بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم يا أبناء شعبنا الحر الغيور
إليكم أيها الطيبون النجباء
إليكم أبعث بندائي النابع من قلب واله إليكم حريص عليكم قلق على حاضركم ومستقبلكم من قلب هاله كثرة المزايدين عليكم و المتاجرين بكم و بمقدساتكم ، و أنتم تقفون مدهوشين في دوامة الدعاية الإنتخابية المهولة التي اختلط فيها الحابل بالنابل و الجائر بالعادل من أجل ذلك رأيت لزاما علي أن أقول كلمة الفصل و أضع لكم ميزانا تميزون به الصالح من الطالح و تعرفون به من لكم و من عليكم، و إني جامع ذلك كلَّه في البنود التالية:-
أولا – لا تنتخبوا إلا عراقي الأصل – فضلاً عن الجنسية – فقد أثبتت لكم التجارب المُرة الماضية أن غير الأصيل حمالة الحطب للمشروع الأجنبي الدخيل فانظروا في جذور هؤلاء المرشحين و جردوهم من ألقابهم المستعارة و ردوهم إلى أصولهم الحقيقية و شخصوا شخوصهم و قوائمهم لتكونوا على بصيرة من أمركم فلا تنتخبوهم مرة أخرى فتصبحوا على ما فعلتم نادمين .
ثانيا –لا تنتخبوا إلا من كان ولا ؤه عراقي ا خالصا و أولوياته عراقية خالصة فإن المشركين بالولاء أو العملاء طاپور خامس رهن على دمار البلاد و العباد ، فاحذروا الأجندة الوافدة من وراء الحدود و الاحزاب المأمورة بتنفيذها فإنهم حلفاء المستعمرين الطامعين تاريخيا بكم ، المراهنين على فرقتكم و تفكيك بلادكم و جعلها عمقا استراتيجيا لهم و جبهة مواجهة لفرض هيمنتهم و سوقا استهلاكية لبضائعهم و تسويق أفكارهم و عناصرهم و بقرة حلوبا لحسابهم و لو على حسا بكم و جعلكم درعا بشريا لهم و كبش فداء لسلامتهم و صدق من قال ما غُُزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا و ما كره قوم حرالجلاد إلا ذلوا ).
ثالثا – إجعلوا المهنية و التراهة أساسين رئيسين فيمن تنتخبون و لا تجعلوا للعصبيات الحزبية و المذهبية و الأنانية عليكم سبيلا فمن رضيتم كفاءته و أمانته فانتخبوه فإن لم تفعلوا تكن في الأرض فتنة و فساد كبير .
رابعا – لا تنتخبوا دعاة المحاصصة الطائفية فإنها مطية الاحتلالين و أزلامهم الذين ما كان لهم أن يستقطبوا السواد الأعظم إلا
بالتخندق الطائفي و الشحن العاطفي و تسطيح الوعي الوطني و السياسي و ذلك لإفلاسهم من الأصالة العراقية و الهوية العربية والقيم الوطنية و إنما مثل بعضهم كمثل البغل يقال له :
من أبوك فيقول: خالي الفرس (و الحر تكفيه الإشارة).
خامسا – إنتخبوا المؤمنين بوحدة العراق – و أما كردستان العراق فانها واقع مفروض لا تخفى خصوصياته على السياسي اللبيب –و أما العراق العربي المتماثل لغة و مجتمعا و جغرافية و تأريخا مشتركا فتكفيه اللامركزية الإدارية فحسب فلا تنتخبوا دعاة الفيدرالية لا سيما في الوسط و الجنوب فإنها مخطط تقسيمي يهدف إلى إضعاف العراق أولا ثم إنهائه ثانياً كقوة إقليمية عربية فاعلة في المنطقة ومثل ذلك لا يخدم إلا مصالح الثالوث (الصهيوني الصليبي الشعوبي ) في العالم ثم ليعلم أهلنا في الجنوب أنهم سيكونون أشد المتضررين من الفيدرالية التي ستجعلهم لقمة سائغة تبتلعها بعض الحيتان الكبار كما إبتلعت من كان قبلهم لاسيما و أن دعاتها من زعانف تلك الحيتان فلا تجعلوا رقابكم جسرا لمن يريد أن يبني إمارته على جماجمكم فإني لكم ناصح أمين (و الرائد لا يكذب أهله ) و إن معصية الناصح المشفق تورث الحسرة و الندامة إلى يوم القيامة و لئن فعلتموها لترتكبن جناية كبرى بحق أنفسكم و أجيالكم اللاحقة التي ستلاحقكم بمسؤلية ما جرى وقد أعذر من أنذر .
سادسا – إن الأ صلح لدينكم و دنياكم في هذه الظروف البالغة الخطورة و الحساسية أن تنتخبوا دعاة دولة مدنية حديثة تكفل
الحريات السياسية و الدينية و ليست دولة أحزاب دينية لا لقصور في الدين نفسه ولكن لقصور أو تقصير في القائمين عليه و عدم استيعاب الظروف الراهنة لحكومة الأحزاب الدينية التي تجر وراءها نفوذ أسيادها من خلف الحدود و تكون منشأً للتطرف الديني الذي جرالويلات على الاسلام و المسلمين كما إنها تستتبع المحاصصة الطائفية المنافية لوحدة الدين و الوطن و التي لم يعتمدها حتى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لنظام حكمه في الكوفة المتنوعة الطوائف آنذاك و لا حدثنا التأريخ بشيء من ذلك أبدا و لو كان لبان (فاعتبروا يا أولي الألباب) .
سابعا – لا تعيدوا انتخاب المتسببين في مأساتكم ممن خبرتموهم و جربتموهم فما وجدتم لأكثرهم من عهد بل وجد تم أكثرهم فاسدين مفسدين أو خونة كاذبين (و المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ) و لقد بان لكم كذبهم في وعودهم و نقضهم لعهودهم و تزوير بعضهم لشهاداتهم و خيانتهم لأماناتكم و اختلاسهم لأموالكم و قد كانوا وعدوكم إن انتخبتموهم أن يطرودا الإحتلال فمكنوه من بلادكم و زادو كم احتلالا باطنيا سلطوه على رقابكم ثم احذروا أن يخرجوا من الباب ليدخلوا عليكم من الشباك بأسماء جديدة و شعارات وطنية عتيدة طالما طمسوا معالمها و قتلوا طاقاتها و دعاوى إصلاحية كانوا أول من أفسد أجهزتها و فتك برجالاتها قال تعالى : (ومن الناسِ من يعجِبك قَوُله في اْلحياة الدنيا ويشهِد الله علَى ما في قَلْبِه وهو أَلَد الْخصامِ - وِإذَا تولَّى سعى في الأَرضِ ليفْسِد فيِها ويهلك اْلحرثَ والنسلَ والله لاَ يحب الفَساد - وِإذَا قيلَ لَه اتقِ الله أَخذَته الْعزةُ بِالإِثْمِ َفحسبه جهنم ولَِبئْس الْمهاد ) ثم الحذر الحذر أن يخدعوكم ثانية و يقولوا لكم لا بديل لكم عنا و أننا أهون من غيرنا و أن غيرنا أسوأ عليكم منا فلا تصدقوهم و لا يغرنكم خوبفهم الوهمي لكم من فوز غيرهم و تيقنوا أن أي بديل وطني يأتي سيتودد اليكم و سيكون أهون منهم عليكم و أسلم لدينكم و دنياكم و لو كانت سلامة نسبية فإن السلامة المطلقة مرهونة بخروج الإحتلالين و الله غالب على أمره و هو المستعان على مايصفون.
ثامنا – إحذروا توظيف الدين و رمو زه و شعاراته و شعائره و مشاعره من قبل الذين اتخذوادينهم لهوا و لعبا فانه ما قال الإمام الحسين(ع) : (عبيد الدنيا و الدين لعق على ألسنتهم يحوطونه مادرت معائشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون ) و قال علي بن الحسين(ع): (لا تنظروا الى عبادة الرجل وطنطنته في الليل ولكن انظروه في صدق الحديث و أداء الأمانة ) و لقد تبين لكم قلة دينهم و عدم تقواهم في مواطن كثيرة غدروا فيها بمعارضيهم فإن جبنوا عن مواجهتهم استعانوا عليهم بالمحتلين و فرقهم القذرة و فيالق الغدرة المكرة فكم من دماء بريئة سفكوها و حرمات شريفة هتكوها و بغطاء لا شرعي من وعاظ السلاطين الذين قال عنهم الإمام العسكري(ع) في تفسيره ( هم أضر على شيعتنا من جيش يزيد على الحسين (ع)) و روى الصدوق عن الامام الرضا (ع) قال : (إن من يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجال).
ثم إنهم ما أخروا الانتخابات إذ أخروها إلا ليوافوا موسم الشعائر الدينية التي ركبوها حصانا يصهل بالدعاية الانتخابية لهم و هم
بالأمس قتلوا زوارها ظلما و عدواناً حين ثاروا بوجه من اضطدهم و أعان المحتلين عليهم و لما خافوا من تكرار وثبتهم و رادوا تأمين ملاذ آمن لهم تستروا بجعل المدن المقدسة مناطق متروعة السلاح لا احتراما لها ولكن ليحتموا بها و إلا فلماذا لم يجعلوها كذلك يوم كانت بيد غيرهم فقاتلوهم عليها و استعانوا بقوات اليهود و النصارى لاخراجهم منها فلما صفالهم ملكها و ملكوا مفاتحها و خافوا أن ينغصوا عليهم عيشهم و عملاءهم و أسيادهم المختبئين فيها رفعوا شعار نزع السلاح منها (هم الْعدو فَاحذَرهم قَاتلَهم الله َأنى يؤفَكُونَ).
تاسعا – لا يغرنكم ما بسطوا لكم من موائد الدنيا و ما أغدقوا عليكم من مغرياتها فإنها خدعة الصبي عن اللبن على إنها أموالكم
منعوها عن مستحقيها يوم كانوا بأمس الحاجة إليها ثم وهب الأمير ما لا يملك منها و منوا بها عليكم لا جميعكم ولكن بعضكم و لا لوجه الله تعالى ولكن لمن يشترون أصواتهم بها فإذا خلا بعضهم إلى بعض سلقوكم بألسنة حداد و قالوا أنكم أهل لقمة تباعون وتشترون و حاش لله أن تكونوا كذلك فلا تصدقوا ظنهم – خيب الله ظنهم – و لا تبيعوا كرامتكم التي داسوها لهم و لا أوطانكم التي دنسوها عليهم و إنّ أملي بكم لكبير ان تكونوا أكبر مما يظنون و أجلّ مما يصفّون فكونوا عند حسن ظننا بكم و لاتخيبوا ظن من أحسن بكم ظنا و ليحق عليهم قوله تعالى (فَسينفقُونها ثُم تكُونُ علَيهِم حسرةً ثُم يغلَبون َ) ثم كفاهم خيانة و جورا ما ترونه من الإسراف الفاحش في صرف المال العام و تسخير إمكانات الدولة لدعايتهم الانتخابية و في الشعب من يتضو ر جوعاً أو يموت مرضاً و إذا كان المبذرون بالمال الخاص إخوان الشياطين فإن المبذرين بالمال العام شياطين الإنس فكيف تنتخبون الشياطين (ومن يكُنِ الشيطَانُ لَه قَرِينا فَساء قرِينا)
و عاشراً - و أخيراً فإني أُحذركم من وقوع التزوير في الانتخابات على مرحلتين الاولى بتزوير الأفكار بمكرهم و إستخدام الدجل الديني في تلميع صورهم و ستر سو ءاتهم و شن حملات التسقيط الظالم ضد منافسيهم و الخصومة الفاجرة ضد معارضيهم و تجهيل الناس و تضليلهم و إستغلال بساطة البعض و طيبتهم و خداع الآخرين و غسل أدمغتهم ثم الإقفال عليهم (وقَد مكَرواْ مكْرهم وعند الله مكْرهم وإِن كَانَ مكْرهم لتزولَ منه الْجِبال ُ) ولكن (ومكَرواْ ومكَر الله والله خير الْماكرِين) و أما المرحلة الثانية فهي تزوير صناديق الاقتراع و أصوات الناخبين فإن لهم بذلك اليد الطولى و الخبرة الطويلة في ممارسة مختلف فنون التزوير و أساليبه التي لا يخطر بعضها ببال أحد مستعينين على ذلك بأسيادهم الذين سولوا لهم و مكنوهم من رقاب العراقين المظلومين (وسيعلَم الّذين ظَلَموا أَي منقَلَبٍ ينقَلبون َ) و ختاماً فيا أهلنا المغلوبين على أمرهم في العراق تلك كانت نصيحتي لكم فإن قبلتموها بقبول الحق فالله أولى بالحق وإلا فقد أقمت عليكم الحجة و أوضحت لكم المحجة. والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
فاضل المالكي
٢٩ محرم ١٤٣٠ ه
٢٠٠٩ م -١- ٢٦