|
-
صحراء بصية...قبورٌ.....تجاورُ المعتقلات
استطلاع/ جاسم فيصل الزبيدي
ليل أليل....صحراءٌ وذئاب،وقبورٌ تجاورُ المعتقلات...ضحايا ترتقب مجيء السجان ،عله يقدم لها طبق الموت المجاني لترتاح من عذابات أقبية الأمن ودهاليز دوائر المخابرات المرعبة...علها تتنفس نسيم البرد وهدوء العالم العلوي بدلاً من حرارة الصحراء ووحشة الليل وفراق الأحبة..
خلف جداران المعتقل ....امرأة كبيرة في السن، كردية الملامح تحرك مسبحتها السوداء التي اشترتها من مدينة الكاظمية ..تبتهل...تسبح..تصمت...لتتأمل في وجه صغير ابن أبنتها الذي فقد والديه في لحظة..ذلك الصغير ذات الأربعة أعوام مازال يغط في نوم عميق..يداعب (غزلانه الاثيرية) في منامه...تُحزنهُ.. تُضحكهُ..فيبتسم ابتسامة لم تعرف معنى اليتم والاعدام والمعتقلات ..
اختنقت العجوز الكردية بعبرتها وهي تتذكر ضحكات ابنتها يوم كانت صغيرة تلهو باجواء كردستان الخلابه..اجهشت بالبكاء من الم الفراق وحشة الصحراء المترامية الاطراف...شعرت بوخزة في قلبها...هي جراحاتها التي لا تريد ان تندمل ففيها تجد بقايا الصبر والسلوان..وذكريات خلفها رحيل ابنتها التي تركت لها طفلاً... بكت وهي تردد كلمات جنوبية المعالم ، توأم الحزن المرير
[align=center]هيمه ونصيفة ليل.....ومخاطف أذياب
هزتني روحي بشوكَـ وتريد الأحباب[/align]
انه الحنين الذي يلوذ به الإنسان لوذ الحمائم بين الماء والطينِ ومابين الذكريات والحنين ودموع الام استيقظ زوجها وقد ربت على كتفها :ـ( معذرةً حبيبتي...انها مجرد سويعات...بعدها سنعيش سوية الى الابد).
نام الاثنان كانهم يحلمون بصوت الديك ليوقظهم الى الصباح والصلاة...ولكن صوت باب المعتقل لم يعرف كلمة الديك ...هناك صوت الرعب والعنف ودخول السجان لتهجم ذئاب على المعتقلين الذين سيقوا الى سيارات مظللة ..وهناك القى العجوز نظرة اخيرة ...نظرة مكسورة الخاطر...على زوجته التي لم يفارقها يوماً...ولكنها افترقا ليلتقي مرة اخرى عند مليك مقتدر..
الشيحيات وزمن العبيد
كنا نسمع ونرى في اغلب الافلام الاجنبية كيف كانت الحكومات المحتلة تسوق العبيد الى دول اخرى ومنمنطقة اخرى...كنا نتاثر..نتالم على مايجري على هولاء المساكين ، ولكننا لم نكن نعلم اننا قاب قوسين او ادنى من حقيقة تحدث في بلدنا ..تُمارس ضد ابناء بلدنا في زمن كان النظام السابق يريد منا ان نكون عبيداً ..لا بل ان نحسن العبودية..
منطقة الشيحيات الواقعة على بُعد (30كم) جنوب مركز ناحية بصية والتي تبعد (270كم) عن مركز محافظة المثنى حدث مثل هذا..ومنطقة الشيحيات تقع ضمن منطقة ( الحجرة)او ( الحجارة) والتي سميت بهذا الاسم بسبب كثرة الصخور والحجارة ذات الحافات الحادة واكثرها حجر الكلس والدولومايت والصوان وهذه المنطقة تكون صعبة في التنقل والمواصلات للانسان او الحيوان..الا ان النظام السابق وفي زمن محافظ المثنى ( عيادة كنعان الصديد) قام ببناء عدد من الدور في مناطق( الشيحيات ، وابو الجد، وليه) اضافة الى حفر عدد من الآبار الارتوازية لغرض اسكان البدو الرحل. ولكن سرعان ماتحول المشروع الى مشروع احجرامي ضد المعارضين لسياسة النظام السابق.
يقول الشاهد( جبار حنون) ـ وهو رئيس عرفاء متقاعد ـ ومن اهالي بصية:ــ في شهر شباط من عام 1982 جيء بـ(80 عائلة كردية) تضم (390 شخصاً) من سجن الفضيلية التابع الى مديرية الامن العامة ..حيث تم اسكانهم في دور الشيحيات ومن بين المعتقلين عدد من عوائل السياسيين والشخصيات المعروفة حالياً كعائلة السيدة ( نسرين برواري)والتي كانت مع امها وستة من اخوتها وكانت تبلغ من العمر (14عاماً) وكذلك عائلة ( فريدون عبد القادر)وعائلة ارسلان بايز)عضو حزب الاتحاد الكردستاني وعائلة ( نعيم علي ) عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني..وقد ضُرب على تلك العوائل طوقاً أمنياً مشدداً..وقد تمت معاملتهم باسوء معاملة ولكنهم خرجوا من هذه الدور بعد ان اصدر النظام امراً باخراجهم في شهر ايار من عام 1986 .
(العفايف) بأي ذنب قُتلتْ
منطقة ( العفايف) هذه المنطقة تبعد عن مركز ناحية بصية ( 80كم) ..حيث لا ترى الا اراضي شديدة التوج ومئات التلال والكهوف التي تكثر فيها الذئاب والضباع والدعالج والثعالب والافاعي السامة وغيرها...في هذه المنطقة تم اعدام ( البرزانيين) في شهر شباط من عام 1982 بطريقة بشعة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها..
يقول شاهدي وهو مايزال يتحدث :ـ جاءت مجموعة من الباصات المظللة ويقدر عددها ثمانية الى عشر باصات وترجل منها احد افراد الحماية وطلب مني (حبال)لغرض سحب السيارات التي تعطلت في الصحراء ـ حسب زعمهم ـ من (دكاني) الذي عملت فيه بعد التقاعد ..وما ان فتحت ( دكاني) حتى شاهد احد افراد الحماية ( فتايل جوله) فقال :ـ ( اعطنا هذه واشار الى ( الفتايل)؟!!...ثم توجهوا بعد ذلك الى امراة تدعى ( ام جواهر) واخذوا منها ( اطوال قماش)..وفي تلك الاثناء ترجل احد الاخوة الاكراد وكان شيخاً كبيراً في السن وفي يدة سجادة يريد ان يصلي فقد كان الوقت فجراً...فهجم عليه افراد الحماية واوسعوه ضرباً وتعنيفاً حتى اعادوه الى السيارة قسراً .
بعد ذلك تحركت السيارة لنسمع بعدها صوت الشفل ياتي من بعيد فقد كان الجو صافياً بسبب وقت الفجر ليدفنوهم بعدما ان قتلوهم وربما دفنوهم وهم احياء
ويسترسل شاهدي في القول ( بعد سقوط النظام تم الكشف عن مقبرة جماعية لـ 500 شخص وهم موثقين الايادي بواسطة الـ(فتابيل جوله)
هنا تُسكب العبرات
ليه..صحراء ليه...معتقل ليه...اسماء لموقع واحد ..هو ( ليه) التي عرفها العراقيون من خلال محاكمة الرئيس السابق فمن هي (ليه).
منطقة ( ليه) تبعد عن مركز ناحية بصية بحدود ( 36كم) جنوباً حيث توجد فيها عدد من الدور التي بنيت كما قلنا انفاً وهذه الدور مبنية من الحجر الكلس ومكونة من غرفتين ومطبخ وهول وتتوسط تلك الدور بناية قيل لنا انها (مدرسة) مع بناية عرفنا فيما بعد انها ( مركز شرطة) وهناك بئر ارتوازي.
يقول شاهدي :ـ في عام 183 جيء بعدد من اهالي مدينة الدجيل بعد ان اتهمهم النظام السابق بمحاولة اغتيال الرئيس السابق وقلب النظام الى دور (ليه) وهم محاطون بحراسة امنية مشددة حيث تمت معاملتهم بشكل مهين ومذل.
قلت للشاهد :ـ من اين كان يحصل ابناء الدجيل على الماء ؟
قال:ـ هناك بئر وهي كما تراها يقومون باستخدامها في اوقاتهم واحتياجاتهم.
*- الم يستطيع احد المعتقلين ان يهرب من هذا المعتقل؟
قال:ـ هذا محال طبعاً فالطبيعة السطحية للمنطقة لا يساعد على الهروب ناهيك عن الذئاب والضباع التي تجول في أليالي ومن ثم ان الاجهزة الامنية ضربت طوقاً امنياً بحدود نصف كيلو متر ومن يهرب اما ان يقتل او تفتك به الذئاب او يموت من العطش على اقل الاحتمالات.
*- ومن اين يحصلون على الخبز؟
قال :ـ كان اهالي مدينة الدجيل يستخدمون البراميل للحصول على الخبز وذلك من خلال حفر الارض ووضع البراميل فيها لتكون كالتنور اما الحطب فقد كانوا يجمعونه من الدائرة المغلقة التي قطرها نصف كيلو متر وكم كان شحيحاً.
وبالفعل شاهدنا البراميل وهي ظاهرة للعيان اما الدور فقد تعرضت الى التدمير من قبل قوات الامريكية ابان حرب الخليج عام 1991 بعد تعرضها الى القصف الشديد ولم يبقى منها الا اطلال تحكي قصة شعب اقتاده الزمن ذات يوم الى قبور....تجاور المعتقلات.
-
أحداث وذكريات مؤلمة تقض مضاجعنا لم يرحموا لا الشيوخ ولا الاطفال الرضع ولا النساء من لم يستشهد على يديهم مات من العطش والجوع والاختناق من الجو الصحراوي هناك ...
أوبعد كل تلك الجرائم ويحتاج هدام وزمرته الى محاكمة عجبي على هذا الزمان
شهداء كثيرون على هذا الموقع قد استشهدوا في الشيحات WWW.IRAQML.COM
يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......
-
الشيحات
أخي الكاتب العزيز
ألم تفرأ شبكة أرث العراق المباركة وماذا حدث لعوائل بــلـــد في الشيحات والبصيه .
أنه العجب العجاب وسيستمرون بالنشر وهذا المنشور القليل القليل
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|