الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد
( وجهان لعملة واحدة )
(انا ربكم الاعلى ) هكذا جعل فرعون نفسه ونصبها الهاً دون الله تعالى فاطاعه قومه ولعل ادعائه الربوبية العليا تميزا عن الارباب الاخرى (الوكلاء) وحتى لا تختلط المناصب والوجهات على قومه المغفلين الجاهلين الذين سلبت الجاهلية والشرك وارتكاب الاثام عقولهم على درجة لم يكونوا قادرين على التمييز بين دعوة الحق الساطعة ودعوة الباطل الساطعة ايضا ولان كان فرعون طاغية وكافر ومنحرف اغرقه الله تعالى ليجعل منه عبرة واية الا ان قومه الذين اطاعوه وباعوا اخرتهم ودنياهم بدين غيرهم يعتبرون اجهل واحقر وادنى مستوى من فرعون نفسه لانهم خافوا الله تعالى وخدعوا انفسهم وكانهم لا عقول لهم ولا اذن ولا عيون ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) هذه الحالة الفرعونية لم تنحصر في شخص فرعون كما هو واضح بقدر ما تفاعلت بينها طبقات المجتمع لتحدد لنا مجتمع الجهل والتخلف والاشراك ومع كل ذلك لم تتركهم الرحمة الالهية وتقربت اليهم وخاطبت عقولهم ( فهاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ) فمع جلال وعظمة الله سبحانه وكبريائه وسلطته وقداسته وهو الحق وكل شئ سواه باطل وهو هو وليس هو الا هو مع كل ذلك اراد تعالى ان يقدح في القلوب والعقول ان الاتباع في أي امر يتعلق بدين الانسان واخرته وحتى في الامور الدنيوية ولابد ان يكون للدليل العلمي والشرعي والاخلاقي سبيلا وطريقا اليه – ومما يؤسف ان هذه الحالة الفرعونية ليست حدثا يذكر في التاريخ وانحصر في زمن معين بقدر ما هو حالة وواقعا تشهده كل العصور والمراحل البشرية متلبسا فيه اللباس الذي يلائم واقعها في ظروف سياسية ودينية واجتماعية وربما بيئية واقتصادية . وقوم فرعون ايضا لم يكونوا افراد اكلت الديدان عظامهم لانهم اخلاق وسلوك وهو الاخر ما زال له الكم الهائل من الاتباع والمتخلقين به لاننا لم نجد الى اليوم من يطالب (الارباب العليا ) بدليل وببرهان وحجة شرعية لبراء ذمتهم على اقل اعتبار الا ثلة قليلة من الاخيار والانصار ،وصحيح ان مصاديق الفراعنة قد تعددت الان لكن هذا لا يعني بكل حال من الاحوال ايقاف نواميس الله وشرائعه وعلى الجميع ان يخاطبوا اربابهم ويقولوا لهم (هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ) باسلوب كتاب الهدى والطريق الواضح وليس على طريقة التظليل والخداع .