النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    3,507

    تنظير الخصيان في اخر الزمان!!!!!!!!!!!!!!!!

    هيئة البيعة: موروث سياسي أنضجته تجربة الحكم في البيت السعودي

    استقبل الشعب السعودي بمختلف فئاته مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء هيئة ـ عقد ـ البيعة المعروفة اختصاراً بـ(هيئة البيعة) بشأن توارث الحكم وانتقال السلطة استقبالا يعبر عن الفهم والارتياح لما ينطوي عليه من صيغة واضحة لآلية تنفيذه ولما يدل عليه من أن المملكة العربية السعودية دولة عصرية تستفيد من تجاربها المتوارثة عبر ممارسات طويلة امتدت حتى اليوم لأكثر من ستمائة عام، وهو فهم يدل على استيعاب المتغيرات السياسية والاجتماعية في إطار التواصل مع ما تم إنجازه ليتواكب ذلك مع ما تعيشه البلاد من ازدهار في مختلف المجالات في صيغة دستورية لا تترك الميدان مفتوحاً لوجهات النظر المختلفة، وأن تربط تلك الصيغة بمؤسسة تضطلع بمسؤولية التطبيق في إطار النظام الأساسي للحكم القائم والمدون.

    وما دام الحديث بصدد تجربة حكم يكون ممتعاً عندما نسرد قواعد وأعراف انتقال الحكم أثناء تلك المسيرة الطويلة.

    * تقاليد للحكم في أسلاف آل سعود:

    مانع بن ربيعة المريدي من حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة: هو أول من عرف بالاسم من أجداد العائلة السعودية حاكماً لهذه المناطق، عام 850هـ (1446م) وبعد موته حكمها ابنه ربيعة ولا تذكر لنا المراجع المتاحة شيئاً عن كيفية انتقال الحكم من الوالد إلى ابنه، وإن كنا على يقين بأن قاعدة تقديم الابن الأكبر كانت قاعدة تقليدية وعرفاً سائداً في تنصيب أمراء نجد وما يليها من مناطق الجزيرة العربية.

    تولى ربيعة ـ الابن ـ الحاكم بعد والده، وعُرف واشتهر أكثر مما عُرف أبوه، وفي أثناء حياته تسلم الحكم منه ولده موسى بن ربيعة على خلاف بينهما، لم توفر لنا مصادر تلك الحقبة كيف تمت تلك السابقة التي لا نعتقد أن والده ربيعة بن مانع قد تقبلها بسهولة.. بدليل أنه ترك البلدة ولجأ بعد سيطرة ابنه إلى إمارة لا تبعد عنهم سوى عدة أميال.

    ومات موسى فخلفه في الحكم ابنه إبراهيم.. وبعد حالة من الاستقرار في موطنهم الجديد (الدرعية) وبالتحديد بعد مرور ثلاثة أجيال حدث أن هاجر بعض أبناء إبراهيم بن موسى (عبد الرحمن وسيف) إلى أماكن لا تبعد كثيراً وحققت تلك الهجرة سابقة في الحكم، فحصرت توارث الإمارة في ذرية الحاكم الذي تولى بعد موت والده: مرخان بن إبراهيم، ويقول (فيلبي): إن هجرة أبناء إبراهيم بن موسى كانت مشروطة بتنازلهم عن حقوقهم، وحقوق ذريتهم في إمارة الدرعية.

    تولى مرخان بن إبراهيم الحكم بعد والده، لكن الإمارة انحصرت في ولديه (ربيعة ـ الابن الأكبر) و(مقرن بن مرخان) وعرفت سلالة ربيعة بـ (آل وطبان) لأن الابن الأكبر يدعى وطبان، وعرفت ذرية مقرن بـ (آل مقرن).

    وأصبح المتبع في الإمارة أن تعاقب على الحكم ابناه (ربيعة ومقرن) لمدة امتدت إلى منتصف القرن الحادي عشر الهجري بقليل، وقد طرح الأخوان نموذجاً في الحكم دون مثال سابق في المنطقة ولا توجد أية إفادة تاريخية حول تفاصيل هذا النموذج أكانت السلطة

    * النزاع بين أبناء مقرن ووطبان ابني ربيعة:

    بنهاية حكم الأخوين مقرن وربيعة دب النزاع بين ابنيهما فلم يتفقا على الصيغة التي اتبعها والداهما.. وكان من نتيجة ذلك الاختلاف أن قتل مرخان بن مقرن عام 1065 هـ 1655م قتله ابن عمه وطبان بن ربيعة، وفر بعد ذلك الى جنوب العراق.

    وانقسمت العائلة الى قسمين والى حيين كبيرين في بلدة (الدرعية). يقول ابن عيسى: (أصبحت الدرعية) لذرية وطبان، وأصبحت (غصيبة) معقلاً لآل مقرن. ويظهر أن ذرية وطبان قد تكاثرت في الزبير والدرعية، وتمكنت تلك العائلة من إقامة إمارة هناك عام 1213هـ 1799م في عهد حفيد وطبان: إبراهيم بن ثاقب.. وتولى الحكم في الدرعية عام 1039هـ 1629 ربيعة بن مرخان بن مقرن، وبعده سادت العائلة والامارة فترة اضطراب وغموض فيما بين النصف الثاني من القرن الحادي عشر الى بداية القرن الثاني عشر الهجري، مما أدى الى سابقة خروج الحكم من ذرية مانع المريدي ـ من أسلاف آل سعود ـ وقت أن كان أمير الدرعية ادريس بن وطبان الذي لم يستطع السيطرة على الامساك بزمام الامور فانتقل الحكم الى يد شخص من غير ذرية مانع المريدي يدعى سلطان بن حمد القبس، والى أخيه عبد الله لما يقرب من 14 عاما.

    وقد تكررت هذه السابقة التاريخية بعد مائتي سنة تقريباً، وذلك في آخر زمن حاكم من حكام الدولة السعودية الثانية عبد الرحمن بن فيصل والد الملك عبد العزيز عام 1308هـ 1890م عندما استولى محمد بن عبد الله بن رشيد على الحكم مع فوارق أخرى هي أن عبد الرحمن بن فيصل دافع وقاتل ليعيد الى بيته الحيوية فلم ينجح، فنفض يده مقتنعاً بأن الظروف القاسية أكبر من قدرة الرجال.. وفرق آخر أن الحكم لم ينتزع منه انتزاعاً لكنه تخلى عن بلاد الحكم، ليقدم فيما بعد وجهاً جديداً للتاريخ. وقد دام خروج الحكم في المرة الأولى 14 عاماً، وفي المرة الثانية 11 عاما.

    وبعد السابقة الأولى في عهد اسلاف آل سعود، استعاد احد أفراد العائلة وهو (موسى بن ربيعة بن وطبان) الامارة، وأعاد الحكم الى أهله الشرعيين وذلك عام 1212هـ 1709م لكنه لم يوفق في مسيرته فأبعد فوراً عن مزاولة الامارة، ولجأ الى البلدة المجاورة (العينية) وهي سابقة لم تتكرر في هذا البيت أعني (سنة الخلع) خلال 600 سنة سوى مرتين اثنتين هذه واحدة، والاخرى حدثت بعد 260 عاماً تقريباً من مسيرة حكم هذه العائلة.

    وبعد ابعاد (موسى بن ربيعة) تسلم الإمارة (سعود بن محمد بن مقرن) الذي تنسب العائلة السعودية اليه بفروعها الأربعة: آل محمد بن سعود وآل ثنيان وآل مشاري وآل فرحان. أما فرع آل عياف فينسبون الى مقرن جد سعود.

    وبعد وفاة سعود انتقل الحكم الى كبير الفرع الثاني (زيد بن مرخان بن وطبان) وفق التقاليد والأعراف المتبعة. ولم يحدث بعد تولي زيد أن تم تبادل السلطة بين الفرعين، بل ظل الحكم في الفرع المقرني فقط.

    * الحكم في الدولة السعودية الأولى:

    كان يطلق على الحاكم لقب أمير، ولم يعرف أن هذا اللقب كان يطلق على أسلافهم إلا مضافاً فيقال: أمير الدرعية، أو أمير غصيبة وينادي باسمه المجرد.. يقول بوركهارت: إن محمد بن سعود أمير الدرعية هو أول من أطلق عليه لقب أمير من آل مقرن.. وهكذا كان المؤرخ ابن غنام يطلق هذا اللقب عليه عندما يتحدث عنه!

    ولم يطلق لقب (إمام) على أي واحد من حكام الدولة السعودية الأولى إلا بعد وفاة (محمد بن سعود) أطلق عليه هذا اللقب فيما بعد.

    و(الإمام) تعبير شرعي يقصد به عند اطلاقه على من أطلق عليه من حكام آل سعود أنه يجمع بين الرئاستين الدينية والدنيوية وقد يطلق ويراد به مجرد الزعامة فقط!!

    ومن المؤكد أنه لم يطلق لقب (إمام) على (محمد بن سعود) ولا على ابنه (عبد العزيز) في حياتهما، وإنما حصل ذلك بعد وفاتهما.. وابن غنام المؤرخ عندما سمى كتابه (جلاء الأفهام في شرح حال الإمام) إنما قصد الزعامة أو المعنى العام للإمامة.. وعلى كل فقد كان من الألقاب القديمة التي تطلق على آل سعود (شيخ) أو (صاحب الدرعية) أو (رئيس) أو (أمير) فقط.

    وقد تغيرت الدرعية في عهد (محمد بن سعود) الذي تولى الحكم فيها عام 1139هـ 1726م لا سيما بعد لقائه بالمصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب عام 1157هـ 1744م.

    وبعد وفاة محمد بن سعود عام 1179هـ 1765م كان ابنه الأكبر عبد العزيز أبرز أنصاره وقائد جيوشه وهو بكر أبيه، فورث الحكم بعد والده، اذ كان اختياره للحكم مسلماً به، وأكبر الظن أن مبايعته ولياً للعهد لم تتم في حياة والده، إلا أن ابن بشر أشار الى ذلك في أحداث عام 1179هـ 1765م، وقال بلجريف: إن محمد بن سعود أوصى قبل موته أن يكون ابنه عبد العزيز خلفاً له لكن البيعة لم تؤخد له في حياة والده.

    * رأي فقهاء الشريعة في ولاية العهد:

    أكثر الفقهاء ممن درس الناحية السياسية الشرعية بالنسبة لولاية العهد يرى أن ولي العهد يتولى الحكم فور وفاة سلفه ولا يحتاج إلى إعادة البيعة وتجديدها.. حيث بويع مسبقاً بيعة علق نفاذها بوفاة الحاكم القائم.. لهذا جاء نظام عقد البيعة الجديد الصادر في 28/9/1427هـ متفقاً تماماً مع هذا التوجه الفقهي الرشيد.

    مداولة بين الأخوين؟ أم أنهما تقاسما مسؤولية الحكم، وفرضا على نفسيهما اتباع تلك الصيغة من الحكم؟!

    ومن سوابق ما جرت به العادة في تولي الحكم وتداوله في البيت السعودي في الدولة السعودية الاولى والثانية هو مبايعة الابناء بالحكم بعد الآباء حتى ولو كان في الاسرة من هو أسن وأهم شأنا، ثم تغير هذا التقليد الى سابقة اخرى في اواخر الدولة السعودية الثانية، حيث تعاقب ابناء فيصل بن تركي على الحكم الا من رغب عنه باختياره!!

    وقد أشار ابن بشر إلى أن الحاكم (عبد الله بن سعود) آخر حكام الدولة السعودية الاولى بويع بعد وفاة والده سعود ووصفه ابن بشر بأنه كان وليا للعهد.

    وعندما تنازل ابن معمر عن الحكم الذي اقامه في الدرعية عام 1235 هـ (1820م) لاقامة مجد الدولة في نجد من جديد لمشاري بن سعود، بويع مشاري بالحكم وقدم عليه عدد من اسرته (آل سعود) الذين كانوا قد هربوا حين استسلام العاصمة (الدرعية) لابراهيم باشا عام 1233 هـ (1818م) ومن بين من قدم وبايع (مشاري بن سعود): تركي بن عبد الله (جد الاسرة الحاكمة اليوم) واخوه زيد، لكن محمد بن مشاري بن معمر ندم على تنازله، وقبض على مشاري بن سعود، وسلمه للعساكر التركية في عنيزة فكان في ذلك حتفه!

    * الدولة السعودية الثانية وتقاليد تسلم الحكم:

    لكن تركي بن عبد الله لم يقف مكتوف الايدي امام هذا الغدر فأصر ان يعيد الملك لآل سعود فقبض على محمد بن مشاري وابنه، وهددهما بالقتل اذا لم يعملا على اطلاق سراح الحاكم الشرعي (ابن عمه مشاري) ولما لم يفعل محمد بن مشاري بن معمر اقبل تركي على تنفيذ تهديده ونصب نفسه حاكما من آل سعود واتخذ من الرياض مركزا له ولدولته فبايعه الناس، كما بايعته كل بلدان نجد بالحكم، وقدم عليه ابنه فيصل من مصر وكان من ضمن الاسرى الذين اخذوا الى هناك، وكان قدومه عام 1243هـ (1827م)، حيث بقي في المنفى تسع سنوات فآزر والده وقاد حملاته.. وعند اغتيال والده تركي تمت الولاية له عام 1250هـ (1834م) بطريقة البيعة العامة، وكانت لفيصل سياسة مثالية في الحضارة والتحضير فقد حمل البادية على التخلي عن اعرافهم المتخلفة، فخافه محمد علي باشا والي مصر الذي كان يطمع في الاستيلاء على كامل الجزيرة فقرر ان يعمل على ابعاده، حيث ارسل أحد أفراد آل سعود الموجودين في مصر وهو (خالد بن سعود بن عبد العزيز) مع جيش قوي لم يستطع فيصل مقاومته فاستسلم وأُخذ أسيراً مع أبنائه وأخيه وبعض اتباعه وبعض ابناء عمومته وذلك عام 1254هـ (1838م) إلى مصر فهب أحد أبناء آل سعود (عبد الله بن ثنيان بن ابراهيم بن ثنيان بن سعود) ضد (خالد بن سعود) الذي كرهه الناس لأنه أكرههم على ولايته تحت مظلة محمد علي فلم يزل به حتى استولى على الحكم، وهرب خالد بن سعود من البلاد، لكن فيصل بن تركي الحاكم السابق الذي قدم الى بلاده بعد ان تخلص من الأسر بمساعدة عباس باشا الاول ابن طوسون طلب من ابن ثنيان ان يبتعد عن الحكم فرفض الاخير فلم يسعه الا ان استعاد عرشه بالقوة، واستقرت الاوضاع في عهده، وبويع له مجددا واستمر في الحكم حتى منتصف عام 1282 هـ (1865م) وفور وفاته بويع لابنه عبد الله بالملك لأنه الاكثر حضورا والاكبر سنا وقائد قوات والده، فأجمعت البلاد على مبايعته، ولم نقرأ ولم نسمع بأن البيعة قد تمت له في حياة والده، لكن العرف والتقليد في بيت الحاكم السعودي ان مثل تلك الامور مؤشر لمن ينبغي ان يلي الامر بعد وفاة القائم به.. ولم تمض على ولايته سنة واحدة حتى خرج عليه أخوه سعود بن فيصل معلنا شق عصا الطاعة وانخرط الاثنان في مواجهات دامية فآل بهما الأمر الى الضعف، وفقدان اجزاء كبيرة من مملكة والدهما.. وتدخلت اطراف اخرى لاشعال الفتن وللاستفادة من تلك المواجهات، وانقسم آل سعود على انفسهم، منهم من أيد الحاكم المبايع ومنهم من أيد الابن الثاني وتابعه في شق عصا الطاعة.

    ونتيجة للنزاع استولى سعود بن فيصل على شرقي البلاد فبايعه أهلها، وفاز في معركة جودة (الماء المعروف بين الاحساء والرياض) عام 1288هـ (1871م) فخرج عبد الله بن فيصل من الرياض بأمواله وخيله ورجاله يستنجد اصدقاءه.

    اما اخوه سعود فبعد انتصاراته قدم الى الرياض ودعا الى مبايعته وبعد اخذ ورد بين المفتين في صحة البيعة له أقدم رئيس العلماء الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن على مبايعة سعود لغلبته، وأوضح ان العلماء متفقون على تنفيذ صحة احكامه وامامته ومنع الخروج عليه، وجه ذلك في رسالة الى كافة علماء نجد!

    وبعد وفاة سعود بن فيصل عام 1291 هـ (1874م) وجدت سابقة لتولي الحكم هي اختيار أهل الحل والعقد من حمولة آل سعود على تنصيب الامام عبد الرحمن بن فيصل والد الملك عبد العزيز، وعدم الالتفات في الولاية لغير آل سعود، فأيد ذلك رئيس العلماء الشيخ عبد اللطيف، وكتب عدة رسائل يخبر فيها علماء نجد بأنه قد تمت البيعة، وخطئ من سلك غير هذا الطريق، وبعد فترة وجيزة حدثت سابقة اخرى هي ان تنازل عبد الرحمن بن فيصل لأخيه عبد الله فأقر ذلك التنازل وجددت تلك البيعة، وأكد رئيس العلماء عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب أبرز عالم في نجد على صحة هذا الاجراء.

    لكن ابناء اخ عبد الرحمن بن فيصل لم ترق لهم عودة عمهم عبد الله الى الحكم ورأوا انهم الاولى بذلك، فثاروا على عمهم عام 1302هـ (1884م) واقصوه عن الحكم وحل احدهم وهو محمد بن سعود محله واعطيت له البيعة ومن هنا بدأ تدخل محمد بن رشيد في الحكم، حيث اعاد عبد الله بن فيصل الى حكم الرياض، وفي أول يوم من وصوله عام 1307هـ (1889م) توفي، فالتفت آل سعود إلى أخيه عبد الرحمن بن فيصل فبايعوه للمرة الثانية، ولم تمض سنة واحدة حتى تكررت سابقة تاريخية قديمة عمرها أكثر من مائتي سنة عندما فقد آل سعود الحكم في فترة مماثلة لتلك الفترة التي حدثت في بداية القرن الثاني عشر الهجري نتيجة للانقسامات والخلافات.

    * الملك عبد العزيز يستعيد مُلك آبائه وينظم شؤون الحكم

    في عام 1319هـ (1902م) استعاد مُلك آبائه وأجداده بعد فقد دام (11) سنة، لكن ذلك الفقد كان اختياريا وليس بارغام الخصم، حيث بذل عبد الرحمن بن فيصل آخر حكام الدولة السعودية كل ما في وسعه لرتق الخروق وابعاد الخلافات، لكنه لم ينجح فتزود بقناعة لا يملكها سوى العقلاء بأن الاقدار اقوى من همم الرجال فتنازل عن المُلك لابنه البطل قبيل أو بعيد فتحه للرياض ومبايعة أهلها له.

    والغريب أن تطرأ في اوائل حكم عبد العزيز سابقة، حيث تم بموجب اتفاقيات دولية عقدت مع عبد العزيز قبل الحرب العالمية الاولى واثناءها تقرر احقية ان ابناء الملك عبد العزيز، ومن أنسلوه في الملك بعده في دولة والدهم.

    فاعترفت الدولة العثمانية بعبد العزيز واليا على نجد عام 1333هـ (1914م) ووقعت معه اتفاقية تتكون من (12) مادة تنص على ان تبقى ولاية نجد تحت ولاية ابن سعود ما دام حيا، وبعد وفاته تنتقل لأولاده وأحفاده، وهي اتفاقية شبيهة بالمعاهدات القديمة التي عقدها الاتراك العثمانيون مع محمد علي باشا عام 1256هـ (1840م).

    وجاء مثل ذلك في المعاهدة البريطانية المعروفة بمعاهدة (دارين) او معاهدة عام 1334هـ (1915م) في المادة الاولى انحصار الحكم في نجد والاحساء في يد عبد العزيز وأبنائه واعقابه، وان بريطانيا تعترف بنجد والاحساء والقطيف وموانيها لابن سعود ولآبائه من قبله ولخلفائه بالوراثة.

    ومع ان تلك الاتفاقيات لا تقرر حقا وليست مصدرا لاكتسابه الذي أقرته الاعراف والتقاليد، فقد ثبت الملك عبد العزيز هذا التقليد عمليا، فبعد ان وحد المملكة واعطاها اسم (المملكة العربية السعودية) اختار ابنه الاكبر الامير سعود وليا للعهد، ودعا مجلسي الشورى والوكلاء لاقرار نظام ثابت لوراثة العرش بطريقة (العهد) في جلسة مشتركة سجلت فيها رغبة الملك بأنه يسير على هذا العمل اقتداء بما سار عليه خلفاء المسلمين وملوكهم في عقد البيعة بولاية العهد.

    وكأن الملك عبد العزيز يلمح في هذا الى ما يقوله ابو يعلي في الاحكام السلطانية بأنه: (يجوز للامام ان يعهد الى من بعده، ولا يحتاج الى شهادة اهل الحل والعقد).

    ولقد تمت البيعة لخلفاء الملك عبد العزيز ملوكا فنشأت سابقة اختيار الملك القائم وليا للعهد في حياته.

    والقاعدة العامة في البلدان الملكية ان يكون ولي العهد احد ابناء الملك فيرث العرش احد ابناء الملك، وفي الطريقة العهدية قد يعهدون بالأمر الى اثنين من الابناء كما فعل الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك او الى ثلاثة، كما فعلها الخليفة العباسي هارون الرشيد، فيجوز ان ينتقل الحكم من الأخ الى أخيه، وقد وجد مثل ذلك في اسلاف آل سعود واشرنا اليه كسابقة.

    ويقال: ان الملك عبد العزيز احضر لديه بعض العلماء وبعض كبار أسرته في مرضه الذي توفي فيه واشهدهم بأنه يوصي بالملك لابنه الأمير سعود ومن بعده الأمير فيصل.. وسواء كان الخبر صحيحا او مجرد أمنية، فإن ما حدث هو ذلك.. وعندما تولى سعود المُلك اختار (فيصلا) وليا للعهد.

    ومما يدل على ان ذلك بالاتفاق على هذا العرف التقليدي، ان الملك فيصل اختار (خالدا) لولاية العهد بعد ان تخلى محمد عن حقه في الولاية، كما اختار خالد (الملك فهد) لولاية العهد، واختار الملك فهد أخاه (عبد الله) لولاية العهد، وكذلك اختار الملك عبد الله أخاه (سلطانا) لولاية العهد.

    ومن هنا جاءت الوثيقة التاريخية (نظام هيئة البيعة) فعالجت اشكالية لا تحدث كثيرا الا انها قد تطرأ حيث جعل ولاية العهد تتم من خلال صلاحية الهيئة.

    كما ميز هذا النظام علاج مشكلة أخرى وهي اذا ما بدا للحاكم أن يعتزل الحكم أو أن يتخلى عن العرش أو تعرض لمرض غير قابل للشفاء يمنعه من ممارسة سلطانه أو غير ذلك، فجعل هذا من صلاحية هيئة البيعة.. كما تتولى الهيئة زمام الحكم في البلاد بشكل مؤقت للحيلولة دون حدوث فراغ سياسي يمكن أن يحدث.

    إن من حقها أن تتولى مسؤولية التأكد من قدرات الملك الصحية على ممارسة دفة الحكم، وعندما يثبت لديها عدم القدرة للقيام بتلك المهمة اختيار ولي للعهد على البلاد بدلا منه وتتولى الهيئة ذلك من خلال خمسة أشخاص من اعضائها للاضطلاع به تحت مسمى (مجلس الحكم) يحكم البلاد مؤقتا في حالتين عند عجز الملك وولي عهده في وقت واحد أو عند وفاتهما في وقت واحد..

    وبهذا التنظيم الحكيم حسمت مشكلة من أعقد المشكلات الدستورية الشائعة.

    وتجنب الحديث عن موضوع (الخلع) للاستغناء عنه بهذا التنظيم، ولأن أكثر الفقهاء لا يميل اليه، ولأن موضوع الخلع لا يحدث الا نادرا، بدليل انه لم يحدث في أسرة آل سعود منذ ستمائة سنة الا مرتين، فصل بينهما أكثر من ثلاثمائة سنة.

    وانصافا للتاريخ السعودي فإن الأمراء والحكام من آل سعود كانوا في الجملة حكاماً صالحين، وكانت تلتف حولهم شعوبهم، وقد تعلقوا بهذا النوع من حكمهم لأنه ينبع من تاريخهم وتقاليدهم فالأمم في الغالب تحتاج الى رمز يمثل وحدتها، وهذا الرمز لا يمكن أن يتحقق في شخص يتغير ويتبدل كل بضع سنوات. وبغض النظر عن الاسم والمسمى اختار السعوديون هذا النوع من الحكم في أشخاص ينتمون الى أسرة تحيطها أمجاد تاريخية اذا مات ملك استمر المُلك في عقبه يحقق لهم الرخاء والاستقرار لا سيما في بلاد مترامية الاطراف على أن يكون القائد غير مدين بمنصبه لأحد ولا تحتاج ولايته الى تمديد أو تجديد لتضمن الأمة حياديته في رئاسة دولته.

    وقد أجلت وثيقة نظام البيعة الجديد خطوة هي من الخطوات الدستورية في التطور تكفل ما حققته العادات والأعراف لا سيما ان ما يفرق بين المملكة وغيرها من الملكيات بأنها ملكية اسلامية شورية عهدية مقيدة بالشرع الشريف، فأكدت الوثيقة تجنب قاعدة العرف التقليدية اختيار طريقة العهد بكبر السن ونصت على أن يُختار للحكم الرجل الصالح للمُلك.

    * الإمامة في البيت السعودي:

    تلقيب رئيس الدولة في البيت السعودي بالامام تقليد، لكن الحاكم نفسه لا يستخدمه، وقد أطلق عليه ذلك اللقب تكريما ومن المؤكد انه لم يطلق على الحاكم في فترات تألق الدولة السعودية الأولى بل لم يكن هناك كبير اهتمام بالالقاب.. وقد اهتم المؤرخون بهذا مؤخرا وأصبح شبه لازمة في الحديث عن القائم بالأمر حتى بعد أن أصبح الملك عبد العزيز سلطانا ثم ملكا، ويبررون ذلك بأن حكام آل سعود يجمعون بين الزعامتين الدينية والدنيوية.. وان كان لقب سلطان أو ملك هو الذي يظهر في صلاتهم الرسمية لا سيما الخارجية.

    فلم يكن أحد من حكام آل سعود الأوائل أو المحدثين يتطلعون أو يتشوقون لمثل هذه الألقاب.

    واللافت أنه عندما بدأت تتقلص السلطة الفعلية عن آل سعود إبان ضعفهم نجد المؤرخين المحليين يكثرون في الحديث عنهم ويصدرون اسماء الحكام منهم بكلمة (إمام) وذلك عندما اختلطت الأمور وبويع لأكثر من إمام وأصبحت كلمة (الإمام) هي تعبير عن رأي وليست من أجل اللازمة.

    وعلى كل فإن الألقاب في جملتها غريبة النشأة وكان قبول الملك عبد العزيز للقب الملك مجاراة لما كان مألوفا في ألقاب الملوك في البلاد العربية المجاورة وفي سائر العالم، وهو أول من لقب بهذا اللقب (ملك) من ملوك آل سعود.

    لذا أصدر عام 1351هـ (1932م) أمره بتسمية بلاده المملكة العربية السعودية، وان لقبه أصبح ملك المملكة العربية السعودية. فهي دولة ملكية موحدة، وليست عهدية فيدرالية ولا اتحادية فيدرالية والنظام فيها ملكي كما نصت عليه التعليمات الاساسية الصادرة في 21 صفر 1354هـ (1935م).

    وقد أكد دستورية تلك التعليمات والنظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ / 90 في 1412/8/27هـ (1992م).

    واستكملت تفاصيل جوانب منه بالوثيقة التاريخية الصادرة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في 1427/9/28 باسم هيئة البيعة. والله ولي التوفيق

    * مؤرخ سعودي ومختص بتاريخ الاسرة المالكة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    714

    افتراضي

    علمت مصادرنا الموثوقة جدا أن مجلس العموم البريطاني وكذلك البرلمان الأوربي سوف يرسل فرق خبراء لدراسة نظام هيئة البيعة السعودية للإستفادة منه في إعداد مسودة الدستور الأوربي !!!!!!!!!!!!!!!

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني