن زياد بن عصر بن عوف بن عمرو بن عوف بن جذيمة "21". من أجل ذلك ، فلا غرابة أ، يكون الجارد سيد قومه ، ذا تأثير عليهم في إسلامهم ، وذا تأثير عليهم في منعهم عن الارتداد عن الإسلام ، عندما ارتدت معظم قبائل العرب حولهم ، واجتمعوا على قتالهم ، وحاصروهم في الزارة وجواثا ً "22" . إلا أن حنكة الجارود ، وخبرته وقياديته منعت عبد القيس من الارتداد وجعلتهم يقفون بكل قوة وصلابة في وجه المرتدين ، حتى وطّدوا دعائم الإسلام في القطيف والأحساء وجزيرة أوال والمعروفة جميعها با سم البحرين في وقتنا الحاضر.
1- استشهاد البطل :
============
لقد شاء الله للجارود أن يموت موت الأبطال ، فمات شهيد عقيدته و إسلامه ومبادئه الخيرة. ففي سنة عشرين ببهجرة ، وقيل سبعة عشر ، وقيل سنة واحدة وعشرين قاد الجارود جيشاً للمسلمين ضد أعداء الإسلام حتى إذا كان في موضع يسمى بعقبة الطين ، وقع الجارود شهيداً فيها ، بعد عُمرٍ ثريًّ بالبطولات والأمجاد والروائع. ولعظمة الشهيد فقد سمي موضع استشهاده بعقبة الجارود "29" تخليداً لهذا البطل العالم المجاهد.
وكما سميت هذه بعقبة الجارود ، فقد سميت أو نسبت القرية التي كان يسكنها باسمه أيضا ، فصار يُقال لها بلد الجارود ، ثم اختصر الإسم فصارت تعرف باسم الجارودية ، وهي لا تزال عامرة إلى الآن.
أولاده :
==========
خلف الجارود أولاداً سادة أشرافاً أحراراً ، وهم "30" :
1- المنذر
2- حبيب
3- غياث
4- عبدالله
5- سلم
6- مسلم
7- الحكم.
كان المنذر بن الجارود عاملاً لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) على فارس ، وكان سيداً جواداً ، وعبد الله قتله الحجاج بن يوسف يوم رستق أباذ ، وكان فارساً شجاعاً ، وقتاله للحجاج مشهور في التاريخ. "31"
-----------------------------------------
مصادر ترجمته :
==============
طبقات بن سعد : 561:5 .
الكامل في التاريخ لابن الأثير 265:2 .
الكلبي ، جمهرة النسب 326 :2 .
وانظر الأعلام للزركلي 55 :2 .
وابن عبد القادر ، تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد ص 64.
الهوامش :
(1) الكلبي : جمهرة النسب 326 : 2 ز تحقيق محمود فردوس العظم . ابن سعد : الطبقات الكبرى 559 : 5 طبعة دار صادر.
(2) الكلبي : المصر السابق 192 : 2.
(3) آل عبد القادر : تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد ، ط 2 .
(4) الطبقات الكبرى : 595 :2.
(5) الإشتقاق ، ص 327.
(6) المرتضى : الأمالي ، 185 : 1 .
(7) الكلبي : مصدر سابق 559 : 5.
(8) الواقدي : كتاب الرِّدة : ص 147.
(9) ابن سعد ، مصدر سابق : 559 : 5 .
(10) المصدر السابق ، 560 : 5 .
(11) الملا عبد الرحمن عثمان : تاريخ هجر ، 2/483.
(12) أل عبد القادر ، مصدر سابق 483:2 .
(13) المصدر السابق
(14) الملا عبد الرحمن ، مصدر سابق 483 : 2.
(15) البكري :: معجم ما استعجم 81: 1.
(16) الجاسر : معجم المنطقة الشرقية ( رسم القطيف ).
(17) المصدر االسابق.
(18) البكري : المصدر السابق ، رسم القطيف.
(19) تنقسم قبيلة عبد القيس إلى عدة بطون .شهيرة في التاريخ ، منهم بنو شن ونكرة وجذيمة ، وهؤلاء كانوا في القطيف ، وإلى بني جذيمة ينتسب الجارود . وبنو عامر بن الحارث والعُمور وهم بنو محارب وبنو عجل وبنو الديل ، وهؤلاء سكنوا هجر والأحساء ومنهم من بقطر وعمان .. راجع البكري : معجم ما استعجم 81: 1 ، وما بعدها.
(20) الجاحظ : البرصان والعميان ، ص 78.
(21) الكلبي : مصدر سابق ، 329 : 2.
(22) سبق وأن أشير إلى أن الزّارة كانت عاصمة القطيف ، وأنها بالقرب من العوّامية، أما جواثا فهي في الأحساء ، تقع على بعد خمسة أكيال تقريبا من جبل القارة شماله.. راجع الجاسر ،معجم المنطقة الشرقة ، نفس الرسمين.
(23) هذ كناية عن شربه الخمر ؛لأن قدامة يُعد في الصَّحابة فتورَّع بن سعد عن وصمه بشرب الخمر.
(24) الطبقات ، 560 : 5 وما بعدها.
(25) آل عبد القادر ، مصدر سابق ص 59.
(26) آل عبد القادر ، مصدر سابق ص 65.
(27) الواقدي ، مصدر سابق ، ص 152.
(28) الجاسر ، مصدر سابق ، رسم الزارة.
(29) خليفة بن خياط ، تاريخ خليفة بن خيَّاط ص 149. وابن سعد ، مصدر سابق 561: 5.
(30) ابن سعد ، مصدر سابق : 561 : 2.
(31) الكلبي ، مصدر سابق :362 : 2.
==============================
==============================