الهوس الديني يحل محل الالتزام الإسلامي الرصين في العراق

ما يجري في العراق اليوم ليس بالقطع فورة دينية... بل هو هوس ديني تغذيه دوائر سياسية وطائفية معروفة تسعى من ورائها خلط الأوراق استعدادا لضرب طائفة الشيعة في الصميم..

فما إن زال كابوس البعث من على صدور العراقيين انطلق المارد الشيعي من قمقمه فرأى الجميع كيف أن الأمواج الهادرة زحفت على الشوارع سلما لتُري وتُسمع الآخرين أن المارد الشيعي فلت من عقاله وانطلق من قارورته.. ما هي إلا شهور من بعد تحطم قلاع السجن البعثي الصدامي الرهيب في العراق وتحرر الإنسان العراقي حتى انطلقت أمواج هادرة من الأفكار والعقائد المختلفة ..المتناقضة منها والمتقاطعة.. المتعاكسة والمتباينة.. وفي اتجاهات مختلفة صبت اغلبها في الإطار الديني المتطرف.. فشهدنا أفكار دينية تتطاير في الساحة المضطربة من نفسية عراقية مضطربة هي الأخرى وأبرز هذه الأفكار والدعوات هي ما يتصل منها بالمهدوية أي الحديث عن ظهور الإمام الحجة (عج) فرأينا كيف تم الحديث عن راية الإمام المهدي وتأسيس جيش باسم الإمام المهدي الأمر الذي لم يصدر من الإمام الخميني نفسه وهو رائد الحركة الإسلامية المعاصرة بل أنشأ جيشا سماه (حرس الثورة الإسلامية) ومن بعده أمر بإنشاء جيشا آخر هو (الباسيج) أي قوات التعبئة.. وحتى حزب الله اللبناني لم يتطرق إلى الأسماء المهدوية عندما قرر إنشاء جيشا قتاليا بل اختار اسمي (المقاومة الإسلامية) و(حزب الله ) على أننا ينبغي أن نذكر هنا وللأمانة أن السيد مقتدى الصدر مؤسس جيش المهدي لم يدعي قط أنه التقى الإمام الحجة وأخذ أمرا منه بتأسيس هكذا جيش بل قال أنه جيش سيكون في جانب المهدي عليه السلام..

ولكن سرعان ما لبث أن ادعى آخرون دعوات مهدوية فجة.. فهذا في الحلة يدعي إنه على علم النبيين والآخر هو الإمام الثالث عشر ومعتوه ثالث يدعي أنه زوّج أخته للإمام الحجة وهو يشرب الشاي معه كل عصرية في كوخه بالكوفة ولو لا تهديدات السيد مقتدى الصدر له بالكف عن هذه الخزعبلات لكنا قد رأينا العجب العجاب من هذا المدعي .. وآخر يقول أن الإمام الحجة يأتيه في المنام كل ليلة ويأمره بالظهور على الناس ليحملهم على بيعة المهدي وأخذ الأخماس والأموال الشرعية منهم وآخر يهذي بالقول أنه أعلم الخلق أجمعين ويأخذ علمه من الإمام الحجة مباشرة دون واسطة.. وفي آخر تقليعة من دعاة المهدوية في العراق ذلك الدجال الذي ادعى أن الإمام المهدي يوحي إليه كل غروب وأنه سفير زمن الظهور ويدعي أن الوقت قد حان للظهور وأن الحجة سيظهر في التاريخ الفلاني والمكان الفلاني !!! وفي بيئة تصل فيه مستويات الثقافة الدينية والسياسية والاجتماعية العامة إلى أدني مستوياتها يظهر الدجالون لينشروا أفكارهم في وسط بعض القطاعات الاجتماعية والقبلية من الشيعة المصابة بالهوس الديني ليتحول هؤلاء الى وبال على التشيع بدلا من تحقيق ألتظافر وتحقيق الانتصار على أعدائهم بعد قرون من استعباد أبناء الطائفة من قبل الآخرين..

ومن أخطر الدعوات التي ادعاها هؤلاء الدجالون شاب مغمور سمى نفسه بالحسني الصرخي ووضع له شجرة نسب كان مصدرها دوائر المخابرات للطاغية صدام تشبه إلى حد بعيد تلك الشجرة التي وضعت لنسب صدام حسين المعروف بابن أبيه.. فهذا الدعي ليس فقط بدجال ومفتري بل هو رجل خطير على مستقبل وحدة الشيعة في العراق.. لقد بات واضحا أن البعثيين استأجروه وهو ينفذ اليوم أجندة بعثية خطيرة تهدف الى شق عصا الشيعة في العراق.. أموال طائلة يستلمها من هيئة علماء المفسدين ويتم توزيعها على الفقراء لكي يجندهم لصالح البعث وهم لا يشعرون.. الهدف من كل ذلك ضرب الشيعة بالشيعة أنفسهم فالصرخي خير من ينفذ هذه الإجندات.. السؤال إلى متى يظل هذا الوضع الشاذ في العراق.. هل هو مرتبط بمخططات الاحتلال الأمريكي البغيض المترصد للانقضاض على القواعد الشعبية الشيعية.. والى متى سيستمر هؤلاء الدجالين من العبث بعقول ومشاعر الناس الدينية واللعب على وتر المهدوية.. الوتر الحساس والعرق الدساس الذي بإمكانه أن يشعل حربا شيعية شيعية يذهب دم الفقراء من الناس هدرا من أجل تنفيذ مخططات إجرامية يسعى إليها القابعون في جامع أم المعارك في زمن البعث وبن تيمية في زمن الضاري..