عَظَّمَ اللهُ أجُورَنَا وأجُورَكُمْ بِذكْرَى شَهادَة الصِّدِيقةِ الطاهرةِ فاطِمةَ الزهراءِ عَليْها السَلام
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
ظلم الزهراء ( ع ) في الشعر العربي عبر القرون
الشعر سند تاريخي :
إننا نرى : أن الشعراء قد أفاضوا في ما تعرضت له الزهراء ، من ظلم ، واضطهاد ، وضرب ، وإسقاط الجنين . منذ القرون الأولى ، وإلى يومنا هذا ، وهم يجعلون ذلك مبررا لانتقاداتهم لمن شارك في ذلك ، أو تصدى له . وبعض هؤلاء الشعراء معاصر للأئمة ( ع ) ، أو أن عصره قريب من عصرهم . وهذا يعتبر سندا تاريخيا قويا ، بل قوته تزيد في تأكيد ثبوت مضمونه على روايات النقلة من المحدثين والمؤرخين ، ونحن نذكر هنا باقة من الشعر في تلك العصور المتلاحقة ، وإلى يومنا هذا . . فنقول :
1 - السيد الحميري ( ت 173 ه . ) : إن السيد الحميري رحمه الله معاصر للإمامين الصادق والكاظم ( ع ) وهو يقول :
ضربت واهتضمت من حقها * وأذيقت بعده طعم السلع ( 1 )
قطع الله يدي ضاربها * ويد الراضي بذاك المتبع
لا عفا الله له عنه ، ولا * كف عنه هول يوم المطلع ( 2 )
2 - البرقي : ( ت 245 ه ) : وقال البرقي ، وهو عبد الله بن عمار :
وكلا النار من بيت ومن حطب والمضرمان لمن فيه يسبان
وليس في البيت إلا كل طاهرة من النساء وصديق وسبطان
3 - القاضي النعمان ( ت 363 ه ) : وقد نظم القاضي النعمان - وهو إسماعيلي النحلة - ما جرى بعد وفاة رسول الله ( ع ) في ضمن أرجوزته الجامعة في العقائد فقال :
فبايعاه جهرة وقالا * بل أنت خير من نراه حالا
وقام منهم أهل قتلى بدر * وغيرها وأهل حقد الأسر فبايعوا ، وهم رؤوس قومهم * فبايع الناس له من يومهم إلا قليلا منهم قد علموا * ما كان من نبيهم فاعتصموا وقصدوا إمامهم عليا * فقال : لستم فاعلين شيا قالوا : بلى نفعل ، قال : انطلقوا * من فوركم هذا إذن فحلقوا رؤوسكم كلكم لتعرفوا * من بينهم بذلكم وانصرفوا إلي كيما أنصب القتالا * حتى يكون ربنا تعالى يحكم فينا بيننا بحكمه . . . * ففشلوا لما رأوا من عزمه ولم يكن يأتيه إلا سبعة * واستحسن الباقون أخذ البيعة وكنت قد سميتهم فقالا * لست أرى عليكم قتالا لأنكم في قلة قليلة * ليس لكم بجمعهم من حيلة فجلسوا إليه حتى ينظروا * ماذا يرى في أمرهم ويأمر فجاءهم عمر في جماعة * إذ لم يروا لمن أقام طاعة حتى أتوا باب البتول فاطمة * وهي لهم قالية مصارمة فوقفت عن دونه تعذلهم * فكسر الباب لهم أولهم فاقتحموا حجابها فعولت * فضربوها بينهم فأسقطت فسمع القول بذاك فابتدر * إليهم الزبير - قالوا - فعثر فبدر السيف إليهم فكسر * وأطبقوا على الزبير فأسر
فخرج الوصي في باقيهم * إذ لم يروا دفاعهم ينجيهم فاكتنفوهم ومضوا في ضيق * حتى أتوا بهم إلى عتيق إلى أن قال : يا حسرة من ذاك في فؤادي * كالنار يذكي حرها اعتقادي وقتلهم فاطمة الزهراء * أضرم حر النار في أحشائي لأن في المشهور عند الناس * بأنها ماتت من النفاس وأمرت أن يدفنوها ليلا * وأن يعمى قبرها لكي لا يحضرها منهم سوى ابن عمها * ورهطه ثم مضت بغمها صلى عليها ربها من ماضية * وهي عن الأمة غير راضية فبايعوا كرها له تقية * والله قد رخص للبرية لأنه الرؤوف بالعباد * في الكفر للكره بلا اعتقاد
إلى أن قال : وقد روي في ذاك فيما ثبتا * بأنه قال له لما أتى : بايع : فقال : إن أنا لم أفعل * قال : إذن آمرهم أن تقتل فاشهد الله على استضعافه * وبايع الغاصب في خلافه خوفا من القتل ، وبايع النفر * له على الكره لخوف من حضر فإن يكونوا استضعفوا الأمينا * فقبله ما استضعفت هارونا أمة موسى إذ أرادوا قتله * فقد أرادت قتل ذاك قبله وسلكوا سبيلها في الفعل * في الأوصياء مثل حذو النعل
بالنعل والقذة إذ تمثلوا * كمثل ما قال النبي المرسل.
4 - مهيار الديلمي ( ت 428 ه ) : وقال الشاعر الفذ مهيار الديلمي رحمه الله في جملة قصيدة له : كيف لم تقطع يد * مد إليك ابن صهاك فرحوا يوم أهانوك * بما ساء أباك .
5 - علي بن المقرب ( ت 629 ه ) : وقال الأمير علي بن مقرب الأحسائي ، وهو من الأدباء البلغاء المعروفين :
يا ليت شعري فمن أنوح منهم * ومن له ينهل فيض أدمعي
أللوصي حين في محرابه * عمم بالسيف ولما يركع
أم للبتول فاطم إذ منعت * عن إرثها الحق بأمر مجمع
وقول من قال لها يا هذه * لقد طلبت باطلا فارتدعي
أبوك قد قال بأعلى صوته * مصرحا في مجمع فمجمع
نحن جميع الأنبياء لا نرى * أبناءنا لإرثنا من موضع
وما تركناه يكون مغنما * فارضي بما قال أبوك واسمعي
قالت فهاتوا نحلتي من والدي * خير الأنام الشافع المشفع
قالوا فهل عندك من بينة * نسمع معناها جميعا ونعي
فقالت ابناي وبعلي حيدر * أبوهما أبصر به وأسمع
فأبطلوا إشهادهم ولم يكن * نص الكتاب عندهم بمقنع
ولم تزل مهضومة مظلومة * برد دعواها ورض الأضلع
أم للذي أودت به جعدتهم * يومئذ بكأس سم منقع .
6 - الخليعي ( ت 750 ه ) : وقال الشيخ علي بن عبد العزيز الخليعي الحلي في جملة قصيدة له :
يا رب من نوزعت ميراث والدها مثلي ومن طولبت بالحقد والإحن
ومن ترى جرعت في ولده اغصص كابن مرجانة الملعون جرعني
ومن ترى كذبت قبلي وقد علموا أن الإله من الأرجاس طهرني
وهل لبنت نبي أضرمت شعل كما أطيف به بيتي ليحرقني.
7 - علاء الدين الحلي ( المقتول سنة 786 ه ) : وقال العالم الفاضل والأديب الكامل علاء الدين الشيخ علي بن الحسين الحلي الشفهيني المعاصر للشهيد الأول ، وقد شرح الشهيد رحمه الله بعض قصائده : وأجمعوا الأمر فيما بينهم وغوت لهم أمانيهم ، والجهل ، والأمل أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة فيا له حادث مستصعب جلل بيت به خمسة جبريل سادسهم من غير ما سبب بالنار يشتعل وأخرج المرتضى من عقر منزله . . . الخ.
8 - مغامس الحلي ( أواخر المئة التاسعة ) : وقال الشيخ مغامس الحلي ، في جملة قصيدة له :
والطهر فاطمة زوى ميراثها * شر الأنام ودمعها مسكوب
من بعدما رمت الجنين بضربة * فقضت ( بذاك ) وحقها مغصوب.
9 - مفلح الصيمري ( ت 900 ه ) : وقال العلم العلامة الفقيه الكبير والأديب الجليل الشيخ مفلح الصيمري في جملة قصيدة له :
وقادوا عليا في حمائل سيفه وعمار دقوا ضلعه وتهجموا
على بيت بنت المصطفى وإمامهم ينادي ألا في بيتها النار أضرموا
وتغصب ميراث النبي محمد وتوجع ضربا بالسياط وتلطم .
10 - الحر العاملي : ( ت 1104 ه ) : وللمحدث الفقيه العلامة الشيخ الحر العاملي صاحب الموسوعة الحديثية المعروفة بوسائل الشيعة منظومة يقول فيها :
أولادها خمس حسين والحسن وزينب من أم كلثوم أسن ومحسن أسقط في يوم عمر من فتحه الباب كما قد اشتهر ونالها بعد النبي إذ مضى وانقاد طوعا راضيا عن القضا لذاك ما يوجع كل قلب ويستهان منه كل خطب حزن وذل واضطهاد ظالم ووحشة لاحت على المعالم إلى أن قال عن سبب موتها : سببه قيل : حضور الأجل وقيل : من ضربة ذاك الرجل إذ سقطت لوقتها جنينها ولم تزل تبدي له أنينها.
11 - الصالح الفتوني العاملي ( ت 1190 ه . ق ) : وقال الشيخ محمد مهدي الفتوني النباطي العاملي ، وهو عالم شاعر إمام في الفقه والحديث والتفسير :
يا سيدي يا رسول الله قم لترى في الآل فوق الذي قد كنت تخبره
هذا علي نفوا عنه خلافته وأنكر النص فيه منه منكره
قادوه نحو فلان كي يبايعه بالكره منه وأيدي الجور تقهره
من أجل ذاك قضى بالسيف مضطهدا شبيره وقضى بالسم شبره
كأنه لم يكن صنوا النبي ولم يكن من الرجس باريه يطهره
وتلك فاطمة لم يرع حرمتها من دق ضلعا لها بالباب يكسره
وذا حسينك مقتول بلا سبب مبضع الجسم داميه معفره
12 - السيد حيدر الحلي ( ت 1304 ه ) : وقال الشاعر المفلق والأديب المحلق ، طليعة شعراء العراق في عصره ، السيد حيدر الحلي في جملة قصيدة له :
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا ولا وحلمك إن القوم ما حلموا
فحمل أمك قدما أسقطوا حنقا وطفل جدك في سهم الردى فطموا .
13 - السيد باقر الهندي ( ت 1329 ه ) : وقال العالم الجليل والشاعر الكبير السيد باقر بن السيد محمد الهندي :
لست تدري لم أحرقوا الباب بالنار أرادوا إطفاء ذاك النور
لست تدري ما صدر فاطم ما المسمار ما حال ضلعها المكسور
ما سقوط الجنين ما حمرة العين وما بال قرطها المنثور
دخلوا الدار وهي حسرى بمرأى من علي ذاك الأبي الغيور
واستداروا بغيا على أسد الله فأضحى يقاد قود البعير
والبتول الزهراء في إثرهم تعثر في ذيل بردها المجرور
بأنين أورى القلوب ضراما وحنين أذاب صم الصخور
ودعتهم : خلوا ابن عمي عليا أو لأشكو إلى السميع البصير
ما رعوها بل روعوها ومروا بعلي ملببا كالأسير
إلى أن قال :
وعلي يرى ويسمع والسيف رهيف والباع غير قصير
قيدته وصية من أخيه حملته ما ليس بالمقدور أفصبرا
يا صاحب الأمر والخطب جليل يذيب قلب الصبور
كم مصاب يطول فيه بياني قد عرى الطهر في الزمان القصير
كيف من بعد حمرة العين منها يا ابن طه تهنى بطرف قرير
فابك وازفر لها فإن عداها منعوها من البكا والزفير
وكأني به يقول ويبكي بسلو نزر ودمع غزير لا تراني
اتخذت لا وعلاها بعد بيت الأحزان بيت السرور
فمتى يا ابن فاطم تنشر الطاغوت والجبت قبل يوم النشور .
14 - العلامة القزويني ( ت 1335 ه . ق ) : قال الفاضل العلامة السيد محمد بن السيد مهدي القزويني الحلي النجفي .
قال سليم قلت يا سلمان * هل دخلوا ولم يك استئذان
فقال إي وعزة الجبار * ليس على الزهراء من خمار
لكنها لاذت وراء الباب * رعاية للستر والحجاب
فمذ رأوها عصروها عصرة كادت بروحي أن تموت حسرة
تصيح يا فضة اسنديني * فقد وربي قتلوا جنيني
فأسقطت بنت الهدى واحزنا * جنينها ذاك المسمى محسنا .
15 - حافظ إبراهيم ( ت 1351 ه . ق ) : وقال حافظ إبراهيم شاعر النيل :
وقولة لعلي قالها عمر أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها أمام فارس عدنان وحاميها
قال آية الله العظمى العلامة المظفر رحمه الله : ظن هذا الشاعر أن هذا من شجاعة عمر . وهو خطأ . ولم يعلم : أن عمر لم تثبت له قدم في المقامات المشهورة ، ولم تمتد له يد
في حروب النبي الكثيرة ! ! فما ذاك إلا لأمانه من علي ( ع ) ، بوصية النبي ( ص ) له بالصبر . ولو هم به لهام على وجهه الخ . . . " .
16 - المحقق الأصفهاني ( ت 1361 ه ) : وقال الفيلسوف الكبير والمرجع الديني والمحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني في أرجوزة من ديوانه المعروف ب " الأنوار القدسية " :
وما أصابها من المصاب * مفتاح بابه حديث الباب
إن حديث الباب ذو شجون * بما جنت به يد الخؤون
أيهجم العدا على بيت الهدى * ومهبط الوحي ، ومنتدى الندى
أيضرم النار بباب دارها * وآية النور على منارها
وبابها باب نبي الرحمة * وباب أبواب نجاة الأمة
بل بابها باب العلي الأعلى * فثم وجه الله قد تجلى
ما اكتسبوا بالنار غير العار * ومن ورائه عذاب النار
ما أجهل القوم فإن النار لا * تطفئ نور الله جل وعلا
لكن كسر الضلع ليس ينجبر * إلا بصمصام عزيز مقتدر
إذ رض تلك الأضلع الزكية * رزية لا مثلها رزية
ومن نبوع الدم من ثدييها * يعرف عظم ما جرى عليها
وجاوزوا الحد بلطم الخد * شلت يد الطغيان والتعدي
فاحمرت العين ، وعين المعرفة * تذرف بالدمع على تلك الصفة
ولا تزيل حمرة العين سوى * بيض السيوف يوم ينشر اللوا
وللسياط رنة صداها * في مسمع الدهر فما أشجاها
والأثر الباقي كمثل الدملج * في عضد الزهراء أقوى الحجج
ومن سواد متنها اسود الفضا * يا ساعد الله الإمام المرتضى
ووكز نعل السيف في جنبيها * أتى بكل ما أتى عليها
ولست أدري خبر المسمار * سل صدرها خزانة الأسرار
وفي جنين المجد ما يدمي الحشا * وهل لهم إخفاء أمر قد فشا
والباب والجدار والدماء * شهود صدق ما بها خفاء
لقد جنى الجاني على جنينها * فاندكت الجبال من حنينها
أهكذا يصنع بابنة النبي * حرصا على الملك فيا للعجب
أتمنع المكروبة المقروحة * عن البكا خوفا من الفضيحة
بالله ينبغي لها تبكي دما * ما دامت الأرض ودارت السما
لفقد عزها ، أبيها السامي * ولاهتضامها وذل الحامي
أتستباح نحلة الصديقة * وإرثها من أشرف الخليقة
كيف يرد قولها بالزور * إذ هو رد آية التطهير
أيؤخذ الدين من الأعرابي * وينبذ المنصوص في الكتاب
فاستلبوا ما ملكت يداها * وارتكبوا الخزية منتهاها
يا ويلهم قد سألوها البينة * على خلاف السنة المبينة
وردهم شهادة الشهود * أكبر شاهد على المقصود
ولم يكن سد الثغور عرضا * بل سد بابها وباب المرتضى
صدوا عن الحق وسدوا بابه * كأنهم قد أمنوا عذابه
أبضعة الطهر العظيم قدرها * تدفن ليلا ويعفى قبرها
ما دفنت ليلا بستر وخفا * إلا لوجدها على أهل الجفا
ما سمع السامع فيما سمعا * مجهولة بالقدر والقبر معا
يا ويلهم من غضب الجبار * بظلمهم ريحانة المختار .
17 - كاشف الغطاء ( ت 1373 ه ) : وقال العالم العلم الحجة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله في جملة قصيدة له :
وفي الطفوف سقوط السقط منجدلا من سقط المحسن خلف الباب منهجه
وبالخيام ضرام النار من حطب بباب دار ابنة الهادي تأججه