باول أبلغ أعضاء في مجلس الحكم الانتقالي العراقي أن واشنطن ستتجه إلى إعطاء دور كبير للأمم المتحدة
وزير الخارجية الأميركي عرض في بغداد انتقال السلطة على غرار ما ما شهدته جنوب أفريقيا
ا
إيلاف من بغداد: ذكرت مصادر عراقية مقربة من سلطة التحالف ومجلس الحكم العراقي في بغداد أن منظومة من الإجراءات بدأ إتباعها في العراق تمثل تغييرا جذريا في التعاطي الأميركي مع ملف إدارة الشأن العراقي. وقالت المصادر ل (إيلاف) إن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أبلغ في زيارته الأخيرة لبغداد عددا من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي، أن واشنطن ستتجه إلى إعطاء دور كبير للأمم المتحدة وان قواتها في العراق ستكون جزءا من قوات دولية بعد نقل السلطة إلى العراقيين في 30 حزيران (يونيو) المقبل، وعرض باول تسريع إعادة وزارة الدفاع العراقية قبل انتقال السلطة وكذلك إجراء مصالحة وطنية على غرار ما شهدته جنوب أفريقيا عقب انهيار نظام الفصل العنصري. وذلك عبر اتخاذ إجراءات من شأنها أن تعمل على نحو عملي على إشاعة ثقافة التسامح داعيا إلى حل مشكلة الموظفين مدنيين وعسكريين الذين تم استبعادهم من مواقع عملهم بسبب حل الوزارات والدوائر التي كانوا يعملون فيها أو بسبب انتماءهم لحزب البعث السابق، فضلا عن دعوته لإصدار عفو عام وشامل عن جميع المعتقلين في سجون قوات الائتلاف باستثناء أولئك الذين يشك في انتمائهم إلى تنظيم "القاعدة" أو منظمة "أنصار الإسلام" أو رموز النظام السابق الكبار، وإدخال تعديلات على قانون إدارة الدولة الانتقالي الذي جُوبِه بانتقادات حادة من الغالبية العظمى من العراقيين بموجب الملحقات التي يجري إعدادها للقانون المذكور تأخذ بنظر الاعتبار الانتقادات التي حصل إجماع عليها من قبل غالبية النخب العراقية، داعيا سلطة التحالف ومجلس الحكم إلى ضرورة الاهتمام بالشائعات التي تروج في الشارع العراقي ومحاولة تحليلها ومعرفة من يقف خلف إطلاقها ودواعي نشرها وانعكاساتها السياسية والاجتماعية والنفسية، معتبرا أن اتخاذ هذه الإجراءات من شأنها أن تحسن أوضاع العراقيين ويعزز النجاحات التي حققتها سلطة التحالف بالتعاون مع مجلس الحكم على طريق بناء الديمقراطية في البلد الذي عانى من عقود الديكتاتورية والتسلط، داعيا إلى البدء بهذه الإجراءات قبل عملية نقل السيادة المرتقبة آخر حزيران المقبل.

ولفتت المصادر إلى انه قد تم بالفعل المباشرة بالعديد من الإجراءات بهذا الصدد وان بعضها سيتم إكماله قبل الأول من تموز المقبل، وأشارت إلى أن التسريع في إعادة وزارة الدفاع الذي سيعلن عن إعادة إنشاءها في غضون أيام سيرتبط به إعادة العديد من الموظفين المسرحين مدنيين وعسكريين.

وكانت تقارير سابقة قد تحدثت أن 75 % من أفراد الجيش الجديد سيتم أخذهم من أفراد الجيش السابق، كما أن عددا من الموظفين المدنيين المسرحين ستتم إعادتهم إلى وزارة الدفاع وهيئة الأمن القومي التي سيتم تشكيلها، فضلا على إن الهيئة المكلفة بتطبيق قانون اجتثاث البعثيين قد اتخذت إجراءات جديدة بإعادة العديد من عناصر الحزب المنحل إلى وظائفهم، وكان القانون المذكور قد شمل بإجراءاته حوالي 60 آلف شخص.
وكانت أنباء سابقة قد ذكرت أن سلطة التحالف ومجلس الحكم في العراق شكلا فريقا بحثيا مهمته جمع الإشاعات التي يتداولها الشارع العراقي وتحليلها والوقوف على خلفياتها ودوافع انتشارها ودرجة مصداقيتها ورفع تقارير بالنتائج التي يتوصل إليها الفريق إلى جهات عليا في مجلس الحكم وسلطة التحالف، وبحسب المعلومات فان الفريق يضم 6 محللين من الاستخبارات الأميركية ومترجمين أمريكيين من أصل عربي و11 عراقيا من بينهم طبيب وأستاذ جامع.

وفي الإطار نفسه، بدأ في مدينة أربيل أمس أعمال أول مؤتمر للمصالحة الوطنية العراقية منذ سقوط نظام صدام حسين.
و بحسب منظمي المؤتمر الذي يشارك فيه وزراء وقيادات سابقة في حزب البعث وبعض أعضاء مجلس الحكم الانتقالي وزعماء العشائر العراقية، فإنه يهدف إلى طي صفحة الماضي ودعوة الجميع للمشاركة في بناء العراق الجديد.
ومن المنتظر أن يشكل المؤتمر الذي انعقد بدعوة من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق مسعود البرزاني لجنة عليا للمصالحة الوطنية، وقال البرزاني لدى افتتاحه المؤتمر إن المقصود هو فتح حوار صريح، مشددا على ضرورة الاعتماد على النفس للتسريع بذهاب الاحتلال. وأضاف "لم نكن نستطيع التخلص من الدكتاتورية بدون مساعدة قوات التحالف".

من جانبه، دعا زعيم حزب الاتحاد الكردستاني جلال الطالباني إلى التمييز بين أنصار صدام حسين وبين الذين اضطروا إلى الانخراط في حزب البعث. وشدد الطالباني على أهمية أن تمثل الحكومة العراقية المقبلة جميع الأطراف في العراق.
ويبدو أن عقد المؤتمر يأتي في إطار حزمة الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى تحسين الأوضاع في العراق والتي تمثل مفردات التعاطي الأميركي الجديد في إدارة الملف العراقي ، ويبدو أن تكليف الأكراد الذين يوصفون بأنهم الضحايا الأبرز "للصداميين" وهم البعثيون الموالون لصدام حسين، بتنظيم المؤتمر إنما يستهدف إعطاء دفعة قوية للمصالحة الوطنية تتجاوز الخطاب الإعلامي إلى منحى واقعي وحقيقي.

ويذكر أن من بين أبرز المشاركين في المؤتمر الرئيس العراقي الأسبق عبد الرحمن عارف وقائد الجيش الأسبق إبراهيم فيصل الأنصاري. وشهدت مدينة أربيل قبل أسبوع مؤتمرا عراقيا مشابها أطلق عليه مؤتمر الحوار العربي الكردي. وتتزامن تلك الأنشطة الداعية إلى الوحدة الوطنية وتجاوز خلافات الماضي مع قرب تسلم مسعود البرزاني رئاسة مجلس الحكم الانتقالي مطلع الشهر القادم ، الأمر الذي يمنح الأكراد صبغة الحرص على الوحدة الوطنية العراقية في ظل اتهامات راجت مع إقرار الدستور المؤقت بان الأكراد يسعون إلى تدعيم كيانهم الخاص في مسعى اجل للانسلاخ عن العراق.

عصام العامري
http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/index.html