|
-
أسس البناءات الموضوعيه للتفسير ...
(هذه دراسه مستلهمه من فكر الشهيد محمد باقر الصدر -قدس سره- في المدرسه القرانيه ,لذا اضعها هنا في واحته الشريفه آملا ان تجد من ينتفع بها في علم التفسير ..مع بالغ الاحترام والتقدير لكل من اطلع عليها مسبقا وابدى رأيه بها قبل نشرها والله ولي التوفيق ) تسيـّد التفسير بالمأثور المراحل الاولى لعلم التفسير , وأهم اسباب هذا التسيّد ان النص المأثور عن المعصوم هو اقرب تفسير لمقصد الشارع المقدس بل هو الاصح قطعا لما ورد في القران الكريم ان مصدر هذا التفسير هو الخالق (فأذا قرأناه فاتبع قرانه ,ثم ان علينا بيانه ) وكذلك التحرج من ابداء الرأي واعتباره اجتهادا مقابل النص ,اضف لذلك جمهره الروايات التي تحذر من التفسير بالرأي وتتوعد صاحبه .ومع مرور الزمن ظهرت على الساحه اتجاهات تفسيريه كثيره نتيجه لعوامل متعدده ساهمت في ابراز مناهجها , ومن تلك العوامل شيوع البحث الكلامي بعد وفاه رسول الله (ص) وانتشار البحث العقلي والفلسفي , واختلاط الثقافات والالسن نتيجه لاختلاط المسلمين مع غيرهم زمن الفتوحات ونقل الثقافات والفلسفات الخارجيه , وظهور التصوف المقترن بالبحث الفلسفي واتخاذ طريق المجاهده مع النفس والكشف سبيلا لمعرفه ما وراء الالفاظ والمعاني , وكذلك الاختلافات المذهبيه بين الطوائف الاسلاميه ,هذه العوامل وغيرها ادت الى تسيد هذه المناهج على الساحه وعدم قدره التفسير بالمأثور على مجاراتها لاسباب منها بقاء جمع اهل الحديث على التعبد المحض بالظواهر الدينيه من غير بحث , وكذلك توقف هذا التفسير في حدود الالفاظ وعدم القيام بدور اجتهادي مبدع في التوصل الى ما وراء المدلول اللفظي واللغوي وبالتالي عدم قدرته على اجابه الاسئله العقليه والفلسفيه والكلاميه التي افرزتها الساحه الاسلاميه مع مرور الزمن , ومن هذه الاسباب ايضا ظهور علم او علوم الحديث والتي تهتم بالجرح والتعديل ودرجه الوثوق او الضعف في المأثورات الامر الذي ادى الى خلل الارتكاز على هذا الجانب -جانب المأثورات-وافتقار هذا التفسير الى النصوص الصحيحه الكافيه لملأ الفراغ بين المواضيع القرانيه ,وخلاصه القول ان مناهج علم التفسير ارتبطت اتجاهاتها بافرازات الساحه الاسلاميه والبشريه فتنوعت حسب تنوع هذه الاتجاهات لكنها توحدت في منهج تناولي واحد , وهذا المنهج هو تناول سور المصحف الشريف بالترتيب ,حيث يبدأ المفسر من الايه الاولى من سوره الفاتحه الى سوره الناس فيفسر القران ايه ايه وقد اطلق السيد الشهيد محمد باقر الصدر على هذا المنهج اسم (التفسير التجزيئي) وسنعالج هذا المنهج تماشيا مع هذه التسميه
.التفسير التجزيئي
هذه المنهج -اي التفسير التجزيئي- سيطر على الساحه قرونا عديده وما زال , ومما ساعد على شيوعه وفق ما طرحه السيد الصدر -قدس سره-النزعه الروائيه والحديثيه للتفسير , ودور المفسر فيه هو دور سلبي لانه يبدأ دون افتراضات او اطروحات مسبقه , وهو يحاول ان يحدد المدلول القراني على ضوء ما يسعفه به اللفظ مع ما يتاح له من قرائن متصله ومنفصله , وهو -اي التفسير التجزيئي- ينقصه عدم وجود كشف للروابط بين العدد الكبير من المعارف والمدلولات القرانيه وكذلك التركيب العضوي لهذه المجاميع من الافكار , وبالتالي ينقصه بناء نظريه قرانيه لكل مجال من مجالات الحياة لان هدفه الاخير هو الوقوف عند حدود فهم هذا الجزء او ذاك من النص القراني ولا يتجاوز ذلك غالبا , وبقول اخر انه يبتدئ من القران وينتهي بالقران كما يقول السيد -قدس سره- فليس فيه حركه من الواقع الى القران او من القران الى الواقع وهذا الاغلاق ادى الى ان يشكل هذا المنهج عاملا في اعاقه النمو المكتمل للفكر الاسلامي . والحق ان هذه المآخذ على التفسير التجزيئي بعضها ثابت وبعضها غير ثابت فان الدور السلبي للمفسر -اي الخالي من الافتراضات او الطروحات المسبقه -هو دور لازم له بحكم وظيفته التفسيريه والتي تفرض عليه كشف المراد من النص لا ابداء الرأي فيه إلا اذا اقتضى المقام ابداء الرأي , ومع ذلك فانه يظل ملزما بشروط معينه تجيز له هذا الرأي , كما ان التفسير التجزيئي غير ملزم ببناء نظريه قرانيه لكل مجالات الحياة لان مهمته -كما اسلفت- كشف المراد من النص القراني واستخراج المدلولات القرانيه العامه لتسهيل تناولها لدى الباحثين , وقد اكد السيد الشهيد -قدس سره- ان الاتجاه الموضوعي الذي تبناه بحاجه الى تحديد المدلولات التجزيئيه في الايات التي يريد التعامل معها , ولعل فقدان وجود الروابط بين العدد الكبير من المعارف والمدلولات القرانيه وعدم وجود حركه قرانيه -واقعيه هي اهم هذه الماخذ على هذا المنهج , الامر الذي ادى الى ظهور الاتجاه الموضوعي في التفسير والذي سنبين ملامحه واشكاله لاحقا .((يتبع الجزء الثاني انشاء الله ))
-
التفسير الموضوعي
هذا الاتجاه قديم بملامحه متنوع باشكاله , غايته ايجاد مواضيع اسلاميه مستقله ودراستها واستخلاص نتائجها , وقد شمل مساحه واسعه من العوم الاسلاميه كما تناول موزاضيع تتعلق بالقران الكريم كاسباب النزول او القراءات وغيرها , وقد احس المفسرون بضروره هذا الاتجاه فرفدوا كتب التفسير بمواضيع مستقله اغلبها تتحدث عن مفاهيم قرانيه ترد امامهم اثناء التفسير , غير ان ملامح هذا الاتجاه بدأت تتميز وفق شطرين او رؤيتين احدهما ما طرحه الشيخ (محمد الغزالي )في رؤيته للتفسير الموضوعي, وهو التفسير الذي يجعل لكل سوره موضوعا معينا -اجماليا- ثم يبدأ بتناوله على هذا الاساس , والثاني ما طرحه السيد الشهيد محمد باقر الصدر -قدس سره- واسماه بالتفسير التوحيدي او الموضوعي , وهذا المنهج الاخير له تطبيق على ارض الواقع امثله ماكتبه بعض المفكرين الاسلاميين حول (الانسان في القران الكريم) لمرتضى مطهري ومحمد تقي جعفري , و(الحركه والتحول في المنظار القراني ) لمحمد تقي جعفري وغيرها مثل كتابات سيد قطب ومحمد قطب ...وغايه هذا المنهج هو تحديد موقف نظري للقران وبالتالي للرساله الاسلاميه او بمعنى اخر اطروحه قرانيه لموضوع من موضوعات الحياة .ويبدأ المفسر عمله في هذا المنهج من واقع الحياة لا من النص ويطبقه على القران على شطل الحوار والاستنتاج , فالتفسير هنا يبدأ من الواقع البشري ويعود الى القران خلافا للمنهج السابق -التفسير التجزيئي-وهو يؤدي دور التلاحم بين الواقع والقران ..واهم الماخذ على هذا المنهج هو كما قال العلامه محمد حسين الطباطبائي -قدس سره- في مقدمه تفسيره (الميزان) ان هذا الطريق من البحث احرى به ان يسمى تطبيقا لا تفسيرا ففرق -والكلام للعلامه- بين ان يقول الباحث عن معنى ايه من الايات ماذا يقول القران ؟او يقول ماذا يجب ان نحمل عليه الايه ؟فالقول الول يوجب ان يُنسى كل امر نظري وان يتكئ على ما ليس نظري , والثاني يوجب وضع النظريات في المسأله وتسليمها وبناء البحث عليه -انتهى كلام العلامه- ولا شك ان من المآخذ الخرى على هذا المنهج هو فقدان عنصر الربط بين الايات -السياق- والذي يحكم في الغالب على المعنى المراد من الايه , كما لا يخفى ان هذا المنهج يجعل القران معرضا لاراء الانسان اكثر مما هو رأي القران و وبالعموم فان هذا المنهج هو اقرب الى البحث والدراسه منه لتفسير القران اسس البناءات الموضوعيه للتفسيرخلاصه ما تقدم ان المنهج التجزيئي للتفسير ودور المفسر فيه هو المعني بعلم التفسير , وان المنهج الموضوعي ياخذ الجانب التطبيقي لهذا التفسير على ارض الواقع , والواقع ان المنهج التجزيئي شهد تطورا ملحوظا بجانبيه العمودي والافقي , وبقول اخر جانب العمق في التناول وازدياد مساحه التناول , كما ابرز مفاهيم ومدلولات اسلاميه جديده كانت الساحه بحاجه اليها , اضافه الى رفده العلوم الاسلاميه بالاضافات الجديده الناتجه عن حركته المتطوره , لكن معظم هذه الاثار كانت محدوده الفعاليه لالتزامه جانب التناول المحدود ولان هدفها هو ايضا محدود (تجزيئي) كما اسماه الشهيد الصدر -قدس سره- فكان العمق الحاصل هو في حدود الموضوع المتناول , والابراز كان ايضا ابرازا محدودا متعلقا بموضوع واحد و غالبا يفرضه المطلب , كأن يكون مطلبا علميا فتـُفسر الايه او يبرز المدلول -او المفهوم - وفق هذا المطلب , او مطلبا اجتهاديا فقهيا ...وهكذا . هذه العمليه وهذا التطور النسبي لا يمكن له مجارات المتغيرات السريعه على الساحه الواقعيه وكثره مستجداتها واسئلتها المطروحه او التي ستـُطرح لاحقا -هذا من ناحيه- وعلم التفسير كما اسلفت ليس ملزما ولا من مهمته او وظيفته بناء نظريات اسلاميه -من ناحيه اخرى- فاذن لا بد من اتخاذ منهجا يؤدي بالتفسير للوصول الى دوره المطلوب حيال ما تواجهه الساحه الواقعيه وفي نفس الوقت يحافظ على مقتضيات مهمته ومقاصده المعنيه , وقد نستطيع تلمس بدايه ادراك ضروره اتخاذ منهج جديد للتفسير يلائم هذه المتطلبات خلال مطالعه بعض كتب التفسير المتاخره والتي ظهر فيها اتجاه لتوظيف عدد من الموضوعات خلال التفسير كما في تفسير الميزان للعلامه الطباطبائي رغم ان ان هذه الموضوعات لا تخرج في اطارها العام عن منهج التفسير التجزيئي فيصح القول انها كما وصفها الشهيد الصدر -قدس سره- تبدأ من القران وتنتهي بالقران , او يمكن ان اسميها انا -هامش- يوضح المعنى المراد ويستدل عليه ببحوث كلاميه او فلسفيه لكنها تبقى محدوده في اطارها الخاص وقد يرادف هذا التوظيف اشارات مقتضبه الى ما قد تفيده الايه من مواضيع يمكن للباحثين تناوله كما في ( مواهب الرحمن ) للسيد عبد الاعلى السبزواري في بحوث المقام .((يتبع الجزء الثالث))انشاء الله .
-
اسس البناءات الموضوعيه للتفسير
اذن ما نتوخاه من هذا البحث هو الكشف عن ماهيه هذا المنهج المطلوب , ملامحه , اشكاله , ضوابطه ,والاهم من كل ذلك غايته او غاياته , وان لم يكن هذا البحث وافيا في هذا الكشف وطرح المضامين -لصعوبه الاحتواء - فحسبه دالا على ضروره اتخاذ مثل هذا المنهج واهميه دراسته وشرف غاياته . ولا تبرز غايات هذا المنهج الا عن فهم الحاجه الملحه لاعاده النظر في دور علم التفسير والمفسر , فصحيح ان التفسير ليس ملزما باستخراج نظريات , لكنه في نفس الوقت وحيال المستجدات على الساحه الفكريه والمتغيرات الواقعيه فهو ملزم بايجاد الاسس التفسيريه الكفيله لبناء النظريات , مثلما هو ملزم بتحديد الضوابط العامه لبناء النظريات ..الافق المؤطر لحركه هذه النظريات , وهكذا فان غايات هذا المنهج كثيره ومتشعبه اهمها تحريك عمليه التفسير نحو اهداف حقيقيه جديده وبالتالي تعديل دور المفسر من مستنبط للمعاني القرانيه فقط الى مستنبط لهذه المعاني وواضع اسس ابنيه جديده تـُأسس على هذه المعاني ,دور مزدوج بين التلقي والالقاء , الاصغاء والطرح . نعم ,المقصود الاول والاساس هو اظهار معنى كلام الخالق تعالى اسمه او المراد منه ,لكن الوقوف على هذا المقصد ليس محتوما بالضروره ,بل هو الجانب السلبي في عمليه التفسير فالهدف الاخر هو توظيف هذا المراد لغرض الاستفاده منه في الحياه الفكريه والعمليه , وبمعنى اخر ان المدلول المستنبط في عمليه التفسير ليس موقوفا على كيفيه استخراجه بل ممهدا لما يصلح له من معاني تتفرع منه او ترتبط به وبالتالي يشكل هذا المدلول بدايه حركه تفسيريه جديده تشكل خلال صياغتها وتفاعلها مع غيرها من المدلولات اسس بناء نظريه قرانيه لجانب من جوانب الحياه وتوليد اتجاه تفسيري يبدأ من القران وينتهي بالواقع ,بيد ان الاستفراغ الجهدي الذي يجعجع بالمفسر نحو البحث القراني الخالص يعفيه من بناء نظريه قرانيه - واقعيه ويقتصر منه ببيان الاسس والقواعد التي تبنى على اساسها تلك النظريات التي ياخذ بزمامها المفكرون الاسلاميون , وهكذا يحقق علم التفسير عبر هذا المنهج فائدته الاساسيه باعتباره اساس بناء الفكر الاسلامي او هو الماده الاولى لمجمل البحوث والدراسات والنظريات الاسلاميه , كما ان من غاياته انشاء حاله جديده من الوعي التفسيري تتناسب مع ضروره الارتقاء بهذا العلم الجليل ليخدم مساحه اوسع في مجالات النشاط الديني والانساني والفكري ..اسس البناءات الموضوعيه للتفسير او لنسميه ( التفسير البناءي ) هو التفسير الذي يتخذ من ايجاد اسس وضوابط بناءيه للموضوعات والنظريات الاسلاميه هدفا له مضافا لهدفه الاول (الاستنباطي ) , بل هو يلتقي معه في توحيد الاتجاهين الاستنباطي والتوظيفي , باعتبار عمليه الاستنباط تلازم عمليه التوظيف عن طريق الكشف عن مباني المعنى , والتي سنوضحها فيما سيأتي . ولهذا المنهج قابليه ايجاد منافذ جديده لاستنباط معاني ومدلولات قرانيه جديده , وله قدره على تجديد هذه الاسس والنوافذ لغرض مواكبه تطور النظريات المستجده على الساحه الاسلاميه , وهدفه الاساسي ان يتوصل التفسير عبر حركته الداخليه لايجاد قواعد عامه واسس بنائيه تخرج لحيز الواقع المعاش ومتغيراته , منافذ قرانيه -واقعيه , وحركته العمليه تتجه نحو البحث عن الروابط التي تربط بين المعاني والمدلولات والمحاور لغرض جعلها اسس بنائيه وهذ الحركه تتخذ اشكال تتجه بكل سبلها نحو الهدف المقرر والاشكال هي :المحوريه -التحويليه -البنائيه وسأشرح ماهيه الحركه المحوريه فقط على ان اعود لبيان الحركتين التحويليه والبنائيه مستقبلا اذا اراد الله تعالى ذلك وتيسرت الظروف الملائمه حيث ما زلت افتقد للكثير من المصادر المهمه التي استعين بها كنماذج تصلح للتطبيق .
الحركه المحوريه
هذه الحركه تأخذ الايه باعتبارها محورا لكثير من الايات التي تدور في محيطها العام وترتبط معها بروابط معينه تحمل مباني المعنى او المعاني لهذه الايه -المحور- كما تحمل اتجاهات اسس البناءات الموضوعيه عن طريق استخراج الدلالات المتشكله من هذه الروابط كما تعطي مصاديق هذه الاسس عن طريق ربط هذه الدلالات فيما بينها , او ربط المعاني -ربط الايات التي تحمل مباني المعنى للايه المحور .وقد كانت الاستعانه بايات اخرى لغرض بيان معنى الايه غالبا ما تتم بقصد الكشف عن المدلول اللفظي -كما يقول الشهيد الصدر- وهي بالكثير تستعين بايه واحده وبالقليل بايات معدوده لا تخرج عن المراد المقصود , بيد ان هذه الحركه تتجه اولا للكشف عن مباني المعنى - ويمكن للمفسر عن طريق هذا الكشف والبحث فيه استنباط المعنى الحقيقي للايه لاتمام الجانب الاول من عمليه التفسير (الاستنباط) ثم تتجه الحركه نحو استخدام هذه المباني -اي الروابط - لغرض توظيف الاسس المطلوبه , وهكذا تكون حركه العمل التفسيري ذات اتجاهين الاول :عموديا باتجاه التنقيب عن معنى الايه عن طريق المبانيوثانيا: افقيا باتجاه توظيف المباني ,توظيفا انعكاسيا يبدأ من القران ويتجه للواقع.وهنا مسائل لابد من توفرها لحصول الدقه والشموليه لهذه الحركه
1- ان تكون الايات المستعان بها هي معظم الايات التي ترتبط بالايه -المحور- بكافه اوجه الربط .. وسأبين بعض اوجه الربط لاحقا.
2- ان يكون دور المفسر سلبيا في عمليه ايجاد واستخلاص هذه الايات ,لانه في محل التجميع الكمي لا النوعي , ولان الفرز النوعي للايات لن يكون دقيقا ما لم يستوعب كل الايات المطلوبه .
3- ان يكون معنى الايات المستعان بها هو المعنى الاجمالي , او الاشاري , او الضمني , وليس بالتحديد المعنى الحقيقي .
4- ان يكون المعنى موافقا للربط باحد اوجهه
5- ان يكون المعنى موافقا لقواعد وضوابط علم التفسير المعروفه وتوضيح هذه المسائل ان عمل المفسر في نطاق هذه الحركه يكون كما قدمنا بجعل الايه محورا يبحث من خلالها عن كافه الايات المتعلقه بها , او لنقل المعاني التفصيليه لهذه الايه والمتوزعه في ثنايا السور القرانيه ,وبقول اخر ان منهجيه علم التفسير القائمه على قاعده تفسير القران بالقران تـُطبق من خلال تفسير الايه بكافه الايات المتعلقه بها ولا تاخذ الجانب اللفظي فقط , كما لاتقف عند حود المعنى المستخرج من خلال هذا الجانب , بل توظف بقيه المعاني لايجاد منافذ خارجيه هي اساس البناء الموضوعي -او بالاصح- هي القواعد العامه لهذا الاساس , ولا نحسب ان هذه الحركه هي خروج عن قاعده تفسير القران بالقران بل هي تعطيها مساحه اوسع مما فهمها الكثير من المفسرين وحصروها بنطاق ضيق ومحدود , ودور المفسر في هذا التجميع للكم الاياتي لا بد منه ان يكون سلبيا -اي دون فروضات مسبقه عن معنى الايه- مهما كانت ماهيه هذه الفروض ومصادرها ,وأؤكد على المصادر لان غالبيه المفسرين مع وجود مصدر روائي نراهم يقفون عند حدود هذا المصدر -او المأثور- باعتبار ان هذا النص لايمكن تجاوزه او ابداء الرأي فيه وبالتالي يقفلون حركه التفسير نحو الاتجاهات الاخرى التي قد - بل هي بالتاكيد - لن تكون في موضع التضاد مع المأثور, بل هي تتجه اتجاه اخر , فالتجميع هنا ليس قصده ابداء المعنى النهائي للايه , فالايه قد تـُفسر من خلال خلاصه معاني تلك الايات, او تفسر خلال معاني بعضها , ولا شك ان وجود الفروضات المسبقه والوقوف عندها قد اعاق عمليه الربط بين الدلالات والمفاهيم وبالتالي اغلق اتجاه الحركه التفسيريه نحو الخارج . ولما كانت معاني الايات المستعان بها هي المعاني المرتبطه بالايه -المحور- وبقول اخر ان استخدام هذه الايات هو لغرض الاستعانه بها في تحديد معنى الايه او بيان اشكال الروابط التي تربطها فليس من اللازم ان يكون المعنى المطلوب هو المعنى الحقيقي -التفصيلي او المرتبط بالسياق مثلا- بل يمكن استخدام معانيها الاخرى او ما تشير اليه الايه في احد معانيها شرط ان لا يكون هذا المعنى خارجا عن ضوابط علم التفسير.((يتبع الجزء الرابع -الروابط-))
-
اسس البناءات الموضوعيه للتفسير (الروابط)
نعني بالرابطه :الصله التي تجمع بين معاني ايتين مختلفتين , والروابط في هذه الحركه المحوريه تنقسم الى اربعه اقسام وهي :
1- الرابطه المطابقه : وهي الصله التي تطابق معنى ايتين وتستخرج منهما معنى مشتركا ومثالها قوله تعالى (اياك نعبد ) وقوله تعالى (فاعبد الله مخلصا له الدين) ولكيفيه ايجاد هذه الرابطه نطبق المثل الرياضي الاتي :اياك نعبد _____ تحمل مدلولان الحصر او الاخلاص ... والعباده فاذا كان الحصر = سوالعباده= صفانه يتطابق مع قوله تعالى اعبد الله ...... ورمزه كما مضى (ص) ومخلصا له الدين ...... ورمزه (س) ويكون المعنى كالاتي اياك نعبد (س +ص) = اعبد الله مخلصا له الدين (ص +س)
2- الرابطه السببيه : وهي الصله التي توافق بين معنى آيه ومعنى لاحق لمعنى آيه اخرى تشترك مع الايه الاولى بصله جزئيه او مطابقه ( وسيأتي شرح الصله الجزئيه في الحركه البنائيه ) ويكون المعنى اللاحق مرتبط بالآيه الثانيه بنوع من السببيه ومثاله قوله تعالى (اياك نعبد ) وقوله تعالى (اعبدوا ربكم الذي خلقكم ) ..فاياك نعبد تشترك في المعنى مع اعبدوا ربكم , والمعنى اللاحق هو ( الذي خلقكم ) وهو سبب العباده , فيكون المعنى العام ان اخلاص العباده في (اياك نعبد ) ناتج عن وحدة الخالق الذي في قوله ( اعبدوا ربكم الذي خلقكم ) ...
3- الرابطه التضمنيه : وهي الصله التي توافق بين معنى آيه ومعنى لاحق لآيه ثانيه بنوع من التضمن او الدلاله عليه ومثاله قوله تعالى ( اياك نعبد) وقوله تعالى (فاعبدوه واشكروا له ) فالآيه الثانيه تضمنت معنى الشكر مضافا للعباده فيدخل في الحصر الذي في قوله (اياك) .. وايضا مثل قوله تعالى (فاعبدوه وابتغوا عنده الرزق ) فهنا تضمنت الآيه معنى اخر وهو ان ابتغاء الرزق من غير الله ينافي مفهوم حصر العباده في (اياك نعبد ) فهذه الدلاله شكلت رابطه جديده بين قوله تعالى (اياك نعبد ) وقوله تعالى في آيه اخرى (ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا )
4- الرابطه المؤطره : وهي اهم هذه الروابط في بناء المواضيع ونعني بها الصله التي تربط بين مباني المعنى -وهي الروابط الماضيه - بعضها ببعض , كالتي تربط بين المعنى اللاحق للآيه الثانيه بنوع من السببيه والمعنى اللاحق لآيه اخرى بنوع من التضمين فتقترن كما في الامثله السابقه وحده الخالق بمفهوم الشكر والرزق , اوبين مباني المعنى في نفس الرابطه كاقتران مفهوم الرزق بمفهوم الشكر في الرابطه التضمنيه .. وقد سبق القرآن الكريم في ربط هذه المعاني بعضها ببعض كما في قوله تعالى ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ) وقوله تعالى ( فابتغوا عنده الرزق واعبدوه واشكروا له ) ...تطبيق لو اخذنا قوله تعالى ( والله الهادي الى سواء السبيل ) وجعلنا قول (سبيل الله ) محورا ..لحلقت في مدارها العديد من الايات ذات الدلالات الموضوعيه التي تشكل اساسا قويا لبناء العديد من الموضوعات وهاك هذا التطبيق :الشكل (1)
سبيل الله
-------------سبيل المهاجرين (الآيه 72 انفال)
------------سبيل المجاهدين ( الايه 72 انفال)
------------سبيل المنفقين (الايه 195 بقره)
------------سبيل الدعاه (الايه 125 نحل )
------------سبيل السلام (الايه 17 مائده )
-----------سبيل الرشد (الايه 146 اعراف)
------------سبيل المؤمنين (الايه 115 نساء)
-----------سبيل المحسنين ( الايه 69 عنكبوت)
-----------سبيل المتوكلين (الايه 12 ابراهيم )
----------سبيل المنيبين ( الايه 15 لقمان )
الشكل (2) ولنأخذه باستقصاء الشروط الواجب توفرها لسالكيه او من يريد السير على سبيل الله :شروط سبيل الله
----------تهذيب النفس ( الايه 262 بقره )
---------التزام الاحكام (الايه 190 بقره )
--------اخلاص العقيده ( الايه 89 نساء )
--------الشهاده في سبيل الله ( الايه 4 محمد )
--------الجهاد ( الايه 244 بقره )
--------الانفاق ( الايه 190 بقره )
--------الهجره ( الايه 100 نساء )
--------الايمان (الايه 150 نساء)
--------نصره المؤمنين ( الايه 72 انفال)
ولو اخذنا هذا المقطع القراني ( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) ووضعنا عباره ( السبل المنحرفه ) محورا لوجدناها تدل على ما يلي : الشكل (3)
السبل المنحرفه :
---------سبل الطاغوت (ايه 76 نساء )
--------سبل الكفر ( ايه 12 عنكبوت )
-------سبل المجرمين (ايه 55 انعام )
------سبل الجاهلين (ايه 89 يونس )
------سبل المنافقين ( ايه 2 المنافقون)
--------السبل الكاذبه (ايه 143 نساء )
--------السبل الضاله (ايه 67 احزاب )
-------سبل الاذلاء (ايه 67 احزاب )
------سبل المفسدين ( ايه 142 اعراف )
ولو اخذناها باعتبار الاسباب المؤديه لها سنرى: الشكل (4)
اسباب انحراف السبل
--------------- الجهل (ايه 44 فرقان )
--------------كراهة الجهاد (ايه 81 توبه )
-------------عدم الهجره (ايه 89 نساء )
-------------شقاق الرسول (ايه 32 محمد )
------------التعلق بالماديات ( ايه 34 توبه )
------------النفاق في الدين (ايه 150 نساء )
------------الارتداد عن الدين (ايه 137 نساء )
------------ البخل ( ايه 38 محمد )
------------ظلم الناس (ايه 42 شورى )
------------اتباع الهوى ( ايه 26 ص )
-----------اتباع الشيطان (ايه 24 النمل )
-----------اتيان الفواحش (ايه 29 عنكبوت )
------------البطر والرياء (47 انفال )
-------------محاربه الدين ( ايه136 انفال )
------------طاعه الطواغيت (ايه 76 نساء )
-----------الرشوه وتحريف الكتاب ( ايه 9 التوبه )
----------اكل اموال الناس بالباطل (ايه 34 توبه )
وهكذا نرى ان ايجاد هذه المداليل والروابط تشكل اسس جاهزه لبناء مواضيع عديده .. وباستخدام الرابطه المؤطره نستطيع وضع اللبنات الاوليه للموضوع المختار .. وسنوظف هذهالعمليه في الامثله التاليه بالاستعانه بالشكل (4)
البخل =التعلق بالماديات = اكل اموال الناس بالباطل= كراهة الجهاد=عدم الهجره ....
شقاق الرسول =النفاق في الدين = الغش في الدين =اتباع الشيطان = تحريف الكتاب ...طاعه الطواغيت = محاربه الدين =اتباع الهوى =اتخاذ اعداء الدين اولياء =الارتداد عن الدين
كما ان هذه الحركه يمكن ان تستطرد بايجاد حركه محوريه جديده من اي مدلول مستخرج من هذه المداليل والروابط ولنأخذ سبل المجرمين في الشكل (3) فيمكننا ايجاد حركه محوريه جديده يكون هذا المدلول هو محورها كما يلي :
الجريمه
---------- دوافع الجريمه (ايه 133 اعراف وهنا دافع واحد وهو التكبر وغيرها الكثير )
----------العقوبه الدنيويه للجريمه ( ايه 84 اعراف وغيرها )
---------عقوبه الجريمه في الاخره (ايه 49 ابراهيم وغيرها )
---------مشروعيه دراسه سبل الجريمه والمجرمين (ايه 55 انعام و 69 نحل وغيرهما)
--------- القانون الجزائي للجريمه ( ايه 35 هود , 25 سبأ ,11 معارج )
---------ماهيه الجريمه (ايه 99 شعراء وغيرها ) فهذه مواضيع تتعلق بالمدلول , وهي مواضيع قابله لايجاد عده حركات محوريه جديده تشكل اسس بنائيه لمواضيع اخرى , ولو اخذنا ماهيه الجريمه محورا لوجدنا العديد والعديد من الايات التي تتكفل بشرحها وتحدد معالمها .. بدأ من ترك الصلاه (ايه 43 مدثر ) وصولا بالفساد في الارض (ايه 52 هود ) مرورا بعدم الانفاق ( ايه 44 مدثر ) او الافتراء على الله (ايه 17 يونس ) ... وهكذا نرى ان الحركه المحوريه هي حركه مولده , وبالتاي فاستخدامها بالشكل الصحيح يفتح للمفسر منافذ للواقع لا يعلم مداها الا الله تعالى ... والله ولي التوفيق .
-
حذف بسبب مخالفته لقوانين الشبكة
ادارة شبكة العراق الثقافية
-
اي مشاركات تروج للحبيب سوف تحذف،
أين الثرى من الثريا ومن هو هذا الحبيب الذي يقلل من قيمة آراء ومؤلفات عملاق الفكر الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه الذي تدرس كتبه في الجامعات العربية والغربية.
يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......
-
اخي الفاضل جاسم البغدادي رمضان كريم وبورت جهودكم في نشر فكر الشهيد الصدر رض
يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|