ااذن.. فلتنزع اسلحة "كل" و "ليس" بعض الميليشيات

ميادة العسكري

وين آخذك وين انهزم بيك ..
اغنية ما بارحت فكري منذ ان قال لي بانه متجه الى البصرة، ليس لانه "اغلى مني"، او " ان الذي فيّ حيرة او غيرة" فهمي هو العراق .. وبالامس بعد ان شاهدت سماحة السيد مقتدى الصدر (قده) على شاشة الجزيرة وقد "كت" نصف وزنه وبان عليه التعب الذي يعقب المرض، رحت افكر بالاهل في الجنوب. امير المكاميع قال لي بحرقته المعهودة على "مكاميع الوطن من زاخو للفاو" بان كيلو البيتنجان صار ب 3000 دينار وبان كيلو الطماطة صار ب 2500 ، ترى، كم صار ثمن كيلو اللحم العراقي الحر؟ وهل بات يباع بالمفرق ام بالجملة؟
يقول لي امور تعصر قلبي ولسان حالي يقول ...حقا:
جابتك واتبسمت امك،
وانا على راسي شلت همك،
هي اللي عليها سمت اسمك،
وآنا عليّ أبتلش بيك
السؤال المطروح الان هو، ماذا يحدث في هذا العراق؟ المؤشرات تقول لنا بان سماحة السيد مقتدى الصدر، صدر بيان لانهاء الازمة .. ولكن لماذا حدثت الازمة، في الوقت الذي فيه القوات الاميركية في الموصل، تحاول تخليصنا من الاعداء الحقيقيين المتمثلين بالقاعدة؟
قال لي احد الاخوة من الناصرية وهو يرفع صوته عبر الهاتف ويصرخ وسط القذائف التي راحت تتساقط حول منزله:" إحبيبة اللي يلعب وي ربع المهدي ما تقومله قائمة، ليش هو منو جاب الحكومة ومنو اطاها الثقة؟ هسة صاروا ربع السيد سلاّبة؟"
اما ربع الاميركان فهم في حيرة من امرهم، قصتهم المنتشرة في وسائل اعلامهم تقول بان البصرة محكومة بميليشيات تشبه المافيا في عملها ، (والذي اشك في صحة هذه الرواية شخصيا) لاني اعرف بان الجنوب تنظم معظم حركة الحياة فيه مكاتب السيد من توفير المؤن الى حاجيات المستشفيات الى المجاري والماء، اما الكهرباء فقراره استراتيجي، لذا فهو ليس في يد تلك المكاتب، وربما لو انهم اعطوا مسؤولية تنظيم الكهرباء لما حصلت هذه المشاكل ايضا.. اما البعوض والحرمس الفارسي الذي تعاني منه البصرة، فخارج عن يد الحكومة وربع السيد ايضا، وهو بالتاكيد ليس بيد الحكومة التي اغلقت الحدود مع الجارة "العزيزة جدا" ايران.
واذا نظرنا ودققنا في البصرة، سنرى بانها "ملظومة" ميليشيات.. من ثار الله الى ربع داغر الى ربيعات يوسف، الى جماعة المحافظ اطال الله في عمره وشجاعته، والكل تريد قطعة من كعكة العراق وهذا من حقهم جميعا ولكن بالقانون اكيد!
وعندما حل رئيس الوزراء و"الانتوراج" المكون من اربعة وزراء و"ربعهم" ايضا، تحولت ميليشيات الكل الى وضع الخلايا النائمة وتركوا جيش المهدي يدبك وحده في الساحة !!
فاذا كان الهدف هو تحويل البصرة الى مكان لا يسود فيه الا القانون العراقي المركزي المنطلق من باب بغداد العالي، لاستهدفت العمليات ميليشيات العزيز الحكيم وحزب فضيلة (والذي حاله يشبه حال المعلمة فضة المعداوي بسيطرة فضيلة على حمايات سدنة الروضة النفطية الشريفة في الجنوب)
ولكننا لم نسمع الا بصيحات "الداد" الصادرة من "السدريين".
هذه العملية اتت على خلفية قانون المحافظات او انتخابات المجالس البلدية التي ستفرز من ستكون له الكلمة في البرلمان وبالتالي الموافقة على هذا القانون. وهذا القانون هو الذي سيحدد ما اذا كان العراق سيبقى دولة واحدة بحكومة مركزية قوية او تقسيمها الى عراق ممالك المدن كما بدا الخلق اول مرة في عصر ممالك المدن في عصور عراق ما قبل التاريخ! الانتخابات المزمع انعقادها في تشرين اول/ اكتوبر القادم، هي التي ستحدد ايضا تقرير نوعية توزيع الثروة النفطية والتي اصر بان الاميركان لم يأتوا من اجلها بل من اجل هدف اكبر بكثير، والتي (اي هذه الثروة) انطلقت مؤخرا من معظم الديون التي كانت تكبلها ايضا، برحمة الله تعالى وحده وتسبيبه للاميركان لسبب ما.
اشتعل العراق هذا الاسبوع المنصرم (ولا ندري ان كان سيبقى مشتعلا الاسبوع القادم ايضا حتى بعد بيان السيد) لاسباب كثيرة. يقول احد المحللين من الذين يكرهون الحكومة الاميركية حتى لو زرعت الارض بسنابل من ذهب وقدمتها هدية للعراق، يقول: ان ما حصل هو ناتج عن محاولة فرض ديموقراطية على الاسلوب الكولومبي في بلد غير مستقر. ويقول ايضا ان هدف المالكي ومن يفكر مثله من الشيعة والسنة والاكراد ، هو التخلص من المعارضة قبل الانتخابات!
ومن اجل محاولة فهم الحال، لا بد من فهم ما حدث ويحدث الان الى حين وقف العمليات العسكرية،عبر عدد من سمات العراق اليوم :

• هناك استعراض مرئي لتضارب سياسي (غير طائفي ولا ديني)
ما كان الصراع الطائفي في يوم من الايام سمة من سمات الشارع العراقي. فبيت ابو كرار يقع الى جوار بيت ابو عثمان، وابو عمر هو عضيد ابو علي وابو حسين هو اخ لابي مروان.. بكل صراحة، الم يكن هكذا هو وضعنا؟ كم من مرة طرح علينا سؤال عن انتمائنا الطائفي وخجلنا من ان نركز على هذه النقطة وقلنا باننا مسلمين والدين واحد؟
كم منكم زوّج اخته وابنته لشيعي وهو سني او لسني وهو شيعي؟ الم تكن اطباق الزردة في فرحة الزهرة توزع على كل الجيران، من الصبة و"شيلو ايدكم"؟
عندما قال مقتدى امس "انا احب السنة وانا منهم حبيبي .. ايه .." صدقته تماما، ومقتدى لا يكذب . المسالة في العراق اليوم هي عدم قدرة كل الكتل والاحزاب السياسية على الاتفاق السياسي، وليس الديني، على شكل وهوية العراق القادم .
قبل 2003، كنا كالخرفان بيد حزب حولنا الى كرة صوفية يركل بها كيفما يشاء، وعندما ننتفض، او يخرج احدنا من السرب، او كما يردد امير المكاميع كثيرا : يخوط ابصف الاستكان ..لو يخبز برة التنور.. كان الجزاء هو بتره ..
اذا نظرنا الى البرلمان العراقي، سنرى فيه اليوم اكثرية تريد وطن واحد غير مقسم، بينما يقف في الطرف الاخر مجموعة تريد تقسيم ناعم وخفيف (سوفت) للعراق الى اربعة اقسام. وما بين المجموعتين مجاميع، منها من يريد العراق بلون وردي، اوبمبي ، وربما احمر، اخضر او حتى بنفسجي .. الاتفاق الكامل على الوجهة السياسية مفقود بميم كبيرة.. كما يقال.
• شعبية مقتدى الصدر (كل عجيزات الجنوب سدريات وغالبية ابنائه كذلك .
من منا لا يتذكر ما حدث في مدينة صدام (سابقا)، وفي الجنوب العراقي المظلوم عامة عندما استشهد سماحة السيد محمد صادق الصدر؟
الغريب ان مقتدى، وهو السيد الشاب الذي يوصف بالثورية والراديكالية والعسكرية ..الخ من هذه الاوصاف التي تضعه كتهديد للامن والسلام، هو الوحيد الذي اعلن هدنة و"مسك" اخوته وجعلهم يهدئون اللعب.. ويبدو ان سبب التخوف منه لا يعود الى كونه تهديد للامن والسلام، بقدر ما هو نابع من عدم ارتياح امريكي له..
بطبيعة الحال، استخدم الصدر العنف في الماضي، ولعب ربعه "الجولة" كما يقال، الا انه يرفض العنف الطائفي ويشجع جماعته على تقبل الاخر..
• ان معظم الع