المجلس الأعلى ويجسد أيضا طموحات المالكي التي بدت واضحة في إقامة قاعدة سياسية بديلة عن المجلس الأعلى لقيادة أية تكتلات سياسية شيعية وجذبها للعمل معه مما يعني بان المالكي عاقد العزم والنية على تهميش المجلس الأعلى وإضعاف دوره والاستحواذ على مكانته في الساحة السياسية التي تشهد مباحثات ومفاوضات شاقة بين الكتل السياسية المختلفة بهدف بلورة تحالفات جديدة تختلف عن التحالفات التي جرت في الانتخابات السابقة التي شهدت اصطفافات طائفية أكثر مننها سياسيا ورغبة المالكي الأكيدة في الاستحواذ على الساحة السياسية وتنصيب نفسه زعيما جديدا للشيعة من دون حساب المخاطر الناتجة عن هذا التوجه وإضرارها البعيدة على الشيعة ومقدار التنازلات الهائلة التي سيقدمها المالكي لحلفائه الجدد والذين هم خليط من البعثيين السابقين والقوميين وبعض الإسلاميين السنة مع الاعتماد على مجالس الإسناد العشائرية في الجنوب والوسط في خطة ستكون مشابهة لخطة انتخابات مجالس المحافظات وذلك عندما استخدم المالكي نفس التكتيك والذي مكنه من حصد أصوات كبيرة سمحت له بالسيطرة على مجالس المحافظات ,لكن المالكي يشعر اليوم بان هذا النصر سيتكرر معه خلال الانتخابات المقبلة لذا يحاول التملص من أي التزام بالشراكة مع المجلس الأعلى في أية تكتلات سياسية مقبلة وتفضيله خيار الدخول في تحالفات جديدة مضمونة الولاء بالنسبة له وتسمح له بدخول المناطق السنية ولأول مرة وهذا الافتراض مبني على حسابات غير دقيقة لا تأخذ بنظر الاعتبار أية متغيرات حقيقية على ارض الواقع وهو وجود تدخل سعودي إماراتي في العراق يقوم على دعم العشائر السنية في الرمادي من اجل أن تحقق لها موطئ قدم في العراق ولكي تكون هذه العشائر ورقة بيدها للضغط على الحكومة في بغداد ومواجهتها في آن واحد وهو ما أمر يعلمه المالكي لكن طموحاته الشخصية ستدفعه إلى التخلي عن محاذيره والاطمئنان إلى تلك العشائر والدخول في تحالف انتخابي وعلى حساب شركائه السابقين مما سيجرد المالكي من مظلة قوية وداعمة له وسيجعله ضعيفا ,إذ أن هذه القوى السنية المتحالفة قد تلجا إلى فض شراكتها معه متى أتيح لها القيام بذلك أو وجدت إن طموحاتها في السلطة دون ما يمكن أن تحصل عليه .كما إن العزوف عن التحالف مع باقي الشركاء الشيعة أمر سيقوض من التفوق الشيعي الساحق وسيقلص منه كثيرا نظرا لتشتت أصوات الشيعة وانقسامها بين تكتلين رئيسيين هما الدعوة والمجلس الأعلى .قراءة الواقع الانتخابي المقبل يحتاج إلى وضوح موقف المالكي وحزب الدعوة من قضية الانضمام إلى الائتلاف من عدمه وهي على كل حال في حالة عزوف المالكي فإنها ستضعف من موقف الشيعة السياسي كثيرا وستخدم المتضررين من صعود نجم الشيعة في العراق والمنطقة والذين على رأسهم السعودية التي كانت وما تزال المعارض الرئيسي لأي نهوض للشيعة سواء في العراق والمنطقة ومن خلال دعمها المعلن لحركات الإرهاب في المنطقة ما دامت تستهدف الشيعة وإضعافهم .ومن دون شك فان بروز تكتل سياسي شيعي قوي وكبير أمر لن تنظر إليه السعودية بارتياح وستسعى إلى تقويضه بالتأكيد وربما ستتقرب من المالكي لدعم توجهاته الفردية ونزعته السلطوية التي يسعى المالكي إلى إبرازها عبر الحصول على فرصة ثانية لتولي رئاسة الحكومة في بغداد .