إني أعترض
نجاح محمد علي*
ماذا لوكان شخصا آخر غير الجعفري.....؟؟!!!
أزمة تشكيل الحكومة العراقية العتيدة، أظهرت حجم مظلومية الدكتور ابراهيم الاشيقر(الجعفري) ، وأيضا مرونته الزائدة في التعاطي مع (الآخر) و لو على حساب رصيده الشعبي. فالجعفري الذي اتفقت قائمة الائتلاف العراقي مع التحالف الكردستاني على تسميته رئيسا للوزراء في المرحلةالانتقالية، ظل على مدى أكثر من ثلاثة شهور يحاور ويحاور كافة الأطراف متمسكا بخيار التفاهم بالرغم من أن الاستحقاق الانتخابي يمنحه الحق في تشكيل الحكومة بمن يشارك فيها ، ولم يدفعه وضع العصي في عجلته الى أن يذهب الى الجمعية الوطنية قبل هذا الوقت ليعرض التشكيلة التي يراها مناسبة متحديا بذلك نظام المحاصصة المفروض، وليضع النقاط على الحروف حتى وإن لم يحصل على ثقتها من واقع أنه لايملك ثلثي الأصوات!!.
أعترف أنني أحب الدكتور الجعفري، وأعلن أن علاقتي به ظلت وطيدة قوية على رغم الجفوة التي كانت بينه وبين أخَوَيًّ الشهيدين: (الحاج أبوياسين) عز الدين سليم رئيس مجلس الحكم الذي أغتيل مع نائبه طالب قاسم العامري الكبير، دون أن يذكرهما أحد أثناء تعيين رئيس الجمعية الوظنية ونائبين، أو بعدها بانتخاب مجلس الرئاسة والرئيس، وأعلن أيضا أنني لم أشأ أن أرى الجعفري رئيسا للحكومة أو حتى مشاركا فيها لأنني بصراحة أخشى عليه حياته ، وقد أخبرته بخشيتي هذه في لقائنا الودي الذي جمعنا قبل بضعة شهور خلال رحلة جميلة من طهران الى مدينة قم عندما زار الجمهورية الاسلامية بصفته نائبا للرئيس.
وأذكر أيضا أن حبي للجعفري واعتزازي به، لم يمنعاني يوما من ممارسة ما أعتقد بصوابه حين وجهت له بعض النقد في حوار متلفز قبل الحرب على العراق حول المشاركة في مشروع اسقاط نظام صدام ، ولكن هذا أيضا لايحول دون أن أشعر بتعاطف كبير معه في محنته الراهنة، وبعد تشكيل الحكومة، والحرائق التي تنتظره هنا وهناك لاطفائها، ومن هنا أعلن أن الجعفري مظلوم مظلوم مظلوم، ولو كان غير الماء في فمي لذكرت بالتفصيل الممل من ظلمه بدء من الأمريكيين ورجالهم من العراقيين الذين لايطيقونه ، وليس انتهاء أطرف داخل الائتلاف الموحد الذي سماه رئيسا للحكومة الغائبة.
لقد أظهر الدكتور الجعفري خلال أزمة تشكيل الحكومة، قدرة فائقة على ممارسة الصبر واتباع مرونة ، بما عهدناه منه وبسعة صدره، مع الأطراف التي حاورها لتسمية الوزراء، واستحق بالفعل أن يكون حاكما للعراق لأن سعة الصدرهي آلة الرئاسة.. لكن في فمي ماء!.
ولي أن أتساءل بعد هذه الشهور التي انقضت على الانتخابات، وهي تنقضم من عمر حكومته، والجدل الذي رافق تسمية الجعفري رئيسا للوزراء، والتعمد في إطالة أمد تشكيل الحكومة لامتصاص إنتصار الائتلاف، ولإظهار الجعفري "عاجزا" أو " ضعيفا" عن اتخاذ القرار الحاسم والصائب: هل كنا نرى نفس المشهد إذا كان رئيس الحكومة غير الجعفري القادم من سنواتٍ عجافٍ طويلة، ومن نضال حزب الدعوة الاسلامية المعمد بدماء عشرات الآلاف من الشهداء ، والمخضب تأريخه بالجهاد والهجرة وحسن السيرة والسلوك؟؟؟.
فالجعفري لم يتعاون يوما مع النظام السابق فضلا عن أنه لم يكن من رجالاته ، وهو ليس كأولئك الذين كانوا يقتلون شهداء الدعوة الاسلامية ويحصون عليهم وعلى باقي المناضلين، أنفاسهم ، قبل أن ينتزعوها منهم، ليقدموها لصنمهم السابق قرابين على مذبح الحرية، وهم اليوم يتصدرون(مع الأسف الشديد) مواقع قيادية، ويقومون بخروقات متعمدة لكافة الأجهزة الأمنية في عراق يذبح كل يوم بل كل لحظة ...على الهوية،كما أن كذبة علاقته المميزة بايران يُراد بها تضييق الخناق عليه وتحديد خياراته خصوصا وأن الجعفري ترك ايران نهاية الثمانييات من القرن المنصرم،غاضبا بسبب ممارسات الأجهزة هناك والتي كانت تريد لفصائل المعارضة الاسلامية(آنذاك) الاندماج مع مشروعها(في إطار المجلس الأعلى للثورة الاسلامية) أو تلقى ما تختار لها من مصير.
ومنذ هجرته الثانية الى لندن التي قضى فيها أكثر مما بقي في ايران دون أن يتهم بالعمل لترويج مشروعهافي العراق الجديد!!، لم يقم الجعفري بزيارة طهران الا وهو نائب للرئيس في العهد الجديد في محاولة منه لفرملة التطلع الايراني نحو العراق، وقد أخبرني هو شخصيا الكثيرالكثير عن محادثاته الصعبة مع المسؤولين الايرانيين مما لم يُنشر بعد في وسائل الاعلام، بما يبدد كل الاشاعات حوله.
نعم أقول : ماذا لوكان شخصا آخر رئيسا الوزراء غير الجعفري؟!!
وإنا لله وإنا إليه راجعون
* كاتب عراقي
.................................................. .................................................. ............................
موضوع مرسل عبر البريد الالكتروني
.................................................. .................................................. .............................