حزب الدعوة يقاضي صدام بالقرار رقم461 الخاص


باعدام الدعاة ومؤسس الحزب المرجع الشهيد محمد باقر الصدر






البيان/ المحرر السياسي: بدأ صدام الذي أرهب شعبه 35 سنة, واهن القوى, شاحب الوجه, نحيل الجسم, غائر النظرات, مشتت الذهن, وهو يمثل امام احد القضاة لتوجيه الإتهامات له رسميا، حيث اعتبر مثول صدام امام القضاء العراقي بعد 100 ساعة من استلام الحكومة العراقية السلطة دخولا للعراق مرحلة جديدة من تاريخه الحديث.

وقد واجه صدام سبع تهم في أول جلسة للمحاكمة الإجرائية هي: استخدام الغاز ضد الاكراد في حلبجة (1988)، وقمع الانتفاضة الشعبية العراقية (1991)، المقابر الجماعية (1991)، الحرب ضد ايران (1980 ـ 1988)، غزو الكويت (1990 ـ 1991) قتل رجال الدين، قتل خصومه السياسيين خلال فترة حكمه.

وقد أجاب صدام عن بعض هذه التهم، فعن تهمة استخدام الغاز الكيميائي في حلبجة والتي قتل فيها خمسة الاف كردي، قال صدام سمعت بذلك ولكن لا اعرف عنه شيئا . وعن الحرب العراقية ـ الايرانية، قال إن الحرب مع ايران حدث طبيعي.

وقد كان صدام وصل في الساعة2:20 بعد ظهر الخميس بالتوقيت المحلي، على متن مروحية أمريكية كان بانتظارها حافلة مصفحة رافقتها أربع سيارات من طراز (همفي) وسيارة إسعاف، ثم ترجل من الباص يحيط به حارسان عراقيان، وكان ستة اخرون يتولون الحراسة عند مدخل المحكمة. وبعد نهاية الجلسة اقتيد صدام تحت حراسة الأمن العراقي، إلى مكان اعتقاله الجديد.

وقد وجه الاتهام لـ 11 من كبار مساعدي صدام، وتشمل القائمة نائب رئيس الوزراء طارق عزيز، وعلي حسن المجيد المعروف بـ"علي كيماوي" لدوره في استخدام الأسلحة الكيمائية وقمع الانتفاضة. والأخوين غير الشقيقين لصدام: برزان إبراهيم الحسن و وطبان إبراهيم الحسن، وعبد حمود سكرتير صدام، وطه ياسين رمضان، نائب رئيس الجمهورية.

من جهة أخرى أعرب يوست هيلترمان الخبير في شؤون العراق عن شكه في قيام اية تظاهرات شعبية تضامنا مع صدام لانه ليس اكثر الرجال شعبية في العراق، واضاف: حتى المتمردين الذين يشنون اعمالا مسلحة منذ الخريف الماضي حاولوا النأي بانفسهم عن حزب البعث السابق رغم وجود عناصر من النظام السابق في صفوفهم.

واشار هلترمان الى ان صدام، الذي صور نفسه كبطل للعرب نال دعما من دول الشرق الاوسط اكبر مما ناله من شعبه. وأوضح: انه يحظى بدعم خارجي في العالم العربي اكثر مما يحظى بدعم داخل العراق. وهذا ما كان عليه الحال دائما. وأشار إلى ان الشعوب العربية لم تفهم بشكل تام عمق الاضطهاد داخل العراق ونظرت الى صدام على اعتبار انه مستعد للوقوف ولو رمزيا في وجه الهيمنة الاميركية. الا انه كان ينظر اليه بشكل مختلف تماما في العراق.

أما عن ردود الفعل اتجاه هذه المحاكمة، فعلى الصعيد المحلي عبر العراقيون عن ارتياحهم لمحاكمة صدام امام محكمة عراقية, ورأوا أن هذا يمثل الخطوة الأولى للتغلب على الاثار النفسية المدمرة لحكمه, وهذا لا توفره محاكمة دولية. وتمتاز المحكمة الحالية عن كل محاكم جرائم الحرب السابقة - من نورمبرغ الى سييراليون - بأنها ليست هيئة قضائية دولية مستقلة. فقد أصر المسؤولون العراقيون على مثول صدام امام محكمة عراقية.

فيما جدد حزب الدعوة الإسلامية دعوته عائلات الضحايا إلى تقديم الملفات الخاصة بذويهم من أجل تحريك دعاوى ضد صدام، ويعد حزب الدعوة الإسلامية الحزب الذي قدم أكبر عدد من الشهداء نتيجة حملة الإعدامات والملاحقات التي طالت عناصر الحزب في الداخل والخارج، وكان أشهر الجرائم التي واجهها هي جريمة إعدام مؤسسه السيد الشهيد محمد باقر الصدر وعدد من قياديي الحزب في كافة أنحاء العراق، وذلك إثر صدور القرار المرقم 461 عن (مجلس قيادة الثورة) المنحل، والذي قضى بإعدام الدعاة وأقربائهم وكل من يتعاون أو يتعاطف معهم وبأثر رجعي، وهو قرار ليس له سابقة في التاريخ.

هذا ويتوقع أن يكون ملف حزب الدعوة الإسلامية من أصعب الملفات التي سيواجهها صدام في محاكمته التي قد تستمر لعدة أشهر نتيجة الكم الهائل من المتضررين طوال فترة حكمه.

إلى ذلك اعتبر الناطق الرسمي لحزب الدعوة الإسلامية أن صدام لا يحتاج إلى أدلة، فتاريخ حكمه حافل بالجرائم التي ارتكبها ضد شعبه وجيرانه.

على الصعيد الدولي اعلن الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان الرئيس الاميركي جورج بوش مرتاح لمثول صدام امام القضاء في العراق، وامام محكمة عراقية لمحاكمته على الفظاعات التي ارتكبها.

ومن جانبها رفضت الكويت تعليقات صدام, خلال الجلسة الأولى لمحاكمته, وقال مسؤولون حكوميون ونواب كويتيون ان كلام صدام اساءة الى المرأة العراقية والشعب العراقي قبل أن يكون اساءة الى الكويت وأن أكثر من قام بالاعتداء على المرأة العراقية هو صدام وابناه وقادته وأجهزة مخابراته.

ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قوله: نتمنى ان يقضى عليه لان الذي عمله بالكويت ليس عملا انسانيا بقدر ما هو عمل اجرامي، ولذلك فان ملفاتنا ستوضع امام المحكمة العراقية وسيكون لنا مندوبا في هذا الموضوع.

واعتبرت صحيفة (نيويورك تايمز) ان مثول صدام حسين أمام محكمة عراقية لمواجهة تهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية يحمل أهمية تفوق مصير الرئيس المخلوع نفسه. فمحاكمته تعطي العراقيين فرصة الحصول على سجل كامل عن جرائم عهده, وهذا قد يشكل الخطوة الأولى للتغلب على الجروح النفسية العميقة التي خلفها ذلك العهد. كما تعطي المحاكمة الحكومة العراقية الجديدة فرصة لاكتساب الثقة واثبات الفاعلية.

جاءت هذه المحاكمة لتشعر الذين ما زالوا يراهنون على صدام, بأن عقارب الساعة لن تعود الى وراء، وان صدام بات في يد القضاء العراقي.