أبو علي الشيباني ... والشعوذة الانتخابية !
أبو علي الشيباني ... والشعوذة الانتخابية !
كتابات - محمد ثجيل هاشم
الكل يذكر أبا علي الشيباني ، العراف و الروحاني الذي كان قد استغل الأوضاع النفسية لأغلب العراقيين إبان العنف الطائفي و تردي الأوضاع على مختلف الأصعدة و المجالات في حياتنا . و لم يكن في ذلك رجلا مبتكرا لشيء على غرار ابتكارات المحتالين الكبار و الحيّالين الأذكياء ، فمن المعتاد في ظروف الاحتقان و تردي الأوضاع الأمنية و الاقتصادية و شعور الناس باليأس من خلاص قريب أن تكثر ظاهرة العرافين و العرافات و المنجمين و المشعوذين و جميعهم يدعي علمه بالغيب و إن الله حباه علما لم يحبُه لأحد من الخلق . و تدر هذه المهنة التي تظهر في ظروف كهذه أموالا طائلة على أصحابها الذين يبدأون مهنتهم على غرار ما تفعله بعض المطاعم التي تقدم وجبات مجانية عند افتتاحها ومثل بعض الشركات أو مصنعي البرامج الالكترونية لغرض جلب الزبائن و الترويج للبضاعة و مهنة المشعوذين لا تختلف في هذا المجال فهم يحاولون أن يصوّروا أنفسهم أناسا لا يهمهم الكسب المادي و لا يبتغون في " شعوذتهم " سوى وجه الله تعالى ! و الحقيقة أنهم لم يمارسوا تلك الألاعيب إلا لأجل الضحك على البعض و استدرار ما في جيوبهم .
و أبو علي الشيباني لا يحتاج أحد لوقت كي يعرف أنه إنسان ممسوس و مشعوذ لبق و لكنه في الوقت ذاته مكشوف و تبدو لعبته غاية في السذاجة و الغباء . و اللباقة التي يتمتع بها إنما تنطلي على بعض المصدقين و من لديهم قناعة مسبقة بوحي من حالة نفسية أو أزمة يعانون منها . لهذا لم يطل به الوقت حتى انكشف زيفه و تلاعبه الساذج بمشاعر الكثير ممن يتصل به . لكنه في الآونة الأخيرة عاد ليظهر على شاشة فضائية الديار التي استغرب شخصيا كيف اقتنع كادرها و المسؤولون فيها ببرنامج الشيباني و كيف قبلوا بأن يضعوا أنفسهم موضع الانتقاد من قبل مشاهديهم الذين تفاجأوا بظهور هذا المشعوذ و الدجّال على شاشة الديار .
في الآونة الأخيرة وكالعادة في نهاية كل عام ميلادي و بداية عام آخر تكثر في الصحف و المواقع الالكترونية أخبار ما يسمى بالتنبؤات لفلان وعلان و فلانة وعلانة و الكل يشترك بلقب " العالم الفلكي " أو " الخبير الفلكي " .. أو ما شابه ذلك . و يبدو أن أبو علي الشيباني راقه هذه السنة أن يقدم نفسه كفلكي على غرار ماغي فرح و حسن الشارني و جاكلين عقيقي و إلى آخر القائمة . بعد أن علم أن هؤلاء يحصدون في كل عام الملايين نتيجة بيع كتبهم الضخمة المليئة بنفس الكلام في الكتب السابقة و التي إذا حاول القارئ أن يعيدها في نهاية السنة فلن يجد شيئا قد تحقق بالفعل سوى ذلك الهامش الذي يتحفك المحللون السياسيون و المراقبون للشؤون المختلفة بما هو أكثر منه كما و نوعا وقربا من الواقع الذي حصل . و مما تفضل به الشيباني من توقعات هو توقعه أن الذين سيفوزون بالانتخابات القادمة هم قائمة المالكي و القائمة العراقية و الصدريون . هذا التوقع السياسي اعتبره شخصيا شعوذة دعائية لهذه الأطراف ولاسيما أن الشيباني غير بعيد عن قضية السياسة بل إن الرجل تدور حوله شبهات قوية و عديدة منذ قوله إبان أحداث الزركة و قبل بضعة أيام إنه سيحدث حدث كبير في يوم عاشوراء وراح يلمح لبعض التفاصيل التي حدثت بالفعل . و كاد الكثيرون يصدقون بسذاجة أن الرجل نوستر أداموس القرن الحادي و العشرين لولا أن أحد المقربين منه كشف العلاقة بينه و بين كلا من أحمد بن الحسن و قاضي السماء وبعض مدعيي المهدوية و هؤلاء جميعا التقوا في فترات مختلفة في لبنان حيث يقيم الشيباني منذ سنوات . إذاً لنا أن نحتمل بقوة أن ما تم عرضه على أساس أنه توقعات أو تنبؤات إنما لا تنفك عن غرض سياسي فمن المعلوم إن مثل هذه الأمور تحرّك الناس بشكل لا واعي تجاه خيار محدد و هي مثل بعض استطلاعات الرأي التي هي نفسها تسهم في تشكيل موقف معين وليست عرضا للموقف و استقراء له فقط . و الراجح أن توقعات الشيباني توقعات مدفوعة الثمن و إعلان انتخابي مجاني لتثبيت قناعة غير حقيقية وليست واقعية عن حتمية فوز أطراف و خسارة أطراف أخرى الأمر الذي يراهن عليه دافع الإعلان في أن يعمل على توجيه و تهيئة نفسية للمواطن سواء للتهاون مع خياراته الانتخابية و التسليم بما ترجحه تلك التوقعات أو دفعا لما يمكن أن يحصل من تزوير في الانتخابات المقبلة .
أخيرا ليحتفظ القارئ الكريم بالتنبؤ التالي لأبي علي الشيباني فقد ادعى إن سعر برميل النفط في الشهر الثالث سيهبط إلى أدنى مستوى له على الإطلاق وغير مسبوق أبدا بضغط أمريكي فيؤدي ذلك إلى انهيار اقتصاديات الدول المصدرة ، لينتظر من له شيء من القناعة بهلوسات الشيباني و سيرى أن هذا الأمر لن يحدث أبدا استنادا لرأي الخبراء و المحللين المختصين الذين هم أجدى و أجدر أن نأخذ القول منهم و ليس من رجل مشعوذ .
رد مع اقتباس
