الجيش الامريكي يدرب محققين للحصول على صورة أوضح للعراق
الأربعاء 27/12/2006

فورت هواتشوكا (أريزونا) (رويترز) - كثف الجيش الامريكي عمليات اعداد المحققين للحصول على صورة أوضح للعراق حيث تزايد عدد الهجمات على أهداف أمريكية وعراقية الى مستوى لم يسبق له مثيل بلغ زهاء 1000 هجوم أسبوعيا. وتضاعف عدد الجنود الذين يحصلون على دورات مدتها 93 يوما ليصبحوا "جامعي معلومات بالوسائل البشرية" أي محققين بلغة الجيش الى أربعة أمثاله في السنوات الثلاث الماضية حيث زاد من 265 فردا عام 2003 الى 1070 فردا عام 2006.
كما يتوقع ان يزيد العدد الى أكثر قليلا من 1500 فرد بحلول عام 2009. وتدل الزيادة على حاجة ملحة لسد ثغرات في عملية جمع المعلومات.

وقالت الميجر جنرال بربارا فاست التي تتولى قيادة مركز مخابرات الجيش في فورت هواتشوكا في أريزونا "كنا نحتاج لتغيير التدريب هنا وملاءمته مع الظروف وتوسيع نطاقه. زدنا بدرجة ملموسة قدرتنا البشرية على جميع المعلومات وسنزيدها أكثر."

وجاء في تقرير مجموعة دراسة العراق التي تضم أعضاء من الحزبين الامريكيين في وقت سابق هذا الشهر أن "حكومتنا ما زالت لا تفهم جيدا لا التمرد في العراق ولا دور الميليشيات". كما ذكر التقرير أن الاستثمار أقل مما يجب في مجال جمع المعلومات وتحليلها.

ويضم الجيش وهو أكبر فروع القوات المسلحة الامريكية زهاء 37 ألفا من أفراد المخابرات العسكرية نحو ربعهم يعملون في جمع المعلومات بالوسائل البشرية. وهو عدد أكبر مما شهدته فترات سابقة كانت أجهزة المخابرات الامريكية خلالها تركز على الصور التي تلتقطها الاقمار الصناعية ومراقبة الاتصالات.

وقالت فاست في مقابلة "لكن منذ 11 سبتمبر (أيلول عام 2001) بصفة خاصة أدركنا أهمية فهم ما لا يمكن رؤيته ولا مراقبته."

ويشمل التدريب في فورت هواتشوكا محاكاة للوضع في العراق الى أكبر درجة ممكنة حيث يشارك فيه أمريكيون يتحدثون اللغة العربية يؤدون دور عراقيين ويرتدون ملابس تقليدية عراقية.

وخلال أحد التدريبات قرب نهاية الدورة في ديسمبر كانون الاول دار جدل حاد باللغة العربية بين رجل يرتدي جلبابا وجنود في نقطة تفتيش محصنة بأكياس الرمال تؤدي الى مجموعة منازل وأكواخ تشبه قاعدة عسكرية في العراق.

وحاول جنود في أكشاك مخصصة للاستجواب الحصول على معلومات عن هجمات بسيارات ملغومة وقذائف مورتر من "محتجزين" وكان تبادل الاسئلة والاجابات يجري من خلال مترجمين.

ويقوم التدريب على اساس قواعد للاستجواب يتضمنها دليل ميداني يقع في 336 صفحة عن "عمليات جمع المعلومات بالوسائل البشرية" صدر عام 1992 وهو أول دليل جديد منذ ذلك العام.

وتسري التعليمات التي يتضمنها الدليل على الافرع الاربعة للقوات المسلحة وتحظر أساليب الاستجواب القاسية ومنها استخدام الكلاب وتغطية رؤوس المحتجزين واجبارهم على التعري واداء ممارسات جنسية او اتخاذ أوضاع جنسية.

وكانت صور جنود أمريكيين يستخدمون مثل هذه الاساليب في سجن أبو غريب بالقرب من بغداد نشرت في ابريل نيسان عام 2004 قد سببت صدمة في أنحاء العالم والحقت الضرر بصورة الولايات المتحدة واثارت مناقشات حافلة بالخلاف بخصوص تعريف التعذيب.

وكانت فاست وهي من القليلات اللاتي وصلن الى رتبة ميجر جنرال في الجيش الامريكي أعلى ضباط المخابرات العسكرية رتبة في العراق عندما حدثت فضيحة ابو غريب. وبرأها تحقيق أجراه الجيش من ارتكاب أي خطأ ثم رقيت قائدا لمركز المخابرات في مارس اذار عام 2005.

وقالت فاست "لا سبيل لاستبعاد سوء السلوك كليا. لكن هناك اجراءات تطبق حاليا للرقابة وتحقيق التوازن تجعل حدوثه أمرا بالغ الصعوبة."

ومن بين ما يدرسه المتدربون في فورت هواتشوكا اتفاقيات جنيف بخصوص معاملة الاسرى وحماية المدنيين. وينص الدليل الميداني على حظر ثماني وسائل للاستجواب استخدمت في أبو غريب ومعسكر الاحتجاز والاستجواب الامريكي في خليج جوانتانامو.

ويتدرب المحققون الجدد في أريزونا على 19 أسلوبا "للتعامل مع المحتجزين" مشروحة بالتفصيل في الدليل الميداني. وتشمل تلك الاساليب "اسلوب اثارة العواطف الجياشة" و"اسلوب تقديم الحوافز" و"أسلوب التخويف".

وتتضمن التعليمات تحذيرات تهدف لتفادي حوادث يمكن أن ترتد على المحقق أو تضر صورة الولايات المتحدة. ومن هذه التحذيرات على سبيل المثال " يجب على جامع المعلومات بالوسائل البشرية توخي الحرص البالغ على عدم تهديد أي مصدر او اكراهه. التهديد يمكن أن يكون مخالفا للقانون الموحد للقضاء العسكري."

ويتضمن الدليل ثلاثة أساليب للاستجواب يحتاج اللجوء اليها الى موافقة صريحة من ضابط ذي رتبة أعلى. أولها يسمى "مات وجيف" وهي طريقة الضابط الطيب والضابط القاسي التي تستخدمها الشرطة. والثاني هو "العلم المزيف" ويقوم على اقناع الشخص المحتجز بأن المحقق ينتمي لدولة أخرى غير الولايات المتحدة. والثالث هو "الفصل" باحتجاز المعتقلين في أماكن منفصلة. ويحتاج استخدام هذا الاسلوب الى موافقة أعلى الضباط رتبة في الجيش الامريكي.

ويقول مسؤولون شاركوا في وضع الدليل الجديد انه خلال المناقشات الساخنة التي أدت الى اعداده كانت مجموعة كبيرة من الاراء تصر على أن الكشف عن وسائل الاستجواب علنا يمنح المسلحين في العراق وغيرهم من أفراد القوات المعادية للولايات المتحدة ميزة لانهم سيعرفون ما يمكن أن يتوقعوه.

لكن هذا الرأي لم يؤخذ به ونشر الجيش الدليل في موقعه على الانترنت في سبتمبر أيلول.