محاكمة صدام ـ الشهادات المطلوبة
أحمد الربعي
باعتقال صدام حسين يكون لدى قوات التحالف كنز من المعلومات الذي اذا نجحت في فتحه فان اوراقاً كثيرة وعلاقات كثيرة ستكون مفاجأة للجميع. صدام وليس غيره لديه المعلومات الكاملة عن ملف اسلحة الدمار الشامل العراقية وكل تفاصيل ما حدث لذلك البرنامج. ولديه ملف استخدام الاسلحة الكيماوية في حلبجة، واعلان الحرب على ايران، واحتلال الكويت، ولديه معرفة تامة بعملاء العراق الماليين الذين كانوا يديرون امبراطورية مالية خارج العراق لصالح عائلة صدام حسين، ومعرفة بالمقابر الجماعية والاسرى.
صدام حسين في حالة محاكمته التي ستستمر مدة طويلة سيقف امام الشهود واغلبيتهم من ضحاياه، وسيتعامل مع آلاف الوثائق التي كانت سرية عن علاقاته المشبوهة في مجالات كثيرة ربما يكون الجانب الاعلامي واحداً من اكثرها اثارة. وعلى ذمة احد المقربين من صدام والذين هربوا الى خارج العراق قبل سنوات فان صدام كان يقول للمقربين منه انه اذا كان لديكم عشرة دولارات فاصرفوا ستة منها على الاعلام، لا تبخلوا على احد. ومعروف ان السفارات العراقية في الخارج كانت تتعامل بملايين الدولارات التي كانت تدفعها للعديد من الاعلاميين في العديد من العواصم العربية ولعدد من العاملين والمراسلين للفضائيات العربية، ولعدد ممن كانوا ينظمون المظاهرات مدفوعة الثمن باسم الدفاع عن اطفال العراق، وكان آخر الامثلة ما حمله وزير خارجية العراق السابق من شنط من الدولارات خلال جولته في عدد من الدول العربية قبل سقوط النظام والقصص التي تسربت عن توزيع هذه الاموال.
اذا انفتح ملف الارتزاق بالقضايا الانسانية والقومية فسنكون امام فضيحة اخلاقية كبرى، وسنكتشف ان بعض من كانوا يخدعون الناس بالدفاع عن العراق واطفال العراق كانوا يقومون بمهمتهم مدفوعة الثمن مقابل الارتزاق وبعضهم كان يغلف موقفه بغطاء من العروبة والاسلام، لذلك لم يكن مستغربا ان اول ما قام به عملاء صدام في الايام الاولى من سقوط بغداد بيد قوات التحالف هو حرق وزارة الاعلام، ففيها من الفضائح والوثائق ما كنا بحاجة اليه لكشف الحقائق.
نستثني بالطبع اولئك المخدوعين والبسطاء الذين انخدعوا بشعارات صدام والذين لم يتعلموا من التجربة ان الدمار الذي الحقه الطاغية بشعبه وامته وبقضية فلسطين هو دمار شامل سندفع ثمنه لسنوات طويلة قادمة.