[align=justify]بغداد - محمد الساري

تواجه الصناعات الوطنية والمحلية ذات النطاق المحدود جملة من المصاعب والتحديات التي وضعتها في منافسة لا تحسد عليها نظرا لضخامة الكميات المستوردة من البضائع المصنعة والتي تتنوع في اشكالها ومسمياتها لكنها تصب في المحصلة النهائية في خانة البضائع الاستهلاكية السريعة التلف والتي غالبا ما تكلف الاقتصاد العراقي كما هائلا من الاموال والتي يمكن توفيرها في حالة تشجيع الصناعة المحلية ودعمها ماديا ومعنويا ومنع دخول او استيراد البضائع الاستهلاكية التي يمكن تصنيع بدائل عنها في الداخل.ويجد الكثير من اصحاب الصناعات المحلية والورش انفسهم امام معادلة صعبة ومعقدة للغاية الامر الذي اضطر الكثير منهم الى اغلاق معاملهم او ورشهم الخاصة والاتجاه الى عالم التجارة والاستيراد خصوصا نظرا لرخص اسعار المواد الاستهلاكية المستوردة فضلا عن سهولة جلبها وتزايد الطلب عليها وكذلك تفوقها على الصناعة المحلية لكون منتجيها اتقنوا فن الترغيب والاثارة والجذب في ترويج وتسويق هذه المواد التي لايغلب على صناعتها في الداخل لكن الضعف في الادارة والتسويق وعدم وجود دعم حكومي فعال اثقل كاهل هذ الصناعات المحلية ذات الرؤوس اموال المحدودة..يقول السيد كريم لعيبي - صاحب مصنع للاكسسوارات سابقا وتاجر حاليا - انه فضل الاتجاه الى عالم التجارة والاستيراد وترك مهنته الاصلية التي زاولها منذ عقود وتوارثها عن ابيه لكون الاخيرة شهدت ركودا وكسادا في التصريف بالنظر لرخص اسعار البضاعة المستوردة وغزوها المباشر والواضح لاسواقنا المحلية.. مؤكدا حصوله على وارد مالي افضل بكثير وبطريقة اسهل مما كان يحصل عليه نتيجة الجهود والعناء الذي يبذله في المصنع وادارته.ويشاطره الرأي التاجر اسعد عبد الواحد - الذي يقوم باستيراد المواد الغذائية والحلويات المعلبة والمغلفة من الخارج.. ويبيعها بالجملة الى تجار المفرد قائلا.. ان عالم التجارة يفوق عالم الصناعة بالكثير من الامتيازات والتطلعات لكونه يفسح المجال امام التجار بالمغامرة والسفر والاختيار ودراسة السوق ومعرفة متطلبات المستهلك وبالتالي جلب البضاعة التي يمكن تصريفها والترويج لها بسهولة وتحقق ارباحا عالية بالقياس الى غيرها.. مؤكدا ان البعض من الصناعيين في البلاد يجهلون هذه الحقائق ويقومون بصناعة مواد استهلاكية يوجد شبيه او بديل لها متوفر في الاسواق وباسعار منخفضة فضلا عن عوامل النظافة والدقة في التغليف ووضع العلامات التجارية والاعلامية المناسبة.اما المواطن رحيم هادي.. فيتطرق الى دور الدولة ومؤسساتها الرقابية في هذا المجال.. منوها الى ان المحافظة على الصناعة الوطنية والمحلية ودعمها ومنع استيراد المواد الاستهلاكية المستوردة تعد من المهمات الرئيسة للحكومة بغية دعم الاقتصاد الوطني وتشجيع الصناعات وبالتالي تحقيق جملة من الاهداف في القضاء على البطالة واستثمار الاموال في الداخل والمحافظة على الصحة العامة بعد اخضاع هذه الصناعات للرقابة الصحية والسيطرة النوعية.وبالرغم من الدعوات المتوالية التي تطلقها بعض المؤسسات الحكومية والاهلية وبعض وسائل الاعلان ومنظمات المجتمع المدني في هذا الشأن.. الا ان واقع الحال يشير الى غزو هذه البضاعة الاستهلاكية المستوردة بجميع انواعها لاسواقنا ومن ثم اندثار الكثير من الصناعات المحلية بل ان الكثير من الصناعات الوطنية توقفت عن الانتاج لعدم قدرتها على منافسة المستورد من حيث السعر والنوع والكفاءة... والاسباب كثيرة طبعا فمنها ما هو معروف والبعض الاخر مجهول لكن النتيجة النهائية تؤكد قيام مجتمع استهلاكي يعتمد الاستيراد ولا يوجد تحفيز او تشجيع من قبل اي مؤسسة معنية بشكل فعال تتولى متابعة هذا الموضوع الشائك والخطير.[/align]