دراسة أميركية: لا حل للعراق سوى بدكتاتور قوي والفريق كنبر المرشح الأبرز
أصدر مركز الشؤون الدولية التابع لجامعة نيويورك تقريرا يتضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العراق لما بعد الانسحاب الأميركي الذي قال التقرير أنه سيتحقق بحلول عام 2010.
ويقضي السيناريو الأول بظهور قائد وطني من وسط الفوضى التي تسود البلاد، يكون مستقلا عن كل اللاعبين الإقليميين والدوليين، من الولايات المتحدة إلى إيران إلى تنظيم القاعدة والحكومات العربية.
وسيقوم هذا القائد المفترض بتأسيس مصداقيته بوصفه الشخص الذي يوحد البلاد بجميع طوائفها وقومياتها.
ويؤكد التقرير أن بحلول عام 2010 وبسبب فشل الإسلاميين وتعاقب حكومات ضعيفة في بغداد، ستقتنع أعداد كبيرة من العراقيين باستبدال الديموقراطية والحريات، بالدكتاتورية.
ويتلخص السيناريو الثاني بإحتواء الفوضى في العراق والحيلولة من دون انتشارها في منطقة الشرق الأوسط بإقناع دول الجوار بأن انهيار العراق، وانتشار عدوى الأفكار الثورية، وحالة اللااستقرار، ستؤدي إلى تهديد هذه الأنظمة التي عليها العمل سوية لتجنب انتشار حالة الفوضى في العراق إلى أراضيها.
أما السيناريو الثالث فيتمثل في عراق غارق في فوضى حرب أهلية تطال آثارها دول الجوار بطوفان اللاجئين، وتنامي نفوذ الجماعات الإرهابية وتهديدها، وتآمر الدول على بعضها بعضا لتقويض كل دولة استقرار الأخرى.
وتمضي الدراسة إلى القول بأن حالة العنف الطائفي، واللااستقرار الأمني في العراق قد دفع بكل دول الجوار فضلا عن الولايات المتحدة إلى قبول ظهور قائد عراقي دكتاتوري يوحد البلاد تحت قيادة مركزية قوية.
وتشير الدراسة التي وضعها خبراء دوليون على رأسهم البروفسور مايكل أوبهايمر إلى أن فرض الأمن في العراق سيتطلب من هذا الدكتاتور تعليق الدستور، وبسط القانون والنظام بعد الفوضى التي سادت العراق ودفعت بملايين من العراقيين إلى للفرار إلى دول الجوار، أو الارتماء في أحضان الجماعات المسلحة أو الميليشيات الطائفية.
ولتسهيل ظهور مثل هذا الدكتاتور تقول الدراسة إنه يتعين أولا تحقيق الانسحاب الأميركي من العراق بشرط أن يتم تعويضها بجيش عراقي يمثل جميع أطياف الشعب، على أن يكون قويا إلى الحد الذي يمهد الطريق لظهور مثل هذا القائد عن طريق انقلاب عسكري يهيأ المناخ الملائم لعقد علاقة متوازنة مع الولايات المتحدة، وباقي دول المنطقة.
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن عقودا من الحروب والعقوبات والفوضى قد لا تبدو ظروفا تهيأ العراق لظهور حاكم قوي دكتاتوري يوحد أطرافه المبعثرة، ولكنهم بالمقابل يؤكدون أن لا بديل لنهوض العراق مرة اخرى إلا عن طريق هذا القائد الوطني القوي.
وتشير الدراسة التي أطلع "راديو سوا" عليها إلى أنه من المبكر جدا التنبؤ بشخصية هذا القائد إلا أنها لا تستبعد أن يكون الفريق عبود كنبر قائد خطة فرض القانون الحالي المرتبط برئيس الوزراء نوري المالكي شخصا مؤهلا لتنفيذ هذا السيناريو، مستشهدة بتاريخه العسكري.
وقد عين كنبر قائدا للقوات العراقية في يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو شيعي وصل إلى رتبة عالية في سلاح البحرية إبان النظام السابق. ولم يعمل إلى جانب المسؤولين الأميركيين قبل تعيينه في هذا المنصب، لا بل أسرته القوات الأميركية في حرب الخليج سنة 1991.
وقد عين في هذا المنصب على الرغم من اعتراض المسؤولين العراقيين والأميركيين الذين تخوفوا من جهلهم بولائه، وبسبب اعتقادهم بوجود عسكريين أكثر كفاءة منه لشغل هذا المنصب.
وجرى منح صلاحيات واسعة لكنبر للإشراف على وزارتي الدفاع والداخلية، وذلك ضمن مشاركة القوات العراقية في خطة فرض القانون، وهو لا يقدم تقاريره إلا لرئيس الوزراء نوري المالكي.
وتؤكد الدراسة أنّ التصدي للجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة في العراق سيكون هو المحك الأساسي لهذا القائد الوطني الذي يجب أن يضع هدف التخلص من كل الجماعات المحرضة على العنف الطائفي، على رأس أولوياته.
وقد يؤدي هذا المسعى إلى قيام نوع من التنسيق بين هذا القائد القوي والولايات المتحدة عن طريق فرض حظر للطيران فوق المناطق التي تعد معقلا لتنظيم القاعدة، وقيام القوات العراقية والأميركية بتوجيه ضربات قوية لمعسكرات التدريب التي يديرها التنظيم.
وفضلا عن ذلك، فإن ظهور جيل جديد من العراقيين والعرب المتشددين قد يدفع حكومات المنطقة الى التنسيق في ما بينها للقضاء على هذا العدو المشترك الذي يهدد وجودها.
وتشير الدراسة إلى أن إيران قد تدعم مثل هذا القائد العراقي القوي إذا ما كان شيعيا، ولكنها لن تمانع إذا ما كان سنيا يحظى بمباركة المرجع الديني علي السيستاني.
أما سوريا فتؤكد الدراسة أنها قلقة جدا من سيل المقاتلين الأجانب الذي يتسلل من حدودها نحو العراق، وهي تحاول جاهدة أن لا تسمح لهم بالرجوع مرة أخرى إلى سوريا، إلا أن دمشق ستدعم مثل هذا القائد العراقي القوي، لأنها كما تؤشر الدراسة ستقوم بمقايضة فك العزلة الدولية التي ضربت حولها إثر اغتيال الحريري بالعمل الجاد على وقف تسلل المقاتلين الأجانب من أراضيها نحو العراق.
ومن بين كل دول المنطقة تبقى المملكة العربية السعودية من بين أكثر الدول تخوفا من ظهور قائد عراقي قوي، كما تشير الدراسة الأميركية.
ففي حين ترحب الرياض بعودة الإستقرار إلى العراق إلا أنها تخشى ظهور قائد شيعي قوي تربطه علاقة قوية بطهران، أو قائد علماني يهدد شرعية نظامها الديني المحافظ.
ولأن السعوديين، كما تقول الدراسة، ليست لديهم أوراق كثيرة يلعبونها فإنهم سيستمرون في الاعتماد على الأردنيين والمصريين واستخدام أموال النفط للتأثير على حلفائهم الإقليميين.
والأمل الوحيد للعب السعودية دورا داعما للقائد العراقي القوي هو التنسيق معه لمحاربة الجهاديين الذين قد ينتقلون من العراق لتنفيذ عملياتهم داخل المملكة.
أما الدافع الرئيس الذي سيجعل من الولايات المتحدة لا تعارض ظهور هذا القائد الدكتاتوري، فهو قدرته على توفير الاستقرار المطلوب لتسهيل سحب القوات الأميركية، والبدء بأسرع وقت ممكن بعمليات إعادة الإعمار.
ولأن هذا القائد سيستمد جزءا كبيرا من شرعيته بمحاربته الجماعات الإرهابية، فإن هذا قد يوازن الخسارة الأميركية من خروجها من العراق باستمرار حربها المعلنة ضد الإرهاب.
ومن الضروري كما تشير الدراسة أن تقاوم واشنطن رغبتها العارمة للتدخل في الاختيار المباشر للدكتاتور العراقي الجديد، لأنه من الضروري أن يبدو هذا القائد مستقلا وبعيدا عن النفوذ الأميركي كي يتمتع بالمصداقية الكافية بين أفراد شعبه.
ويرى واضعو الدراسة أن على واشنطن السماح لهذا القائد القوي بتوجيه انتقاد لفظي لسياساتها أحيانا، لأن هذا سيؤدي إلى إبعاد بعض المتعاطفين مع القاعدة التي تقدم نفسها مرجعا وحيدا معاديا للولايات المتحدة داخل العراق.
وتشير الدراسة إلى أن الولايات المتحدة حينها ستقدم دعما ماديا ومعنويا للجيش العراقي ليقوم بواجبه بمطاردة الإرهابيين، وستحرص على تطوير علاقتها مع القوات العراقية بحيث تصبح من الأولويات، لأن هذا الجيش سيكون وسيلة النفوذ الأميركي داخل العراق، وسيكون القائد الوطني الجديد خارجا من بين صفوفه.
ولأن تجهيز الجيش العراقي بالمعدات العسكرية أمر مهم وحيوي للتمهيد للانقلاب العسكري الذي سيأتي بهذا القائد، فإن دعم الولايات المتحدة له سيكون مشروطا بتعهده بمحاربة الإرهاب من دون هوادة او مساومة، مع تقبل مخاطرة تحوله إلى قائد لا يمكنها السيطرة عليه.
ولكن تقديم الأسلحة لهذا القائد من شأنه أن يؤدي إلى تعليق العمل بالدستور بحجة فرض الأمن والنظام، وجذب تعاطف الآخرين معه بمهاجمة السياسات الأميركية، وهذا ينطوي على خطورة كبيرة، حسب هذه الدراسة.
وتدعو الدراسة إلى أن يقوم الكونغرس بوضع شروط على تصدير السلاح إلى العراق بسبب المخاطر المرتبطة على هذه القضية.
ويبقى من المهم جدا أن تنظم واشنطن سياستها الإقليمية لتقديم الدعم المطلوب لهذا القائد القوي، فإيران يجب أن توقف عن دورها في تقويض الأمن في العراق، مع أن وجود قائد شيعي قد يهدأ من مخاوف إيران. على أن تقوم دمشق بتكثيف جهودها لضبط الحدود. ويجب إقناع السعودية بدعم هذا القائد الشيعي، عن طريق تقديم ضمان بأن إيران ستمنع من استغلال نفوذها في بغداد لتعزيز دورها الأقليمي.
اللاعب الأخير الذي تشير إليه الدراسة هو إسرائيل، لأنها تستطيع بقدراتها أن تكون عامل إفساد إذا لم تشعر بالراحة إزاء هذا النظام الذي تقوم الولايات المتحدة بتسليحه، لهذا فمن الضروري جدا ضمان أن لا تشاكس إسرائيل لهذا القائد الجديد، الذي يجب أن يكون جزءا من ترتيبات عملية السلام في الشرق الأوسط، والذي سيكون على الأرجح على رأس أولويات الإدارة الإميركية الجديدة.
http://www.radiosawa.com/arabic_news...1339492&cid=24