[align=justify]بلغ عدد اجهزة الحاسوب المزودة لخدمة الانترنت اكثر من 29 مليون، وعدد مستخدميه في العالم 600 مليون شخص وبنسبة زيادة تقدر بـ150 مليوناً كل عام، ويتواجد فيه اكثر من مليون موقع.
وطبقاً لارقام تقرير نشرته مؤسسة مورجان ستانلي وشركائه فأن اكثر من نصف الشبكات التي تكون الانترنت او مايقارب 28470 شبكة تقع في الولايات المتحدة تليها كندا 4795 شبكة، ثم فرنسا 2003 فاستراليا، فاليابان، ثم المانيا فبريطانيا.
وتشير بعض الاحصائيات الى ان 80% من مستخدمي الانترنت يعيشون في الولايات المتحدة، ولا تشمل الهيمنة الاميركية عليه الجانب الاقتصادي فقط، بل تتعداها الى الهيمنة الثقافية خاصة في مجال اللغة، بسبب طغيان اللغة الانكليزية ورموزها ودلالاتها الثقافية.
ويستخدم 52.5% من مستخدمي الانترنت اللغة الانكليزية في التواصل، فيما يستخدم اللغة العربية بنسبة 006% استناداً الى احصائيات 2001.
ويبلغ عدد مستخدمي الانترنت العرب نحو 3.54 مليوناً استناداً الى احصاءات بوابة عجيب وفيزا انترناشنال. حيث احرزت الامارات العربية المركز الاول بنسبة مستخدمين قدرها 24.4% تليها البحرين. وجاء تسلسل العراق بالمركز الاخير بنسبة 006%.
فقراء المستقبل
ارتبطت تونس عام 1991 كأول دولة عربية في شبكة المعلومات الدولية، تليلها الكويت عام 1992، ثم مصر والامارات عام 1993، وفي العام 1994 ارتبطت لبنان، والمغرب، اعقبتهما قطر وسوريا في 1996 ثم المملكة العربية السعودية في العام 1999.
وفي رؤية تنبؤية لـ(لان انجل) من مدرسة لندن لعلم الاقتصاد يرى ان الصفوة في مجتمع المعلومات سوف تشكل 10% من سكان العالم وهم اغنياء المعلومات فيما يشكل الباقون وهم 90% فقراء العالم مستقبلاً نتيجة لتدني اجورهم الى مستويات واطئة جداً.
وتتجلى اولى الخسائر في فقدان الدول النامية والمتخلفة لملاكاتها من العلماء والباحثين، لانهم يفقدون الوسائل والنظم والادوات الحديثة المستخدمة في جمع وتحليل ومعالجة وصياغة وتداول المعلومات، وهذا ما يدفعهم للهجرة الى البلدان المتقدمة معلوماتياً، ما يفقد تلك البلدان فرصتها التنموية.
وتكمن فاعلية الانترنت في دقته وسرعته في عالم الاتصالات الحديثة. اذ ان اكثر العمليات الاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية اصبحت تتم من خلاله، ويكفي مثالاً على ذلك ان 78% من صحفيي العالم ينقلون اخبارهم وتحقيقاتهم وتقاريرهم عبر البريد الالكتروني. وتم نقل 3.4 تريليون رسالة عام 1998 سلمت الى 81 مليون مستخدم اميركي.
وتتمثل سلطة الانترنت في عوامل عديدة ابرزها:
1- السرعة والدقة في نقل كميات هائلة من الاخبار والمعلومات والبيانات والصور الخاصة بشتى وجوه الحياة من والى انحاء متفرقة في العالم من خلال انظمة اتصال الكترونية متطورة.
2- توافر شبكاته على مواقع متخصصة في مختلف العلوم والفنون والآداب واوجه النشاط الانساني الاخرى تتيح للباحثين الافادة من المعلومات المتوفرة في صفحاتها.
3- توفره على مواقع الجامعات والكليات والمعاهد العالمية وكذلك على الافتراضية منها التي تمنح شهادات اكاديمية عن طريق التعليم الالكتروني.
4- قدرته على انجاز الكثير من العمليات الاقتصادية وتحويل الاموال والدخول في مشاريع استثمارية، كما يمكن الاطلاع على آخر السلع والخدمات المطروحة في الاسواق العالمية.
5- يمكن من خلاله الاطلاع على آخر مستجدات الاحداث في العالم من خلال المواقع الالكترونية للصحف والمجلات والدوريات الاخرى والاستفادة من الارشيف الخاص بكل موقع منها.
6- يتيح لاي شخص الاتصال بالمؤسسات الحكومية التي لديها مواقع على الشبكة، وكذلك المنظمات الدولية والاقليمية كالامم المتحدة ومنظماتها، ومنظمات حقوق الانسان، او اي منظمات او هيئات اخرى.
الراهن العراقي
لا توجد حتى الان احصاءات دقيقة عن عدد المواقع الالكترونية العراقية وطبيعة تخصصاتها على شبكة المعلومات الدولية.
وشهد التواجد العراقي نمواً ملحوظاً في هذا المجال خاصة بعد سقوط النظام السابق في 2003/4/9، اذ قامت الكثير من الصحف المحلية ووكالات الانباء ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب والكيانات السياسية ومؤسسات الدولة ومراكز البحوث والدراسات وبعض الاشخاص بانشاء مواقع الكترونية تتعلق بنشاطهم.
واصبح هذا التواجد فاعلاً من خلال ما تقدمه هذه المواقع من خدمات للمواطن العراقي او ما تقدم به من اتصالات وتبادل معلومات مع المواقع العربية والاجنبية الاخرى.
وشهد العراق زيادة واضحة في استيراد الحاسبات المختلفة وملحقاتها وانتشاراً ملحوظاً للمحال التجارية التي تتداولها او الورش الخاصة بادامتها وتصليحها.
وانتشرت طبقاً لذلك مقاهي ومراكز الانترنت في جميع شوارع العاصمة بغداد والمحافظات العراقية، خاصة تلك التي تنعم بهدوء نسبي ملحوظ، بعد ان كانت خدمة الانترنت مقتصرة على دوائر النظام السابق.
كما شهد السوق الثقافي تدفقاً واسعاً في استيراد الكتب الخاصة بعلوم الحاسبات والبرامجيات خصوصاً الانترنت والبريد الالكتروني وادلة المواقع الالكترونية، فضلاً عن ذلك قامت الكثير من المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني بفتح دورات مجانية لمنتسبيها وللمواطنين كافة.
من جانب آخر حرصت الجامعات العراقية على تعزيز مناهجها الدراسية الخاصة بعلوم الحاسبات وجعلته منهجاً اساسياً للاختصاصات العلمية والانسانية كافة. فيما اقتنى الكثير من المواطنين حاسبات خاصة بهم، ربطها بعضهم بخدمة الانترنت القريبة من منزله.ومع التطور الواسع النطاق في هذا المجال الا ان الجهود اللازمة لتقليص الفجوة الرقمية بين ما وصله العالم المتحضر وما يعيشه العراق من واقع متخلف في المستوى الرقمي ما زالت دون الستوى المطلوب. وتشكل هذه الجهود عبئاً مضافاً على النظام السياسي الجديد فضلاً عن اعبائه الخاصة في احلال الامن والاستقرار في البلاد، ومعالجة الازمات المتلاحقة في قطاع الخدمات، وبناء اسس متينة مادية وبشرية لعراق ينهض من دخان الحروب.
المتغيرات الجديدة
ان اتساع الاهتمامات بخدمات الانترنت سيفرز العديد من المظاهر الاقتصادية والاجتماعية على الواقع العراقي وهو ما سيشكل معايير وقيماً جديدة لم تكن مألوفة في هذا الواقع.
فعلى الصعيد السياسي سيبدو مستخدمي الانترنت اكثر تحرراً من الاعلام الداخلي سواء كان هذا الاعلام حراً او موجهاً، وذلك لقدرتهم على ملاحقة المعلومات في مصادر مختلفة على شاشة الحاسوب، كما ان سعة الاستخدام ستزيد من مساحة الشفافية بين مختلف المؤسسات والاطياف العراقية اذ ستكون هناك قدرة فائقة على التواصل مع المؤسسات الانسانية الخاصة بالتنمية وحقوق الانسان فضلاً عن المؤسسات العلمية والجامعات الافتراضية وهذا ما سيجعل المتعاطين مع الانترنت خارج انماط السلوك السلطوي للنظام في عالمه الافتراضي وستجد الحكومات المقبلة في العراق نفسها مجبرة على تنمية قطاع المعلومات في مؤسساتها الرسمية وكذلك العلمية والتعليمية، وفقاً لبرامج وخطط تستنفد الكثير من الجهود والاموال.
ومع تنامي سعة مستخدمي الانترنت ستقل مبيعات الصحف المطبوعة داخل العراق والقادمة اليه من الخارج لتوفر قدرة الاطلاع عليها وعلى غيرها من خلال شبكة المعلومات الدولية. وهذا ما سيلقي بدوره اعباء مضافة على الاعلام العراقي تتزايد مع تزايد اعداد المستخدمين اما في الجانب الاقتصادي فان الاهتمام باستيراد اجهزة الحاسوب وملحقاتها سيشكل مستقبلاً قطاعاً اقتصادياً نخبوياً يتالف من الخبراء المختصين في هذه الاجهزة من مهندسين ومبرمجين وغيرهم، وان ولادة ونمو مثل هذا القطاع سيأكل من حرف القطاعات الاخرى ويؤدي الى موت بعض القطاعات الهامشية في السوق او يشكل ازاحة لها عن مواقعها التقليدية. وستدفع سهولة التجارة عبر الانترنت الكثير من التجار التقليدين الذين لا يجيد بعضهم سوى التوقيع باسمائهم على عقود البيع والشراء فاسحاً المجال لولادة قطاع تجاري نخبوي الثقافة قادراً على التعامل مع مستجدات السوق العالمية بجد وموضوعية وعلى المستوى الثقافي، فالكثير من الناس الذين عاشوا لاكثر من ثلاثة عقود في العزلة المظلمة سيجدون انفسهم في قلب احداث العالم، قادرين على التواصل والتبادل والتدوال في شتى صفوف المعرفة، وهذا ما سيلقي بظلاله على الواقع المحزن للانتاج الثقافي العراقي الذي تأثر لسنوات طويلة بعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية ما يضع الثقافة امام متطلبات الانتاج الابداعي الغزيرة من اجل الحصول على مقعد امام انظار العالم.
وستطول الكثير من المظاهر النفسية مستخدمي الانترنت مولدة انعكاسات عديدة على بنية المجتمع العراقي، اذ سيحبذ الكثير من هؤلاء العزلة داخل العالم الافتراضي للشبكات على التفاعل اليومي داخل المجتمع. فدراسات كثيرة وفي مختلف انحاء العالم تؤكد ان مستخدم الانترنت بقدر ما يصبح مواطناً عالمياً في سعته وارتباطاته المعلوماتية فانه يتحول الى كائن منعزل عن محيطه الاجتماعي بما في ذلك افراد اسرته والمقربين جداً منه. هذا فضلاًَ عما يمكن ان تسببه بعض المواقع الخاصة من مؤثرات عميقة في بنية الفرد العراقي كمواقع الارهاب والتعارف والمواقع الاباحية ومواقع الادب الفاحش ورسائل التهديد والترغيب والنصب والاحتيال.
وتتوزع النظرة الى انعكاسات استخدام الانترنت بين غضب المتشائمين وتشددهم من جانب وتفاؤل المناصرين من جانب آخر.
ومع ذلك يبقى الانترنت سلاحاًَ ذو حدين تتحدد مضاره ومنافعه بطبيعة المستخدمين له وقدرتهم على تنمية كياناتهم الفردية وتنمية بلدان او العمل عكس ذلك، ولكنه مع هذا سيضع قيماً ومعايير جديدة بسبب تأثيره الواضح على السلوك الانساني بشكل عام.
[/align]