الجنود البريطانيون يحرجون قيادتهم: لا شـك أننـا دخلنـا ميـاههم الإقليميـة


الجندية في البحرية البريطانية فاي تورني كما بدت في شريط بثه أمس تلفزيون «العالم» الإيراني للبحارة البريطانيين الـ15 المحتجزين في إيران (أ ف ب)



تصاعدت حدة التوتر بين إيران وبريطانيا مع إعلان وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت، أمس، تجميد كافة العلاقات مع طهران، بعد تأكيد وزارة الدفاع البريطانية أنّ احتجاز بحارتها الـ15 تمّ داخل المياه الإقليمية العراقية، فيما فاجأت طهران لندن بإبرازها رسالة بعثت بها جندية بريطانية من البحارة المحتجزين، الى عائلتها، تؤكد فيها دخولهم المياه الإيرانية.
وأوضح نائب قائد قوات الدفاع البريطانية الأميرال تشارلز ستايل أن حادث احتجاز البحارة وقع على بعد 1.7 ميل بحري (حوالى ثلاثة كيلومترات) داخل المياه العراقية، موضحاً أنّ أحد الزورقين البريطانيين اللذين استخدمهما البحارة ومشاة البحرية كان مزوداً بنظام تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية متصل بالسفينة التابعة للبحرية الملكية «إتش إم إس كورنوول».
ولفت ستايل إلى أنّ الحكومة الإيرانية حددت للسلطات البريطانية موقعين مختلفين لمكان وقوع الحادث، موضحاً أن «النقطة الأولى تقع داخل المياه الإقليمية العراقية، وأوضحنا لهم ذلك... فحددوا لنا عندئذ مجموعة ثانية من الإحداثيات التي تحدد موقع الحادث داخل المياه الإيرانية».
في المقابل، أصدرت السفارة الإيرانية في لندن بيانا قالت فيه إن
البحارة البريطانيين انتهكوا المياه الإقليمية الإيرانية ودخلوا فيها مسافة نصف كيلومتر، مشيرة إلى أنّ التحقيقات مستمرة في الوقت الحاضر وأن جميع البحارة البريطانيين بخير وفي صحة جيدة.
ونقلت وكالة «إرنا» عن مسؤول إيراني قوله إنّ التحقيقات التقنية التي أجريت أكدت وجود البحارة البريطانيين في المياه الإقليمية الإيرانية لدى اعتقالهم، مشيراً إلى أن «بعض الجنود البريطانيين أكدوا أنهم اعتقلوا في المياه الإيرانية وأعربوا عن أسفهم».
وبث تلفزيون «العالم» الإيراني صوراً للبحارة، إضافة إلى رسالة كتبتها الجندية فاي تورني (26 عاما) إلى عائلتها، قالت فيها «اعتقلنا يوم الجمعة في 23 آذار، لا شك أننا دخلنا مياههم الإقليمية»، مؤكدة أنّ الإيرانيين «كانوا ودودين ومضيافين وقد شرحوا لنا لماذا تم اعتقالنا».
وأوضحت تورني «كنا في القارب حينما اعتقلتنا القوات الإيرانية حيث يبدو اننا دخلنا المياه الإيرانية»، مضيفة «أتمنى لو لم نكن قد فعلنا ذلك.. لانني عندها سأكون معكم في المنزل الآن».
وتابعت «أنا آسفة لأننا فعلنا ذلك لانني أعرف أننا لم نكن لنصل إلى هنا لو لم نفعل»، مشيرة إلى أنّها كتبت رسالة إلى الشعب الإيراني «للاعتذار عن دخولنا مياههم الإقليمية».
وفي تعليق على هذه المشاهد أعربت بيكيت عن قلقها إزاء «أي مؤشر لضغوط» قد يكون تعـــرض لها البحارة البريطانيون، لافتة إلى أنّها «منزعجة جدا» لبث هذه الصـور، و«استخدام رسالة خاصة في ما من شأنه أن يضاعف آلام العائلات».
الى ذلك، قال وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في الرياض «الصورة الحقيقية هي ان البحارة البريطانيين اعتقلوا في المياه الاقليمية لإيران. يجب ان تقبل حكومة المملكة المتحدة ذلك» مضيفا «الخطوة الثانية هي استكمال التحقيق والانتهاء منه. واستنادا إلى هاتين النقطتين ومن خلال قبول هاتين النقطتين يمكن أن تكون هناك نقاط انطلاق لحل المشكلة».
واشار الى موافقة طهران على ان يلتقي مسؤولون بريطانيون البحارة.
وردا على سؤال حول موعد الافراج عن تورني، اجاب متكي «سننظر في الامر في أقرب وقت ممكن». وكان متكي قد قال، في وقت سابق امس، لوكالة «اسوشييتد برس» وشبكة «سي ان ان» التركية، إن بلاده ستفرج عن تورني «اليوم (امس) او غدا (اليوم)». غير انه برر تراجعه لاحقا بالقول «قد أكون تعرضت لخطأ في الاقتباس».
من جهته، أشار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بعد لقاء جمعه بمتكي على هامش القمة، إلى «احتمال قيام دبلوماسيين أتراك بمقابلة البحارة البريطانيين».
وفي السياق أعلنت بيكيت أنّ بريطانيا جمدت كل علاقاتها مع إيران، على خلفية احتجاز البحارة الـ,15 مشيرة إلى أنّها ستقوم بمراجعة دقيقة لجميع جوانب سياساتها حيال إيران خلال الأزمة الدائرة.
وقالت بيكيت، خلال جلسة للبرلمان، إن الجهود الدائرة لتأمين الإفراج عن الجنود البريطانيين دخلت مرحلة جديدة «ولا يوجد أدنى شك بأن هؤلاء الجنود كانوا يعملون بصورة مشروعة في المياه العراقية حين احتجزتهم إيران».
وأشارت بيكيت الى أن لندن تلقت ضمانات من السلطات الإيرانية بأن اعتقال عناصر البحرية البريطانية لا علاقة له بملفات أخرى، مضيفة أنّ طهران أكدت أن «جميع الجنود يلقون معاملة جيدة»، لكنها «لم ترد حتى الآن على أي من طلباتنا ولم تلب رغبتنا في معالجة هذه المشكلة بسرعة وهدوء».
وأوضح متحدث باسم الخارجية البريطانية أن تجميد العلاقات بين بريطانيا وإيران سيشمل كل الاتصالات بين الحكومتين باستثناء تلك المتعلقة بالإفراج عن البحارة، موضحاً أن «كل الزيارات في الاتجاهين بين إيران وبريطانيا ستتوقف، كما سيتم تعليق منح التأشيرات للمسؤولين الإيرانيين».
من جانبه، توعّد رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بزيادة الضغوط الدبلوماسية على طهران، مؤكداً أنّ طهران تواجه «عزلة تامة» في هذه الأزمة.
وقال بلير، أمام البرلمان البريطاني، إنه «حان الوقت لتكثيف الضغوط الدبلوماسية والدولية على إيران لإخلاء سبيل الجنود البريطانيين المحتجزين والذي يعد عملاً خاطئاً ومرفوضاً تماماً وغير شرعي بعدما أصدرت وزارة الدفاع خريطة إحداثيات تؤكد أن هؤلاء الجنود كانوا في المياه العراقية قبل احتجازهم»، مشدداً على أن «الجنود البريطانيين كانوا يقومون بدورية روتينية في المياه الــعراقية بموجب تفويض من الأمم المتحدة».
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو إنّ الولايات المتحدة لا تسعى لتصعيد التوتر مع إيران وإن كانت تؤيد بريطانيا في مساعيها لإطلاق البحارة، مشيرة إلى أنّ الرئيس الأميركي جورج بوش أجرى اتصالا ببلير حيث أبلغه «دعمه الكامل» في هذه القضية، في وقت أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في كلمة لها أمام البرلمان الأوروبي، أن الاتحاد الأوروبي أعرب عن دعمه التام لبريطانيا في ما يتعلق بهذه الأزمة.
من جهة ثانية، أعلن المتحدث باسم الأسطول الخامس الأميركي في البحرين كيفن أندال أنّ التوتر بين إيران والغرب أدى إلى الإسراع في المناورات العسكرية التي تجريها البحرية الأميركية في الخليج.
وأوضح أندال «في ضوء ما يحدث تم التعجيل بالتخطيط ولكنه لم يكن العامل الوحيد»، وتابع «إذا استخلصت إيران رسالة من ذلك فإن الأمر متروك لها»، مشيراً إلى أن «الرسالة إقليمية وتؤكد أن وجودنا هو من اجل توفير الأمن والاستقرار».
في المقابل نفى قائد المنطقة البحرية الأولى في الحرس الثوري الإيراني الأميرال تنكسيري قيام القوات الأميركية بأية مناورات في الخليج الفارسي خلال الأيام الماضية.
ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن تنكسيري أن «قواتنا البحرية في الخليج الفارسي وبحر عمان تراقب عن كثب الأوضاع وتراقب بشكل تام كافـــة تحركات القطــع الأجنبية»، مشيراً إلـــى أنّ «هذه المزاعم تندرج ضمن الحرب النفسية للقوات الأميركية».
(«مهر»، «إرنا»، أب، أ ف ب، رويترز، يو بي أي، د ب أ)