|
-
ويسألونك عن الزرقاوي !
[align=center]
ويسألونك عن الزرقاوي ![/align]
الخبر الذي طغى عما عداه من الاخبار في اليومين أو الايام الثلاثة الاخيرة هو خبر جرح الارهابي الشهير أبي مصعب الزرقاوي ، حتى لكأن الواحد منا يراد منه أن يؤمن أن الدنيا كلها صارت واقفة على قرن واحد من قرني أبي مصعب ، وليس على قرن ثور مثلما يؤمن البسطاء من الناس في العراق .
لقد كثرت التخرصات ، ودار الكثير من التكهنات في صحة أو عدم صحة جرح أمام الأرهابيين ، أو في تخليه عن قيادة الأعمال القتالية في العراق ، أو عدم تخليه ، أو في احلال نائب ينوب عنه في تلك الأعمال ، أو في تكذيب هذا الاحلال .
في معركة التخرصات والتكهنات هذه اشترك أكثر من طرف من بلدان الشرق والغرب ، وكتبت أكثر من صحيفة في هذه الدولة القريبة أو تلك البعيدة ، وتحدثت عنه اذاعة لندن، مثلما تحدثت عنه اذاعة جيبوتي ، ثم جاء دور الوزراء ، وكان في طليعة هؤلاء وزير الداخلية العراقي ، صولاغ ، الذي أطلق صاروخا من الكذب ، هو أشبه بصواريخ الكذب التي أشاد بها بيوتا للعراقيين في الهواء حين كان وزيرا للاعمار والاسكان ، وذلك حين صرح أنه قد علم بجرح الزرقاوي قبل خمسة أيام من اذاعة خبر الجرح ، وهو يريد بهذا تأكيد الخبر ، وعلمه الأكيد به ، هذا في وقت قال فيه رئيس الوزراء ، ابراهيم الجعفري ، إنه ليس لديه معلومات مؤكدة عن جرح الزرقاوي . ومن جانب آخر نفى أبو ميسرة العراقي ، المسؤول الاعلامي لمنظمة القاعدة في العراق خبر الجرح ذاك جملة وتفصيلا ، وبعد هذا كله يأتي خبر لاحق يقول : إن أبا مصعب الزرقاوي قد ظهر في قرية ابو شلال بالطارمية وعلى الفور تم تطويق القرية من قبل قوة مغاوير وزارة الداخلية باسناد امريكي تمهيدا لمداهمة القرية لتفتشها واعتقاله ، وذكرت مصادر خبرية ان الزرقاوي كان يستقل سيارة اوبل حمراء واتجه لبيت الشيخ حاتم الامير، حسب افادات شهودا بلغوا بها وزارة الداخلية .
يبدو أن هذا الانشغال الاعلامي بجرح شخص ارهابي ، لا يقدم بمفرده نصيبا كبيرا في العمليات الارهابية الدائرة في العراق الآن ، له دوافع سياسية تكاد تكون مجهولة الى حد ما في أوساط المتابعين للتطورات السياسية والعسكرية الدائرة في العراق اليوم ، فالزرقاوي ، رغم موقعه القيادي ، يظل فردا واحدا قياسا بالجيش اللجب من المسلحين الذين قدر عددهم المسؤول الامريكي السابق عن قسم مكافحة الارهاب في البيت الابيض ريتشارد كلارك يوم الخميس الماضي في واشنطن بأكثر من اربعين الف متمرد حاليا في العراق ، يضاف الى هؤلاء ألف من المتخصصين بتلغيم السيارات ، وتحويلها الى أدوات موت أعمى لا يفرق بين بريء ، وبين مذنب ، وعلى هذه النقطة بذات ، ومثلما حملت بعض الأخبار ، انقسم من يسمون أنفسهم بالمقاومين في العراق ، فبعض تنظيماتهم تريد أن تصيب نيرانهم الأمريكيين وحلفائهم العراقيين وغير العراقيين ، بينما البعض منهم ، وخاصة جماعة القاعدة ، تريد لنيران الحرب تلك أن تأكل الأخضر واليابس في العراق ، كما يريدون استهداف الشيعة من العراقيين على وجه الخصوص .
وبعد تشكيل الحكومة الجديدة ، التي لم يحصل فيها الشيعة العرب على حصة تتناسب مع عديدهم السكاني الكبير ، لا في رئاسة الجمهورية، ولا في رئاسة الوزراء ، مثلما لم تحصل مدن جنوبية ذات أغلبية شيعية عربية على حقيبة وزارية واحدة فيها ، تأججت نيران العمليات المسلحة في العراق بعيد ذاك التشكيل الى الحد الذي وردت فيه أخبار من داخل العراق تقول إن بعض من العرب الشيعة العرب بدأ ينخرط في القتال جنبا الى جنب العرب السنة ، والى الحد الذي خرج فيه بعض المتظاهرين في مدينة الناصرية ليلا ، هاتفين أمام مقر المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق : أيها الايرانيون اخرجوا من العراق !
ويبدو أن التوجه الجديد الذي حملته رسالة عزة الدوري ، الأمين العام لحزب البعث في العراق في وجوب ضم العرب الشيعة الى صفوفهم يتناقض تماما مع ما ترمي له منظمة القاعدة في بلاد الرافدين من أهداف وغايات ، ومن بينها وأهمها هو قتل الشيعة العراقيين عربا أو غير عرب ، مثلما يريد ذلك مجرمو المذهب الوهابي ، ومنذ زمن بعيد ، وفي هذا الاتجاه فقد جاء برسالة الدوري الجديدة الأتي : ( اعلموا أيها الأحبة أن الجهاد يحتاج الى الرجال والمال، وليس لنا اليوم الا رجال العراق الأشم وماله الطيب... فأعدوا أيها الأعزاء وطوروا برنامجاً شاملاً وعميقاً لاعداد الرجال على قواعد الايمان بالله وبالوطن والأمة، كل رجال العراق من أقصى شماله الى أقصى جنوبه عرباً وأكراداً وتركماناً مسلمين ومسيحيين سنة وشيعة كلهم عراقيون أماجد... ركزوا ايها المجاهدون على الشباب فهم أبناء الثورة وهم روح مسيرتها الثورية الايمانية وهم أقل تلوثاً وفتنة من غيرهم . )
يضاف الى هذا إن بقايا البعثيين من العراقيين ، ومثلما يظهر من رسالة الدوري، يريدون هم من يقود العمل المسلح في العراق ، وليس منظمة القاعدة ، والمنظمات التي تنهج نهجها ، تلك المنظمات التي لا تريد أمريكا التحدث اليها في انقلابها السياسي الاخير الذي تحدث عنه نائب وزيرة الخارجية الأمريكية ، روبرت زوليك في زيارته الأخيرة الى بغداد بقوله : إن هناك فئة من المسلحين نحاول التحدث معهم ! وهذا ما تشير له بعض الاخبار المتداولة أيضا في أوساط العراقيين عن اتصالات قطعت شوطًا لابأس به بين الاميركيين ، والقيادة الموقتة لحزب البعث العراقي التي تشكلت على أنقاض النظام العراقي السابق ، تلك القيادة التي صار عزة الدوري يقف على رأسها ، مثلما صار يقف وحده على رأس قيادة العمليات العسكرية الجارية في العراق الآن ، دون غير من قادة المنظمات الأخرى على مختلف مسمياتها ، ووفقا للبيعة التي تحدث عنها الدوري في آخر رسالة له حيث كتب : ( وصلني قراركم الكريم وإنني لسعيد وفخور بهذه الثقة الغالية على رغم حملي الثقيل ضمن مسؤولياتي الواسعة في مسيرتنا الجهادية الكبرى... واعلموا أيها المجاهدون الشجعان إنها مسؤولية الجهاد الشامل المقدس الذي يخوض غماره شعبنا العظيم بقيادة طلائعه الثورية وعلى رأسها... حزب البعث. )
في أجواء هذه السماء المتقلبة يمكن فهم فحوى طيران خبر جرح الزرقاوي الذي رده مصدر من مصادر منظمة القاعدة الى أعداء الله ! مثلما كتب آخر بيان صادر عن تلك المنظمة في العراق حيث جاء فيه : ( كثر الجدل في وسائل الاعلام حول تسمية نائب للشيخ ابي مصعب الزرقاوي حفظه الله. ويعلم الجميع ان ما يبثه اعداء الله بوسائلهم الاعلامية ماهو الا لغرض تمرير مخططاتهم . ) ، والغريب في هذا البيان الاخير أنه ابتعد عن تسمية اعداء منظمة القاعدة بالصليبين والنصارى واليهود ، واستعاض عن ذلك تسمية : أعداء الله ، مما يرجح أن من أشاع خبر جرح الزرقاوي هو مصدر يريد لنفسه أن يتصدر العمل العسكري أو التفاوض السياسي مع الأمريكان ، مثلما ذكر ذلك نائب وزير الخارجية الأمريكية ، روبرت زوليك . وعلى ضوء هذا الفهم يكون تـأكيد خبر جرح الزرقاوي من قبل وزير الداخلية العراقية ، صولاغ ، ما هو إلا صاروخ من صواريخه المعهود التي صار الشارع العراقي يتندر بها ، فيقول : صواريخ صولاغ !
سهر العامري
-
كاريكاتير يختصر واقع الحال !! ..
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
nmyours@gmail.com
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|