بنات النبي وعثمان
يقول المؤرخون أن عثمان بن عفان بن أبي العاص الاموي كان قد تزوج باثنتين من بنات النبي محمد (ص)! الاولى هي رقية والثانية هي أم كلثوم.. وأن كانت الروايات التي تذكر زواجه من بنات النبي مضطربة اضطرابا عجيبا في تواريخها وأسماء شخوصها, وهناك من يقول بعدم زواج عثمان من بنات محمد (ص) , حيث تبين بعض الدراسات أن اللتين تزوجهما عثمان كانتا ربيبتا الرسول محمد (ص) أي بنات نشأن في بيت الرسول, والعرب تطلق اسم البنت على الربيية وكذلك على الولد بالتبني. وترجح بعض الدراسات أن بنات محمد ماعدا فاطمة هن لسن بناته وانما هن ربيبات زوجته خديجة بنت خويلد , فهن في الحقيقة بنات زوج أخت خديجة هالة بنت خويلد , وقد مات زوج هالة فنشأن البنات في بيت هالة و في كنف خديجة حتى تزوجها الرسول وصرن ربيبات النبي محمد(ص) . وهو بحث طويل سنورد شيئا منه في ختام مقالتنا هذه. وسنسلم جدلا بزواج عثمان بن عفان من بنات النبي (ص) لنرى هل له في ذلك شرفا كما يقول مادحوه؟
سمي عثمان بذي النورين لانه تزوج باثنتين من بنات النبي كما قيل, ولاندري لماذا لم يسمى علي بن أبي طالب بذي النور !فزوجة علي هيا الزهراء فاطمة سيدة نساء العالمين باتفاق كل الفرق, وليس كذلك فقط, انما انجبت له سيدا شباب اهل الجنة باتفاق الفرق ايضاً ولم يكن لعثمان أولاد من رقية أو من أم كلثوم, فلماذا نال عثمان اللقب وحُرم منه علي بن أبي طالب ؟ ربما يدل ذلك على أن لقب ذو النورين هو لتبيض صفحة عثمان بن عفان ولقارئ التاريخ أن يرى ما كان في عهد عثمان وماصار من بعده من فتن وحروب كان هو سببا من أسبابها, لذلك صار اللقب حصانة له ضد النقد واللوم.
قبل الخوض في هذا الموضوع لابد لنا من تذكر أن الزواج لايدل على مكانة الزوج أو الزوجة ولايرفع من شأن أحدهما أن كان الاخر شريف المنشأ وبالعكس كذلك , فزوجة الطاغية فرعون مصر هي أسية بنت مزاحم وهي التي جعلها الله من سيدات نساء العالمين , كانت مؤمنة قانتة لربها لكن زوجها الظالم فرعون كان كافرا, فلم يكن الزواج من فرعون نقيصة لها ولم ينال فرعون رحمة بأقترانه بها فمات كافرا مخلدا في النار, وبشرها الله تعالى بالجنة. وكذلك يذكرنا القران الكريم بالنبي لوط الذي كان متزوجا بكافرة لم يفرقهما الا الموت , فلم تتشرف زوجة لوط الكافرة بزواجها من نبي الله وكذلك لم يكن للنبي لوط عار في زواجه منها. وكذلك نقرأ في القران عن النبي نوح وزوجته الكافرة وابنه الكافر, فلما ينالا رحمة الله بقرابتهما من نبي الله نوح وكذلك لم تكن منقصة للنبي نوح أن يقترن بأمرأة كافرة. ومثل هذا كثير قد حصل لأنبياء الله كلهم , فليس هناك أية رفعة لعثمان بزواجه من بنت الرسول محمد(ص) , فهو لم يتشرف بكلام للنبي محمد بشأن زواجه كما تشرف الامام علي بن أبي طالب بزواجه من ابنة النبي , حيث يقول النبي (ص) عندما أعلن زواج علي بن أبي طالب بفاطمة قولته المشهورة : ( زوجت خير النساء لخير الرجال , زوجت فاطمة لعلي) ومسند الحديث أشهر من أن نكتب مصدره ومراجعه. وكذلك يبين النبي (ص) في موقف أخر أن زواج فاطمة من علي لم يكن الا بأمر الله تعالى , فقد أمره الملاك جبرائيل بهذا الزواج المقدس الذي أثمر عترة ال الرسول والدوحة المحمدية . فلم نجد مثل هذا في زواج عثمان من بنت الرسول. ولكن الدعاية الاموية طبلت لهذا الامر حتى حسب عوام الناس أن في ذلك شرفا وفضلا, وتولدت نتيجة لذلك نظرية شرف الزواج عند كتبة التاريخ والمحققين, ووفقا لهذه النظرية تشرفت عائشة زوجة الرسول بزواجها من الرسول محمد(ص) وتشرف أبوها أبوبكر كذلك وكل عائلتها , وتشرفت حفصة بنت عمربن الخطاب زوجة الرسول وفقا لهذه النظرية وتشرف أبوها كذلك . ونال القوم حصانة ضد كل النقد واللوم بعقد الزواج. ولايسعنا ألا أن نذكر أن قرانا نزل في زوجتي الرسول عائشة وحفصة, وذلك في سورة التحريم حيث تقول الاية الكريمة في عائشة وحفصة ( أن تتوبا فقد صغت قلوبكما وأن تظاهرا عليه فأن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) التحريم4, لاحظ ان الاية بصيغة المثنى فهي تعني عائشة وحفصة وتحمل الاية تهديد مخيف مرعب مبينة أن الزواج من النبي لايبيض من صفحة الزوجة ,أنما يبيض صفحتها عملها وتقواها وصالح أمرها, فتلك هي الامور التي تثقل ميزانها يوم الحساب .ثم تضرب لنا الاية مثلا اخر في نهاية السورة يتعلق بالاية التي ذكرنا, فتقول الاية الكريمة ( ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) التحريم 10. فزوجة النبي نوح وزوجة النبي لوط من أهل النار ولم تتشرفا بالرحمة والمغفرة في الدنيا والاخرة بشرف زواجهما من نبيين, وكذلك تكمل الاية بقوله بضرب مثل اخر حول أمرأة فرعون ( وضرب الله مثلا للذين أمنوا أمرأة فرعون اذ قالت ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ) التحريم 11, فعلام يظن الناس أن عثمان من المعصومين المحصنين بزواجه من بنات محمد؟ ولمن أراد تفصيل سورة التحريم فليراجعها في كتب التفسير.
أن عوام الناس لاتعينهم التفاصيل ولا مداخلات الامور لأنهم يهتمون بالظاهر وهو مانراه في حياتنا اليومية, فما أسهل خداع الجماهير بدعاية براقة جذابة يصنعها الحكام الظلمة , ولايكشف الناس خطأ أفكارهم الا بعد مرور الزمن وبعد تمحيص تلك الخدع من قبل الحكماء والمحققين , وللاسف لن يغير ذلك من الواقع شيئا فالناس تميل نحو التبسيط وظواهر الأمور. ولذلك كان لأمر زواج عثمان من بنات الرسول تأثيرا بالغا في عقول المتعصبين وانصاف المتعلمين. فهذا القران يذكرهم في سورة التحريم بذلك ويبين لهم مفهوما قرانيا وهو أن الاقتران الزوجي لايرفع ولايحط من شأن الزوجين , ولكن القوم لايأبهون. فصار لقب ذو النورين لعثمان حصانة تقيه الحساب واللوم وربح الامويون بذلك, وانطلت الخدعة على بسطاء الناس . وكما نجح معاوية بن أبي سفيان الاموي في عهده بتحويل قبر عثمان بن عفان من مقبرة اليهود (حش كوكب) حيث أضاف تلك المساحة من المقبرة الى مقابر المسلمين ومحا سبب مقتله من ذاكرة الجماهير , ثم سمى وعاظ السلاطين ما حدث بالفتنة وغلفوها بالتعقيدات حتى يمتنع الناس عن الخوض فيها , كذلك ذكّر معاوية وبنو أمية الناس بشرف زواج عثمان من بنات النبي واخترعوا له لقب ذو النورين.
ومن المفيد أن نذكر شيئا وباقتضاب عن احتمالية عدم زواج عثمان من بنات النبي حقا , حيث يرجح المحققون أن عثمان كان قد تزوج بربيبات النبي ولسن ببناته وهو بحث طويل .
في البداية لانجد نصوص التاريخ ترينا فضل عثمان بتزوجه بنات النبي ولو كان ذلك لصرح هو بذلك قبل مقتله أثناء حصاره وهو يخاطب الثوار , ولفعل كذلك مناصروه الذين كانوا في بيته وحول بيته اثناء جدالهم في أفضلية عثمان وتقواه, كأن يقولوا للناس الله الله في ختن الرسول ! فلم نجد أحدهم ذكر ذلك في دفاعه عن عثمان مما يدل على أن لقب ذو النورين ظهر بعد ذلك أثناء حكم بني امية . ولاتوجد رواية واحدة تذكر أن النبي قد سماه بصهره بينما هناك احاديث مسندة يخاطب فيها النبي علي بن أبي طالب ويسميه بالصهر لأن عليا هو زوج فاطمة أبنة الرسول, فلماذا لم توجد رواية تؤكد علاقة الصهورة بين عثمان والنبي (ص) السبب كما يقول المحققون أن عثمان لم يكن صهرا للنبي وقد يكون اكتسب لقب الصهر لكونه تزوج من ربيبات النبي ولسن من بناته! كما أن هناك احاديث كثيرة يخاطب فيها النبي محمد (ص) ابنته فاطمة ويذكرها بالاسم ولانجد أية حديث يتحدث أو يذكر بنات النبي الاخريات وهن زينب ورقية وأم كلثوم. فمثلا يذكر شارح صحيح البخاري وهو الكتاب الاول في الحديث عند الجمهور هذا الحديث: (حدثنا أبو اليمان اخبرنا شعيب عن الزهري قال اخبرني سعيد بن المسيب وابو سلمة بن عبد الرحمن أن ابا هريرة قال : قام رسول الله حين انزل الله عزوجل ( وانذر عشيرتك الاقربين) قال يامعشر قريش اشتروا انفسكم لا اغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا اغني عنكم من الله شيئا ياعباس بن عبد المطلب لا اغني عنك من الله شيئشا ويا صفية عمة رسول اله لا اغني عنكم من الله شيئا ويافاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا اغني عنك من الله شيئا.( انتهى الحديث ) ومثل هذا الحديث بنصوص مختلفة ومعنى واحد مع ذكر اسم فاطمة بالاسم ذكره مسلم في صحيحه باب الايمان, احمد بن حنبل في مسنده الجزء الثاني, الدارمي في سننه باب الرقاق. والسؤال هنا لماذا يذكر النبي فاطمة فقط؟ حتى ولو كانت احب البنات اليه فأن هذا ليس دليلا على اهمال ذكر الاخريات من بناته فهن ثلاث غير فاطمة كما يقولون فما المانع من ذكر اسمائهن؟ والنبي عادل رحيم لايفرق بين احدا من الناس فلماذا اهمل باقي البنات وذكر فاطمة فقط. وهناك احاديث اخرى مثل الحديث الذي يقول : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. ولاندري لماذا لايذكر النبي اسماء باقي بناته؟ يقول المحققون أن هذا دليلا على أن فاطمة هي الابنة الوحيدة للنبي.
ولنذكر بعض النصوص ونتأمل فيها صدق هذه الدعوى:
من حديث طويل ذكرته مصادر عدة نذكر ما ذكره البخاري في كتابه صحيح البخاري ففي الجزء الخامس الصفحة 157 ... يسرد البخاري:
عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر يسأله في أمر عثمان وعلي بعد الفتنة ,ويعاتب ذلك الرجل ابن عمر على عدم دخوله في الطوائف المتحاربة ثم يستأنف الرجل ويقول لابن عمر: فما قولك في علي وعثمان؟
قال ابن عمر الخطاب معللا حجته: أما عثمان فكان الله عفا عنه, وأما أنتم فكرهتم أن تعفو عنه, وأما علي فابن عم رسول الله وختنه وأشار بيده وقال هذا بيته حيث ترون.) انتهى الجزء الذي يعينيا من الرواية. أن ابن عمر كان يدافع عن عثمان وعن علي في مشكلة الفتنة والقتال الذي حصل بين المسلمين, وكان يعدد خصال عثمان الطيبة وخصال علي الطيبة لتبيان حقيقة حجته في عدم نصرة أي منهما, وذكر فيما ذكر أن عليا بن أبي طالب كان ختن الرسول والختن هو زوج البنت أي أن عليا هو زوج فاطمة بنت محمد وذلك شرف ورفعة نالها علي بأن أصبح ختن الرسول محمد. فلماذا لم يقل ابن عمر أن عثمان ختن الرسول أيضا ؟ الحقيقة أنه لم يقل ذلك كما تروي هذه الرواية المسندة لانه لم يكن لعثمان ذلك الشرف. هو حقا تزوج من رقية وام كلثوم كما تروي الروايات, ولكن لماذا لم يذكر ذلك ابن عمر ؟ السبب كما يقول بعض المحققين هو أن أم كلثوم ورقية لسن بنات النبي محمد !
أن تضارب الروايات التاريخية في عمر السيدة خديجة أم بنات النبي هو الذي أوجد المداخلات الكثيرة في نسب البنات. فعمر السيدة خديجة عند زواجها من النبي ليس ثابتا, فهي حينا عذراء عمرها 28 سنة, وتارة أرملة كانت قد تزوجت مرتين قبل اقترانها بالنبي حينا أخر. يقول أحد المؤرخين أنه كان لها ولد اسمه هند بينما يرجح الاخر أن لها بنتا قبل زواجها من محمد واسم البنت هند ايضا! فيا للعجب. أما عند زواجها من النبي وهي في الاربعينات من عمرها فانها تلد ستة مرات وهي حالة تدعو للتساؤل فلماذا تلد ستة مرات في كبرها بينما لم تلد سوى مرة واحدة في كلتي زواجيها السابقين؟. وتذكر الروايات أنه كان قد خطبها وجهاء مكة أكثر من مرة وكانت ترفض الزواج ولاندري لماذا يطمع اغنياء القوم ووجهائهم في سيدة أرملة كانت قد تزوجت مرتين قبلا وعمرها قد تجاوز الاربعين؟ وهو دليل يتخذه المحققون على أنها كانت صغيرة السن وغير أرملة ولهذا طلبها القوم , وهو قول يجعلنا نقف في حيرى أمام النصوص ويرينا هذا تناقض الروايات واضطرابها.
الجانب الاخر من التضارب في الروايات التاريخية هو أن بنات النبي ولدن قبل بعثته , وكن عند مبعثه صغيرات ولكن هناك روايات تقول أن زينب ورقية كانتا قد تزوجتا بكافرين حيث تزوجت زينب من العاص بن الربيع وتزوجت رقية عتبة بن أبو لهب وتزوجت أم كلثوم الصغيرة بعتيبة بن أبولهب . وبحساب بسيط يتبين لنا أن البنات تزوجن قبل البعثة ولأحداهن خمس سنوات وهي حقيقة لايقبلها المنطق .
يذكر المؤرخ المقدسي عن سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، قال: ولدت خديجة لمحمد (ص): عبد مناف في الجاهلية، وولدت له في الإسلام غلامين، وأربع بنات:القاسم، وبه كان يكنى: أبا القاسم، فعاش حتى مشى، ثم مات، وعبد الله، مات صغيراً. وأم كلثوم. وزينب. ورقية وفاطمة ( البدء والتاريخ: ج 5 ص 16 وج4 ص 139. وعن كتاب بنات النبي أم ربائبه للسيد مرتضى العاملي) وهذا دليل يختلف عما أوردن فهنا البنات ولدن في الاسلام وليس في الجاهلية , فكيف يزوجهن النبي بكافرين؟ وكم كان عمرهن حينما تزوجن ؟ وهناك من يقول أن خديجة تزوجت النبي قبل البعثة بخمس سنوات ويعني هذا أن البنات كان عمرهن أقل من خمس سنوات حين تزوجن , فيا للعجب؟ ويقول المؤرخ المقدسي أيضا (فزّوج رسول الله رقية عثمان بن عفان، وهاجرت معه في الهجرتين إلى الحبشة وأسقطت في الهجرة والأولى علقه في السفينة )(البدء والتاريخ: ج 5 ص 17 وتهذيب تاريخ دمشق: ج 1 ص 298 ) ويعلق المحقق العاملي على هذه الحقيقة بقوله : ( كيف نصدق هذا، ونحن نعلم أن الهجرة الأولى إلى الحبشة كانت بعد البعثة بخمس سنين، فكيف تكون رقية قد تزوجت قبل البعثة بابن أبي لهب، ثم فارقها ليتزوجها عثمان، ثم تحمل منه قبل الهجرة إلى الحبشة، وهي إنما ولدت بعد البعثة؟!) ( انتهى كلام السيد مرتضى العاملي). ووفقا لهذا يبدو لنا أن رقية ولدت في الاسلام , والهجرة الى الحبشة كانت خمس سنوات بعد البعثة أي أن عمر رقية كان خمس سنوات, فكيف لصبية عمرها خمس سنوات تتزوج من أبن ابولهب ثم تطلق ثم يتزوجها عثمان وتحمل منه وتسقط وليدها في سفينة الهجرة الى الحبشة وهي لم تتجاوز الخمس سنوات!!! ويزيد القصة اضطرابا أن رقية توفيت في السنة الثانية للهجرة كما يروي ابن سعد في كتابه طبقات الصحابة فتأمل. بعد وفاة رقية يتزوج عثمان في السنة الثالثة للهجرة من اختها أم كلثوم ولم تنجب لعثمان نسلا ثم تموت في السنة التاسعة للهجرة ( طبقات بن سعد و البداية والنهاية لابن كثير)
ويكاد يتفق المؤرخون على أن الذين اسلموا في بداية الدعوة هم خديجة وعلي بن أبي طالب وهما كانا يعيشان في بيت النبي ولانجد ذكرا لبنات النبي!! ويتفق المؤرخون أن فاطمة لم تكن قد ولدت بعد ولهذا لم يذكر اسلامها, فما بال المؤرخين لايذكرون باقي بنات النبي واسلامهن وهن ولدن قبل فاطمة ولم يكن صغيرات أيام بعثة الرسول . أليس ألاولى أن يقال أن الذين اسلموا أولا هم خديجة وبناتها وعلي بن أبي طالب, فعدم ذكر أسلام البنات يرجح أنهن لسن بناته !
لنذكر شيئا من قول المحقق المعاصر جعفر مرتضى العاملي حيث يذهب ألى أن زينب ورقية وأم كلثوم لم يكن بنات النبي وأنما ربيباته, وحقا تزوجت أثنتان منهم لعثمان . ويكمل المحقق العاملي قائلا أنه كان لمحمد بنات من خديجة توفين وهن صغيرات وكان لهن نفس أسماء الربيبات, فهناك زينب الربيبة التي تزوجت من العاص بن الربيع وهناك زينب الصغيرة بنت محمد ماتت وهي صغيرة, وكذلك الحال لرقية التي تزوجت من عتبة بن أبو لهب واخرى أسمها رقية أيضا هي بنت محمد حقا ولكن ماتت وهي صغيرة. وكذلك الحال بالنسبة لأم كلثوم.( انتهى قول السيد المحقق)
ونقول أنه بنات محمد (ص) التي توفين وهن صغيرات حملن نفس أسماء الربيبات حبا لهن , ونشاهد مثل هذا كثيرا في واقعنا فمثلا يسمى المولود على أسم عمه أو أبن اخيه حبا له وتسمى البنت بأسم عمتها أو ربيبتها كذلك. فتشابه الاسماء أدى الى التباس المؤرخين في توضيح المسألة وفاتهم أن زينب بنت محمد هي ليست زينب التي تزوجت من العاص بن الربيع , وفاتهم أيضا أن رقية التي تزوجت من عتبة بن أبو لهب هي غير رقية الصغيرة بنت محمد التي ماتت وهي صغيرة وكذلك الحال بالنسبة لأم كلثوم , فتشابه الاسماء اورد هذا الالتباس وزاد المسألة تعقيدا الاضطراب الزمني في الروايات.
نترك هذا الاضطراب التاريخي في الروايات للمحققين واهل الخبرة, و ذكرنا ذلك ليتبين لك أيها القارئ, أن تضارب الروايات أوجد منفذا لمن أراد الدس والتدليس في التاريخ ,ولكن الادلة العقلية تفضح تلك الالتباسات وتبينها. ومهما قيل في هذا يبقى القول الاول والاخير للقران الكريم الذي نقرأ فيه سورة كاملة وهي سورة التحريم تبين للناس أن المصاهرة الزوجية لاترفع من شأن الرجل أو المرأة ولاتنزل . فلقب ذو النورين الذين ألصقه الناس بعثمان لايشفع له فيما عمل واستحدث من بدع ,فالنبي الكريم يبين في حديث ذكرناه اعلاه قوله (ص) : لا اغني عنك من الله شيئا. والاعمال بخواتيمها كما يقول في حديث اخر ,واذن فلقب ذو النورين لايغني عثمان من الله, ولن يبرأ الزواج عثمانا بما فعل بالناس وبأموالهم وبما فعل بخيرة أصحاب محمد (ص). فلا شرف ولارفعة بالزواج, هذا أذا سلمنا بأن عثمان تزوج حقا من بنات النبي. أما أذا لم يتزوج كما يقول بعض المحققين فالنتيجة عندنا نفسها لم تتغير , ولن يمسح زواج عثمان عنه الخطايا والبلايا.
مروان