واشنطن تجري مفاوضات سرية مع زعماء عشائر وشخصيات مقربة من المقاومة العراقية لإعلان هدنة ثابتة و مقربون من السيستاني يجرون اتصالات مع الأمريكيين وعنان لإيجاد قاسم مشترك حول الانتخابات
الوطن السعودية : : GMT 05.00 hours + 2004-01-28 - 00:04:14






مقربون من السيستاني يجرون اتصالات مع الأمريكيين وعنان لإيجاد قاسم مشترك حول الانتخابات
واشنطن تجري مفاوضات سرية مع زعماء عشائر وشخصيات مقربة من المقاومة العراقية لإعلان هدنة ثابتة



باريس: عبدالكريم أبو النصر
كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع أن إدارة الرئيس بوش أبلغت دولا أوروبية بارزة معنية بمسار الأوضاع في العراق أنها تريد تحقيق هدنة أمنية ثابتة في مختلف المناطق العراقية, إما عبر التفاوض وإما عبر المواجهة, قبل إجراء انتخابات عامة في هذا البلد وذلك لإتاحة المجال أمام كل الطوائف والقوى والفئات, من العرب السنة والشيعة إلى الأكراد إلى الأقليات, للمساهمة في إقامة نظام جديد ومستقر في العراق. وأكدت هذه المصادر في الوقت نفسه أن أعضاء في مجلس الحكم الانتقالي مقربين من المرجع الشيعي علي السيستاني يجرون حاليا مشاورات سرية مع المسؤولين الأمريكيين ومع كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة حول ثلاثة بدائل محتملة لقضية إجراء انتخابات عامة في العراق قريبا,وهي بدائل مقبولة من السيستاني ويمكنها أن تؤدي إلى تسوية الأزمة السياسية الجدية القائمة حاليا والتي تعرقل عملية تسليم السلطة إلى العراقيين.
وأوضحت المصادر الأوروبية لـ"الوطن" أن إدارة بوش أكدت لهذه الدول الأوروبية البارزة أنها ستظل معنية بمصير العراق وتطورات الأوضاع فيه, سياسيا وأمنيا واقتصاديا, حتى بعد تسليم السلطة وإعادة السيادة رسميا إلى حكومة عراقية مؤقتة في يونيو المقبل, وأنها من هذا المنطلق تنشط حاليا من أجل تحقيق هدنة أمنية ثابتة في العراق قبل إجراء الانتخابات العامة, مستخدمة وسيلتين معا:
الأولى إجراء مفاوضات سرية مع قيادات وشخصيات عشائرية ومدنية وعسكرية مقربة من المقاومة العراقية أو لديها تأثير عليها لإقناعها بوقف القتال في مقابل تفاهمات سياسية ومادية معينة, وهذه المفاوضات مستمرة منذ أسابيع.
والوسيلة الثانية هي تطوير أساليب المواجهة والقمع ضد العناصر العراقية المصممة على مواصلة القتال ضد الأمريكيين والعراقيين المتعاونين معهم حتى النهاية وأيا تكون شروط التسوية وفي تقدير إدارة بوش فإن الأمريكيين قادرون, عبر التفاوض وتصعيد المواجهة, على وضع حد لنشاطات المقاومة العراقية أو تقليص حجمها وتأثيرها إلى أدنى حد ممكن, من الآن حتى نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل. وحينذاك ستجري ثلاثة أنواع من الانتخابات في العراق, وبإشراف الأمم المتحدة ورعايتها, خلال عام 2005: الأولى في ربيع العام المقبل لاختيار أعضاء المؤتمر الدستوري المفترض بهم أن يقوموا بإعداد وصياغة الدستور الدائم الجديد للعراق, الثانية في صيف العام المقبل وستتخذ شكل استفتاء شعبي عام على نص الدستور الدائم الجديد, والانتخابات الثالثة ستجري نهاية العام المقبل لاختيار برلمان شرعي جديد يقوم بدوره بتشكيل الحكومة الشرعية واختيار الرئيس الشرعي الجديد للبلاد.
وضمن هذا الإطار أكدت المصادر الأوروبية المطلعة لـ"الوطن" أن أعضاء بارزين في مجلس الحكم الانتقالي ومقربين من السيستاني يجرون حاليا مشاورات سرية مع المسؤولين الأمريكيين وكذلك مع كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاريه حول ثلاثة اقتراحات نوقشت مع السيستاني ويمكنها أن تشكل بدائل مقبولة لعدم إجراء انتخابات عامة في العراق خلال الأشهر الثلاثة المقبلة, كما يطالب المرجع الشيعي الأعلى علنا وأوضحت المصادر أن هذه البدائل هي الآتية:
أولا: يقوم مجلس الحكم الانتقالي بالتشاور مع قيادات ومرجعيات وشخصيات تمثل مختلف الطوائف والقوى والفئات العراقية, وبالتعاون مع الأمم المتحدة ومع سلطة التحالف, بإعداد قائمة تضم أسماء 250 شخصا مرشحين لأن يكونوا أعضاء المجلس الانتقالي المفترض بهم أن يشكلوا في يونيو المقبل الحكومة العراقية المؤقتة التي ستتسلم السلطة ومسؤوليات الحكم من سلطة الاحتلال ويجري بعد ذلك إطلاع السيستاني على هذه القائمة ثم يتم عرضها على استفتاء شعبي في مختلف المناطق للتأكد مما إذا كانت هذه القائمة ستنال موافقة الغالبية الكبيرة من العراقيين أم لا. وفي حال وافق العراقيون بأغلبيتهم الكبيرة على هذه القائمة يجتمع أعضاء المجلس الانتقالي الجديد حينذاك ويشكلون الحكومة العراقية المؤقتة ووفقا لما أكده عضو بارز في مجلس الحكم للمسؤولين الأمريكيين فإن الاستفتاء الشعبي "هو أقرب شيء إلى الانتخابات" خصوصا إذا ما أشرفت الأمم المتحدة على هذا الاستفتاء وإذا ما تم اعتماد هذا الاقتراح البديل فسيتمتع أعضاء المجلس الانتقالي حينذاك "بشرعية شعبية حقيقية".
ثانيا: الاقتراح البديل الثاني يقضي بتأجيل تسليم السلطة إلى حكومة عراقية مؤقتة من يونيو إلى سبتمبر أو أكتوبر المقبل وإجراء انتخابات عامة في العراق خلال الأشهر الستة المقبلة بإشراف الأمم المتحدة لاختيار أعضاء المجلس الانتقالي الذين سيقومون بتشكيل الحكومة المؤقتة التي ستتسلم حينذاك السلطة من المحتلين في أكتوبر المقبل في أبعد تقدير أي قبل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في مطلع نوفمبر المقبل ويستند هذا الاقتراح - البديل إلى نتائج دراسة توصل إليها خبراء عراقيون مقربون من السيستاني وجاء فيها أنه يمكن تنظيم انتخابات عامة "مقبولة" خلال مهلة خمسة أو ستة أشهر.
ثالثا: الاقتراح - البديل الثالث يقضي بالتمديد لمجلس الحكم الانتقالي الحالي والتخلي عن انتخاب مجلس انتقالي جديد في مايو يقوم بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة في يونيو المقبل. ويؤيد معظم أعضاء مجلس الحكم هذا الاقتراح لكنهم يختلفون حول طريقة تنفيذه. فهناك أعضاء يدعون إلى تحويل مجلس الحكم الحالي إلى حكومة عراقية مؤقتة تتسلم السلطة مباشرة من المحتلين في يونيو ثم تقوم بالإعداد لإجراء انتخابات عامة عام 2005 لاختيار أعضاء المؤتمر الدستوري المفترض به أن يعد ويصيغ الدستور الدائم الجديد لاختيار برلمان جديد وحكومة وقيادة شرعيتين للعراق لكن هناك أعضاء آخرين, وعلى رأسهم الدكتور عدنان الباجة جي رئيس مجلس الحكم لهذا الشهر, يقترحون زيادة أعضاء مجلس الحكم هذا من 25 إلى 125 عضوا بحيث يتمتع المجلس بصفة تمثيلية أوسع وأفضل ويكون مقبولا بالتالي من مختلف الطوائف والقوى والفئات العراقية وبعد توسيعه يتسلم مجلس الحكم السلطة ومسؤوليات الحكم والسيادة من المحتل ويبدأ الإعداد لإجراء الانتخابات العامة عام 2005, على أن تنبثق عن هذا المجلس حكومة عراقية مؤقتة تتولى إدارة شؤون البلد تحت إشراف مجلس الحكم.
ويقوم المسؤولون العراقيون بإجراء دراسة متعمقة لهذه الاقتراحات الثلاثة مع بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي وإدارة بوش وكذلك مع عنان ومستشاريه للتوصل إلى صيغة موحدة مقبولة تسهل عملية نقل السلطة سلميا إلى العراقيين خلال الأشهر القليلة المقبلة.