محمد الحسيني | 27 أبريل، الساعة | 12:52 مساءً ·
التعويل على النصوص المترجمة . وكان السيد قد قرأ الكتاب في عام ١٩٧٥ ، ورجع اليه بعد حين ، فوجده أبسط مما يعوّل عليه كنقض فلسفة ، أو تأسيس فلسفة تسمى فلسفتنا . ولذلك سجّل السيد رشيد ظنه أن لو قدّر للصدر أن يعود للحياة لأعاد النظر فيه ، وهو الذي كتبه في العشرينيات من عمره ..هذا أهم ماور في المقال .
وأسجل عدداً من الملاحظات على ما ورد في المقال :
١ / ماهو تعريف الكتاب الفلسفي عند السيد رشيد الخيون ؟ ولماذا اهتم عدد من دارسي الفلسفة بفكر الصدر إن لم يكن في فلسفتنا شيء من الفلسفة ؟ومنهم الفيلسوف العربي زكي نجيب محمود ، وهو لا ينتمي الى مدرسة الصدر نفسها ؟
٢/ الدارسون يعرفون أن النص الفلسفي عند الصدر توزّع على من الأبحاث ، وأشهر كتبه ( فلسفتنا ) و( الأسس المنطقية للإستقراء ) ونصوص متناثرة في (إقتصادنا) وفي أبحاثه الأصولية التي عالج فيها عدداً من المقولات الفلسفية ، وأهمها حجية الدليل العقلي وحكم العقل .
٣/ تقدير السيد الخيون أنه لو عاد الصدر للحياة لأعاد النظر في ما كتبه في العشرينيات ، يشي بأنه لم يطّلع على أهم نصوص الصدر في الفلسفة في كتابه ( الأسس المنطقية للإستقراء ) والذي تجاوز فيه الصدر إنتماءه لمدرسة ملاّ صدرا،وقد ترجم الكتاب للإنجليزية قبل أشهر ، بعد أكثر من ثلاثين سنة على رحيل الصدر.وكان ترجم للفارسية منذ فترة طويلة ، وعدّه المفكر الإيراني عبدالكريم سروش انه أول كتاب في تاريخ الثقافة الاسلامية يحرره فَقِيه مسلم يتناول فيه إحدى أهم مشكلات فلسفة العلم والمنهج العلمي المصيرية .. وقد انتهج الصدر في الكتاب منهجاً نأى عن المنهج العقلي ، وامتاز عن المذهب التجريبي.
٤/ في (فلسفتنا) عالج مشكلة ( المفهوم الفلسفي للعالم) بالدرجة الأساس ، ومهّد لهذه المسألة ببحث ( نظرية المعرفة) ، والذي بحث فيه : مصدر المعرفة وقيمة المعرفة ، وقد خصصه الصدر للبحث في المعرفة التصّورية ودرس أسبابها ومصادرها في ضوء النظريات الفلسفية ، قديمها وحديثها ، ثم درس العرفة التصديقية في ضوء النظريات الفلسفية أيضاً. وفي هذا القسم تعرّض للمذهب العقلي والمذهب التجريبي ، وتصدّى لتأصيل المذهب العقلي، وفي ضوئه عُدّل المعارف العقلية الضرورية هي مقياس صحة كل فكرة أو خطئها..
٥/ ولكنّ الصدر تجاوز ( فلسفتنا) في السبعينات مع الأسس المنطقية ،إذ لم يَعُد مؤمناً بجملة القضايا التي إعتبرها العقليون مبادئ عقلية قبلية ، بل قواعد مستدلّة في ضوء الدليل الاستقرائي، ولم يبق من هذه المبادئ القبلية في ضوء نظريته الجديدة سوى مبدأ عدم التناقض وبديهيات حساب الإحتمال
٦/ إذا كانت الترجمات غير وافية ، كما يفيد السيد رشيد الخيون ، وقد يكون ذلك صحيحاً ، فلماذا لم يعرض للأفكار التي ناقشها الصدر ونسبها غلطاً للمدارس الفلسفية ، وتحديداً فيما يخص الماركسية والمادية التاريخية التي أطال الصدر في مناقشتها .
٧/ ألمح السيد الخيون الى دور كتاب (فلسفتنا) في تعريض الشيوعيين للقتل ، متناسياً أن الصدر هو أول من نقل المعركة مع الشيوعيين الى الصعيد الفكري ، وكانت نصوصه شديدة التهذيب والأحترام .
ويلزمنا أن أشير أن الصدر هو أول فَقِيه شيعي شكّك في حدّ الردة ، وكتب ذلك في ( الأسس الإسلامية) التي جعلت مصدراً رئيساً من أدبيات حزب الدعوة .
كما أذكّر أن فتوى السيد الحكيم لم تحكم بكفر الشيوعيين ، بل عدّت الشيوعية كفرا والحادا.
ويجب أن لانغفل الدور الصبياني لعدد كبير من الشيوعيين في إستعداء المتدينين ، كما وصفهم الباحث الدكتور عبد الحسين شعبان ، وهو واحد من الذين راجعوا الأداء السياسي للشيوعيين ..
كما أودّ تذكير السيد الخيون بما كتبه هاني الفكيكي في مذكراته( أوكار الهزيمة) أن أبرز ما طالب به السيد الحكيم الانقلابيين ، في لقاء ضمّه وآل راضي مع موفدي الحكيم علي الصغير والشهيد مهدي الحكيم ، هو الكف عن ملاحقة الشيوعيين وتصفيتهم
أتمنى في الختام أن يتسع صدر السيد الخيون لهذه الملاحظات ، وأن يُعيد قراءة ( فلسفتنا ) بعين باحثة أو يعوّل على أهل الأختصاص ممن يعيش الحياد النفسي .