بلغ حجم تجارة الادوية المغشوشة سنويا في العالم اكثر من 50 مليار دولار لعام 2007 ومن المتوقع ارتفاعه العام 2012 الى 75 مليار دولار علما بان اغلب الادوية المغشوشة تروج في البلدان النامية والبلدان غير المستقرة امنيا وبينها العراق بحسب تقارير




( Whoوfba ) الاميركية، وقد ازدادت ظاهرة الادوية المغشوشة مؤخراً وبشكل لافت وتم ضبط آلاف الاطنان منها في عملية امنية قبل عدة اشهر، (الصباح) تحاول في هذا التحقيق الخوض في هذه المشكلة الخطرة التي تهدد صحة المواطن.
صناعة مهمة
مدير عام قطاع الغذائية والدوائية في وزارة الصناعة والمعادن الدكتور حمودي عباس حميد عدّ صناعة الادوية في العراق من الصناعات المهمة التي حققت اعلى قيمة مضافة للبلد بين الصناعات المدنية، مشيرا الى ان هناك شركتين حكوميتين للادوية هما سامراء ونينوى بالاضافة الى الشركة العربية لصناعة المضادات الحيوية ( اكاي ) والتي ساهمت بنسبة 58بالمائة من انتاج الادوية وكذلك وجود 20 معملا دوائيا للقطاع الخاص.. ولكن هناك معوقات تعترض تصنيع الادوية بسبب ضعف الدعم الحكومي للشركات الوطنية والتشريعات التي كانت تحد من حركة القطاع الخاص على العكس من وجود شركات وطنية عالمية تتلقى تشجيعا من حكوماتها وخصوصا الدوائية، اما في العراق نلاحظ اصدار تعليمات اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء تحد من تشجيع انتاجنا الوطني مقارنة بالدول المتقدمة فان شركاتها الوطنية تتلقى تشجيعا من حكوماتها.
ودعا الى دعم الصناعة الوطنية علما بان تخصيصات وزارة الصحة تصل الى 600 مليون دولار ومن المتوقع ارتفاع تخصيصها الى مليار دولار للعام الحالي.
ويضيف بان هناك ثوابت عديدة توفرها الشركات الوطنية والحكومية والاهلية منها:
ان الشركات الانتاجية تكيف برامجها بتنفيذ متطلبات وزارة الصحة بحيث توفر لها كلف الطاقات الخزنية الكبيرة بالاضافة الى نقل الادوية المنتجة وتوزيعها للمحافظات وهذا ما لا توفره الشركات الخارجية وكذلك توفير كلف الخزن وحوادث الحريق والتلف والسرقة، وضمان نوعية عمر المنتج لنهاية عمر المستحضر الدوائي، وضمان حقوق الدولة لان هناك العديد من الدعاوى ضد الشركات الاجنبية لتعويض العراق بعشرات الملايين من الدولارات نتيجة توريد الادوية المغشوشة اليها والتي لا يمكن اكتشافها في حينها لان الادوية المصنوعة من المواد الاولية والنافذة صلاحيتها عندما تحلل تكون مطابقة للمواصفات وبعد اشهر قليلة تظهر مشاكلها وبهذا لا تستطيع الحكومة العراقية من استرداد اموالها من تلك الشركات.

هجرة العقول
الدكتورة مهى صالح حسين النعيمي من الشركة العامة لصناعة الادوية والمستلزمات الطبية في سامراء اشارت الى وجود مشاكل ومعوقات تواجه نشاطات البحث والتطوير خلال السنوات القليلة السابقة منها عدم توفر المستلزمات المادية اللازمة لتطبيق برامج البحث والتطوير من (مواد اولية، مستلزمات تعبئة وتغليف، ومواد قياسية، اجهزة مختبرية) كذلك ضعف التخصيصات المادية السنوية وشحة الكوادر الفنية ذات الخبرة والاختصاص القادر على الاداء الكفوء في مجالات البحث والتطوير بسبب هجرة العقول العلمية نتيجة الاوضاع الامنية بالاضافة الى انتقال الشهادات العليا الى الجامعات العالمية للفارق بالامتيازات الاقتصادية.
وقالت ان ظاهرة الغش الدوائي والمجهولة المصدر اخذت بالازدياد في الفترة الاخيرة وانتشرت بشكل يثير القلق في الصيدليات غير المجازة التي يديرها اصحاب الدكاكين التجارية وصيدليات الارصفة ويعود بالدرجة الاولى الى عمليات استيراد الادوية التي تكون غير منظمة حيث ان كل محافظة تشتري ادويتها بشكل منفرد بعيد عن سيطرة وزارة الصحة المركزية واجهزتها ومختبراتها وكذلك مصانع ادوية القطاع الخاص المحلية والتي تعمل على شراء الامتياز حيث لاتمتلك ابسط مقومات التطبيق لتصنيع الدواء الجيد واهمها اجراء الفحوصات على المواد الاولية الخام التي تدخل في تركيب الدواء، ومستلزمات التعبئة والتغليف والمنتج النصف نهائي والنهائي وفق احدث الدساتير العالمية المعروفة ( Usp، Bpالبريطاني والامريكي) والتي يتم تحديثها كلما اصدرت بحوث جديدة، وان نجاح أي صناعة وترخيصها يكون اسهل واسرع بطبيعته اذا ما قورن بالصناعة الدوائية والذي يتطلب امر ترخيصها التدقيق والتشخيص وهذا كله يعرض صحة المواطن لخط تسرب ادوية غير صالحة للاستخدام والتاكيد هنا على دور السيطرة النوعية والرقابة الدوائية في مراقبة وتفتيش المعامل الخاصة بالصناعة الدوائية ومتابعة المختبرات والمخازن ووضع الضوابط والفواتير الصارمة للحد من استيراد الادوية المغشوشة.
واخيرا استطيع القول بان الشركة العامة لصناعة الادوية في سامراء قادرة على سد حاجة السوق المحلية بنسبة (70بالمائة) وبجميع الاشكال الصيدلانية اذا ما توفرت لها المستلزمات الضرورية وتتمثل بالدعم المالي وتطوير المرافق الانتاجية والبحثية وايجاد نظام حماية للمنتج الوطني اسوة بالدول التي توفره لشركاتها الوطنية وعدم فسح المجال بدخول الشركات الوطنية بالمنافسة مع شركات الادوية العربية والاجنبية ضمن مناقصات توريد الادوية ودعم عملية تنظيم تسويق الادوية الى المنافذ التسويقية الاساسية كوزارة الصحة والدفاع اللتين تشكلان نسبة 90 بالمائة من المنافذ التسويقية لشركتنا سابقا. والاعتماد على استيعاب منتوج الشركة بدلا من استيراد الادوية من مناشئ غير معروفة ورديئة وغير مطابقة للمواصفات الدستورية العالمية لصناعة الادوية.

أصحاب المذاخر
وعن ظاهرة انتشار الادوية التجارية الرديئة التي تباع في الصيدليات وعلى الارصفة اكد مدير قسم الاعلام والعلاقات في شركة ادوية نينوى بشار طه عبد خطورة هذا الامر وقال:
ان هذه القضية يقع عاتقها على اصحاب المذاخر والصيدليات والواجب عليهم حماية المواطن من مثل هذه الادوية الرديئة والتي يتم استيرادها حاليا من مناشئ هندية وصينية ودول الجوار منها ايران وسورية ومناشئ اخرى والتي تدخل الى العراق دون اجراء فحوصات عليها ومن دون ارقام بسبب عدم وجود الرقابة الدوائية حاليا على الادوية المستوردة ما ادى الى اغراق السوق بهذه المنتجات غير المطابقة للمواصفات العالمية اضافة الى انها رخيصة الثمن والغرض منها الربح على حساب المواطن.
واضاف بان شركتنا انتجت لاول مرة في العراق ادوية سرطانية بواقع 14 مستحضرا وسنواصل انتاجنا الى نهاية العام الحالي ستصل الى 150 مستحضرا معتمدين على افضل الدساتير العالمية مثل دستور الادوية البريطانية P.b ودستور الادوية الاميركي P.s.u اضافة الى بعض الدساتير الاخرى.

اكبر المشاكل
الدكتورة كوكب يعقوب ساعور التدريسية في كلية الصيدلة في جامعة بغداد تحدثت عن مراحل الغش الدوائي من الانتاج الى المستهلك قائلة:
لقد اضحت ظاهرة الغش الدوائي من اكبر المشاكل التي تواجه صحة المواطن في عموم العالم واصبح تاثيرها على المواطن لايقتصر على ظهور اعراض جانبية بل تعدى ذلك الى ارتفاع نسبة الوفيات بينهم من جرائها ولذلك فان المستحضر المتداول رسميا في البلد لابد له ان يتم تصنيعه في مصنع مجاز رسميا ومطابق لشروط التصنيع الدوائي الجيد Gmpومن جميع النواحي كالبنايات والمخازن والمختبرات والتكييف والخدمات والاجهزة الطبية وكذلك تجهيزه في وزارة الصحة وان يتم تقييمه في المركز الوطني للرقابة والبحوث الدوائية قبل اطلاق صرفه وتداوله... ولايجوزالتلاعب بها سواء بالكميات اوبانواع المواد الداخلة في تركيبها ويفترض ان تكون من مناشئ جيدة ومعروفة وان لاتستخدم في التصنيع الابعد تقييمها والتاكد من نقاوتها وصلاحيتها، وهذه اهم خطوة في الانتاج لانها معرضة لعملية الغش الصناعي.
وفي حال كون المستحضر المستورد من قبل القطاع الخاص فالضوابط تتطلب ان يستورد المستحضر من قبل صيادلة مجازين بممارسة المهنة ومن خلال مكتب علمي او مذخر من قبل نقابة الصيادلة او حاصل على اجازة استيراد صادرة من قبل الوزارة وفي حالة الاستيراد للقطاع الحكومي فيكون عن طريق الشركة العامة لتسويق الادوية في وزارة الصحة حصرا وهناك ادوية مغشوشة لوحظ تداولها في القطاع الخاص لمستحضرات تنتجها جهات غير مجازة رسميا في تزوير مستحضرات لشركات دوائية معروفة وتسويقها الى القطاع الخاص فضلا عن ادخال ادوية من دون تصريح من وزارة الصحة وتداولها في القطاع الخاص من دون تحليل من مختبرات السيطرة النوعية التابعة لوزارة الصحة.
مشاكل كبيرة
الصيدلانية شهلاء عبد الحميد من الشركة العربية لصناعة المضادات الحيوية (اكاي) اشارت الى المشاكل التي تعترض عملية نقل الادوية وخزنها مبينة ان شركة (اكاي) تقع جنوب بغداد بمسافة35 كم وتعاني من مشاكل عديدة اهمها صعوبة وصول المواد الاولية الى شركتنا ما ادى الى قلة انتاجها..ولكن وزارة الصحة تبذل جهودها من اجل دعم الشركات الوطنية ووصول الادوية الى المستهلك ومن جانب اخر يعاني السوق العراقي من حالة الانكشاف وسياسة الاغراق بكل منشأ حتى الدواء اصبح يباع على الارصفة دون رقابة بل ان هناك كميات كبيرة من الادوية المغشوشة اصبحت في متناول الايدي وباسعار زهيدة شكلها يشابه الادوية الحقيقية وعلى مرأى من عيون المجتمع فاذا كان بعضنا لا يشفي بالادوية الاصلية في ظل الظروف الحسنة فما بالكم بالادوية المغشوشة وما يترتب عليها من مضاعفات وبيئة ملوثة فالمريض يعاني الامرين بين مشاكل المرض وعصابات الغش والنصابين الذين اصبحوا ينتشرون بلا حدود والمفروض ان تكون المسؤولية لا سيما في المؤسسات ذات العلاقة وفي مقدمتها وزارة الصحة والجهات الرقابية المسؤولة فضلا عن منظمات المجتمع المدني والاعلام.
الصيدلانية سعيدة كاظم خوين من دائرة المفتش العام في وزارة الصحة اشارت الى دور الاجهزة الرقابية الخاصة بالدواء في ظل الظروف الراهنة مبينة ان دائرتنا هي الجهة المسؤولة عن مراقبة اداء المؤسسات الصحية الحكومية وكذلك انسيابية وتوفير الادوية بها وصولا الى المريض وفق قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981.. حيث تشكلت اللجنة العليا المشتركة لمحاربة ظاهرة بيع الادوية بطرق غير مشروعة في بداية عام 2004 باشراف المفتش العام ووزارة الداخلية والنقابات المهنية ودائرة الامور الفنية والشرطة العامة لتسويق الادوية وغيرها.. واخذت هذه اللجان بممارسة عملها ونشاطها بشكل فعال ومن خلال حملات تفتيشية مشتركة على بسطات الادوية واصحاب المحال الخارجين عن القانون ولم يتم منحهم اجازة ممارسة العمل والقضاء عليهم نهائيا لاتخاذ ما يلزم من الاجراءات.. وقام مكتب المفتش العام بغلق المحال والصيدليات الوهمية ومصادرة الادوية منها واتخاذ الاجراءات القانونية الرادعة بحق الاشخاص المسؤولين عنها، واكدت سعيدة بانه تم استحصال موافقة مجلس الوزراء على الشروع بتنفيذ خطة منع تداول المضادات الحيوية المستوردة المخالفة للقانون بتاريخ 192006 واتخاذ الاجراءات القانونية الرادعة.. ومن جانب اخر اوصى مكتبنا بتشجيع القطاع الخاص باستيراد الادوية من المناشئ الرصينة وتقديم التسهيلات لذلك القطاع وتتمثل بخفض نسبة الرسوم الكمركية عليها وسرعة تسجيلها وتحليلها مختبريا واطلاق صرفها.