[align=justify]كلما اتصفح مقالات ينشرها أناس أهرقوا كل ما يملكون من ماء الوجه، أتذكر نكتة حكاها لي والدي:
احب أحد الأشخاص فتاة شحاذة وأراد الزواج منها، ولكن أبيها اشترط على ذلك الشخص أن يذهب ويشحذ لمدة عشر أيام حتى يستطيع الاقتران بها، في البداية مانع ذلك الشخص ولكن -وبسبب الحب المفرط- وافق، وجلس على إحدى الشوارع وبدأ يشحذ. كان في أول يوم مغطى -بسبب خجله - بعباءة كبيرة لا تظهر منه إلا عيناه، وفي اليوم الثاني ازاح العباءة قليلاً عن أنفه وفي الثالث أزاحها عن وجهها وفي الرابع أزاحها عن رأسه، حتى وصل إلى اليوم العاشر وهو لا يرتديها، وفي اليوم الحادي عشر ذهب وبدأ يشحذ من تلقاء نفسه!!

قد تنطبق هذه النكتة على أشخاص مثل عبد الباري عطوان، مصطفى بكري، ومحمد المسفر وكل من أهرقوا ماء وجههم وشرفهم عند أناس مثل صدام حسين، ولا أبلغ من كلمة سيد البلغاء بعد رسول الله، علي (ع): "ماء وجهك جامد فانظر عند من تقطره".

اترككم من التحليل المنطقي المئة بالمئة:
تحولت جلسات محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين ورفاقه الي لعنة جديدة تضاف الي اللعنات الاخري الكثيرة التي حلت بالامريكيين وحلفائهم منذ غزو العراق واحتلاله.
فاذا كان الهدف من هذه المحاكمة هو اظهار ثمار التغيير الديمقراطي في العراق، وتقديم الاحتلال كقوة حضارية تؤمن بالقضاء العادل، فان الوقائع التي شاهدها العراقيون ومن خلفهم العرب المجتزأة والمراقبة عبر شاشات التلفزة قد اثبتت العكس تماماً.
جلستا اليومين الماضيين من المحاكمة كانتا مثالاً علي الفوضي وانعدام النظام، وغياب الاجراءات القانونية السليمة، فالدفاع غاب عن المحكمة احتجاجاً، والمتهمون ارغموا علي المثول امامها بالقوة، وبعضهم كان يقف في قفص الاتهام بملابس النوم.
القاضي الجديد رؤوف عبد الرحمن الذي حل محل رزكار امين، اراد ان يظهر حزماً في اول يوم يباشر عمله الجديد، فتصرف كقاض في احدي دول العالم الثالث المحكومة من قبل العسكر، عندما بادر بطرد المتهمين، وفريق المحامين المدافع عنهم، لانه لا يريد تسييس المحاكمة واعطاء الرئيس العراقي فرصة لاستغلالها لفضح الاحتلال واعوانه.
نتائج هذا الحزم المفتعل لم تأت كما اشتهي القاضي عبد الرحمن، بل صبت في مصلحة المتهمين، والرئيس صدام علي وجه التحديد، وشقيقه برزان التكريتي الذي استشرس في التهجم علي هيئة القضاء والادعاء العام.
ومن المفارقة ان الشهود الذين مثلوا امام المحكمة امس تراجعوا عن اقوالهم، وامتنعوا عن تقديم اي ادلة تدين المتهمين، وفضلوا التنصل من كل شيء، والقول انهم لم يكونوا مسؤولين، ولم يعرفوا بما حدث في الدجيل. ومن المفارقة ان فاضل العزاوي مساعد رئيس جهاز المخابرات فاجأ القاضي بقوله انه وقع علي محضر اللقاء مع المحققين دون ان يقرأ تفاصيل اقواله المسجلة لانه لم يحمل معه نظارته في ذلك الوقت.
الرئيس صدام كسب الجولة مرة اخري عندما دخل الي قاعة المحكمة وهو يهتف باعلي صوته الله اكبر.. عاش شعبنا العظيم.. وامتنا المجيدة.. عاش المجاهدون بينما هتف شقيقه برزان الذي تصرف كالنمر طوال الجلسات السابقة يحيا العراق.. عاش العراق.. عاش البعث العظيم.. فداك امي وابي يا حزب البعث .
هذه الهتافات ربما تثير استغراب الامريكان، لانهم غير معتادين علي امثالها، ولكنها قطعاً ستنزل نزول الصاعقة علي حكام العراق الجدد، وبرداً وسلاماً علي قلوب ملايين العراقيين الذين يحنون الي عراق ما قبل الاحتلال، حيث الامن والامان والعزة العربية والاسلامية.
وما يمكن اضافته ايضا بخصوص هذه الهتافات هو انها لم تؤكد فقط قدرة الرئيس العراقي ورفاقة علي التحدي والظهور بمظهر المتماسك والمحافظ علي الكبرياء الوطنية، وانما ايضا في كونها مؤشرا قويا علي فشل القاضي الجديد في منع المتهمين من استغلال المحكمة كمنبر لمخاطبة المواطنين العراقيين والعرب، واذكاء المشاعر الوطنية والاسلامية في نفوسهم.
الرئيس صدام حسين بتحيته لـ المجاهدين اراد ان يعزز الانطباع الذي غرسه منذ الجلسة الاولي من المحاكمات، الا وهو تحوله بشكل كلي الي الاسلام، والتخلي عن الصورة العلمانية التي التصقت به وبنظام حكمه، اي اسلمة البعث وترسيخ ارتكازه علي المباديء والقيم الاسلامية وليس العلمانية الاشتراكية. وهو تحول جدي صادق بكل المقاييس. "على رختر يعني!!"
المحكمة كانت مهزلة، وتفتقر الي ابسط اسس العدالة، ومع ذلك تحولت الي معركة سياسية بين محتل وبين من يقاومون الاحتلال، والنتائج حتي الان تؤكد فوز المعسكر الثاني ولكن بالنقاط.


http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...ة%20الاخيرةfff

وهذه هدية إلى عبد الباري عطوان:
"بعضهم" الذي تم سحبه بملابس النوم يصرح:
[/align]