السومرية نيوز/ بغداد
كشف مصدر سياسي مطلع، السبت، أن الهيئة السياسية للتيار الصدري اشترطت على ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الحكومة نوري المالكي إطلاق جميع المعتقلين من أتباع التيار الصدري بمن فيهم المحكومين بالإعدام، للبدء بأي حوار من أجل تشكيل الحكومة، وفي حين لفت المصدر إلى أن المالكي باتت حظوظه أكبر بتشكيل الحكومة إلا أنه يبقى "تحت الاختبار الصدري"، هددت القائمة العراقية بمقاطعة أي حكومة يشكلها المالكي.
وقال المصدر في حديث لـ"السومرية نيوز" إن "الهيئة السياسية للتيار الصدري جددت مطالبتها بالإفراج عن المعتقلين من أتباعها من ضمنهم المحكومين بالإعدام إضافة إلى تحسين الأداء الحكومي من قبل المالكي، كشرط للدخول في أي حوار مع ائتلاف دولة القانون من أجل تشكيل الحكومة".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "المطالب الصدرية بدأت تلقى استجابة لدى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وخاصة بعد تحويل ملف المعتقلين من القوات الأميركية إلى وزارة العدل العراقية"، مشيرا بهذا الصدد إلى أن "الحكومة تمكنت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من إطلاق ما يزيد عن 1000 معتقل من أتباع التيار الصدري من عدد من سجون العاصمة وعلى شكل دفعات لكسب ود التيار".
وكانت الحكومة العراقية قد تسلمت في الخامس عشر من الشهر الجاري آخر السجون التي كانت بإدارة القوات الأميركية وهو سجن (كروبر) او ما يعرف بسجن المطار والذي تغير اسمه إلى سجن الكرخ، وبحسب وزارة العدل العراقية فإن القوات الأميركية قد سلمت نحو 1500 سجين، فيما يبقى نحو 200 تحت الحراسة الأميركية داخل السجن بعضهم من مسؤولي النظام السابق أما الباقي قهم من "المجرمين الخطيرين" بحسب ما وصفتهم الحكومة العراقية.
ولفت المصدر إلى أن "المشكلة أمام المالكي تقف في الإفراج عن المحكومين بالإعدام من أتباع التيار وما سيسببه ذلك من إحراج له وما يمكن أن يثيره من تساؤلات حول نزاهة القضاء العراقي"، مبينا في الوقت نفسه أن "التيار الصدري يؤكد أن المحكومين بالإعدام من أتباعه حكموا وفقا لتهم كيدية وبناء على معلومات المخبر السري".
وأكد المصدر وهو من المطلعين على المفاوضات التي تجري بين الائتلافين أن "المفاوضات بين المالكي والصدريين بدأت تأخذ منحى إيجابيا وخاصة في ظل كثرة التعقيدات والتناقضات بين الكتل الأخرى وبين مكونات الائتلاف الوطني أيضا، إضافة إلى عامل الوقت الذي أخذ بالنفاذ"، لافتا إلى أن "ذلك رفع من حظوظ المالكي لدى الصدريين إلا إنهم وضعوه تحت الاختبار، لمعرفة مدى التزامه بمطالبهم".
وتمر الأوضاع السياسية في العراق بأزمة دستورية حاليا، خاصة مع اتفاق الكتل السياسية، الاثنين المصادف الثاني عشر من تموز الجاري، على خرق المهلة التي حددها الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية عبر جلسة البرلمان التي كان من المقرر عقدها الثلاثاء 13 تموز الجاري، وتأجيلها لمدة أسبوعين لتعقد في 28 منه، وطلب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته من القضاء العراقي إبداء الرأي في دستورية المرحلة المقبلة، بسبب عدم وجود نص قانوني يشير إلى كيفية التعامل معها، ورد القضاء في بيان نشر على الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى بالسماح لرئيس الجمهورية بالاستمرار بصلاحياته لحين انتخاب رئيس آخر، مع الاعتراف بالخرق الدستوري الذي حصل
وكشف المصدر أن "التيار الصدري متوجه إلى إعلان قبوله بالمالكي مرشحا للتحالف الوطني والذهاب به إلى البرلمان قبل انقضاء مهلة الأسبوعين التي تم تحديدها لعقد جلسة للبرلمان من أجل انتخاب رئيس للجمهورية"، وأشار إلى أن "المالكي بات الآن يحظى قبولا من جميع مكونات الائتلاف ما عدا المجلس الأعلى الإسلامي"، مرجحا أن يكون الأخير "خارج التحالف الوطني في حال لم يقبل بالمالكي".
وكان القيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي قد ذكر في حديث لـ"السومرية نيوز" أمس الجمعة أن زعيم التيار مقتدى الصدر رفض استقبال وفد ائتلاف دولة القانون الذي قدم إلى طهران يوم الخميس، مبيناً أن الصدر قد أبلغ مسبقا رفضه استقبال أي سياسي عراقي أو بحث تشكيل الحكومة العراقية.
كما ذكر الأعرجي أن "موقف التيار واضح بشأن رفض مرشح ائتلاف دولة القانون نوري المالكي كما هو حال الائتلاف الوطني الذي يشدد على ضرورة إيجاد بديل للمالكي".
وكان مصدر مطلع أكد في حديث لـ"السومرية نيوز" أن وفدا من ائتلاف دولة القانون يمثله القياديان حسن السنيد وحسين الشهرستاني ومستشارا المالكي طارق نجم وعبد الحليم الزهيري وصل إيران صباح أمس الخميس وعاد عصر اليوم نفسه بعد رفض مقتدى الصدر اللقاء بهم. ولم يوضح المصدر ما إذا كانت زيارة وفد ائتلاف دولة القانون مقتصرة على اللقاء بالصدر، أم شملت لقاءات أخرى كانت على جدول أعمال الوفد.
ويعيش التحالف الوطني الذي يضم ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي اللذين يمثلان الشيعة في العراق أزمة كبيرة، أكد بشأنها مراقبون وأعضاء من الائتلافين أنها فضت عقد التحالف ضمنيا حتى ولو لم يعلن عن ذلك رسميا، في حين شهدت الساحة السياسية في الأسابيع الأخيرة تقاربا بين دولة القانون والقائمة العراقية لكنه بدأ يزول مؤخرا خاصة بعد تمسك القائمتين بحق كل منهما بتشكيل الحكومة.
العراقية تضع خطوطا حمر وتهدد بالمقاطعة
من جانبها، كشفت القائمة العراقية أنها أبلغت ائتلاف دولة القانون أنها تعتبر ترشيح نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء خطا أحمر بالنسبة لها، وهددت بعدم المشاركة في أي حكومة في حال حصول ذلك، مبينة أن هناك معلومات تؤكد أن زعيم التيار الصدري التقى بعضو بائتلاف دولة القانون في طهران الخميس واشترط في اللقاء إطلاق سراح معتقلي التيار فورا ومنح الكتلة الصدرية حصة وزارية مضاعفة.
وقال المتحدث باسم القائمة العراقية حيدر الملا في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "القائمة العراقية أرسلت رسالة إلى ائتلاف دولة القانون، الأربعاء الماضي، أكدت فيها، أن ترشيح نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء يعتبر خطا أحمر بالنسبة للعراقية، حتى إذا قرر التحالف الوطني ترشيحه".
وتابع الملا "وفي هذه الحالة سنقول للتحالف الوطني، إنكم تملكون القدرة والقابلية حينئذ على تشكيل الحكومة، ولكننا لن نشترك فيها"، مؤكدا أننا "أوصلنا رسالة واضحة للمالكي هي أن من غير الممكن الموافقة على تجديد ولايته مرة أخرى".
إلا أن الملا توقع "عدم إمكانية تشكيل الحكومة بمعزل عن العراقية"، مبينا أن "المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم أكد للعراقية، صباح أمس الجمعة، أنه لن يشترك في أي حكومة يرأسها المالكي، أو أي مرشح من حزب الدعوة"، حسب قوله.
واعتبر المتحدث باسم القائمة العراقية أن "الأزمة السياسية تتجه حاليا إلى المزيد من التعقيد، ولا توجد بوادر بأي انفراج للأوضاع السياسية على المدى القريب".
ويرى مراقبون أن الحديث عن تقارب مفاجئ بين دولة القانون والتيار الصدري بعد أكثر من أربعة أشهر من الرفض والمقاطعة إنما يأتي بجهود إيرانية لرأب الصدع بين شيعة العراق، كما يعدوه التفافا من قبل طهران على سياسة واشنطن الساعية لإيجاد حكومة صديقة لها في العراق تضمن مراقبة الحدود التي تربط البلدين، والتي تمتد لنجو 1200 كلم، وعدم اتساع النفوذ الإيراني في المنطقة في ظل توجه دولي لفرض المزيد من الحصار الاقتصادي على إيران.
ويدور جدل بين الفائزين في الانتخابات حول النص الدستوري المتعلق بأحقية الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة، إذ ينص الدستور العراقي وفق مادته إلـ 76 على أحقية الكتلة النيابية الأكبر عددا في تشكيل الحكومة، فيما يصر ائتلاف العراقية (91 مقعدا) على أن النص يشير إلى القائمة الفائزة بالانتخابات، في وقت يعتبر ائتلاف دولة القانون (89 مقعداً) أن النص يعني أي تكتل ينشأ نتيجة اندماج أو تحالف كتل فائزة بعد الانتخابات.
وشهدت الساحة السياسية العراقية تعددا في أوجه الخلاف والاختلاف بين الكتل السياسية، عقب الانتخابات النيابية التي جرت في السابع من آذار الماضي، فهناك الاختلاف حول تفسير المادة الدستورية التي تتعلق بأحقية الكتلة المسؤولة عن تشكيل الحكومة، وهناك الصراع حول مرشح الكتل لشغل منصب رئاسة الوزراء، ثم الخلاف داخل الكتلة الواحدة حول من يتولى المنصب، فضلاً عن تعارض الإرادات الإقليمية في ذلك الملف.
ويدور جدل بين الفائزين في الانتخابات حول النص الدستوري المتعلق بأحقية الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة، إذ ينص الدستور العراقي وفق مادته إلـ 76 على أحقية الكتلة النيابية الأكبر عددا في تشكيل الحكومة، فيما يصر ائتلاف العراقية (91 مقعدا) على أن النص يشير إلى القائمة الفائزة بالانتخابات، في وقت يعتبر ائتلاف دولة القانون (89 مقعداً) أن النص يعني أي تكتل قد ينشأ نتيجة اندماج أو تحالف أي من الكتل الفائزة بعد الانتخابات.