معونة الشتاء هل تتذكروها ؟؟

زهير كاظم عبود


تقيم مديريات التربية في كل ألوية العراق في العهد الملكي وبداية العهد الجمهوري حملة لتوزيع الملابس على طلاب المدارس من أبناء الفقراء ، وبفرح خجول يستلم الطلبة الملابس والأحذية مرة واحدة كل عام دراسي ، وبعد أنقلاب شباط 1963 شطب هذا العمل من ذهن السلطة وحتى اليوم أذ لم يعد من اهتمامات السلطة التفكير في الفقراء من أهل العراق .
قلبوا الموضوع معي ودققوا في بلدنا الذي كان تتفضل فيه السلطات على المواطن بجاكيت أو حذاء وتفضحه أمام زملاءه الطلاب .
وأسأل دوماً منذ أن رحل عنا عبد الكريم قاسم بإيجابياته وسلبياته فهو أخر زعيم عراقي يقوم ببناء البيوت السكنية للفقراء وذوي الدخل المحدود ، بعده ما قامت السلطات بأي مشروع لأسكان العراقيين ، وبقيت شوارع القرى العراقية والنواحي غير مبلطة ولاتصلها السيارات بسهولة ، وبقيت القرى العراقية خالية ليس من الخدمات والماء الصالح للشرب والكهرباء ، وبل بقيت محافظات جميلة وعريقة لاتتمتع بوصول الماء الصالح للشرب ، وبقيت الحالة الصحية للمواطن متردية ولاتصل الخدمات للقرى والنواحي .
وبقيت بلادنا تحت رحمة الأكذوبة التي تسترت خلفها كل السلطات التي حكمت العراق مستعملة تلك الكلمة التي فقدت بريقها بعد أنكشاف كذب السلطات ، (( الاشتراكية )) التي حملوها كل قراراتهم التي حرمت الناس من التمتع بثروات العراق ومن الاستفادة من الخدمات التي يفترض بالدولة أن توفرها للمواطن ، ومن التساؤل الكبير حول مصير الثروات التي ضخها النفط طيلة هذه السنين الطوال .
من حقنا أن نتسائل عن مصير ثرواتنا النفطية والزراعية والثقافية والصناعية ؟ ومن حقنا أن نتحاسب بالأرقام عن مصير المليارات من الدولارات التي وضعت في بنوك أوربا وتم حرمان الناس منها ، الناس التي لم تزل شوارعها مخربة وبيوتها منخورة السقوف وأسوار جدران بيوتها متداعية وسياراتها عافها الزمن ومنعت الدول مسيرها في شوارع المدن وحدائقها مجــدبة وساحاتها العامة مصفرة وشواطئ أنهارها موحشة .
وطني الذي جعله الله يدر ذهباً ويولد فيه بشراً قدوة للناس في العلم والثــقافة والقيم والتسامح والانسجام ، حولوه الى منطقة جرداء ليس لوجودها قيمة على الخارطة وأنسانها مهمش يبحث عن لقمة العيش ، أما آن الأوان أن نتسائل عن مصــير ثرواتنا التي أكلت نصفها الحروب العبثية والمزاجات الرئاسية ، وآن لنا أن نستمتع ببلدنا ونبنيه بما يكفل للأنسان حقوقه الأنسانية وكرامته ، وأن يكون لكل مواطن حق مقرر بمقتضى الدستور والقوانين في ذمة الدولة يطالبها به أينما كان ومتى شاء ، وأن تقوم الدولة بواجباتها في خدمة المواطن والحرص على أداء أدق تفاصيل الخدمات التي تقدمها السلطات المسؤولة أمام الناس عن ذلك ، ولذا نحلم بوطن يلعب فيه أطفالنا برياض الأطفال بأقلام الألوان تحت الشمس لا يحملون السلاح ولايرسمونه في كراريسهم ولا يسمعون صوت الرصاص في باحة المدارس يوم الخميس ، نحلم أن لفقرائنا بيوت تحميهم من زمهرير الشتاء وقسوة حر الصيف وشوارع مدننا معبدة وسياراتنا فارهة وبيوتنا محمية ولاأثر للجياع في بلد يمتلئ بالخيرات ومدننا زاهية بحدائقها وورودها ودوائرنا موظفة لخدمة الأنسان وبناياتها لائقة ، وخيراتنا موزعة على المحافظات والنواحي والأقضية التي يدير خدماتها أبنائها الذين يتسابقون من أجل أظهار بلداتهم ومدنهم وقراهم أجمل من الأخرى ، وأن نستعيد لبغداد جمالها وأناقتها وسحرها وسمعتها وعافيتها وتمدنها بعد أن فقدت رونقها وعافيتها ، وأن يعود العراق لأهل العراق .

_:-