بقلــــم : باسم العلي
محنة الكهرباء .. الأسباب والحلول
2008-09-19
شرق برس : مقالات
منذ حزيران 2006 كتبت مقالة عن مشكلة الكهرباء وناقشت فيها نقاطاً عسى ان تسهم ولو بشكل بسيط في حل المشكلة. نشرت هذه المقالة في موقع براثا وفي مواقع اخبارية اخرى وبعثت منها نسخة الى وزارة الكهرباء والى مجلس الوزراء.
بعد ذلك كتب اخرون واسهبوا في كتاباتهم وساهم اخرون, واخرهم كان مواطنا عراقيا ربما يكون من المانيا بعث بحلول كان قد درسها مع شركة سيمنس لحل المشكلة وبعثها الى وجيه عباس الذي عرضها بدوره على شاشة تلفزيون العراقية ومن خلال برنامجه الذي كان يقدمه انذاك.
اهملت كل هذه المساهمات وكان املنا ان يكون سبب هذا الاهمال هو وجود عباقرة في وزارة الكهرباء وعلى رأسهم وزير الكهرباء ولكنهم استخفوا او لم يكن عندهم كهرباء فلم يطلعوا عليها او يعيروها اهمية او لانهم يئسون ولا يستطيعون عمل شيء او انهم يملكون الحل السحري الذي به ينقذون الشعب العراقي من معاناته التي اصبحت مزمنة كالامراض المزمنة التي ترافق المريض الى اللحظة الاخيرة من حياته.
صبرنا وانتظرنا وانتظر العراقيون الى ان وقف سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة وقفته الشجاعة والصريحة والجريئة جدا ليوضح لنا بالارقام وبالتسلسل الزمني عدم كفاءة وزير الكهرباء, وبالضرورة جزء كبير من الادارة العليا لوزارة الكهرباء.
ياسيادة الرئيس المالكي ان وزارة الكهرباء والنفط والموارد المائية والبلديات وزارات مهمة جدا وبحاجة الى وزراء من نوعيتك ونوعية برهم صالح ووزيري الدفاع والداخلية والذي يشهد لكم كل العراق بالانجازات التي حققتموها وفي فترة من اصعب فترات العراق الحديث. لقد كان العراق على شفا حفرة وانقذتموه منها وسرتم به الى بر الامان. لقد كانت لكم ستراتيجية ظن الكثيرون من العراقيين بانه لايمكن تحقيقها ولكن بصبركم وجدكم وجهادكم اثبتم ان المستحيل يمكن ان يكون واقعا بعون الله وهمة المخلصين من ابناء الشعب. اني لا اتكلم عن الانجاز الامني فقط برغم اهميته ولكني اتكلم على مسيرتكم المستمرة والثابتة والمخلصة التي جعلت اشد مناوئيكم يبدأ بتصديق نواياكم, اما نجاحاتكم الاخرى فهي معروفة.
ان وزير الكهرباء لايستحق هذه الوزارة المهمة جدا في حياة العراقيين وفي تطور البلد. فمن الواضح انه لايعرف الا الوعود الفارغة, ولايستعمل الا الحجج الواهية, ولاينجز الا الانحطاط في المنظومة الكهربائية.. التخطيط السترتيجي ليس من ادواته, متابعة القرارات ليس من شانه, ايجاد حلول ليس بطاقته. اني لا اتجنى عليه لان اخفاقاته موثقة عمليا يلمسها كل الشعب العراقي والعالم اجمع حتى اصبح كهرباء العراق نكتة يتداولها الناس. ان تجهيزالكهرباء يؤرق ويعذب ويهين العراقيين. لو كان الوزير يشتغل في شركة اهلية لطرد من وظيفته في الاشهر الاولى من توليه المنصب اذا لم تكن في الاسابيع او الايام الاولى.. ربما سائل يسأل لماذا؟اجيب انه كان لزاما عليه ومن الساعات الاولى لتوليه الوظيفة ان يدرس امكانات ومشاكل ومعوقات وزارته وبالتالي يضع خطة سريعة لتخفيف المشكلة ثم يصرف وقته وطاقاته وامكاناته على خطة تحل مشكلة العراق كليا على ان تكون نتائج تطبيق الخطة مؤشرة بخط بياني متصاعد لكي يثق المواطن بان مشكلة الكهرباء في طريقها الى الحل وراحته تزداد يوما بعد يوم. ان التخطيط وحده لايكفي ولكن المتابعة الدورية وحسب الجداول الزمنية المقررة بالخطة تكون كفيلة بتصحيح اي خطأ أو تلكؤ ممكن ان يحصل. اما اذا ظهرت عوامل تاخير استثنائية او غير متوقعة فيكون لزاما عليه ان يخرج في التلفزيون ليقول”ياناس ياعالم حصل الذي لم نحسب له حساباً وعرقل عملنا فسامحونا سوف نحاول تلافيه" بدلا من ان يذهب الى البرلمان ويعدهم بوعود لم ولن تتحقق وبالتالي يقول وانقلها عن الشيخ جلال الدين الصغير "هؤلاء جهلة لايفهمون شيئا" (او شيء بهذا المعنى).
كنا نقول ان هنالك ارهاباً وهنالك تهديماً للبنية التحتية وهنالك فساداً ادارياً وهنالك قلة موارد مالية وهنالك وهنالك وهنالك كلها كانت اسباب في تدهور الانتاج والتجهيز.
اريد هنا ان اناقش بعض النقاط التي ذكرتها في مقالتي( قبل سنتين) وفي ظل الظروف التي ذكرتها قي الفقرة السابقة.
اولا : ان الارهاب يدمر خطوط النقل ويهاجم محطات توليد الكهرباء: اقترحت التوقف عن ربط جميع محافظات العراق بخطوط الكهرباء الوطنية وتجزئة الانتاج والتجهيز بحيث تصبح كل محافظة منتجة ومجهزة للكهرباء في حدود محافظتها, وبالتالي نكون قد قللنا من الاضرار المترتبة على تدمير خطوط النقل في المناطق الساخنة والتي بتدميرها يتاثر تجهيز الكهرباء في جميع انحاء العراق. كانت هنالك محافظات امنة وكان بالامكان بناء محطات صغيرة وسريعة الانجاز تجهز المحافظة وتحمى بواسطة اهالي المحافظة, وبذلك نكون قد استفدنا مرتين اولا تقليل اثار العمليات الارهابية على المنظومة الكهربائية وثايا زيادة انتاج الطاقة الكهربائية المطلوبة في العراق.
ثانيا: تقنين صرف الكهرباء واقترحت تحديد عدد معين من الوحدات الكهربائية المجهزة الى كل بيت فبذلك يمكن ان يستفيد اكبر عدد ممكن من المواطنين. ولقد تعاون المواطنون وقبلوه وقدموا طلباتهم الى الوزارة التي فشلت بعد ذلك حتى في تطبيقه ولم يستفد المواطن منه شيئاً.
ثالثا: اقترحت ان تستغل الطاقة الشمسية لتجهيز بيوتنا بالكهرباء وبذلك تقلل الضغط على المنظومة الكهربائية وحتى ربما ترفد المنظومة الكهربائية بالكهرباء, بالاضافة الى كونها بعيدة عن متناول الارهابيين لانهم لايستطيعون الوصول الى كل بيت يستعمل الطاقة الشمسية.
ان قمة انتاج الكهرباء من المنظومة الشمسية هو في النهارواوج الاستهلاك في النهارايضا حيث هنالك المعامل ودوائر الدولة والمدارس والجامعات, فبذلك تكون ذات فائدتين الاولى تفسح المجال لمستهلكين اخرين ان يستفيدوا من المنظومة الكهربائية المجهزة من وزارة الكهرباء والثانية اذا زادت عن حاجة صاحب المنظومة الشمسية يمكن ان تضاف الى كهرباء شبكة الوزارة.
ان عيب المنظومات الشمسية هو علو سعرها نسبيا مقارنة بالمولدات الكهربائية ( التي هي بدورها شاركت في ازمة البنزين ومعاناة المواطنين من اجل الحصول عليه).
حسنا تلك هي حلول ولكن فيها معوقات كيف بالامكان حلها؟
اولا :المعروف بان ايهم السامرائي قد صرف ملايين الدولارات على تصليح محطة كهرباء بيجي والتي بمجرد ان "تصلح" " يهدمها الارهاب" لقد كانت ورقة رابحة من اجل بلع المال العام.
ثانيا: شراء الكهرباء من دول الجوار بملايين الدولارات والتي لم تحل الازمنة لا انيا ولامستقبليا وراحت تلك الملايين هدرا. لانه لم يستفد العراقيون منها لان التجهيز لم يتحسن ولان اموال صرفت واكلت وشربت ولم تترك اثرا يستفيد منه المواطن اننا في هذه الايام نتكلم عن سيادة العراق فاذا كانت حياة العراقيين مرتبطة بيد الاجانب سوف تستعمل كورقة ضغط على العراق فيجهزوه بالكهرباء متى شاؤوا ويمنعوه عنه متى شاؤوا.
ثالثا: اموال, ربما مليارات صرفت الى وزارة الكهرباء ومع ذلك بقيت الحال على ماكانت عليه اول السقوط او حتى اسوأ لا اريد ان اجمع واحسب لكي اتوصل الى مجموع مليارات الدولارات التي صرفت من اجل تحسين تجهيز الكهرباء.. ببساطة لانني لا اعرفها بالضبط بالاضافة الى ان الوزير الحالي ليس مسؤولا عن كل هذه الاموال لانه سبقه وزيران للكهرباء, ولكن دعني اتكلم عن فقرة مالية واحدة كانت بامرة وزير الكهرباء الحالي الا وهي الخمسمئة مليون دولار طلبها من البرلمان ووافق عليها الاخير.
اولا: عندما اقترحت استعمال الطاقة الشمسية اقترحت ان تكون مشاركة بين وزارة الصناعة لتصنيع المنظومات (وتشغيل ايد عاملة) ووزارة الكهرباء لربطها وتقنينها وبما انها باهظة الثمن حوالي (الفي دولار) اقترحت ان الوزارة او الحكومة تدعمها بالف والمواطن يدفع الفاً.
دعنا نفترض الاتي: لو ان الخمسمئة مليون دولار صرفت بكاملها على منظومات الطاقة الشمسية وبدعم كامل من الدولة كان بالامكان:
ربط مائتين وخمسين الف منظومة شمسية تجهز مائتين وخمسين الف بيت عراقي وتضيف سبعمائة وخمسين الف واط الى المنتوج الوطني من الكهرباء وتقلل صرف بنزين مائتين وخمسين الف مولدة وتقلل تلوث للبيئة ناتج عن مائتين وخمسون الف مولدة ولتنعم مئتان وخمسون الف عائلة عراقية وربما اضافت الفائض من الناتج الكهربائي الى منظومة الكهرباء الوطنية ولشغلت عددا من العاطلين عن العمل.
اتساءل هل الخمسمئة مليون دولار التي صرفتها وزارة الكهرباء هل ساهمت بحل معاناة عائلة عراقية واحدة؟! هذا سؤال لايحتاج الى جواب.
هل تعلم عزيزي القارئ ان ولاية فكتوريا في(استراليا) تعمل من اجل تاسيس اكبر منظومة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية بالعالم وان كلفتها اربعمئة وخمسين مليون دولار استرالي(425 مليون دولار اميركي) مع العلم ان مرتب العامل الاسترالي على اقل تقدير تعادل عشر مرات مرتب العامل العراقي وبكلمة اخرى ممكن ان تعمل مثلها باقل كلفة بالاضافة الى انها لاتحتاج الى الوقود التي ربما تدعي وزارة الكهرباء بانها لاتستطيع الحصول عليه بسهولة.
ان جميع الوزارات مدعوة الى الاستفادة من عدم وجود بنية تحتية والتي هي بالاصل بالية وقد اكل عليها الدهر وشرب بان يبنوا بنية تحتية على احدث طراز في العالم وما منظومة الكهرباء الشمسية الا واحدة منها.
ان العراقي الذي بحث واتصل مع شركة سيمنس لتشغيل مولدات كهربائية قابلة ان تحل او تساهم في حل الازمة جديرة بالدراسة والمتابعة وربما كان بامكان وزير الكهرباء لو تابع تلك القضية لعمل على استثمار تلك الملايين الخمسمئة خير استثمار.
ان العراق يطلب من الشركات الاجنبية ان تستثمر في العراق ومن اولويات حاجات هذه الشركات هي الكهرباء.
اقترح على وزير الكهرباء وحفظا لماء وجهه ان يقدم استقالته ويكون بذلك قد غفر عن قليل من ذنبه ولكي يعطي درسا للذي سياتي بعده بان المعادلة صعبة ويجب ان يكون على قدر المسؤولية لان الشعب تحمل وصبر وربما علل او غفر, ولكنه لن يعمل ذلك مع الوزير القادم فمن لم يجد في نفسه القدرة والكفاءة فليدعها لمن هو اقدر واكفأ منه.