مصالحة المذبوح مع القاتل
زهير كاظم عبود

في هذا الوقت العصيب الذي يمر به شعب العراق الغارق في محنة الدكتاتورية والعذاب والطغيان ، في هذا الوقت بالذات الذي تتكالب فية السلطة على الشعب العراقي وأدخاله في آتون اللعبة السياسية الدولية فيكون الضحية والقربان الذي يذبح في كل الأحوال بالنتيجة ، في هذا الوقت الذي يتبعثر فيه شعب العراق في مجاهل الأرض طلباً للأمان والكرامة والملاذ الآمن ولقمة العيش غير الممزوجة بالدماء والدموع فتتيه الملايين العراقية في مجاهل الأرض ومنافيها .
في هذا الوقت بالذات تنطلق الدعوات المنادية بوجوب مصالحة نظام حكم صدام حسين الدكتاتوري تحت ذريعة الحفاظ على الوطن والوقت الحرج الذي تمر به الأمة وإيجاد ذريعة لوقف الحرب !!
البعض من هذه الدعوات أنطلقت بحسن نية وبسلامة القصد ومدفوعة بحرصها على شعب العراق المظلوم ، والقسم الآخر بقصد دس السم في العسل ومحاولة لأيجاد ذريعة ووسيلة لأنقاذ رأس النظام المترنح من السقوط الى الحضيض بسبب سياسته الخرقاء والمستبدة والمتخلفة في العراق .
وأيا كان مصدر هذه الدعوات فأننا نتفق من كونها تشكل وجهة نظر محترمة لكل من يطلقها كائن من يكون ، ولكن ألا يحق لنا أن نتسائل على ماذا نتصالح ؟
هل نتصالح على ضحايا النظام التي قتلت ظلماً بسبب معارضتها لمنهج السلطة ؟ هل نتصالح على الأعداد الغفيرة المشردة في كل أنحاء الأرض والملايين التي فرت بجلودها أستوطنت أقصى أركان الأرض هروباً من بطش السلطان وسيف الجلاد المتسلط على رقاب العراقيين ؟ هل نتصالح على الزور والكذب والدجل والظلم الذي تمارسة السلطة في معاركها المستمرة ضد الشعب العراقي ؟ هل نتصالح على الجوع والثروات التي أختفت وضاعت بين النهب والاستيلاء الشخصي والقصور الخيالية في زمن الجوع والتسول العراقي وعبثية الحروب التي لم نعرف لها سبباً لحد اليوم ؟ هل نتصالح على الآلاف المغيبة التي تم دفنها أحياء من شباب الانتفاضة ؟ هل نتصالح على أسماء علماء الدين والشهداء الأبرار التي غيبـــتهم السلطة وقتلتهم وحاربت عوائلهم ؟ هل نتصالح على الناس المحجوزين منذ عشرات السنين دون تهمة ودون محاكمة ولا يعرف مكانهم أحد ؟ هل نتصالح على أهلنا الذين تم تسفيرهم ورميهم على حدود أيران الموحشة وسلب ممتلكاتهم وحلالهم ؟ هل نتصالح مع سلطان باغي وطاغية يتمسك بكرسي السلطة المتلطخ بدماء الالاف من الضحايا البشرية والمتشبث به مثل المسمار لايريد أن ينتقل عنه حتى لقضاء حاجته ؟
هل يتصالح المذبوح مع المجرم الذي لم يترك السكين من يده بعد أن أكمل الذبح ؟
هل يتصالح الشهداء مع الطاغية ، والمؤمن مع الكافر ؟
هل نتصالح مع سلطان لم يزل يفكر حتى اللحظة في طرق الاغتيال التي ينظمها لقتل المعارضين حيث تم إلقاء القبض على أحد أعضاء الشبكة في هولندا المرسلة لقتل المعارضين العراقيين ، وأعترف عنصر المخابرات المقبوض عليه أن السلطة سلمت عناصر أجنبية مبالغ بين 1-5 مليون دولار لقتل 24 معارض عراقي نتصالح على ماذا أيها السادة ؟
ماذا تبقى لنا لنتصالح عليه ؟
وكم بقي من الوقت لنتصالح عليه ؟


:=