إغتيال المرجعية الناطقة .. اغتيال مجتمع بأكمله ..
كتابات - هيثم حيدر البغدادي
قد يتهمني البعض أو ربما الكثير ممن لم يستشعروا بعبق وطعم ذلك الوجود الإلهي والصفات المحمدية التي كانت تتمثل بشخصية السيد الشهيد محمد الصدر (قدس) بالمبالغة أو الإفراط والغلو حينما أذكر أن اغتيال المرجعية الناطقة يعني وبشكل أكيد اغتيال لمجتمع كامل بكل ما فيه من قيم وتقاليد وذلك فإني أضع أمام جميع من يتهمني بالمبالغة وعدم النظرة الموضوعية الكثير من الأدلة والبراهين التي تثبت صحة هذا الكلام وتسد كل منافذ الشك والتردد حول هذه الحقيقة ..
نعم ربما لا يعني اغتيال أي مرجعية تقليدية أخرى اغتيال مجتمع بأكمله .. أو حتى قد لا يصيب المجتمع هذا أو ذاك أي شيء مثلما حصل ويحصل كل يوم قبل اغتيال هذه المرجعية الناطقة المتمثلة بشخص السيد الشهيد .. إلا أن هذه القاعدة لا تجد لها تطبيقاً واحداً على أرض الواقع بالنسبة لما يخص المرجعية الناطقة ذات الحركة والأبعاد الكبيرة المؤثرة في المجتمع كالمرجعية التي تمثلت وتجسدت بصوت الحق الناطق وكلمة القرآن والوجود الإلهي الحقيقي على هذه الأرض بصوت المظلومين ألا وهو السيد الشهيد محمد الصدر ( قدس ).
فقد كان سماحته يرعى القريب والبعيد .. يحتضن العالم والجاهل ..يمد يده إلى الفقير ليمسح على رأسه وهو يداعبه بأدفأ الكلمات وأطيبها ليرسل رياح الطمأنينة والأمن والسلام على قلبه بعد أن طرده الجميع ونبذه الكثير ممن قد يحسبون على الدين وهو منهم براء .. كان عوناً وسنداً لهذا المجتمع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني ومضامين .. حيث كان بوصلة الخير التي تحدد لأبناء جلدته المسار الصحيح والطريق الأسهل لنيل رضا الله (سبحانه وتعالى ) والتقرب إليه .. كان يمثل ومن دون أدنى شك اليد الرحيمة التي وضعت على جرح مجتمعها لتوقف نزيف الدم السائل وسط هذا الكم الهائل من عمليات الذبح والاستنزاف البشري من دون أن يجد هذا المجتمع أي يدٍ أو ضماد ..!!
لقد جسدت هذه المرجعية الناطقة اللسان الناطق باسم كل مظلوم ومحروم تمت مصادرة حقوقه وحرياته تحت سياط الجلادين وسكوت تلك المرجعيات التقليدية..!! قامت – المرجعية الناطقة – بإرساء أكبر قاعدة للتغيير والإصلاح في المجتمع من خلال إحداث ثورة في داخل النفس الإنسانية وبذر بذرة الإيمان فيها وهذا ما لم ولن يجده المجتمع لولا ظهور هذه المرجعية .. هذه المرجعية التي أعادت ثقة الشعب بقدرتهم على النهوض من جديد بعد أن زرعت فيهم أشواك الخوف والتردد وقيود الرعب التي التفت عليه من كل حدبٍ وصوب لتجبره على تجرع مرارة الذل والسياط وحرارة الحديد والنار ..!
من هنا ومن هذا المنطلق فإن اغتيال هكذا مرجعية ناطقة بالحق ،ناشرة للأمن والسلام، مطالبة بالتحرر من قيود الذل والخوف ،داعيةً إلى فك رقاب أبناء المجتمع،فإنه يعني اغتيال وقتل المجتمع بأكمله لأنه – أي المجتمع – سوف يعاني من ضربة كبيرة لا يمكن وصفها بأقل من كونها قاسمة لظهره ومحطمة لقلبه النابض .. وإلا ما الذي يمكن أن يفعله مجتمع مظلوم ومحروم تحيط به أعتى وأبشع أنواع آلات الإرهاب والقمع والظلم من دون وجود هذه المرجعية التي تؤمن له أساليب العلاج وطرائق الوقاية من الأمراض النفسية من جهة ، والتي تحدد له المسار الحقيقي الصحيح نحو نيل رضا الله سبحانه وتعالى من جهة أخرى .. فضلاً عن أن اغتيال هذه المرجعية الناطقة يمثل مؤامرة من نوع اكبر وأعظم وأخبث من كل المؤامرات ، حيث أنه يمثل اغتيال صوت مجتمع كامل وشعب قد وجد من يضع ثقته فيه ويحمل رسالته بعد أن عانى الكثير من جراء بحثه الطويل المضني عن مثل هكذا قيادة ومرجعية تخفف عنه البعض من هذه الضربات التي عانى الكثير الكثير من صفعاتها وهي توجَّه إليه وبأبشع الطرق والأساليب لا من الطغاة والظالمين فحسب ..! بل من وعاظهم وشياطينهم الذين يتلبسون بلباس الدين .
albaghdady@yahoo.com