|
-
لماذا نجحت اليابان
لماذا نجحت اليابان
د.صلاح حزام
قبل سنوات صدر باللغة الانكليزية كتاب ممتاز تحت عنوان (لماذا نجحت اليابان ....التكنولوجيا الغربية والروح اليابانية).
ومؤلف الكتاب هو استاذ ياباني في علم الاقتصاد يعمل في مدرسة لندن للاقتصاد يدعى موشيو موريشيما، وله مؤلفات محترمة في علم الاقتصاد تؤكد جدارته في تناول التجربة اليابانية بالتحليل.فهو ليس مجرد ياباني يراقب مايحصل في بلده ويخبرنا عن مشاهداته، بل هو عين خبيرة تفهم دلالات الأشياء والعلاقات السببية بينها.
إنني عندما أسوق هذه المقدمة المختصرة فإنما لبيان الشرعية التي تتمتع بها آراء هذا الرجل ومدى واقعيتها.
يوفر الكتاب تفسيرا جديدا للنجاح الحالي الذي تشهده اليابان. فعن طريق وضع الصعود الياباني في اطار تطوره التاريخي،فان الكاتب يبين لنا كيف ان التمسك القوي بالروح القومية بتفاعله مع الافكار الدينية والاجتماعية والتكنولوجية المستوردة من كل مكان، يمكن ان ينتج خصائص فريدة.
وفي الوقت الذي يتتبع الكاتب جذور اليابان الحديثة وصولا الى بدايات دخول الكونفوشيوسية والتاوية والبوذية من الصين في القرن السادس، فانه يركز دراسته على نحو خاص على المئة والعشرين سنة الاخيرة والتي كان لليابان خلالها احتكاك مكثف مع الغرب.
انه يقدم لنا وصفا للصعود السريع لليابان إلى مرتبة الدول من الصف الاول على اثر مايعرف بثورة ميجي عام 1867 والتي جعلت اليابان تكسر تاريخا طويلا من حاجز العزلة التي فرضتها على نفسها.ان ذلك قد عبد الطريق لتبني التكنولوجية الغربية والى خلق امة عصرية تأخذ بالطراز الغربي وكذلك كان لها الفضل في نهوض اليابان البالغ السرعة من دمار الحرب العالمية الثانية.ويستعرض الكاتب مجموعة من العوامل التي ساهمت في النجاح الاقتصادي الياباني من أهمها :
1- الاستجابة لمتطلبات المؤسسات مختلفة الحجوم (كبيرة وصغيرة ومتوسطة)
2- العلاقة بين الحكومة والمؤسسات الكبيرة
3- الاستقبال الفاتر في اليابان لمفاهيم الليبرالية والفردية
4- قوة الشعور القومي الياباني
5- ومن أهم العوامل التي ركز عليها الكاتب هي الكيفية التي أقيمت بموجبها الرأسمالية اليابانية والتي استندت على مبادئ أخلاقية تتلاءم مع الظروف اليابانية وخاصة مع تقاليد الكونفوشيوسية اليابانية التي تفرض الولاء التام للمؤسسة والى الدولة.
وتجنبا للإطالة سوف اختار مجموعة من الملاحظات الختامية المستقاة من الكتاب والتي أرى انها ذات أهمية للقارئ وخاصة العراقي:
= في عام (1258) وهي نفس سنة سقوط بغداد على ايدي المغول، تبنت اليابان نظام يشبه نظام مجلس الخدمة العامة الذي كان في العراق والغي في السبعينيات. هذا النظام يستند الى فلسفة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، حيث كان يعلن عن كل الوظائف،عدى وظيفة الامبراطور، وتطرح للمنافسة بين جميع المواطنين عن طريق الاختبارات لاختيار الافضل بغض النظر عن طبقته الاجتماعية.حيث ان المواطن من الطبقة الدنيا قد ينجب ابنا يستحق العمل في اعلى المراتب والعكس صحيح ايضا.وهذا يتفق مع المباديء الافلاطونية التي تصنف الناس الى معادن لكنها تقر بامكانية المعادن الرديئة ان تنجب معادن كريمة والعكس صحيح.وبالتالي تلغي التوريث وتسمح بما يعرف في الادب السياسي الحديث (الحراك الاجتماعي)
وكان الاعلان يتم عن طريق تجوال الموظفين المكلفين بالإعلان في الطرقات وضرب الطبول للفت انتباه الناس ومن ثم قراءة الاعلان عن الوظيفة على الملأ بصوت عال !!!.
واعتقد ان هذه قد تكون من بين اهم أسباب النهضة اليابانية. فليس اخطر من وضع الأشخاص غير المناسبين في اماكن غير مناسبة.
= تحرم الكونفوشيوسية "الشك" !!حيث لايجوز لأحد أن يشك في احد آخر ويسكت بل يجب عليه دينيا أن يذهب ويخبره بشكوكه فيه. ان ذلك المبدأ العظيم سوف يمنح الناس الفرصة للدفاع عن أنفسهم وكذلك لايسمح بنمو وتراكم الضغينة بين الناس. ولاشك ان في ذلك صحة روحية وجسدية هائلة نظرا لما تورثه الضغينة من أذى !!!!!
= الحضور الواضح للمباديء الاخلاقية للكونفوشيوسية في ميدان الاعمال من حيث عدم الغش لانه محرم وكذلك تقديس العمل وتحريم عدم الاخلاص في العمل والولاء للمؤسسة وعدم الاستعداد للتنقل بين المؤسسات بحثا عن اجور افضل لان ذلك يثلم شرف المهنة للشخص.
-
التجربة اليابانية
عبدالله الباكري
النقلة النوعية التي أحدثها الشعب الياباني في التاريخ الإنساني المعاصر تعد مثلاً أعلى للشعوب الأرضية ، ولا غرو فهزيمة كبرى تلحق به في الحرب العالمية الثانية تثير في نفوس أبنائه الغيرة على بلادهم وتلهب نيران الحماسة في صدور شبابه على مستقبلهم ومكانتهم بين دول العالم الأرضي ، ولذا فهم استمروا في المحاولات وظلوا وما زالوا يبحثون عن السبل التي تمكنهم من الرقي والتقدم وما انفكوا حتى قلبوا ظهر المجن وحولوا بلادهم إلى مكانتها المتقدمة بين شعوب الأرض قاطبة
لعل الإنسان العربي البسيط تثار في محياه علامات الدهشة والإستغراب عندما ينظر إلى حال اليابان المستثارة عقب هزيمتها في الحرب بينما يرى أمته وهي عبارة عن سلسلة هزائم مترابطة ومتكررة منذ أكثر من عدة قرون ولم يستثاروا لمكانتهم المتأخرة عالمياً ولم يتحركوا لوضعيتهم النائية ولم يحاولوا حتى مجرد التغيير أو البحث عن الأفضلية ولعل هذه الأسئلة ليست من السهل بمكان أن يجاب عليها الآن اختزالاً ولكنها تبقى أسئلةً تتكرر مع كل نكسة وتعاد مع كل عام ، ولذا سنتحدث الآن وبشيء من الإختصار عن أمة اليابان ، هذه الأمة العجيبة في أمرها ، أمة الحركة الدؤوب التي لا تعرف الخمول بل وتجهله وتتجاهله في حياتها وسنتحدث عن اقتصاديتها الآن ولاحقاً عن التعليم والعلوم الإنسانية
سياسة الدولة اليابانية إقتصادياً بدأت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرةً والغريب أن هذه السياسة لم تضع سياسة التصدير في حسبانها بقدر ما وضعت سياسة الإكتقاء الذاتي لشعبها ولكن الحرية الإقتصادية التي منحتها الدولة لشعبها جعلت المنافسة بين الشركات المحلية تصل إلى ذروتها وبالتالي تتجه إلى التصدير الخارجي
الشعب الياباني نفسه هو قاعدة التسويق وليس التصدير كما يتوهم العديد من الناس حيث أن سياسة الدولة تعتمد في الأساس على التسويق والإنتاج للشعب وليس للخارج وهذا ما جعل اليابان لا تصدر إلا 20% من أنتاجها المحلي
ثقافة الشعب الياباني ثقافة راقية المستوى ، ومن أهم ما يميز ثقافتهم وفكرهم وطنيتهم العالية ففي وسائل الإعلام اليابانية تكاد لا تجد إعلاناً لأية بضاعة أجنبية لأنها وببساطة لن تجد سوقاً لها وسط زحمة المنتجات المحلية المهولة والتسويق الياباني الضخم الذي يتمتع بجودة السلعة مع رخص الثمن بالإضافة إلى وطنية الياباني التي تملي عليه ألا يشتري من بضاعة غير منتجات بلاده
اليابان بلد تحترم عمالتها ، فبالرغم من أن العامل الياباني يعمل أكثر من الأمريكي أو البريطاني أو الفرنسي في ساعات العمل إلا إن ذلك يعود لعشق اليابانيين للعمل وحرصهم الزائد على إتقانه وتجويده إلا إنهم في المقابل يتقاضون أجوراً تفوق نظراءهم في الدول المتقدمة
عندما يصل الياباني إلى سن الستين وهو سن التقاعد الإلزامي في الوظائف الحكومية يلهث ساعياً تجاه الشركات والمؤسسات التي توظف المتقاعدين حتى يستمر في عطائه المتدفق تجاه الحياة وحتى لا يستسلم لأمراض اليأس والشيخوخة ويصبح عالةً وعبئاً على أقاربه وذويه ، وثقافة تقديس العمل مدى الحياة مشهورة عند اليابانيين لدرجة أن 60% منهم والبالغين سن الخامسة والستين فما فوق لا زالوا يعملون !!!!
العمل يعطي اليابانيين معنىً وهدفاً للحياة ولذا فهم دائماً ما يحبون أن يصفوا أنفسهم بقولهم ( إذا كان العالم يلهو فاليابان تعمل ) وأما النجاح الساحق الذي حققته اليابان في أسواق العالم شرقاً وغرباً فهو محصلة طبيعية للتنافس الداخلي الهائل بين شركات التجارة المحلية والذي نتج عنه جودة السلعة ورخص الثمن
الياباني أيضاً بقدر احترامه للعمل وتفانيه في إنجازه وحرصه الشديد على إتقانه إلا إنه يتصف أيضاً باحترامه لإجازته السنوية والتي يخطط لها ويرسمها معنىً آخر للهو والراحة ولمنح الجسد حقه من الإستجمام والسياحة وإمتاع العقل بالتنقل الحر والتغيير الإيجابي ولإعطاء الأسرة حقها من التفرغ ومنحها الوقت لمعالجة أوضاعها وتحسين ظروفها ولذا فهو عاشق للحياة في عملها وفي إجازتها
اليابانيون شعب متفاعل مع أحداث العالم وشؤونه ولا تغيب عنهم أخباره ووضعياته فقد دلت أبحاث ودراسات المعاهد المتخصصة في ثقافات شعوب العالم بأن أغلبية الشعب الياباني يشاهد التلفاز بنسبة 95% وبأن حوالي نصف الشعب يقرؤون الصحف والمجلات بشكل دوري بنسبة 50% وبأن كل شخصين يشتركان في قراءة صحيفة يومية
المجتمع الياباني مجتمع معلومات ليس لأنه مستقبل لها فقط بل لأنه متفاعل معها أيضاًُ وذلك لأنه تكمن وراء هذه الخصائص البشرية العالية رغبة شديدة وإرادة ملحة تجاه المعرفة وشغف متوقد واهتمام غير طبيعي بالعلوم الإنسانية المتنوعة ويتربى الأطفال والأبناء على هذه التربية بل وتجدهم لا يستنكفوا طلب العلم حتى من ألد أعدائهم وأشد خصومهم ضراوة لهم ولذا فلا تتعجب من أمر هذا الشعب واتعجب من أمرنا نحن العرب
-
[grade="FF0000 00008B"]الإدارة اليابانية و الإدارة الإسلامية
تجربتان في دائرة التقييم[/grade]
د. معن الراشدي
النتيجة
الإدارة الإسلامية
الأسس التي قامت عليها الإدارة اليابانية
تمهيد
تمهيد
إن قسطاً كبيراً من التقدم الذي أحرزه المسلمون الأوائل يعود الفضل فيه إلى فكرة النظام والتنظيم التي جاء بها الإسلام، وتفرعت هذه الفكرة إلى شؤون الحياة من عسكرية وزراعية وصناعية وتجارية،وكانت إدارة البلاد إحدى مفردات هذه الفكرة الحضارية وإحدى دعائم التقدم الحضاري في العصر الإسلامي الأول، فلو عدنا وأخذنا بتلك الأسس التي قام عليها النظام الإسلامي بمختلف إشكاله لامتلكنا أحد أهم عوامل التقدم في هذا القرن المتلاطم بالأفكار والاطروحات.
ويعزي كل دارس للتجربة الياباني التقدم الهائل الذي شهدته اليابان بعد الحرب العالمية الثانية إلى حسن الإدارة.
يقول احد كبار المدراء اليابانيين وهو (سابورو اوكيتا) (التقدم في اليابان بسبب عامل الإدارة)(1).
وفي هذه الدراسة المقتضبة نستجلي سر المعجزة اليابانية والبحث في الجذور والأسس التي قامت عليها الإدارة اليابانية، ومن ثم الانتقال إلى التجربة الإسلامية ومقارنتها بالتجربة اليابانية.
الأسس التي قامت عليها الإدارة اليابانية
هناك دراسات كثيرة كتبت عن التجربة اليابانية أبرزها دراسة (بيتر دراكر) التي نشرها في مجلة (Harward Business Review) ذكر في دراسته أربعة خصائص للإدارة اليابانية هي سبب التقدم الذي أحرزه اليابانيون.
أولاً: اتخاذ القرار بصورة جماعية
فخلافاً لما هو موجود في الغرب حيث ان القرار يتخذ في المستويات العليا ويتم ايضا بمشورة مجموعة صغيرة من المنفذين، فإن جميع الأفراد في اليابان يشتركون في عمل الإدارة بمناقشة المشاريع واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها، فقبل أن تشرع الشركة على تنفيذ مشاريعها يقدم العاملون بدراسة المشروع بصورة كاملة حتى بدون ان يعرفوا رأي الإدارة فيه،
يبحثون في المشاكل التي قد تعيق تنفيذ المشروع وطرق معالجتها فلا يبدأون بالعمل إلا بعد أن يحيطوا بالمشروع احاطة تامة وكاملة فعند التنفيذ سيجدون سهولة في إنجاز المشروع، ويجدون القدرة على حل أية معضلة قد تعترض سبيلهم لأنهم قد درسوا كل الاحتمالات ووضعوا الحلول اللازمة لها.
وبناءً على ذلك فإنّ أي تعثر في العمل لا يحدث نتيجة لهذا العامل المهم الذي يعطي العاملين فكرة مفصلة عن عملهم، وعن مشكلات العمل وما شابه ذلك.
ثانياً: التوظيف مدى الحياة
أغلب الموظفين والعاملين في اليابان يعيّنون في وظائفهم مدى العمر، كما وأنّ مرتباتهم الشهرية تعطى لهم على اساس سنين الخبرة(2). فمرتباتهم تتضاعف كل (15) عاماً، كما وانهم يصلون سنّ التقاعد عندما يبلغون الخامسة والخمسين من العمر، وعندما تكون المؤسسة في حاجة إلى خدماتهم فإنهم يبقون في الخدمة فيمنحون حينذاك ثلثي راتبهم الشهري فالوصول إلى درجة المدير لا يحصل إلا لمن بلغ سن 45 سنة.
وعندما يدخل الوظيفة يشعر بأنه باق فيها إلى آخر حياته العملية، ولهذه الحالة الإدارية تأثير كبير على عمله وحياته في داخل المؤسسة، فهي تزيل عنه مخاوف البطالة، كما وأنّ جل تفكيره وعبقريته سيصبه في عمله الذي سيستمر معه فينجم عن ذلك تفاعل العامل مع عمله وابداعه فيه وتخزين تجربته في الميدان الذي يعمل فيه.
فلا يحدث مثلاً انتقال المدير إلى مكان آخر إلا في النادر لأنّ ما يحصل عليه في المؤسسة من مكافآت يبرر عدم انتقاله إلى مكان آخر.
ثالثاً: التعليم والتدريب المستمران
يتلقى العاملون اليابانيون سواء كانوا موظفين أو عمالاً أو مدراء التعليم المتواصل والتدريب اللازم للعمل الذي ينجزونه طيلة بقائهم في المؤسسة.
فالتعليم والتدريب المتواصلان سيرفعان من مستوى إداء العامل الياباني والذي سينجم عنه زيادة في الإنتاج وتقدم في نوعية المنتوج.
والملاحظ أن الدول الاوربية تستعين بالتعليم والتدريب في المؤسسة لكن حين انتقال الموظف من درجة إلى درجة أعلى، أو عندما يريد الانتقال من وظيفة لأخرى.
رابعاً: الإدارة الأبّوية
إحدى وظائف المدراء في اليابان تربية واعداد مدراء المستقبل، فكل المدراء يجب أن يشرعوا في المستويات الدنيا ثم يتسلقوا السلالم الإدارية حتى يصلوا القمة ليصبحوا مدراء للمؤسسة لهذا فإن الشهادات الجامعية العالية لا معنى لها في اليابان، فالفرد يتعلّم في الجامعة، ولا عجب أن يكون رئيس وزراء اليابان (تاناكا) حاصلاً على الشهادة القانونية العامة فقط.
على أي حال في السنين العشرة الأولى من عمل الموظف يقوم بانجاز الاعمال الإدارية غير الرسمية وهي التي أطلق عليها (God Father) فيصبح مديراً غير رسمي، أي أنه يقوم بأعمال الإدارة تحت اشراف المدير، فيسمع شكاوى الموظفين، وله صلاحية نقل الموظف من مكان لآخر، كما وأنه يقوم باعطاء الموظف درجة أعلى ليصبح بالمستوى الذي يناسبه.
ومن ابرز سمات (الإدارة الأبوية) التعامل الأبوي للمدير مع عماله وموظفيه، فهو يتعامل معهم كما يتعامل الأب مع أبنائه فيشملهم بعطفه، حتى أنه يساهم في حل مشكلاتهم العائلية كالزواج وما شابه ذلك، ومشاركتهم في اختيار الزوجة المناسبة.
ويشير (سابورو اوكيتا) إلى عامل التضحية عند الموظفين، ويذكر مثالاً على ذلك، وافق الموظفون والمدراء في شركة (مزدا) عام 1970 وشركة برانيف عام 1980م عند تعرضهما للخسارة، وافق العاملون على تحمّل قسط من هذه الخسارة فقد تنازل موظفو شركة (مزدا) عن 50% من رواتبهم ومكافئآتهم كما وافق موظفو شركة برانيف للطيران على اقتطاع 90% من رواتبهم لسد العجز في الشركة(3).
هذه باختصار أهم عناصر الرقي في الإدارة اليابانية وبالتالي للتقدم الياباني الذي أثار إعجاب الكثير. هذا ما يتعلق بالمؤسسات والمصانع العامة، أما المعامل الخاصة فأغلبها معامل صغيرة تقتصر على أعضاء العائلة فقط، وتناط إدارة هذه المعامل برب العائلة الذي يمتاز بطول الخبرة والكلمة المسموعة عند جميع أعضاء العائلة وهي عناصر مهمة لنجاح المؤسسة حتى لو كانت صغيرة.
الإدارة الإسلامية
تقوم الإدارة الإسلامية على الأسس التالية:
أولاً: المشاركة في صنع القرار
إذا ما أعدنا قراءة النصوص التي حثت على المشورة لوجدنا أن الغاية من هذا الحث هو ايجاد مقدار من المشاركة في صنع القرار وان لا يتفرد رجل واحد في صنع القرار سواء كان هذا الرجل قائداً عسكرياً أو مالياً، أو مديراً أو مسؤولاً في أي ميدان من الميادين فـ(الشركة في الرأي تؤدي إلى الصواب)(4) لأنها مشاركة جمع من العقول، وإضافة آراء ذوي الخبرة والتجربة، فالقرار الذي يأتي عبر مناقشة مستفيضة ستجتمع عليه الآراء فيكون أقرب إلى الصواب.
أما نجاح العمل فالمشاورة تكفل هذا النجاح، يقول الإمام(ع): شاوروا فالنجاح في المشاورة(5) ولم يحدد لنا الإمام كيفية وأسلوب المشاورة، بل وضع أمامنا قاعدة عامة وذكر لنا فوائد تطبيق هذه القاعدة ومضار تركها، ولم يستثن ميداناً من الميادين، وهذا يعني أنها ضرورية لكل عمل يقوم به الإنسان وتشتد الضرورة عندما يكون هذا العمل مناطاً بمجموعة من الأشخاص وليس فرداً واحداً.
وإذا امعنا النظر في هذا النص: صواب الرأي باجالة الأفكار(6) لاتّضحت لنا أهمية المناقشات المستفيضة من ذوي الشأن للوصول إلى القرار الصائب.
ثانياً: حسن اختيار المدير
إذا أحسنا اختيار المدير (أو أي موظف) فانه سيبقى مواصلاً لعمله، وهذا ما يفعله اليابانيون أيضا، فهم يصرفون جهداً واسعاً في اختيار الموظف لأنهم سيختارونه مدى الحياة في تلك الدائرة(7) فحسن الاختيار يسد الطريق امام المشاكل التي قد تطرأ نتيجة ضعف الموظف أو عدم انسجامه مع الجو العام وإذا ما أمعنا النظر في رسالة الإمام(ع) إلى مالك الاشتر لوجدنا الشروط الصعبة التي يضعها امامه عند اختياره لعماله: ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم إختباراً، ولا تولّهم محاباةً وأثرة فإنهما جماعٌ من شعب الجَوْرِ والخيانة، وتوَخّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة، والقدم في الإسلام المتقدمة فانهم اكرم أخلاقاً، وأصحّ أعراضاً (أغراضاً) وأقلّ في المطامع اشراقا (اسرافاً) وابلغ في عواقب الأمور نظراً(8).
شروط متعددة غير محصورة بالكفاءة اللازمة في العمل فقط، بل لابد من ملاحظة (العامل) من النواحي النفسية والاجتماعية أيضا، حتى لا يأخذه الطمع ولا تتغير نواياه وأغراضه كما لابد من ملاحظة سلوكه الاجتماعي وقدرته على التكيّف في المحيط الاجتماعي الجديد، عند ذلك تبدأ مسؤولية المدير (ثم اسبغ عليهم الارزاق، فإنّ ذلك قوة لهم على استصـــلاح انفسهم وغنىً لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحــجة عليهم إن خالـــفوا أمرك أو ثلموا أمانتك)(9) فعندما تجتمع تلك الخصال في فرد من الأفراد ثم يقابل بالمكافأة الجيدة فإن ذلك مدعاةً له لأن يستقيم في عمله ويواصل جهده لترقية المؤسسة.
وفي مكان آخر يقول لمالك: وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقلّ معه حاجته إلى الناس، وإعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك(10).
وهذه عوامل تحصن الموظف من السقوط في طريق الرشوة، أو تغيير موقعه من مؤسسة لأخرى.
1ـ البذل الواسع الذي يكفل جميع حاجاته حتى يشعر بالغنى.
2ـ المنزلة المرموقة حتى يشعر بالأمن والطمأنينة على وظيفته، وهذا ما يسمى بالأمن الوظيفي.
فماذا يريد الموظف بعد كل ذلك إذا كانت حياته مؤمنة، ووضعه الوظيفي مستقراً، إنها كفالة كاملة لا تضمنها للموظف افضل الشرائع الادارية، فحتى الإدارة اليابانية لا تحيط الموظف بهذا الشكل من الرخاء الأمني والمعيشي، فالموظف يأخذ راتباً معيناً، وقد يكون هذا الراتب غير كاف لتغطية جميع نفقاته، فماذا سيعمل حينذاك يا ترى؟
قد تدفعه الحاجة إلى أعمال مشينة مُخلة بالأخلاق الإدارية. لكن في المنهاج الاداري لأمير المؤمنين عليه السلام يجب أن يؤمّن الموظف حتى يصل حد الغنى، أي لا يتمّ الاكتفاء بالراتب الشهري فقط، بل المعيار هو تأمين حاجاته، ومن ثمّ توفير الأمن الوظيفي له: واعطه من المنزلة لديك مالا يطمع فيه غيره من خاصتك(11).
ثالثاً: العمل المقرون بالعمل والتجربة
وهو العنصر الثالث من عناصر الإدارة اليابانية، وهو أول الكلام في النظام الإسلامي، فقد أنزل الله سبحانه وتعالى أول كلمة على قلب رسول الله(ص) وهي تحمل تعاليم بالحث على العلم، أما أمير المؤمنين(ع) فليس هناك في قاموس كلماته التي استعملها اكثر من كلمة العلم وهي تتردد على لسانه البليغ.
ودائماً العلم إلى جانب العمل، فأحدهما بدون الآخر يبقى ناقصاً، لنتصفح أقواله(ع): على العالم أن يعمل بما علم، ثم يطلب تعلّم ما لم يعلم(12) وأحد مصاديق هذا القول الرجل الياباني الذي يدخل المؤسسة ويتلقى في كل يوم دروساً جديدة لتطوير العمل داخل تلك المؤسسة، فهو يواصل العلم والعمل معاً وسوية.
يقول أمير المؤمنين(ع): جمال العالم عمله بعلمه(13) فالقاعدة التي يضعها الإمام هي: اصطباغ العمل بالعلم، واقترانه به حتى يصبح عمله قائماً على اسس متينة، وتكون ثمرته الإنتاج الوفير.
يقول أمير المؤمنين(ع): لا خير في العمل إلا بالعلم(14) فلو كان اليابانيون عرفوا بهذه الحكمة لاستنسخوها ولوضعوها في لوحة وعلقوها في جدار مصانعهم ودوائرهم. لانهم بذلوا الكثير حتى تمكنوا أن يحققوا هذا الزواج الدائم الذي لا ينقطع بين العلم والعمل حتى داخل المصنع وإذا سألتهم لماذا تصنعون ذلك؟ لقالوا لك.. بانها السعادة التي يطمحون إليها، اعملوا بالعلم تسعدوا(15).
وإنها النجاح الباهر: اعمل بالعلم تدرك غنماً(16). لأنّ العمل بالعلم من تمام النعمة(17) أما لو امتنع الإنسان العامل عن أخذ العلم باستمرار فما هي نتيجة ذلك يا ترى؟
العمل بلا علم ضلال(18).
وما هو دور كل واحد منهما؟
العلم يرشدك والعمل يبلغ بك الغاية(19).
فالعلم هو الضوء الذي ينير الدرب امّا العمل فهو العجلات التي تحمل الإنسان إلى الهدف فمن جمع الاثنين سار في الطريق الصحيح: العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح(20).
رابعاً: التقدم في العمل
التدريب على الإدارة في داخل المصنع هو أحد مصاديق انتهاز الفرص. فرص التقدم تنمية القدرات الذاتية للارتفاع في سلم التوظيف.. وقد دعّم أمير المؤمنين(ع) هذه الفكرة من أبعاد عديدة هي:
1ـ انتهاز الفرص
فتوفير اجواء التقدم في المصنع هو فرصة ذهبية يجب انتهازها قبل أن تفلت، يقول أمير المؤمنين(ع) إذا أمكنت الفرصة فانتهزها فإنّ اضاعة الفرصة غصة(21).
فيجب أن يكون الفرد حساساً لكل لحظة من لحظاتها لأنها إذا مضت لن تعود بعد ذلك يقول أمير المؤمنين(ع): الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود(22) فلا مجال للتباطؤ حتى التؤدة التي امتدحها أمير المؤمنين(ع) كفضيلة من الفضائل لا قيمة لها في مواجهة الفرصة، بـــل لا معنى لهـــا هنا؛ التؤدة مـــمدوحة في كــل شيء إلا في فرص الخير(23).
والفرصة تمرّ مرّ السحاب فكان لابد من استثمارها قبل أن تذهب إلى سماء الآخرين (انتهزوا فرص الخير فإنها تمرّ مرّ السحاب)(24).
2ـ كن حازماً
من هو الحازم؟ هو الذي ينتهز تلك الفرص الذهبية التي وفرتها له الظروف والبيئة، وهو الذي يستفيد من التجارب، يقول أمير المؤمنين(ع) من يجرّب يزدد حزماً(25).
ويقول أيضا: الحزم حفظ التجربة(26).
فالتجربة هي علم مستأنف ـ كما قال أمير المؤمنين(ع) فهي مصدر من مصادر المعرفة بل هي المعرفة الحقة لأنها مطابقة تماماً للواقع، امّا العلم فهو بحاجة إلى التجربة لمعرفة مدى صدقيته على الواقع. من هنا كان: المجرب أحكم من الطبيب(27) لأن معرفته بصغائر الأمور أدق من معرفة الطبيب.
لذا كان الحازم من حنّكته التجارب وهذّبته النوائب(28) وقد أخذ اليابانيون بهذه الحكمة، وفضلوا صاحب التجربة على صاحب الشهادات العليا.
3ـ التقدم المستمر
التوقف هو الموت، والتقدم هو الحياة.. ومن يتقدم هو الكيّس والكيّس من كان يومه خيراً من أمسه(29) فهو حساس للوقت تثيره كل لحظة تمر على حياته، وهو يسأل نفسه ماذا استفدت خلال تلك اللحظة، وهذا هو شعار من يريد التقدم في الحياة، علامة التقدم أن يضيف شيئاً جديداً إلى مخزون التجارب، والمعرفة ليزداد رقياً وتقدماً فإذا سنحت له الفرصة فإنه سيستفيد منها حتى اللحظة الواحدة.
4ـ مرافقة ذوي التجارب:
فذوو التجارب هم مصدر المعرفة الواقعية، ومن الطبيعي أن يستفيد المتعلم من أصحاب التجارب أكثر ممن يتلقى العلوم النظرية، وقد استفاد اليابانيون من هذه القاعدة عندما حوّلوا معاملهم إلى جامعات يستفيد منها العامل الجديد الذي يدخل المصنع لتوّه، فهو يتلقى الخبرة ممن سبقه، والذي سبقه ممن سبقه، وقد جاءت هذه القاعدة على لسان أمير المؤمنين(ع): خير من شاورت ذوو النهى والعلم وأولوا التجارب والحزم(30).
وأيضا قال: أفضل من شاورت ذوو التجارب(31).
ويقول في مصاحبة أصحاب العلم والتجربة: خير من صاحبت ذوو العلم والحلم(32) فهذه النصوص ما هي إلا قواعد غايتها إعداد الإنسان الناجح في الحياة ومن ثم بناء المجتمع المتصف بالتقدم والرقي المستمر.
خامساً: الإدارة الأبوية
المدير هو أب قبل أن يكون صاحب سلطة، وهو يتعامل مع موظفيه على أنهم أبناؤه، فمثلما يتحمل الاب تربية ابنائه كذلك يتحمل مسؤوليته إعداد المدراء، وهذا ما أخذت به التجربة اليابانية، والذي نجد له مصداقاً في عهد الإمام أمير المؤمنين(ع) إلى مالك الاشتر، إذ يوصيه بموظفيه قائلاً له: ثم تفقّد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما (33). فيجب أن يتعامل المسؤول مع افراده معاملة الوالد لولده فيرعاهم، ويعفو عنهم عندما يسيؤون وعندما يعاقبهم فعقوبته هي تربيته لهم.
النتيجة
وخلاصة القول في التجربة اليابانية، أن هذه التجربة قامت على أسس أكّد عليها الإسلام من قبل بل إن ما جاء في الإسلام وعلى لسان أمير المؤمنين(ع) هو أدق وأفضل مما دعت إليه هذه التجربة ـ كما سبق ورأينا من النصوص التي ذكرناها.
فلو افترضنا، أن اليابانيين أخذوا بتلك التعاليم والأسس والقواعد التي وضعها أمير المؤمنين(ع) لفاقوا وضعهم الحالي، ولازدادوا تقدماً ورقياً بدليل أن المسلمين تقدموا خلال ومضة زمنية صغيرة وبامكانات قليلة، ذلك التقدم الذي سطره لنا التاريخ، كل ذلك بسبب حسن التربية والإدارة التي خرّجت للبشرية رجالاً لا يعرفون التراجع في حياتهم، وتقدموا حتى اصبحوا منارةً للشعوب.
الهوامش
1 - Management Challer& Japanese Viewsip.16.
2 - المصدر نفسه.
3 - المصدر نفسه ص33.
4 - غرر الكلم 2/87.
5 - غرر الكلم 3/264.
6 - غرر الكلم 4/201.
7 - مجلة Harward Business Review by Peter Draker.
8 - رسائل الإمام، رقم 53.
9 - رسائل الإمام، رقم 53.
10 - رسائل الإمام، رقم 53.
11 - رسائل الإمام، رقم 53.
12 - الغرر 4/317.
13 - الغرر 3/363.
14 - الغرر 6/291.
15 - الغرر 2/239.
16 - الغرر 2/177.
17 - الغرر 2/121.
18 - الغرر 2/18.
19 - الغرر 2/8.
20 - الغرر 2/123.
21 - الغرر 1/396.
22 - الغرر 3/170.
23 - الغرر 2/113.
24 - الغرر 2/96.
25 - الغرر 2/244.
26 - الغرر 5/203.
27 - الغرر 1/238.
28 - الغرر 1/315.
29 - الغرر 2/115.
30 - الغرر 2/50.
31 - الغرر 3/428.
32 - الغرر 2/456.
33 - باب الرسائل، رقم 53.
-
[grade="0000FF 008000"]تجربة النهضة بين النجاح الياباني والفشل المصري [/grade]
رسالة الإسلام - عبده إبراهيم
عقد برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، بالتعاون مع مركز الدراسات حول الأديان في طوكيو، مؤتمراً بعنوان "التنمية ما بين التقليدي والحديث: خبرتا المجتمعين المصري والياباني" وذلك يومي 13،12 أكتوبر 2008، وشارك فيه نخبة متميزة من المتخصصين من الجانبين المصري والياباني، حيث أكد المشاركون أهمية الاستفادة من الخبرة اليابانية في التنمية وإمكانية الاستفادة المصرية من هذه الخبرات في النمو بالمجتمع المصري، كذلك أكد المشاركون ثراء المجتمع المصري وما يمكن أن يقدمه من خبرات للمجتمع الياباني.
وقد أكدت الدكتورة نادية مصطفى أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومديرة برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات أهمية الاستفادة من التجربة اليابانية لما تتمتع به من خصوصية تختلف عن التجارب الغربية التي تسيطر على نماذج النجاح والاستفادة منها، كما أن هناك العديد من العوامل المشتركة بين المجتمع المصري والمجتمع الياباني، والتشابه الشديد في تجربة بناء الدولتين وحرصت على ضرورة الوعي بالعوامل والمؤثرات التي جعلت المجتمع الياباني يصل إلى ما وصل إليه وطالبت ببيان المعوقات التي أثرت في المجتمع المصري، وحالت دون تقدمه.
الاهتمام الياباني بمنطقة الشرق الأوسط
المالكي يستقبل السفير الياباني
ومن ناحية أخرى أكد الدكتور كنتا كساي حرص اليابان على التعرف على ما يحدث في المنطقة المحيطة، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لما تتمتع به هذه المنطقة من أهمية بالغة للعديد من دول العالم، كما أنها أصبحت بؤرة من بؤر الصراع الدولي، وأشار إلى أن مصر تمثل لليابان أهمية خاصة وذلك لعدة عوامل منها العلاقات التاريخية بين المجتمعين، ومشاركة مقاتلي الساموراي للثوار المصريين ضد المستعمر الغربي، وليس بين الدولتين فقط، كما أن قناة السويس تمثل أهمية محورية في طريق التجارة الدولية، بالإضافة لخصوصية الحضارة المصرية وما تتميز به من كنوز عالمية.
وأشار إلى الاستفادة اليابانية من النهضة المصرية التي صنعها محمد علي بمصر، وأن العديد من اليابانيين قد عرفوا مصر عن طريق المشاركة في الاكتشافات الأثرية التي تحدث عنها الكثير من اليابانيين، وطالب بضرورة تكثيف الجهود في توثيق العلاقات بين البلدين.
قيم الإسلام لا تطبق في مصر وتطبق في اليابان
وأكدت الدكتورة أماني مسعود أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ضرورة التعاون وتوثيق العلاقات بين البلدين، والاستفادة من التجربة اليابانية التي تعد مثالاً حياً على الحداثة الممزوجة بنظام القيم الأصيل، وأشادت بأسباب النجاح وعزتها إلى ارتفاع روح الجماعية والعمل المشترك من جانب وإلى الفخر القومي من جانب آخر، وإلى وجود ما يطلق عليه ميثاق الشرف والذي ينادي بمجموعة من القيم الأساسية لنهضة المجتمع والمحافظة عليه وهي "لا تكذب ـ لا تقتل ـ لا تتوان في عملك".
وانتقدت الدكتورة أماني غياب تفعيل مثل هذه القيم في المجتمع المصري، رغم وجودها, وحض الدين الإسلامي عليها.
وأكدت ضرورة تبني المجتمع لحلم النهوض مثلما الحال في المجتمع الياباني الذي ساعد على تحقيق هذا الحلم، وفشله في المجتمع المصري الذي جاء بعيداً عن المجتمع ومنفصلاً عنه.
الاقتصاد مهم في بناء تجربة النهوض
وأكد الدكتور كيوسكي إنجاكي الأستاذ المساعد بجامعة يوكاهاما على الجوانب الاقتصادية وأهميتها في بناء نهضة أي مجتمع، وأشار إلى ملامح فترات التطور في المجتمع الياباني ورصد العلاقة بين العمال من جانب والشركات من جانب آخر وأهمية ذلك في بناء التجارب المجتمعية الناجحة، وأكد أهمية تبني المشروعات الاقتصادية القومية والكبرى وتوظيفها في خدمة المجتمع والاستفادة من العناصر ذات الخبرة داخليا وخارجيا، والتأكيد على أهمية الاهتمام بجميع عناصر العملية الإنتاجية وخصوصا العامل، وأكد على خصوصية التجربة اليابانية في التعامل مع العمال حيث يشعر العامل تجاه شركته بشعور العائلة الواحدة مما يدفعه إلى بذل الجهد والمثابرة على نجاحها.
وأشار إلى تطور الفهم الياباني للعملية الاقتصادية خصوصا بعدما باتت المعلومات تمثل الركيزة الأساسية في الإنتاج، فقد حرصت الشركات الكبرى على بناء الشبكات لتبادل المعلومات وهو ما نتج عنه مزيد من المرونة في السوق.
المؤسسية أحد أسباب النجاح
وأشارت الدكتورة باكينام الشرقاوي أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة إلى خصوصية التجربة اليابانية واعتمادها على المؤسسية وتركيزها على الجوانب الاقتصادية في حين أن العوامل السياسية كانت حاكمة ومحددة للتجربة المصرية، وهو ما أثر في نجاحها وتطورها، وأشارت إلى عدداً من المحددات والعوامل يمكن من خلالها قياس نجاح التجربة وهي: العلاقة بين الداخل والخارج، التنمية الاقتصادية، الطبقة الوسطى، اليابان حديثة وليست غربية، مصر ليست حديثة وليست غربية، دور الدين.
كما أشارت إلى أن اليابان انتقلت إلى مرحلة الديمقراطية في حين أن مصر لا تزال تعيش في مرحلة ما قبل الديمقراطية.
وأكدت هواجي شين أستاذة مساعدة في جامعة سان فرانسيسكو وأستاذة زائرة بمعهد فريمن سبوجلي للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد أهمية مفهوم الدين بشكل عام وأشارت إلى مطالبة العديد من اليابانيين لتدريس مقدمات عامة عن الأديان الأكثر شيوعاً في العالم، وأكدت زيادة نمو الروحانيات في المجتمع الياباني وهو بيئة مناسبة للاهتمام بالدين إلا أن الأديان التقليدية هي المسيطرة على المجتمع الياباني.
تحولات المجتمع المصري
ورصدت الدكتورة منى أباظة أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة التحولات التي طرأت على المجتمع المصري المعاصر وتأثره بالعولمة، وتشير إلى تحول المجتمع المصري إلى مجتمع استهلاكي بالدرجة الأولى، وذلك من خلال رصدها مجموعة من المؤشرات الدالة على ذلك ومنها انتشار المولات الكبرى وما تحمله من ثقافة استهلاكية طاغية، اختفاء الطبقة الوسطى، واختفاء الفضاء العام .
عوامل الاتفاق والاختلاف بين مصر واليابان
وأشار الدكتور مشاكي أوكوياما الأستاذ بجامعة نانزن إلى العديد من نقاط المقارنة بين مصر واليابان من حيث درجة الازدحام، وأعمار السكان، وعددهم, والهجرة؛ حيث تشتركان في الازدحام, في حين تختلفان في معدل أعمار السكان حيث تتميز مصر بصغر معدل أعمار سكانها على عكس اليابان التي تعاني كبر أعمار سكانها، وتعاني مصر نمو معدلات السكان، وتعاني اليابان نقص هذه المعدلات، وتعتبر اليابان من الدول الجاذبة للمهاجرين في حين أن مصر دولة طاردة للمهاجرين.
وأكد الدكتور يانج يو الأستاذ المساعد بجامعة جوساي، أن الهدف الأساسي للشركات اليابانية هو توسيع حصتها من السوق العالمي، وأشار إلى أن اليابان حدثت بها طفرة في التأمين الاجتماعي والصحي وذلك منذ منتصف الخمسينيات، كما أن معدل الزيادة في التأمين الاجتماعي تضاعف بمقدار أربعة أضعاف مقارنة بالدخل القومي، وقد عزا ذلك للتركيز على الطبقة الوسطى.
وطالب المشاركون بتجميع ما توصل إليه المؤتمر وإصداره في كتاب مشترك، واستمرار الحوار والتركيز على قضايا بعينها وتبادل الاستفادة منها مباشرة، وخلق قنوات تبادلية جديدة ومنها الأكاديمي والطلابي.
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
شكرا للاخ الفاضل " amori4u " على هذا النقل المميز والجميل والممتع , وأزيد على ذلك بعض المعلومات والتي حصلت عليها من خلال تعاملي ولمدة طويلة مع بعض اليابانيين :
1- اليابان أعتمدت في بناء أقتصادها بشكل مباشر على ما نهبته من خيرات وأموال الشعب الصيني , والى درجة حولت ذلك الشعب الى شعب فقير , وهذا خلال تاريخ السيطرة الاستعمارية اليابانية الى الشعب الصيني .
2- ينظر الكثير منا ان الشعب الياباني , شعب من درجة خاصة " نظيف في التعامل والعمل " يختلف عن باقي الشعوب , ولكن الحقيقة انه شعب لا يختلف كثيرا عن باقي الشعوب , وكثيرا ما يعلن عن تفشي الفساد والجريمة والنصب والاحتيال .
الشعب الياباني الى الان لم يتخلص من روح التعالي تجاه الشعوب الاخرى , فهو يحمل مفاهيم وأخلاق أرث دولة الامبراطورية اليابانية , والتي حولت البلاد الى دولة عسكرية دخلت حروب وخرجت منها دولة ترفع راية الاستسلام . وفي نفس الوقت وجدت الياباني يحترم من ينتقده من باب " رحم الله أمرءا أهدى إلي عيوبي " ولا ينظر الياباني الى كلمات المديح والتصفيق , كما هو الحال لدينا .....
رب ضارة نافعة , فإن هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية , هي التي حولت اليابان الى دولة أخرى , دولة تنافس العالم بأسره في الصناعة والتقدم العلمي , وهذا الفضل يعود الى من أذاقها مرارة الهزيمة الى درجة انها كتبت إليهم دستور البلاد والذي ما زال يعمل به الى الان .
-
[grade="00008b 00bfff"]بعضا من أسرار تقدم اليابان[/grade]
عبد الكريم البدري
لقد أدى نجاح اليابان محليا وعالميا الى اهتمام الباحثين والمثقفين في شتى دول العالم الى دراسة سرهذا النجاح . ولاأجد ضيرا في اطلاع من لم يتيسرله التعرف على هذه التجربة الحديثة وعلاقتها بالأصول التأريخية والفكرية. الظروف التي صاحبت تطوراليابان الأقتصادي بعدما التقت اليابان ولأول مرة مع الحضارة الغربية في اواخرالقرن الثامن عشروأوائل القرن التاسع عشرحين فتحت البلاد في عام 1829
أبوابها للتبادل التجاري مع الغرب في الوقت الذي كان سوقها مختصرا فقط محليا ومحرما على الأجانب مدة قرنين من الزمان. أدى هذا الأنفتاح الى التعجيل بأنهيارالنظام الأقطاعي. كما تم نقل العاصمة من مقاطعة "كيوتو " الى طوكيو ( والذي تعني العاصمة الشرقية في اللغة اليابانية) في عهد الأمبراطورميجي ( 1868 1912) .
لقد عمل اليابانيون في نشاط مبالغ فيه لسد الهوة الصناعية والحربية التي تفصل بينهم وبين الغرب, مع ادخال الأصلاحات الشاملة للحاق بالثورة الصناعية. وهبوا لأقتباس مصدرثورة وقوة الغرب الصناعي ( أي نظامه الرأسمالي ) فدرسوا خلاصة العلم والفكرالغربي. وأتاحت الحكومة المركزية كافة الفرص والتسهيلات لدعم كل صاحب أرض أو مهارة ما بتوفيرالقروض المالية بفائدة رمزية وعلى أقساط طويلة وتأسست الشركات وتوطدت علاقتها الأقتصادية مع البنوك.
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1919) و على اثرها تم انقطاع العلا قات التجارية البحرية مع قارة آسيا من ناحية وأمريكا وأوربا من ناحية أخرى, استقبلت الأسواق الأسيوية المصنوعات اليابانية البديلة. بعدها حدث ركود اقتصادي خصوصا بعد أن ضربها زلزال خطيرعام 1922 فبادرت الحكومة والشركات الكبيرة الى تشجيع نظام ما يعرف "الشركات العائيلية" مع تولي الأمبراطور "هيروهيتو" عام 1926 كرئيس دولة علمانية.
يعتبر النظام الأداري المصاحب لنظام الشركات العائلية من أهم مقومات الأزدهارالأقتصادي الصناعي, حيث ساعد على الأنتقال من مجتمع تقليدي زراعي الى مجتمع صناعي حديث. والسبب في هذا يعود الى كون النظام هذا يربط بين العمال ورؤسائهم في علاقات اجتماعية تصاعدية. علاقات مليئة بالأرتباطات العاطفية المقتبسة من نظام العائلة التقليدي. فكل فرد له دوره الأجتماعي ومكانته وعليه القيام بواجباته في الولاء والأخلاص لنظام العمل. وهذه العلاقة الهرمية تصل الى الأمبراطورنفسه. فالعمل في المصنع هو عمل وطني. وهذا أدى بدوره الى تحول اليابان الى قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة. الأمرالذي جعلها تتطلع الى مآرب اقتصادية توسعية, ففرضت وجودها العسكري في كوريا واحتلت منشوريا وأجزاء من الصين وجزيرة تايوان, بحثا عن الأسواق ومزيد من الأسواق, وتم اخضاع الشركات وجميع المؤسسات الأقتصادية والثقافية لأشراف القوات العسكرية.
كان ذلك تمهيدا للأشتراك في الحرب العالمية الثانية الى جانب الدول الفاشية (المانيا وايطاليا) وهزمت اليابان بعد القاء القنابل الذرية على هيرشيما وناكزاكي. لكن رغم الهزيمة العسكرية الا أن المصانع لم تصب بتدمير يذكر. وبعد الأستسلام تدخلت الولايات المتحدة ولم تسمح بالسيطرة الأقتصادية للعائلات على الصناعة والشركات. وحل بدلا عنها نظام اقتصادي يتماشى مع النظم الأقتصادية الرأسمالية وتم اعادة تشكيل النظام السياسي فأبقى على الأمبراطورليصبح حاكما بموجب الدستوروتحددت علاقته بالشعب وأطلقت حرية العقيدة الدينية "الشنتوية" على حساب البوذية أوبالعكس وتحطمت كل محاولات العزلة عند اليابانيين. فأنطلقوا يتعرفون على كل أنواع التيارات الفكرية الحديثة وأخذوا بطراز الحياة الأجتماعية المعاصرة في العالم الغربي. ورغم هذا لم يتخل اليابانيون عن المفاهيم الخاصة بهم مثل التضامن في العمل وتبجيل المراتب الأعلى أجتماعيا وألأعتماد على الأشارات الخاصة بالأخلاقيات ذات الأصول الأجتماعية والحرص على المتوارث والقديم الذي اكتسب طابعا يابانيا خاصا.
-
إذا بدأت الحديث عن اليابان فإنك حتماً ستحتار من أين تبدأ !!!
من سوني وتوشيبا وباناسونيك ... ؟ أم من تويوتا ونيسان ولكزس وإنفينيتي ...؟
من ناقلات النفط العملاقة ...؟ أم من الترانزستور والحواسيب ...؟
من الرجل الآلي ؟ أم من الرجل الياباني ؟
من أين وأين ....!
اليابان دولة متقدمة في أغلب مجالات العلوم من طب وهندسة والعلوم بمختلف أنواعها . ودولة لها ثقلها الكبير في موازين العالم الإقتصادية بالدرجة الأولى .
يحتل الناتج القومي الإجمالي ( قيمة السلع والخدمات المنتجة في اليابان خلال عام واحد ) المرتبة الثانية على مستوى العالم .
كانت اليابان منهاره كلياً بعد الحرب العالمية الثانية ووقعت أسيرة للإحتلال الأمريكي الذي لم يسلم منه أحد .إلا أنها استطاعت النهوض كالحصان الجامح بسبب عدة أشياء هي سبب تميزهم ، منها والذي أراه الأهم ...
الدقة في العمل والإخلاص .
مع أننا نحن المسلمون أصحاب مبدأ الدقة في العمل من منطلق حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) إلا أن اليابانيون هم من يطبقون هذا الحديث وليس نحن ، للأســف .
لديهم دقة في العمل وإخلاص له بشكل يعجز أي إنسان عن وصفه . فالشخص الياباني يعتبر أن أي عمل يعمله كأنه شئ خاص به وليس عام . بمعنى أنه يعمل وكأن مردود العمل يعود عليه هو وحده فقط .
التعليم .
يظن الغالبية أن الإنسان الياباني هو عبقري وأن درجة الذكاء لديه أعلى منّا ومن الناس عموماً إلا أن هذا الكلام عار من الصحة تماماً .
سبب عبقريتهم عموماً هو تنشأتهم التنشأة العلمية الصحيحة وتعويدهم على التعلم وتحبيبهم إليه منذ الصغر .
فلا أحد يولد عالماً
العمل الجماعي .
من النادر أن تجد ياباني يعمل بنفسه أي عمل كان . فهم وإن كان العمل تافهاً فإنهم يقومون به جماعات .
جميـــع ماسبــق نفتقده في دولنا ، ومتى ما تحقق ذلك فنحن عندئذ سنتقدم بإذن الله .
حقيقة لا يعرفها الكثير ..
الأمي هو من لا يقرأ ولا يكتب ، هذا تعريفه المعروف عند الجميع . إلا أنه نسبة الأمية في اليابان هو 0% .
بل إنه أصبح من المتعارف عليه أن لفظ أمي يطلق على من لا يجيد الكمبيوتر ولغة أجنبية .
وأذكر في الختام هذا الموقف ..
كنا مجموعة طلاب رجعنا للتو عن طريق القطار من إحدى الرحلات داخل اليابان . وكان في إنتظارنا باص مخصص لنا ليأخذنا لحيث نسكن .
موعد تحرك الباص أذكره جيدا كيف لا والموقف التالي يفسر سبب ذلك .
بعد أن ركبنا الباص كان يوجد في الأمام ساعة كبيرة معلقة . وكانت اللوحة الإلكترونية تظهر بأن موعد تحرك الباص في الساعة 5:28 دقيقة صباحاً . ومع أننا كنا قد ركبنا الباص قبل هذا الموعد بـ 10 دقائق على الأقل إلا أن السائق لم يتحرك أبداً !! على الرغم من أننا أخبرناه بأن الجميع متواجد .
حاولنا إقناعه إلا أنه اعتذر بتهذب شديد من أنه لا يمكن أن يخالف القوانين .
ربما تصفون هذا الشخص بالغباء أو بأنها مبالغة من اليابانيين لا داعي لها . ولكن المهم هنا هو نقطة إحترامهم للوقت .
تماماً كما تجبرك قوانين المرور أن تقف عند الإشارة الحمراء حتى ولو كنت متأكد أن الشارع خالٍ تماماً .
منقوووووووول
-
في التسعينات ذهب وفد من الاساتذة العرب لزيارة اليابان للاطلاع على واقع التطور الياباني واسبابة حيث قاموا بزيارة عدة شركات ومؤسسات صناعية وغيرها وانبهروا مما شاهدوة من اخلاص العامل والموظف الياباني في اداء عملة بعكس العامل العربي عموما ...
حيث وصف استاذ مصري ذلك بالعبارة التالية ( أن همة توجة العامل الياباني بالذهاب الى عملة تشبة همة العامل المصري عند مغادرتة لمقر عملة ) .........
طبعا هذه الحالة جاءت بعد جهود عديدة ذكرها الاخوان في مشاركاتهم السابقة لكن اهم سبب هو العلاقة الايجابية بين العامل الياباني وارباب العمل حيث هناك نجاح كبير في مبدا العلاقات العامة ركزت ثقة العامل باداراتة اضافة الى قوة الانتماء الوطني ( المواطنة ) والشعور العالي بالمسؤولية فمعروف عن الشعب الياباني الانضباط العام والاهتمام بالقيم والاعراف الوطنية حيث يعتبر المجتمع الياباني مجتمع متماسك وذو جذور حضارية وتاريخ عريق
.............
طبعا هذا على العكس تماما من الواقع في العراق حيث
ضعف في الانتماء
خلل في العلاقات العامة
خلل كبير بين العمال والادارات
تفشي الكذب والفساد
قلة في الانتاج
عدم احترام الوقت
واسباب كثيرة بحاجة الى معجزة للتغيير
ألنجاح ليس نهاية الطريق ***** بل هو الطريق نفسة
-
[align=center] [/align]
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|