لندن:«الشرق الاوسط»
لم يتخيل الرئيس العراقي المخلوع يوما ان يقاد مكبلا الى واحد من اجمل المنتجعات التي كان يستريح فيها وعائلته واصدقاؤه حيث تحولت احدى صالات قصره في المنتجع الى قاعة للمحكمة التي مثل فيها صدام حسين أول من أمس. يقع منتجع الرضوانية، الذي يستمد اسمه من منطقة الرضوانية، في جنوب غرب بغداد قريبا من مطار بغداد الدولي .
بدأ المنتجع كقصر واسع لسكن صدام حسين وعائلته عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية قبل ان يضم اليه الاراضي الشاسعة المحيطة به واغلقت المنطقة تماما ومن جميع جهاتها بعد ان انشأ فيها بحيرات صناعية وشقت اليها السواقي.
ليس بعيدا عن منطقة قصور الرضوانية تم أنشاء معتقل الرضوانية، او ما يسمى بمعسكر ضبط الرضوانية التابع مباشرة للحرس الخاص وقوات الحرس الجمهوري باقتراح واشراف مباشر من قبل حسين كامل عندما كان مسؤولا عن الحرس الخاص.
وينظر الى هذا المعتقل المسجل في وثائق منظمات حقوق الانسان الدولية باعتباره المعسكر الاكثر قسوة في العراق.
كان معتقل الرضوانية مخصصا لمعاقبة عناصر الحرس الخاص وطواقم الحماية الرئاسية ومن ثم للعاملين في هيئة التصنيع العسكري قبل ان يفتح كمعتقل للعناصر المعارضة والمتمردة عندما آلت ادارته لقصي صدام بعد تسلمه المسؤوليات الأمنية ومنها اشرافه على الحرس الخاص وقوات الحرس الجمهوري. ومن حالفه الحظ وخرج حيا من هذا المعسكر الرهيب لن ينسى الوسائل المبتكرة في تعذيب المعتقلين من غير ان يغيب عن ذاكرته اسمان مشهوران للمشرفين على التعذيب وهما «اسكندر» و«غالب» الملقب بـ«غلوبي».
في هذا المعتقل تم احتجاز الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين واركان نظامه. وعندما كانت سلطات التحالف تتحدث عن السجن في محيط المطار، فكانت تعني معتقل الرضوانية الذي سيطرت عليه وعلى منتجع الرضوانية واسمته معسكر النصر.
في منتجع الرضوانية كان الرئيس العراقي السابق يستضيف يوما أصدقاءه للقيام برحلات صيد وقنص ودعوات عشاء وحفلات شواء. وكان صدام يصطاد في بحيرة المنتجع الاسماك ليتم شواؤها على طريقة «المسقوف» البغدادية. ويتذكر عدد من الرؤساء والملوك العرب الذين استقبلهم صدام حسين هذا المنتجع جيدا لجماله ولاحتوائه على عدد من الحيوانات المستوردة من افريقيا.
وخلال الاحتفالات بعيد ميلاد صدام حسين في 28 أبريل (نيسان) عام 1996 كان (الرئيس) قد دعا اليميني الروسي فلاديمير جيرونوفسكي، الذي عرف بعمق صداقته مع الرئيس العراقي المخلوع، الى منتجع الرضوانية الذي خرج فيما بعد بتصريح صحافي قال فيه «أخذني صديقي الرئيس الى منتجع جميل حيث احتسينا الجعة معا واكلنا السمك المشوي الذي صاده صدام بنفسه احتفالا بعيد ميلاده» اختيار واحدة من صالات احد قصور صدام في هذا المنتجع لم يأت اعتباطا، وليس بالضرورة لاسباب أمنية حتى مثلما قال المسؤولون عن المحكمة الخاصة، لقد اريد، ربما، تذكير الرئيس المخلوع بامجاده وقصوره التي يمثل اليوم في احداها كسجين بعد ان كان سيد هذه القصور، تماما مثلما فعلوا عندما اقتادوه الى واحد من افخم قصوره في تكريت بعد القاء القبض عليه في حفرة (عش العنكبوت) في بلدة الدور. تحول المجمع الان الى ما يطلق عليه اسم «معسكر النصر»، وهو قاعدة أميركية مترامية الاطراف أقام فيها كبار جنرالات الجيش الأميركي مقار قيادتهم. وعلى مقربة منه يوجد «معسكر الحصاد» وهو معتقل الرضوانية ذاته.