SIZE==3]بادئ ذي بدء أرجو أن أبين للقارئ الكريم قبل الخوض في عرض وتحليل هذا الموضوع الحساس جدا أنني لست شيعيا ولا سنيا بل عربي مسلم بالفطرة آمنت بمحمد كما آمن أهلي وأجدادي من قبلي منذ ألف واربعمئة سنة, وأنا ربعي من بني ربيعة تلك القبيلة العربية التي تنتشر في اغلب الدول العربية, منهم من تشيع ومنهم من بقي على الفطرة. ولست من هذا الطرف أو ذاك. [/size]
[SIZE==3]
الشيعة قادمون هو الموضوع الذي اخذ يرقى إلى اهتمامي في السنة الأخيرة من تطور الأحداث في المنطقة, وبعد انهيار حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

لقد خفت صوت الشيعة لأكثر من مئة عام أو يزيد من عمر الوطن العربي الحديث حيث كانت الدولة العثمانية سنية وكان الشيعة اقل حضوة لدى الباب العالي التركي بحكم سنية الدولة والحكم, ثم بعد انهيار الدولة العثمانية وتشكل الدول العربية الحديثة لم يحظ الشيعة بأي من الكراسي الأول في الدول التي يكثرون فيها, ففي السعودية كان ابن سعود أول مؤسسي الدولة السعودية الحديثة وهو وهابي النزعة والفكر, أما الهاشميون الذين خرجوا من رحم الجزيرة العربية و الذين حاولوا تشكيل ثلاث ممالك عربية في كل من أراض شرق الأردن وسورية والعراق فلم يكن في الأردن أحد ينتمي للمذهب الشيعي, بينما في سورية كان العلويون وهم طائفة اقرب ما تكون للشيعة منها إلى السنة إلا انهم لم يحظوا بشيء من السلطة أما في العراق وهم أكثرية فكان الحكم الملكي الأول والثاني إلى أن جاءت الانقلابات الثورية من دون إن يكون للشيعة أي أمل في الوصول إلى كرسي الحكم, أما إيران الشاه تلك الإمبراطورية الفارسية الشيعية, فكان الحكم الامبراطوري العلماني اكثر تطرفا من البعثيين ضد الشيعة والتشيع, والأقرب الى الحكم الديمقراطي على الطريقة الغربية فلم يكن للدين أو المذهب أي صبغة تصبغ بها الدولة الفارسية. أما دول الخليج الصغرى كالبحرين وقطر والإمارات والكويت فكان شيعتها يمارسون طقوسهم على نطاق ضيق عدا البحرين في بعض الأحيان, وكان الشيعة في اغلب تلك الدول راضين على الأقل بالوجه العام بالدور الذي وضعوا به أو هكذا يبدو.

بقي الأمر على حاله إلى أن أطاح الخميني بإلامبراطور رضى بهلوي في إيران وجاءت الثورة الإيرانية عندها شعر الشيعة في كل مكان في العالم أنها الفرصة الأقوى في تاريخ الشيعة الحديث ليكون لهم الصوت القوي المسموع في العالم من شيعة الهند والباكستان الى شيعة لبنان, وقد بدأ ما سمي بخطر تصدير الثورة الإيرانية أو الثورة الخمينية, وبدأت الدول تعد العدة لمنع تسرب هذا (الداء) الى الدول التي بها شيعة, واصبح في دوائر تلك الدول الأمنية أقسام خاصة لمكافحة عدوى التشيع الإيراني أو تصدير الثورة, وهي شبية بتلك الدوائر التي كانت تسمى في أجهزة الأمن العربية »مكافحة الشيوعية«. المهم في الأمر كان صدام حسين لها بالمرصاد فأشعل حربا طاحنة مع إيران بتشجيع من دوائر استخباراتية غربية تخشى التطرف الديني الشيعي الإيراني آنذاك, وبدعم من اغلب الأنظمة العربية التي ترى في إيران العدو الفارسي اللدود.

حارب صدام على ما يبدو على جبهتين إيران الشيعية, والشيعة في العراق من أبناء جلدته, وكانت حرباً لا ترحم أكلت الأخضر واليابس من كلا الطرفين ومن الشيعة والسنة, وانتهت الى لاشيء, ولكن من أهم نتائج الحرب تحجيم دور الشيعة في العراق وإيران والدول العربية, فكان الناظر للمشهد العراقي لا يستطيع أن يميز بين العراقيين سنتهم من شيعتهم , وهذا كان له تأثيره الكبير على شيعة الجوار العراقي, حيث استكان الشيعة في بلدانهم مكتفين بالنظر لما يجري حولهم .

في أوائل الثمانينات استطاعت إيران أن تحدث اختراقا واضحا عندما استمالت سورية بشكل واضح إلى جانبها في الحرب العراقية الإيرانية وان تدخل من خلالها الى لبنان لتنشئ حزب الله اللبناني الذي اصبح شوكة في حلق إسرائيل وان يصبح لاعباً ماهراً لصالح سورية, وان تصبح سوريا الوسيط المستفيد بين حزب الله والشيعة في لبنان, وبين ايران, بحكم سيطرتها العسكرية على الأخير.

قبل سقوط بغداد بأيدي الأميركان لم نكن نحن العرب ولا حتى العالم يعرف الكثير عن الشيعة , سوى انهم طائفة مسلمة وحسب, ولم يكن العالم قد شاهد المسيرات الكربلائية, إذ كانت كل تلك المظاهر الاحتفالية ممنوعة في عهد صدام حسين وفي عهد الشاه, وفي لبنان, والسعودية والكويت باستثناء البحرين حيث كانت تجري الاحتفالات في شوارع مخصصة للمحتفلين من دون أن تحظى بتغطية إعلامية .

أما بعد انتهاء عهد البعث في العراق وانتهاء العهد الإمبراطوري في إيران, وانتشار قنوات التلفزة الفضائية, فقد بدأ الشيعة عهداً جديداً لم يألفوه من قبل, حيث إيران الشيعية,, والعراق الشيعي, ولبنان نصف الشيعي, والعلويين في سورية وهي أربع دول قوية في المنطقة القوة فيها للشيعة على حساب القوى الدينية الأخرى, وهذا عهد غير مسبوق, لم يشهده الشيعة منذ الفاطميين الدولة الشيعية التي سادت في مصر لسنوات .

المراقب للظهور الشيعي هذا العام يستطيع أن يلحظ نموا غير معتاد في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية وخاصة في منطقة القطيف, وفي الكويت, واحتفالات واسعة في البحرين ومثيلاتها في لبنان, إضافة للملايين في العراق وإيران, انه العالم الشيعي القادم, والمد الشيعي القادم والزمن الشيعي القادم, من هنا على الشيعة إن يحسنوا استثمار اللحظة التاريخية, وعلى السنة أن يتعظوا من التجربة فالأيام دول نقلبها بين الناس.

*أستاذ مساعد في الإعلام الدولي
جامعة هادرسفيلد البريطانية
[email protected]

[/size]
[SIZE==2][/size]
[SIZE==3][SIZE==4]د. منور غياض آل ربعات * [/size][/size]
[SIZE==3][/size]