الانتقام في سياسة الأحزاب والحركات الدينية العراقية - 5

الحزب الإسلامي أنموذجا



كتابات - طاهر الموسوي



تعرضت في الحلقات الماضية إلى التيار السياسي الشيعي قبل أن أتحدث عن قرينه السني ، وذلك لدفع الشبهة الطائفية عني عند الحديث عن الأخر ، لان لقبي يدل على انتمائي مذهبيا وليس بالضرورة سياسيا إلى ما ينتمي إليه التيار الأول ، وهذا يشرفني واعتز به ، كما اعتز بالمذاهب والأديان الأخرى ، وللعلم فأنني اكتب باسمي الصريح .



من المعلوم إن في حقبة صعود التيار القومي العربي ظهر حزب ديني إسلامي بهدف مواجهة الفكر العربي ، ألا وهو حزب " الأخوان المسلمين "

وانتشر في مصر والمشرق العربي ، مكان انطلاق الفكر القومي العربي ، تصدى هذا الحزب للتجربة الناصرية في مصر ، وعرقل مسيرتها ، وليس خافيا لمصلحة من كان هذا الحزب يعمل ؟ فهو صناعة بريطانية معرفة .



ناصب حزب الأخوان المسلمين في العراق الحركة الوطنية العراقية العداء أيضا ، وكان له موقفا مخزيا من أحداث 1956 ، ففي الوقت الذي تصدى الشيوعيون والبعثيون والقوميون وغيرهم من الوطنيين إلى حلف بغداد وحكومة نوري السعيد وموقفها من العدوان الثلاثي على مصر ، شذ حزب الأخوان المسلمين عن القاعدة ووقف موقفا ذيليا باهتا .



لم يسجل لنا تاريخ الحركة الوطنية العراقية موقفا متميزا لهذا الحرب ، وفوجئنا بظهور" الحزب الإسلامي العراقي " بزعامة الدكتور محسن عبد الحميد بعد الاحتلال مباشرة ، والمعروف عن الأخير انه مدلل في ظل حكم البعث ، وساهم مع آخرين يقودهم عزت الدوري بتأجيج النعرة الطائفية في العراق من خلال الحملة الإيمانية ، ونقلوا هذا الوباء إلى داخل صفوف البعث ، وقد سخر محسن قلمه للنيل من المذاهب الأخرى ، وتشهد على ذلك قاعات كلية الشريعة ، ومعهد التطوير الأمني وغيرهما .



وعند تشكيل هيئة علماء المسلمين انظم إليها الحزب الإسلامي ، إلا انه تمرد عليها ، عند أول فرصة سنحت له للمشاركة في الحكم ، وذلك عندما عين بول بر يمر أمين عام الحزب عضوا في مجلس الحكم ، وبهذا لم يكن وفيا للهيئة التي تمثله مذهبيا ، والتي ارادتة يمثلها سياسيا .



بتشكيل حكومة مجلس الحكم ، حصل الحزب الإسلامي على أحدى الوزارات ، وفرض سيطرته عليها ، وأراد أسلمتها ، وسخرها لخدمة الحزب ، كما فعل آخرون مثل وزارة الاتصالات " حزب الدعوة " ، وغيرها من وزارات المحاصصة الطائفية المقيتة ، وكذا الصحة والنقل " تيار صدري " في حكومتي الجعفري والمالكي .



قاد طارق الهاشمي انقلابا ابيضا وأطاح بمحسن عبد الحميد ، مثل انقلاب صدام على البكر ، وطارق هذا مدلل نظام البعث هو الأخر ، لكن من محاسن ذلك النظام ، انه لا يتهاون مع الخيانة ، مهما كان شكلها ، لذا تم إبعاد طارق الهاشمي عن الكلية الفنية العسكرية بحادثة الأسئلة المعروفة .



زايد أمين عام الحزب الجديد على الأحزاب والتيارات كافة سنية كانت أم شيعية ، وركب مركب الرافض للاحتلال والعملية السياسية ، ورفض الدستور قبل كتابته ، ولما ضمن المساهمة في هيئة كتابة الدستور هرول إليها مسرعا ، لكنه ركب موجة الرافضين له لاحقا ، غير انه شذ عنهم في اللحظات الأخيرة وطلب التصويت بنعم له ، وذلك بعد أن ضمن موقعا سياديا مهما لامينه العام ، وكان الأخير يمني النفس برئاسة الجمهورية ، ولوح له بذلك ، كي يسرب أسرار الرئاسة لمحبيه ، كما تسربت الأسئلة الامتحانية في الكلية الفنية العسكرية .



إن المتتبع لسياسة هذا الحزب وامينه العام السابق والحالي يتلمس إنها سياسة حزبية ضيقة ، انتهازية ، تلعب على الحبال ، فهو ضد الاحتلال لكنه صديق المحتل ، وهو مع المقاومة " الإرهاب "، لكنه مشارك في العملية السياسية ، في ذات الوقت يسعى لتجير الشارع السني له ، ويفرض دكتاتوريته عليه ، متجاوزا قواه الفاعلة ، " العشائر والقوى الوطنية " .



إن الحزب الإسلامي العراقي شانه شان أي حزب ديني ، لا يمتلك مشروعا وطنيا ، وان خطابه السياسي خطابا مذهبيا طائفيا ، يفرق ولا يوحد .



حدثتنا الأنباء ، وتأكدنا من ذلك ، عن عمليات إجرامية يقوم بها أعضاء ذلك الحزب ، وحماية امينه العام ، وقد القي القبض على بعضهم عندما هاجموا مستشفى اليرموك ، لإطلاق سراح رفاقهم المصابين الموقوفين الراقدين في ذلك المستشفى .



إن تورط قيادة هذا الحزب بالإرهاب انكشف بشكل جلي في الإخراج المسرحي الغبي والبائس أثناء عملية إطلاق سراح الصحفية الأمريكية " كار ل " ، إذ اجبرها أمين عام الحزب على تسجيل حديث تشكر الحزب وتنفي مشاركته باختطافها ، لكنها وجهت له الاتهام المباشر في أول لقاء معها في ألمانيا ، يقول فقهاء العلم الجنائي " إن المجرم يحوم حول جريمته " ، وهذا ما فعله الحزب الإسلامي مع هذه الصحفية .



وما يؤكد طائفية هذا الحزب تصاعد عويله عند أي هجمة غادرة على احد مساجد إخواننا أبناء السنة الأعزاء ، لكنه يصمت مثل أهل القبور على جرائم التكفيريين ضد العراقيين المساكين من أبناء المذاهب والديانات الأخرى .



إلى متى هذا الحقد والانتقام من العراق والعراقيين أيتها الأحزاب الطائفية ، سنية أم شيعية ؟ ألا يكفيكم ما فعلتموه بالعراق ؟ ألا شلت أيديكم ، وأقول للمسلمين من كل المذاهب ارفضوا هؤلاء وتمسكوا بالعراق فهو خيمتنا جميعا .