النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي كتاب السفير الخامس الحلقة 12

    إليّ أيّها العزيز مهمة انا اقل من أن أبصر مداها أو أن أبلغ كنهها ومثواها.
    ولعمري لهو الشرف وأي شرف ان اخطّ بقلمي هذا الكال اسطراً تنبيك عن من غضت الابصار دونه، وتضاءلت الافكار تحت هدي فنونه، واستعصى على النفوس الاقتراب منه رهبة واجلالاً أو خوفاً وفرقاً.
    ورغم كل هذا فهو اشد الناس تواضعاً، واوسعهم صدراً، وارحمهم قلباً، اذا كلّمك اسمعك، وان كلمته سمعك واصغى لك حتى ظننت انك تكلّم نفسك، يلقاك باسماً ويودعك راحماً، فصرت أهوى ان اكلّمه أو أبدأه بحديث، وما أن أبدأ الحديث معه حتى اتضاءل امام خلقه الرفيع وعلمه المنيع.
    كان وما يزال أباً حنوناً رحيماً، يتفقد افراد اسرته فرداً فرداً، يسأ لهم عما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم واضعاً في كلماته الموعظة الحسنة، والكلمة الطيّبة، يزورنا اذا ابتعدنا ويدعونا اذا سئمنا، يلاطف صغيرنا ويرعى كبيرنا، ويعاقب مخطأنا، هو معنا كما هو لغيرنا، يقبل علينا ما اقبلنا على الله يأمرنا بالطاعة ولزوم القناعة، والزهد في الدنيا والصبر على البلاء، والرضا بالقدر والقضاء، يسكّن روعنا، ويزيد صبرنا.
    يناقشنا في امرنا كالصديق رغم رأيه السديد ونظره المرهف في الامور
    لطالما يجالسنا في سويعات السمر رغم انه يكره السهر، فهو ينام باكراً ويستيقظ باكراً، يكثر من الكتابة والتأليف في الصباح الباكر، يتناول فطوره بيده الشريفه قبل طلوع الشمس وبعدها يتفرغ للكتابة والاجابة على ألاستفتاءات والتحضير لبحوث الفقه والاصول والتفسير، التي يلقيها على طلابه في بحوث الخارج. حتى اصبحت الكتابة واستقبال الضيف تستغرق جلّ يومه في البيت فلا نكاد نراه إلاّ في سويعات الطعام على المائدة فهو لا يأكل لوحده إلاّ نادراً ونحن بدورنا ننتظر هذه الفرصة الثمينة حتى نجالسه ونسمعه ونتحدث اليه.
    يقدم لنا الطعام ان قصرت ايدينا عنه، ويسأل عمن غاب منّا.
    كنا ومازلنا نسأل عن الصغيرة والكبيرة في دين او دنيا، نستأنس بطاعته ورضاه، ونأسف لسخطه ان جهلنا ما يريد، يعلم منا مالا نعلمه ولا نعلم منه شيء.
    انه البحر المتلاطم والفيض المتعاظم ـ يعاتبنا اشد العتاب ان اخطاءنا فلا تأخذه في الله لومة لائم. ويلين لنا ان طلبنا منه الرضا.
    اذا جلسنا نتحدث كان كأحدنا يحدّثنا بما نتحدث عن خبر أو صدر من شعر أو أدب في علم أو فن، يدير حديثه بما يقربنا الى الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر، يأمرنا بالتواضع والخضوع والسكينة والخشوع، ينهانا عن حب الدنيا ويحذرنا من التعلّق بحبال مودتها، يحضنا على الزهادة منها كما زهدها، يذكرنا بالموت ومخافة الفوت ويأمرنا بالصبر على البلاء وهو اصبر الناس على بلواه وما أكبر ما أبتلي وهو الصابر المحتسب القانع، فقد أبتلي بصحته وسقمه وسرّه وعلنه وفي أهله وأمته، ومازلت اسمع منه هذه الابيات المنسوبة الى أمير المؤمنين(ع):
    كن في امورك معرضاً وكل الأمور الى القضا
    فلربما أتسع المضـيق ولربما ضاق الفضـا
    ولـرب أمـر محـزنٍ لك في عوارضه رضا
    الله يفعـل مـا يشـا فلا تكـن متعـرّضـا
    اسمعه يكررها علينا كلما ألَّم بنا كرب او اشتكينا له امراً يقلقنا جعلنا الله من مواليه ومن خدمه ومحبيه ومن شيعته ومريديه، واطال الله تعالى عمره الشريف ومتّع الامة تحت ظله المنيف انه نعم المولى ونعم النصير.
    كتبت في النجف الاشرف،
    30جمادى الاول 1417
    مصطفى الصدر

    مع الوكلاء
    لا شك ان كل مرجعية انما تعتمد بالدرجة الأولى على نشر افكارها وتوجهاتها من خلال وكلائها وكذلك تثبيت هذه المرجعية من خلال الدعوة لها، وكان للوكلاء نمط تقليدي مشهور وكان اغلبهم انصاف الجهلة بحيث لم ينفعوا الشعب العراقي بشيء يذكر على الاطلاق هذا إلاّ اذا استثنينا وكلاء السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) الذين كانوا من فضلاء الحوزة ويمتاز غالبيتهم بثقافة لا بأس بها.
    اما شهيدنا فبدأ مرجعيته بوكلاء تقليديين واكثرهم وكلاء سابقون للخوئي وهم يحملون آنذاك وكالات لباقي المتصدين ولم يستفد الامام الصدر من هؤلاء الوكلاء إلاّ بنسبة لا يعتد بها وعندما بدأت الحوزة تستقطب شباب العراق اتخذ الامام الصدر اسلوباً جديداً اذ انه قبل أي حديث اشترط في الوكالة داخل العراق ان لا تستمر اكثر من سنة واحدة وتأريخها الى مولد الرسول الأعظم(ص) في شهر ربيع فبدأ في سنة 1416 ـ 1415هـ بأدخال عناصر الشباب ضمن الوكلاء بالاضافة الى السابقين وبعد ذلك بسنة بدأ باخراج العديد من السابقين وسحب وكالاتهم ولم يجددها إلاّ لمن ثبت على نهج المرجعية الحقة فاصبح جميع السابقين اعداء له بشكل علني فكان ظنه فيهم في محلّه.
    وكان للشباب الحوزوي الدور الريادي في تغيير المجتمع واحتكاكهم المتواصل ادى الى تهيأة الاجواء للدخول في المواجهة الكبرى التي ظهرت في أيام صلاة الجمعة المقدسة.
    فاتصل معظم الوكلاء السابقين بأجهزة النظام واصبحوا موظفين في وزارة الاوقاف ووقفوا بحزم ضد وكلاء الامام الصدر الجدد فصاروا اليد الثانية للنظام التي سعت الى هدم هذه المرجعيّة الناهضة ولكن بدون جدوى.
    كان ايّ وكيل لا يعطى الوكالة مالم يتم التحقق من اخلاقه ودينه وما قدّمه خلال العام الماضي وكان مسؤول الوكالات في سنة التغيير السيد جعفر الصدر فأشرف بنفسه على التحقق من الوكلاء.
    كان المتعارف في الحوزة منذ زمن غير معلوم ان الوكيل اذا جاء بمبلغ في الحقوق فله النصف وكانت على نحو الجعالة على ما هو معروف ولكن شهيدنا قال: لا يعرف الشخص الذي بدأ بهذه السيرة.
    وذم شهيدنا هذة السيرة ولعن مؤسسها، وقام بعد ذلك باعطاء الوكلاء نسبة الثلث.
    وكان قد حرّم على الوكلاء أن يجمعوا غير وكالة مع وكالته وأعتبر الفاعل لذلك سارقاً اذ ان الأعلم أو من يقلده الوكيل واحد من المراجع واعطاء الحقوق الى غيره سرقة وغير مبرء للذمة كما هو واقع.
    فأدى هذا الامر أيضاً الى انسحاب عدد من الوكلاء السابقين على ما ذكرت.
    كان الاخلاص والتدين والحصيلة الجيدة من العلوم الاسلامية الاساس في اعطاء الوكالة ومع كل هذه كان الأهم في نظره الشجاعة وقوة القلب الذي جعله شرطاً اساسياً في امامة الجمعة أيضاً.
    ولكنه اضطر احياناً من اجل المصلحة الابقاء على البعض ممن يفقد بعض هذه لمقومات ولكن على ان لا يكون الشرط المفقود هو الاخلاص وعدم الانحراف يميناً ويساراً لذلك لم يبق احداً من اتباع المسلك التقليدي.
    وقد قام بمحاكمة بعض الوكلاء الذين تصرّفوا بشكل غير لائق وسرقوا اموالاً من ناحية الحقوق وعنفهم وحدث هذا على ما أعلم به مع اثنين احدهما في بغداد والآخر في ناحية تابعة لبغداد أيضاً.
    اذ قام الاول بأخذ مبلغ من الحقوق ولم يوصله الى الامام الصدر بل تصرف به ففسقه في بادىء الامر ولكنه اعاد الاموال وأعلن التوبة.
    والثاني قام بتزوير ختم الامام الصدر واعطاء وصولات مزورة وهو الشيخ عبد الامير الجابري ولكنه عاد أيضاً واعتذر وأعلن توبته والله العالم بالسرائر.











    التدرج في المواجهة
    كما ذكرت سابقاً ابتدأ شهيدنا بمفرده إلاّ بمن لا يعتد به في ذلك الوقت سواء على مستوى الجماهير أو الحوزة وعندما تصدى كان عليه ان يواجه اولاً وقبل الجميع الحوزة اذ ليس من السهولة التغاضي عن مثل هذا الخصم الشرس الذي تغلغلت جذوره في عمق التاريخ مئات السنين. وعليه ان يواجه الجماهير التي حملت عنه نتيجة الاعلام فكرة سيئةً، وعليه ان يواجه النظام
    لذلك نسأل كيف تم استيعاب هذه الجبهات؟ مع وجود تضاد كبير بينها. فالجماهير عدوة للنظام، والحوزة عدوة للنظام، والحوزة تؤثّر في الجماهير إذ هي القائد الأول للجماهير. فاذا دخل في نزاع مع الحوزة خسر الجماهير وعُدّ من اعوان النظام، ولم يكن في وضع يساعده على الدخول في مواجهة مع النظام
    ولا اقول بأني سأستوعب المنهج الذي اختطه شهيدنا كما هو إلاّ اني وبحكم مشاهداتي وتحليلي الشخصي للأحداث والتصريحات التي سمعتها بنفسي أو ممن لا يشك في صدقه سوف ادلي بدلوي وما كان مخالفاً للواقع فانا اتحمله ولا غير.
    يقول شهيدنا انه لم يستطع ان يتحرّك إلا بعد ان اغمض الخوئي عينيه. وهو يشير بذلك الى السلطة التي كان يتمتع بها الجهاز الحوزوي و الامكانيات الاعلامية والمالية ومن خلال ما ذكرته سابقاً ان شهيدنا عندما بدأ بطرح اشكالاته على الحوزة كمسألة صلاة السيستاني في مسجد الخضراء وغيرها كان يهدف الى إسماع آذان الحوزة بأني موجود على الساحة ولم يطرح(رض) نفسه كمنافس بصورة مباشرة، وانما اراد ان يثبت اولاً انه مؤهل علمياً اكثر حتى من الخوئي فدخل في مناقشات علمية مع عدد ممن يحدث نفسه بالاجتهاد، أو مع من هو مجتهد فعلاً كما ذكرت آنفاً.
    اضافة الى طرح اشكالات على السلوك القائم وأثارة مظلومية الاسلام ونهب الحقوق والاموال من قبل المتنفذين القائمين على شؤون الحوزة. هذا كله مع الحفاظ على الأسس الاسلامية والمبادىء التي كان يعتقدها او ما يسمى باللغة الحديثة }استراتيجية{ فهو يُظهر تذمره واستيائه من اشخاص معيّنين ويترك آخرين.
    اما النوع الاول: فهم من الاشخاص الذين يبعد احتمال ارجاع احدهم الى جادة الحق، والتوبة على ما مضى كأولئك الذين دخلوا في مواجهة علنية مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر أوساهم بشكل او باخر في اجهاض حركته اما النوع الآخر وهم من الفضلاء الذين ليس لهم دور مهم على ساحة النجف وهناك اشخاص حاولوا التقرّب منه وهم مشبوهون فتركهم لمدة ثم طردهم بصورة علنيّة. وكأن السر في ذلك ان النوع الاول من اعداء السيد الشهيد كانوا يعتبرون انفسهم من ذوي السلطة المطلقة على الحوزة بل على الشيعة في العالم وأحياناً يصطدمون مع كثير من الجهات في حال تصادم المصالح اذكر على سبيل المثال محمد تقي الخوئي الذي كان متكبراً ويرى نفسه فوق الجميع فلم يجامله شهيدنا طرفة عين بل كان يذكره بكل مساؤوه.
    والنوع الثاني: لم يكونوا يعادون أية فئة بل هم يجارون الجميع فرأى ان هولاء يمكن اصلاحهم وتقوية قلوبهم لنصرة الحق. وهناك فئة كانت مستضعفة ولكنها تعرف الحق واهله فناصرت شهيدنا حتى هذا اليوم نذكر منهم ـ السيد مير حسن أبوطبيخ ـ وهذا السيد الجليل من طلبة الشهيد محمد باقر الصدر وله موقف بطولي ذكره النعماني في محنته فراجع.
    وقد وقف ابوطبيخ مع شهيدنا وكان يحدّث ببعض الحقائق الخطيرة منها ان هناك بعض المؤلفات سرقت من مؤلفيها أو أخدت قهراً ووضعت عليها اسماء لاشخاص متنفذين، ويذكر على سبيل المثال ان احد العلماء(رحمه الله) قد كتب كتاباً في تفسير القرآن فعرضه على احد الشخصيات المهمة لكي يبدي رأيه فيه فأخذه ذلك الشخص ووضع عليه اسمه، وآخر الّف كتاباً في علم الرجال فحدث له ما حدث للعالم السابق.
    وشهيدنا كما ذكرت لم يدخل في تلك الفترة في مواجهة مع النظام لانه من غير المعقول ان يدخل هذه المواجهة وليس معه سوى ثلة مخلصة قليلة لا تتعدى اصابع الاطراف، لذلك بدأ شهيدنا بمسألة الاعلمية، وتحدى كل الموجودين على ساحة النجف وتصدى للمناظرة فلم يتجرأ احد إلاّ من جرب حظه فرده على اعقابه خاسراً.
    يتبع في الحلقة القادمة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

المواضيع المتشابهه

  1. الجزيرة وقطر..الارهاب والتنكيل بشعب العراق الى متى السكوت؟
    بواسطة احمد مهدي الياسري في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 04:02

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني