الرئيس المزواج !
Sep 7, 2004
بقلم: سهر العامري
نهازو الفرص كثيرون في هذه الدنيا ، والتاريخ يبسط لنا عن هؤلاء كذلك أمثلة كثيرة ، وغنية بمدلولاتها ومضامينها ، عبرت في رحلتها لنا سنوات طويلة ، حتى عادت عظة لمتعظ ، فمن هذه العبر التاريخية ما وقع لمالك بن نويرة ، حين غار عليه خالد بن الوليد ، وعلى قومه بحجة ردتهم عن الاسلام ، وذلك في الحروب التي عُرفت عند العرب بحروب الردة ، ورغم أن مالك بن نويرة لم يكن من المرتدة ، حيث شهد له بذلك اكثر من شاهد أمام خالد ، قائلين له : إن مالكا وقومه ممن يؤدون الزكوات ، ويقيمون الصلوات ، ولكن كل ذلك لم يقع في نفس خالد ، ومضى في قرار قتل مالك الذي صاح بخالد حين اشهر سيفه لقتله قائلا : ما قتلتني بردة ، وإنما قتلتني بهذه 0 وأشار الى زوجته البارعة الجمال ، والتي وقعت في قلب القائد المظفر ! خالد بن الوليد من نظرة أولى ، وبعد أن فرغ خالد من قتله ، بنى من ساعته بزوجته ، أي تزوجها ، وكان وقود طعام العرس لمة شعر مالك الكثيفة هو ومن قتل معه ، والجلي في الحادثة التاريخية هذه أن خالد بن الوليد قد استغل منصبه الرسمي هذا ، كي يتزوج من زوجة رجل مسلم قتله ظلما وعدوانا ، وقد كان عمر بن الخطاب مصيبا حين عزله من قيادة الجيوش الاسلامية التي تحارب في الشام ، وأحل محله أبا عبيدة الجراح ، وذلك في أمر جاء في بعضه : أتنكح نساء المسلمين وفي فناء بيتك تسيل دماؤهم 0
جاء عزل خالد من منصبه بعد سنوات مضت على حادثة قتله لمالك ، تلك الحادثة التي وقعت زمن الخليفة أبي بكر ، لكن ابا بكر وقتها رفض طلب عمر وغيره من المسلمين بوجوب تنحية خالد من منصبه ، ومع تقادم الحادثة ، ومضي زمن طويل عليها ، لم يمتنع عمر بن الخطاب عن اتخاذ قراره الصائب في عزل خالد من منصبه ، كقائد أعلى للجيوش الاسلامية التي تقاتل في الجبهة الشمالية ضد جيوش الروم ، وفي ظروف غاية في الحراجة 0
اقول ليس القتل وحده هو الذي عزل خالد من منصبه ، لكن استغلاله لهذا المنصب ، وهو السبب الثاني الذي دفع عمر بن الخطاب لاتخاذ قرار العزل ، وذلك لأن خالدا ما كان له أن يصل الى مالك وقومه لولا المنصب الذي تسنمه من الدولة الاسلامية الأولى 0
وعلى هذا الأساس يكون استغال المنصب من المحرمات في العمل الحكومي الذي يراد له أن يقوم على اساس من العدل و الديمقراطية ، فالعراق شهد زمن صدام الساقط أبشع استغلال للمنصب في مسألة الزواج، وكان صدام هو أول من سن هذه السنة المحرمة ، وذلك حين تزوج من سميرة الشاهبندر ، وبعد تطليقها من زوجها اغراء أو كراها ، مستغلا في ذلك منصبه كرئيس للجمهورية 0
في حكومة رئيس وزراء السويد ، يوران بيرشن الحاليه وقع عضوان منها هما : وزير المالية ووزيرة المدارس بعلاقة حب ، وليس بعلاقة زواج ، ومع أن العلاقة بين الرجل والمرأة في السويد أكثر تحررا من بلدان عديدة أخرى ، إلا ان رئيس الحكومة والحكومة السويدية قررت ، وعلى إثر اكتشافها لهذه العلاقة ، طرد هذين العضوين من منصبيهما فيها ، بعد ان استغلاه في علاقة شخصية لا تمت للصالح العام 0
فماذا تصنع حكومة الدكتور اياد علاوي الديمقراطية ، او التي يُراد لها أن تكون ديمقراطية ، وها هي ترى رأي عين استغلال رئيس الجمهورية ، غازي عجيل الياور لمنصبه في زواجه الثالث من وزيرة البلديات نسرين برواري ، العضوة في تلك الحكومة، والتي استغلت منصبها هي الاخرى في الزواج المشار اليه ؟
ربما ستقول إن الزواج شرعة 0 نعم 0 الزواج شرعة مشرعة ، لكن ليس عن طريق استغلال المناصب ، والاساءة الى هيبة الدولة العراقية ، والى الحكومة العراقية ذاتها 0 لقد مضى حكم صدام الى جحيم أبدي ، فلماذا يسير على خطاه حكامنا الجدد في استغالهم لمناصبهم ، ليس في الزواج فقط ، وانما باحياء شرعة المحسبوبية والمنسوبية المقيتة حتى في توفير فرصة عمل ، تلك الفرصة التي عزّت على فقراء العراق ، وستأثر بها من له علاقة باصحاب المناصب من حكامنا الديمقراطيين الجدد ! ؟
وخارجا عن القانون والعرف ، أما رأى رئيسنا دماء العراقيين الغزيرة ، وهي تسيل في فناء داره ! ؟ أما رأى دموع العراقيات ، وهي تسيل أنهارا على فلذات اكبادهن الذين يتساقطون في شوراع العراق كل يوم ، ودونما ذنب ، في حروب ردة الزرقاوي ، وفلول صدام الساقط ! ؟
كان على غازي عجيل الياور أن لا يستعجل أمره ، وثانية أن لا يستعجل أمره !

جميـــع حقــوق الطبـــع والنشــــر محفوظة لصوت العراق ©