يا شعوب الدول الملكية ... تشبثوا بالملكية !



حسين ابو سعود



تتعالى من آن الى آن صيحات شاذة تطالب بالتخلص من الملكيات باعتبارها تجسيد للدكتاتورية او انها أنظمة يتوارثها أفراد من أسرة واحدة ، ولا يريد أصحاب هذه الصيحات على هذين السببين شيئا ، والحق هو ان هذا الطرح يعكس جهل صاحبه لان الملكية ليست بالضرورة ان تكون دكتاتورية لان هناك الكثير من الملكيات الراقية لا تحيد عن الديمقراطية ( الحقيقية ) قيد أنملة كما هو الحال في بريطانيا والنرويج وهولندا مثلا ، ولا عبرة في إعطاء أمثلة عن ملكيات متخلفة قد تكون موجودة في بعض البلدان ، لان الظلم الذي يمارسه أي دكتاتور يجب ان يواجه المقاومة حتى ولو كان يمارس ظلمه تحت ظل نظام جمهوري كما كان يحدث في العراق وما زال يحدث في العديد من الجمهوريات المزعومة .

وحري بشعوب الدول الملكية ولا سيما في الدول العربية ان يتشبثوا بأنظمتهم ويعضوا عليها بالنواجذ لأنها ان ذهبت فستذهب معها الراحة والأمان والحرية والاستقرار وغيرها من المزايا الطيبة كما حدث في العراق بعد انقلاب 14 تموز 1958 حيث لم يذق الشعب طعم الراحة منذ إسقاط الملكية حتى ساعة تسليم البلاد بالكامل الى الأمريكان ، وعلى العكس من ذلك فقد ذاق الشعب مختلف أنواع الظلم من ملاحقات وسجن وتشريد وتهجير وغيرها ، وعلى الطرف الآخر نجد الدول الملكية والأميرية في الخليج مثلا تحقق نسبة عالية من التقدم والرقي والازدهار في جو من الأمان والاستقرار وهذا كل ما يريده الإنسان العادي ويطمح إليه ، والزائر لدول الخليج يجد العمران والتطور والدخل المرتفع للفرد ، ويجد التسهيلات الصحية والتعليمية وغيرها من الأمور الأساسية في حين كان الزائر الى العراق في العهد الصدامي يجد الكثير من مظاهر التخلف والحرمان ، وكانت الحكومة لا تسمح بخدمة الانترنيت والهاتف الجوال وصحون الستلايت وغيرها ، وما يقال عن مساوئ الملكية في العراق فهي ان صحت لا تشكل شيئا يذكر أمام مساوئ الجمهورية التي جعلت أربعة ملايين عراقي يتشردون في مختلف أصقاع العالم وما صاحب ذلك من آثار نفسية وجسدية عليهم وعلى أولادهم .

وان قيل شيئا عن المساوئ الموجودة في الأنظمة الملكية في الدول العربية فانه يمكن إصلاحها داخل النظام ويقع مسئولية الإصلاح على عاتق الجميع وبالحسنى دون اللجوء الى العنف والقوة لتغيير الوضع القائم ، وارى بان الكثير من الأنظمة الملكية العربية قد وعت وأدركت حقيقة ضرورة إشراك الشعب في الحكم من خلال السماح له بالانتخاب والترشيح في البرلمان او المجالس البلدية ، و لا يتوقع من هذه الدول ان تحقق انجازات تشبه ما تم انجازه في بريطانيا في فترة وجيزة ولكن رحلة الألف ميل تبدأ دائما بخطوة .

وأنا لا اقصد ملكية بذاتها غير اني قد اكتويت مع الملايين من أبناء شعبي بعد ذهاب الملكية في العراق ، فصار رئيس البلاد يمثل عشيرته وحزبه بعد ان كان الملك رمزا للوحدة الوطنية وأبا لجميع أفراد الشعب ، وهو شخصية محترمة لا يمكن انتهاك حرمته ، ومن الضروري ان يكون في البلاد شخص واحد على الأقل لا تناله الألسن ويحترمه الجميع ، وكما قلت فانا لا اقصد ملكية بذاتها غير انها دعوة مفتوحة موجهة للملوك العرب للاستفادة من الدروس وعدم إضاعة ما حققه أجدادهم من مجد ، لا سيما ان الملك الأول في أي دولة يشيد مملكته على أساس من العدل والإنصاف وغالبا ما يضحي كثيرا من اجل ذلك ويتمتع بحكمة واسعة ونظر ثاقب .

وما تحتاجه هذه الشعوب هو قليل من الحريات ومراقبة المسئولين في أعمالهم من خلال برلمان منتخب ودستور يحدد صلاحيات كل جانب بشفافية ، وقد يقول قائل بان هذا النوع من التفكير هو تفكير عاطفي بعيد عن الموضوعية أقول : نعم لقد سقط الآلاف من الضحايا بعد الملكية في العراق وتشرد الملايين وصار عندنا أعداد هائلة من الأيتام والأرامل والمقعدين وضحايا الفقر والجهل والحروب ، ومن حقي ان أكون عاطفيا مقابل ان لا يراق المزيد من الدماء .

اكرر وأقول : ياشعوب الدول الملكية حافظوا على الملكية .



[email protected]