13/10/2009
أيوب العزي



لا بد من الوقوف على الحقائق الدامغة والتاريخية التي عاشتها الحركات السياسية طيلة العقود الماضية وخصوصا الأحزاب الدينية أو التكتلات الدينية الموالية أو التابعة أو لنسميها ما شئنا ، المهم في الأصل هي الثوابت المبحوث عنها عبر التاريخ ولعل التحالف الذي نريد الحديث عنه هو الذي وقع بين المجلس الأعلى والتيار الصدري مع إن الصدريين لم يكن لهم حزب في سابق العهد وله ثوابته التي يعمل عليها كما هو الحال بالنسبة إلى المجلسيين وعندما أقول المجلسيين والصدريين فأقصد البعض الذين يتصدرون هذه الحركات والذين هم أنفسهم يتلاعبون بمصير هاتين الجهتين السياسيتين لأن الأمر يتعلق بمصير الموالين لهم من عامة الشعب العراقي أي القاعدة الشعبية والجماهيرية التي تعتبر امتدادهم الطبيعي في الشارع العراقي .

فالمجلس الأعلى كان لسنين طويلة يعمل وفق المبادئ التي انتهجها خلال مرحلة المعارضة والتي تعتبر قالبا واحدا يصب في سياسات الدولة الإيرانية فلم تكن قيادة المجلس الأعلى لتقدر أن تقوم بفعل سياسي خارج حدود الدائرة السياسية التي تراها إيران متناسقة معها ولذلك لم تسمح بأي دور للأحزاب العراقية الأخرى على الأرض الإيرانية كما سمحت للمجلس الأعلى لأنه فتح ملفه السياسي لهم ما كان يعتبر واحدة من المسلمات الإيرانية بأن المجلس الأعلى هو الجهة التي تمثل العراقيين وأن كلامها مسموع عند السلطة العليا للدولة الإيرانية بدءا من الولي الفقيه إلى أصغر موظف في مؤسسات الدولة الإيرانية ولذلك لا يمكن لأحد أن يتصرف آنذاك خارج حدود المعقول الذي كان المجلس الأعلى يراه ووفق منهجيته فلم تكن تستغرب عندما كنت تدخل إلى أي مؤسسة من مؤسسات المجلس الأعلى في إيران فترة الثمانينات إلا وأنك تشعر بدخولك إلى مؤسسة إيرانية بحتة ولا تجد فرقا سوى أنك تسمع اللغة العربية وأحيانا تسمع من الحديث كثيره باللغة الفارسية .

كانت مبادئ المجلس الأعلى تقوم على ثوابت أنها هي الممثل الشرعي الوحيد لكل العراقيين في الخارج مع إنها مغالطة كبيرة لا تعتمد الرؤية الصحيحة وفق الكثير من رؤى أبناء الجالية العراقية التي كانت تقيم في إيران وخارجها ،، فلم تكن الثوابت التي يعتمدها أصحاب القرار في المجلس الأعلى قادرة على التلاحم مع الأحزاب الشيعية العراقية فكيف يمكن لها القدرة والتصور على أن تتعامل بشكل ثابت مع من تختلف معهم في التوجه والحسابات السياسية كما هو الحال مع التيار الصدري وما استوقفني للحديث عن هذا الموضوع هو مقال لأحد الأخوة الذي يتحدث عن دور المجلس الأعلى في التضييق على أتباع الشهيد محمد صادق الصدر رحمه الله وكيف كان التعامل معهم في إيران أو قم تحديدا وعندما استشهد السيد الصدر الثاني كيف أن المجلس الأعلى قام بتشييد الفواتح له وكيفية المواجهات والتشابك بالأيدي الذي حصل في واحدة من الفواتح الكبيرة ولا أريد أن أتحدث عن الأحذية التي رماها الناس وعلى من هو الشخص الذي رميت عليه الأحذية حفاظا لذكر الموتى ولكن هذا في تصوري تاريخ مأزوم لا يمكن أن يصمد أمام تحالف من اجل مقاعد برلمانية أو عملية سياسية لمدة أربعة سنوات ثم لا ننسى اختلاف المبادئ بين التيار الصدري والمجلس الأعلى حول المطالبة بالفيدرالية وإن كان المجلس قد تنازل عنها في الوقت الحاضر لأسباب تحالفية وتكثير السواد وللعلم هي إحدى الشروط التي فرضها التيار الصدري في مفاوضاته الانضمام إلى الائتلاف الوطني،، ثم لا ننسى الخلاف الذي كان قائما بشكل مستشري بين قوات بدر وجيش المهدي والتنازع السياسي بين المكاتب السياسية لكلا الطرفين والذي كان نتيجته تهديم مكاتب المجلس الأعلى من قبل جيش المهدي كلما قامت مشكلة سياسية بين الطرفين.

أنا أتمنى أن تكون هذه الألفة مستديمة وغير هشة وغير قابلة للتهشم في أي لحظة نتيجة تهور أو تصرف بعض المتشددين منهم وما أكثرهم في الجانبين وأن ينهضوا بمشروع وطني صحيح بعيد عن الاملاءات الفئوية والخارجية والمزاجات السياسية القاتلة ،، ثم أتمنى أن لا أكون قد وضعت بين يدي القارئ شيئا يتصوره بأنه دق إسفين الفرقة لأنه في رأي الشخصي لا بد من الحديث عن هذه المواضع ووضع اليد على الجروح والحديث عن تلك الأخطاء والخلافات التي نتحاشاها وهي مختبئة بين جنبات أفكارنا ونخاف أن نفتحها خوفا من القيل والقال أو الخوف من نكأ الجروح لأنني لا أعتقد قد اندملت بسهوله لأن ما تبيحه السياسة اليوم من تقارب فهي تبيح فتح المشاكل نفسها وغدا عند أول كبوة بعدم حصول أحدهم على مصالحه الحزبية أو الذاتية فيطالب هذا لك وذاك لي ،، ويستر الله على الكل حينما يتم إقصاء الآخرين!!!.